حسونة الطيب (أبوظبي)
اتجهت الدول الأوروبية، للبحث عن مصادر بديلة، بجانب إجراء بعض التعديلات، بغرض تقليص طلبها من الغاز الروسي، بصرف النظر عن تدني درجات الحرارة، في بادرة تؤكد نجاح دول الاتحاد، في التحرر من الاعتماد على الطاقة الروسية منذ غزو موسكو لأوكرانيا.
وتشير بعض البيانات إلى تراجع طلب الغاز في منطقة اليورو، بنحو 24% في نوفمبر الماضي، بالمقارنة مع متوسط السنوات الخمس الماضية. وتبذل الدول الأوروبية جهوداً كبيرة لتقليل اعتمادها على النفط والغاز الروسي، عبر الحصول على موارد بديلة أو إجراء بعض التغييرات، حيث ساعدها في ذلك دفء فصل الخريف.
ورفضت دول الاتحاد خطط المفوضية الأوروبية، التي ترمي لإجبارها على خفض معدلات الاستهلاك خلال فصل الصيف، مفضلة بدلاً عن ذلك ما تقرره بنفسها.
وأنفقت الدول الأوروبية نحو 500 مليار يورو، لمساعدة المواطنين والشركات، لمجابهة الارتفاع في أسعار الطاقة، بيد أن معظم هذه التدابير، لم تفلح في درء الآثار الناجمة عن هذا الارتفاع، ما أدى لعدم جدوى المحفزات التي تهدف لخفض الاستهلاك، وفقاً لـ«فايننشيال تايمز».
تنويع الموارد
وساعدت الجهود الحثيثة التي تبذلها دول الاتحاد الأوروبي، في تنويع موارد الغاز بعيداً عن روسيا وعبر بدائل تتضمن الغاز المُسال المستورد من أميركا.
وفي ألمانيا وإيطاليا، أكبر دول الاتحاد الأوروبي في استهلاك الغاز، تراجع الطلب، 23% وبنحو 21% على التوالي خلال شهر نوفمبر.
كما انخفض في كل من فرنسا وإسبانيا، بما يزيد على 20%، بينما تجاوز 32% في هولندا.
وتمكنت فرنسا، أكثر من غيرها في أوروبا، من حماية مواطنيها والأعمال التجارية الصغيرة، ضد ارتفاع الأسعار، للحد الذي لا تعتمد فيه كثيراً على الغاز الطبيعي، وتوليد الكهرباء من المحطات التي تعمل بالطاقة النووية التي تديرها هيئة الكهرباء الفرنسية.
كما وضعت الحكومة، سقفاً لارتفاع الأسعار لا يتجاوز 4%، مع الحفاظ على أسعار الغاز الطبيعي، على ما هي عليه خلال عام 2022.
كما طرحت الحكومة، المزيد من المساعدات، مثل تقديم شيك بنحو 100 يورو للأسر الفقيرة ودعم زيت التدفئة، فضلاً عن تقديم خصومات للبنزين والديزل عند محطات الوقود. وبلغ إجمالي المساعدات التي قدمتها الحكومة خلال العام الحالي 2022، نحو 24 مليار يورو، بحسب وزارة المالية الفرنسية، بما فيها 7.5 مليار يورو للسائقين. كما أعلنت الحكومة الفرنسية، تمديد الحماية للعام المقبل، من خلال وضع سقف لزيادة أسعار الكهرباء والغاز، لا يتجاوز 15% للأسر والمؤسسات الصغيرة. ومن المتوقع، بلوغ التكلفة الإجمالية للدولة نحو 45 مليار يورو، تتراجع لنحو 16 مليار يورو، بمجرد استرداد الأموال من منتجي الطاقة.
قيود شاملة
اتخذت أوروبا أيضاً، قيوداً شاملة جديدة على صادرات النفط الروسي، بغرض الحد من استخدام ذلك المصدر من الطاقة. وبدأت أوروبا مؤخراً، تطبيق الحظر المفروض على واردات النفط الروسي عبر البحار.
واتفق قادة دول مجموعة الـ7، على فرض سقف سعر على النفط الروسي، الذي يتم تصديره لدول مثل الهند والصين، بهدف تضييق دائرة النقص في الإمدادات، لكن بشرط ألا يتجاوز سعر الخام 60 دولاراً للبرميل، حتى لا تفرط موسكو في تحقيق الأرباح.
ومع ذلك، يحذر مديرو القطاع ومحللوه، من أنه ومن دون المزيد من التراجع في الطلب والزيادة في واردات الغاز الطبيعي المُسال، من المرجح استمرار النقص في إمدادات الغاز لسنوات عديدة قادمة.
ونتج عن تراجع الطلب، بلوغ سعة تخزين الغاز في المستودعات الأوروبية، 95% عند منتصف نوفمبر الماضي، قريباً من الرقم القياسي. لكن أدت برودة الطقس في الآونة الأخيرة، لارتفاع الطلب ولتراجع السعة لنحو 93%.
ويشكل ارتفاع أسعار الغاز عبئاً على الأسر والمؤسسات الصغيرة، بيد أنها مكنت أوروبا من جذب كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المُسال. وبلغت واردات أوروبا والمملكة المتحدة من هذا الغاز، 11.14 مليون طن في شهر نوفمبر الماضي، مع توقعات بارتفاع الرقم إلى 12.2 مليون طن في ديسمبر.