حسام عبدالنبي (دبي)
توقع خبراء في قطاع الصرافة والتحويلات المالية، أن يواصل القطاع النمو القوي في العام الجديد بدعم، من 6 عوامل إيجابية، وهي زيادة التحويلات المالية العابرة للحدود التي يقوم بها المقيمون بالدولة من أجل مساعدة وتأمين معيشة أسرهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد»، إن تقلبات أسعار العملات سيكون لها تأثير ملموس على حجم التحويلات حيث إن ارتفاع قيمة الدرهم الإماراتي مقارنة بالعديد من العملات العالمية الرئيسية، يؤدي إلى زيادة التحويلات المالية من الدولة.
وأشاروا إلى أن ارتفاع أسعار النفط عالمياً، ينعكس إيجاباً على قطاع التحويلات المالية من خلال ضخ المزيد من الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية، ما يؤدي إلى توفير المزيد من فرص العمل، ومن ثم إجراء المزيد من التحويلات المالية.
وذكروا أن إجراء التحويلات المالية من أجل الادخار للمستقبل يعد من العوامل الداعمة للقطاع أيضاً، لافتين إلى أن زيادة الاعتماد على القنوات الرقمية يعد من الاتجاهات المتنامية في قطاع التحويلات المالية، فضلاً عن انخفاض رسوم وتكلفة التحويلات المالية في الدولة مقارنة بمتوسط التكلفة العالمية.
وبين الخبراء أن قطاع صرف العملات الأجنبية، سيشهد نمواً مطرداً في الدولة، في ظل الزيادة الملحوظة في حجم التدفقات السياحية، وتفضيل عدد كبير من السياح للدولة على العديد من الوجهات العالمية الأخرى إلى جانب استقبال الدولة لأعداد كبيرة من الزوار خلال الموسم السياحي الشتوي.
وتعد دولة الإمارات، ثاني أكبر مرسل للحوالات المالية في العالم وفق التقرير نصف السنوي «موجز الهجرة والتنمية» الصادر عن البنك الدولي والذي يتوقع نمو تدفقات التحويلات المالية عالمياً بنسبة 4.9 % في 2022.
اتجاهات مؤثرة
قال راشد علي الأنصاري، الرئيس التنفيذي لشركة الأنصاري للصرافة، إن الشركة رصدت عدة محاور واتجاهات ناشئة مؤثرة على قطاع التحويلات المالية، ومن أبرزها تنامي الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية، ودور التحويلات العابرة للحدود، وتقلبات أسعار العملات. وأضاف الأنصاري أن هناك العديد من العوامل المؤثرة المهمة بما في ذلك الدور المؤثر للمهاجرين في مساعدة أسرهم في أوطانهم، وإعادة الفتح التدريجي لمختلف القطاعات في اقتصادات الدول المضيفة، ما أدى إلى زيادة دخل العديد من المهاجرين وتوفير المزيد من فرص العمل.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة الأنصاري للصرافة، أن انخفاض أسعار الصرف أثر بشكل إيجابي على التحويلات المالية الصادرة من دولة الإمارات، على عكس أوروبا، حيث يرتبط الدرهم الإماراتي بالدولار الأميركي، ونتيجة لذلك، ارتفعت قيمة الدرهم الإماراتي مقارنة بالعديد من العملات العالمية الرئيسية، ما أدى إلى زيادة التحويلات الخارجة من الدولة.
وأشار، إلى تنامي استخدام التكنولوجيا محلياً في مجال صرف العملات الأجنبية والتحويلات المالية حيث تساهم القنوات الرقمية لشركة الأنصاري للصرافة بنسبة 14% من إجمالي التحويلات الخارجية للشركة، فيما تشير التقديرات إلى أن 11% من التحويلات المالية الدولية للأفراد في دولة الإمارات تتم من خلال القنوات الرقمية، في حين أن 1% فقط من التحويلات الدولية الشخصية في جميع أنحاء العالم تتم رقمياً باستخدام منافذ الخدمات الإلكترونية وتطبيقات الهاتف المحمول.
