حسونة الطيب (أبوظبي)
ساهم الوباء، الذي أدى لتسريع وتيرة التحول نحو التسوق الإلكتروني عبر «الإنترنت» وزيادة حركة الشراء في أعقاب إلغاء إجراءات الإغلاق، ثم الحرب الأوكرانية الروسية، في حشد حركة الطلب، التي تعتمد عليها شركات الشحن البحري والجوي، وتسليم البضائع في الوقت المحدد.
ونجم عن ازدحام الموانئ، انتظار السفن لفترات طويلة، فضلاً عن النقص في العمال، الذي أدى لتأخير تسليم الشحنات. كما تراكمت الحاويات الخاوية من البضائع، في العديد من الموانئ، بينما يعاني مصدرون آخرون، للحصول على عدد كافٍ منها في بعض الأماكن.
وتجنبت الشركات الأوروبية الكبيرة الثلاث التي تهيمن على قطاع شحن الحاويات، ميرسك الدنماركية ومجموعة سي أم أيه سي جي أم الفرنسية وشركة البحر المتوسط للشحن السويسرية، استخدام الشحن الجوي في الماضي، نظراً لارتفاع تكلفته، وحتى لا يبعدها عن أساطيلها من السفن الضخمة ومحطات الحاويات والأعمال اللوجستية الأخرى. لكن، نجم عن سنوات من عمليات اضطراب سلاسل التوريد العالمية، توجه العديد من العملاء، لقطاع الشحن الجوي، رغم ارتفاع تكلفته. والآن، دخلت هذه الشركات، في سباق محموم للدخول في هذا القطاع.
النقل الجوي
وبدأت بعض النشاطات التجارية مثل، قطع غيار السيارات وصناعة الملابس وشركات التقنية، التي كانت تعتمد على النقل البحري، في التحول نحو الجوي.
ويساور هذه القطاعات، القلق بشأن الأزمات المتعلقة بوباء «كوفيد - 19» في الموانئ، ما يؤدي لتعطيل سلاسل التوريد عن تسليم الطلبيات في أوقاتها المحددة، أو تجاوز المواعيد النهائية لإطلاق منتجات جديدة أو بدء موسم من مواسم الموضة.
قامت ميرسك في عام 2021، بشراء شركة سيناتور إنترناشونال الألمانية للشحن الجوي، لتضاعف بذلك، سعة شحنها في هذا المجال، في ذات الوقت الذي تعكف فيه على شراء طائرات، لتعزيز هذا القطاع. ويقوم القسم، الذي كان يعتمد لسنوات عدة، على شركتي يو بي أس الأميركية ودي أتش أل الألمانية، في عمليات الشحن، بتشغيل 15 طائرة بوينج من طراز 767، بجانب إيجار 4 وطلب 3 طائرات من نفس الطراز و2 من فئة 777، بحسب وول ستريت جورنال.
نمو القطاع
حقق قطاع الشحن الجوي، نمواً بنحو 21% في عام 2021، بالمقارنة مع 2020، اعتماداً على قياس الطن المتري والمسافة المقطوعة.
كما ناهزت الإيرادات، 289 مليار دولار، من واقع 238 مليار دولار في 2020 ونحو 264 ملياراً في 2019 قبيل الوباء، وفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي.
وتتوقع إياتا، تحقيق قطاع الشحن الجوي، للمزيد من النمو لنحو 4.4% خلال العام الحالي. وأدت قوة الطلب، لارتفاع أسعار الشحن، لنسبة قاربت 200% خلال عام 2022، في الفترة بين شهري يناير وأبريل، بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2021.
طائرات شحن
وتم على مدى الأعوام الـ3 الماضية، إضافة 400 طائرة شحن لأسطول الشحن العالمي، بزيادة قدرها 20%، بحسب شركة بوينج.
وتتوقع الشركة العالمية لصناعة الطائرات، ارتفاع أسطول الشحن العالمي لأكثر من 3.6 ألف طائرة بحلول عام 2040، من واقع ألفين في الوقت الحالي.
وأبرمت ميرسك، اتفاقية مع منافستها سي أم أيه والخطوط الفرنسية - كي أل أم، بداية العام الجاري، تقضي بمشاركة مساحة للشحن في طائراتها.
وكجزء من الاتفاقية، وافقت سي أم أيه، على ضخ نحو 400 مليون دولار، في شركة الطيران، التي تعاني شحاً في السيولة النقدية.
واعتمدت الشركة، كغيرها من العديد من شركات الطيران التجاري حول العالم، على قطاع الشحن الجوي، لمساعدتها على الصمود في ظل المعاناة التي يمر بها قطاع الطيران جراء انتشار وباء كورونا.
ويقوم الملايين من، البحارة وسائقو الشاحنات وخدمات التوصيل وعمال الموانئ والمستودعات، بتوصيل كميات ضخمة من السلع يومياً، سواء لمساكن العملاء أو المستودعات، لكن رغم ذلك، تؤكد هذه الحركة المعقدة، أن الاقتصاد العالمي لا يزال بعيداً من الانتعاش المنتظر.