د. نوال الحوسني *
مع اختتام أعمال القمة الأولى من قمتي المناخ العالميتين اللتين تستضيفهما المنطقة العربية على مدى عامين متتالين، جاء مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ «كوب27» الذي استضافته شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية الشقيقة، لبحث أولويات الاستدامة ومواجهة التغيّر المناخي في وقت استراتيجي مهم يواجه فيه الكوكب تحديات اقتصادية واجتماعية ملحّة.
وفي هذا السياق، شكّل إعلان تأسيس «صندوق الخسائر والأضرار» لمساعدة الدول الفقيرة المتضررة من الكوارث المناخية خطوة تاريخية لقمّة المناخ «كوب 27»، وذلك فيما يسود اعتقاد بوجود تأخر للدول المتقدمة عن الوفاء بتعهداتها لتوفير تمويلات للاقتصادات النامية من أجل التكيّف مع أو تجنّب تبعات التغير المناخي.
إلى جانب هذا الصندوق، كان واضحاً من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ هذا العام استمرار وجود فجوة بين الطموح والتطبيق. وعلى المجتمع الدولي التعاون لسد هذه الفجوة على الطريق لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ «كوب28» الذي ينعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة العام المقبل، وما بعده.
وهناك عناصر ثلاثة أساسية لتحقيق ذلك، وهي تعزيز التمويل المرتبط بمواجهة التغير المناخي، والتعليم والتوعية بأهمية تحوّل الطاقة، وتسريع إزالة الكربون من القطاعات الصناعية.
فأولاً، علينا تعزيز آليات التمويل في المجتمعات الهشة المعرضة لمخاطر التغير المناخي من أجل تمكينها من التحول إلى نظم طاقة المستقبل.
ولذلك أطلقت «آيرينا» منصة تسريع تحول نظام الطاقة في قمة المناخ «كوب26» في جلاسكو العام الماضي، وتعهدت دولة الإمارات بتخصيص 400 مليون دولار من صندوق أبوظبي للتنمية كتمويل أساسي للمنصة. وفي «كوب27» انضم ثلاثة شركاء إضافيين للمنصة، لمساندة الصندوق في توفير مليار دولار كتمويلات تساعد على سد الفجوة في تمويل مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية.
وعلى مستوى التوعية والتعليم، يمكن البدء من مراحل مبكرة في الصفوف الدراسية ودور رئيسي للأهل والمدارس والمدرسين لتوعية الأجيال الناشئة بأهمية تحوّل الطاقة كخطوة حيوية على مسار الرحلة نحو مستقبل مستدام محايد مناخياً.
ومع توقع توفير 38 مليون فرصة عمل في قطاع الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، من المهم للغاية إعداد مخزون متمكن من المواهب والكفاءات التي تتمتع بالجاهزية للاستفادة من تلك الفرص. وتأهيل الأجيال الجديدة لهذه المهام يبدأ بالضرورة من التوعية الصفّية والتعليم.
في «كوب27»، شاركت في إطلاق شبكة تعليم تحوّل الطاقة، والتي ستشرك المعلمين والمعلمات من مختلف أنحاء العالم في عملية تطوير موارد تعليمية مبتكرة تساهم في تعزيز هذا الوعي وتكريس هذه المعرفة الضرورية للمستقبل. كما ستركز الشبكة على مبدأ تعليم المعلمين في برنامج الطاقة المتجددة، الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم بدولة الإمارات والوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا».
واليوم ومع الاستعداد لاستضافة الجمعية العمومية للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» وفعاليات «أسبوع أبوظبي للاستدامة» مطلع العام 2023، ستكون الأسابيع المقبلة محورية لتعزيز الزخم في العمل المناخي العالمي استعداداً لقمة «كوب28» في الربع الرابع من العام المقبل.
تتواصل الرحلة بعد شرم الشيخ، لتستمر الجهود في الاتجاه الصحيح من خلال التعاون والتنسيق بين الدول والمنظمات من أجل تعزيز الإنجازات وتحقيق الآمال والطموحات، عبر تكاتف جهود المجتمع الدولي لضمان مستقبل المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء، مستقبل مستدام للجميع سنرسم ملامحه معاً في «كوب28» على أرض الإمارات.
* المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة
الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»