واعتبر الأنصاري أن هذه النسبة تظهر تفوق دولة الإمارات بفارق كبير على الاتجاهات العالمية السائدة، متوقعاً في الوقت ذاته أن يتواصل نمو هذه التوجهات في السنوات القادمة مع انضمام الأجيال الشابة إلى القوى العاملة، لكونها أكثر استخداماً للتكنولوجيا، وبالتالي سيتزايد الطلب على الحلول الرقمية المبتكرة.
وأوضح، أن ارتفاع أسعار النفط عالمياً، خصوصاً في الإمارات ينعكس إيجاباً على قطاع التحويلات المالية من خلال ضخ المزيد من الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية، ما يؤدي إلى توفير المزيد من فرص العمل ومن ثم إجراء المزيد من التحويلات المالية.
وذكر أنه في الوقت الذي يتوقع فيه تقرير البنك الدولي أن ترتفع التحويلات المالية الفردية الخارجية العالمية بنسبة 2% في عام 2023، تتوقع «الأنصاري للصرافة» زيادة أعلى بقليل في ظل المشاريع والمبادرات العديدة التي يجري تنفيذها لاستقطاب المواهب إلى المنطقة، لا سيما دولة الإمارات.
ولفت إلى أنه في الوقت الذي أكدت فيه قاعدة بيانات أسعار التحويلات العالمية للبنك الدولي أن متوسط التكلفة العالمية لإرسال 200 دولار إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل بلغ 6% في الربع الثاني من عام 2022، لا يزال متوسط تكلفة التحويلات من الإمارات 2.9%، مرجعاً ذلك بشكلٍ رئيسي إلى الحجم الهائل للتحويلات الفردية الصادرة من الإمارات إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل حيث تحتل الإمارات المرتبة الثانية في العالم من حيث حجم التحويلات المالية الفردية بعد الولايات المتحدة الأميركية، نظراً لقوة اقتصادها وتركيبتها السكانية الفريدة.
صرف العملات
وفي ما يخص قطاع صرف العملات الأجنبية، أفاد الأنصاري، بأن القطاع يشهد نمواً مضطرداً في الدولة، في ظل الزيادة الملحوظة في حجم التدفقات السياحية، وتفضيل عدد كبير من السياح للدولة على العديد من الوجهات العالمية الأخرى.
وأكد أن الشركة سجلت نمواً بنسبة 12% في حجم معاملات صرف العملات الأجنبية خلال شهر نوفمبر، مقارنةً بالفترة ذاتها من الشهر السابق، ونمواً بنسبة 22% مقارنة مع المعدل الشهري لحجم المعاملات خلال هذا العام، ويتوقع أن يتواصل الأداء القوي للقطاع مع استعداد الدولة لاستقبال أعداد كبيرة من الزوار خلال الموسم السياحي الشتوي، لافتاً إلى أن أبرز العملات التي تم تداولها وشهدت نمواً خلال الفترة المذكورة كانت الدولار الأميركي، واليورو، والجنيه الإسترليني، والريال القطري والسعودي.
التحويلات الدولية
ومن جهته، قال جان كلود فرح، رئيس منطقة الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ في ويسترن يونيون، إن دراسة أجرتها الشركة وشملت أكثر من ألف مواطن ومقيم في دولة الإمارات، أكدت أنهم يتوقّعون تحويل المزيد من الأموال دولياً في الأشهر الـ12 المقبلة. وأوضح أن 60% من العملاء يعتبرون دعم الأسرة في الوطن الأمّ السبب الرئيسي لتحويل الأموال إلى الخارج، وذلك مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتسبّب تقلّبات العملات الدولية بضغوط إضافية على الموارد المالية الشخصية، فيما قال 74% من المشاركين في الدراسة إنّهم يضطرّون إلى تحويل المزيد من الأموال.
وأشار فرح إلى أن دولة الإمارات تضم ثقافات عدة حيث يقيم على أراضيها وافدون من أكثر من 200 جنسية وتعدّ من الدول الأكثر تنافسية، كما تحتضن مقيمين من دول تعتبر اقتصاداتها الأكثر اعتمادًا على التحويلات المالية في العالم.
وأكد أن الادخار للمستقبل يأتي في المرتبة الثانية بالنسبة إلى 11% من العملاء، في حين أفاد 71% أنهم يستغلّون الفرصة لإرسال المزيد من الأموال عندما تنخفض قيمة العملة في الدولة التي يتمّ تحويل المال إليها.
وذكر أنه بالنسبة إلى طرق إرسال الأموال وتلقّيها في المستقبل، فإن نتائج الدراسة كشفت أنه رغم تفضيل معظم المستهلكين للقنوات الرقمية أولاً، إلا أن الكثيرين يرغبون في توفّر خيارات متنوّعة وأن يتاح لهم الاختيار بين القنوات الرقمية ومراكز التجزئة بحسب احتياجاتهم حيث إن 42% يرسلون حاليًا الأموال عبر القنوات الرقمية حصرًا، بالمقابل، يرغب 46% أن يكونوا قادرين مستقبَلاً على اختيار الطريقة التي يرسلون بها أموالهم، سواء أكان ذلك نقدًا أم رقمياً.
سوق التحويلات
قال سامح عوض الله، الرئيس التنفيذي لقطاع الخدمات المصرفية للأفراد بالإنابة في مصرف أبوظبي الإسلامي، إنه من أجل الاستحواذ على حصة أكبر من سوق التحويلات المالية وتعزيز تجربة العملاء وترسيخ مكانته كشريك مالي مفضل للعملاء في دولة الإمارات، أطلق المصرف خدمة إجراء تحويلات مالية فورية من دولة الإمارات إلى الهند. وأوضح أنه من خلال هذه الخدمة، يمكن إرسال تحويلات مالية إلى الهند من خلال تطبيق الهاتف المتحرك أو الخدمات المصرفية عبر الإنترنت في أي وقت ومن أي مكان ومن دون الحاجة إلى التعامل بالسيولة النقدية من حساب إلى آخر أو زيارة الفرع، وذلك في إطار التزام المصرف بتقديم خدمات مبتكرة وطرح الجيل التالي من تقنيات سداد المدفوعات وخدمات تحويل الأموال.
وأشار عوض الله، إلى أن إطلاق الخدمة تم بالشراكة مع شركة SWIFT، مزود خدمات التحويلات المالية، وبنك ICICI لخدمات المقاصة في الهند، وبموجبها تم ربط خدمة المدفوعات العالمية من شركة SWIFT بالبنية التحتية المحلية لمصرف أبوظبي الإسلامي وبنك ICICI، بما يسهم في خفض زمن معاملة التحويل، وتنفيذها بسرعة وأمان.
تحويلات مجانية
أفاد كارتيك تانيجا، رئيس قسم المدفوعات في بنك المشرق، بأن خدمة التحويل السريع العابرة للحدود باتت من أهم العوامل المحفزة لنمو التحويلات المالية، ولذا فإن البنوك حرصت على عقد شراكات استراتيجية لتقديم خدمة تحويلات مالية مجانية من الإمارات إلى عدد من الدول استناداً إلى خدمة التحويل السريع العابرة للحدود كويك ريميت (QuickRemit).
وأكد أن عملاء المشرق يمكنهم الاستمتاع بالعديد من المزايا المهمة وتوفير التكاليف، مع إرسال تحويلات مالية فورية في الوقت الذي يناسبهم، وهم في منازلهم، من خلال قنوات المشرق المصرفية عبر الإنترنت والهاتف المحمول، وبطريقة آمنة ومريحة.