حسام عبدالنبي (دبي)
تتخذ دولة الإمارات مبادرات مبتكرة ومتفردة على مستوى العالم، لإكساب الأطفال والأجيال الجديدة الثقافة المالية في سن مبكرة وتمكينهم من اتخاذ القرارات المالية السليمة والمسؤولة. وتوفر الدولة للأطفال من سن الثامنة بيئة آمنة تتيح لهم إدارة شؤونهم المالية الشخصية وصقل مهاراتهم المالية في بيئة تحاكي الواقع، حيث تتسابق الشركات والمنصات في طرح الحلول التي تمكن الصغار من كسب المال وادخاره والإنفاق بوعي والتبرع بالمال من أجل حياة مالية أكثر استقراراً في المستقبل.
وشملت المبادرات إطلاق تطبيقات إلكترونية بنكية تعليمية لتعزيز الوعي والثقافة المالية، تضمنت طرح بطاقات خصم مباشر مسبقة الدفع لتطوير المهارات المالية للأطفال عبر تجربة حقيقية، إلى جانب توفير الدعم للشركات الناشئة المتخصصة في توفير حلول للتدريب على اتخاذ القرارات المالية السليمة والمسؤولة، وأيضاً عقد الورش التفاعلية وتنظيم الحملات التثقيفية لطلاب المدارس لإكسابهم مهارات التخطيط المالي.
مجتمع غير نقدي
وترى دينا شومان، الشريك المؤسس في «فيريتي» أن المنطقة تشهد اليوم تحولاً حقيقياً في المشهد الرقمي، خاصةً في قطاع الخدمات المالية المتوقع أن يستغني عن التعاملات النقدية بنسبة 69% بحلول عام 2023، لافتة إلى أن الجيل القادم لن يحتاج لاستخدام العملات النقدية إلا في حالاتٍ نادرة، مما يستدعي اهتمام الأهل بتعليم أبنائهم كيفية استخدام حلول الدفع الرقمية وتثقيفهم بأهمية تقدير قيمة الأموال. ومن جهته، قال أليكس ماكري، رئيس الشراكات الاستراتيجية والتكنولوجيا المالية والمشاريع لمنطقة وسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «فيزا» العالمية: إن دولة الإمارات تشهد تسارعاً في تحول السكان إلى مجتمعات غير نقدية؛ ولذا من المهم تزويد الشباب والأجيال الجديدة بالخبرات والأدوات التي تساعدهم على اتخاذ قرارات مالية مسؤولة وسليمة.
تطبيقات للعائلات
تفردت دولة الإمارات بإطلاق منصات بهدف تعليم الأطفال والشباب كيفية كسب المال وادخاره والإنفاق بوعي والتبرع، مع إتاحة الفرصة للأهل للإشراف على إدارة أموال أطفالهم.
كما بدأت شركات عدة في إطلاق تطبيقات إلكترونية لتعزيز الوعي والثقافة المالية لدى الأطفال وصغار السن.
وأعلنت «فيريتي»، منصة التكنولوجيا المالية التي تتخذ من الإمارات مقراً لها، إطلاق تطبيقها البنكي العائلي الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمخصص لتعزيز الوعي المالي بين أفراد الجيل الجديد، كما طرحت بطاقات «فيزا» مسبقة الدفع لكي تساعد الأطفال من عمر الثامنة على التوفير والدفع لشراء منتجاتهم المفضلة، وتطوير مهاراتهم المالية الخاصة في بيئة مالية حقيقية.
وقال عمر الشريف، المؤسس المشارك في «فيريتي»، إن التطبيق يساعد الأهل على التحكم بحسابات جميع أفراد العائلة، في حين يوفر لكل طفل حرية إنشاء حساب خاص به وإدارته.
وأضاف: «ويمكن للأهل تعبئة المحفظة الإلكترونية على التطبيق مباشرة من حساباتهم المصرفية وتخصيص مبلغٍ محددٍ لكل مستخدم من العائلة، إضافة إلى إجراء تحويلات فورية أو تحويل مصروف الأطفال بشكل أوتوماتيكي شهرياً أو أسبوعياً»، مشيراً إلى أنه يمكن للأطفال كسب الأموال من خلال تأدية أعمال منزلية محددة ومساعدة الأهل في بعض المهام، وعندها يمكن للأطفال الادخار لتحقيق أحد أهدافهم المالية الشخصية أو للمشاركة في تحقيق أحد الأهداف المالية للعائلة، أو التبرع بجزء منه لدعم قضية مهمة أو لصالح جهة محتاجة أو استخدامه كمصروف شخصي على بطاقتهم البنكية.
وأوضح الشريف، أن شركة فيريتي تعاونت مع شركة فيزا وشركة نيم كارد، لتسهيل التجربة المصرفية الرقمية وإصدار البطاقات الائتمانية المخصصة والمدمجة بالكامل في التطبيق، وإنجاز عمليات الشراء من المتاجر الإلكترونية والفعلية ضمن الحدود التي يضعها الأهل، لافتاً إلى أن التطبيق يمنح الأهالي فرصة متابعة عمليات التحويل التي يقوم بها أطفالهم، بالإضافة إلى تسلم تقارير مباشرة حول عمليات الإنفاق التي تقوم بها العائلة وكل فرد منها، مما يمنحهم إمكانية الإشراف على مسيرة أبنائهم المالية وتوجيهها بطريقة مدروسة.
منصة مالية
وأعلنت شركة «إدفوندو» عن ابتكار أول منصة للذكاء المالي للأطفال والمراهقين من تصميم أساتذة في القطاع التعليمي، وتشمل معمل إدفوندو التعليمي وتطبيقاً ذكياً لإدارة الأموال بالاستفادة من تكنولوجيا التعليم والتكنولوجيا المالية.
وقال سيمون وينج، الرئيس التنفيذي لدى «إدفوندو»، إن تدريس إدارة الأموال للأطفال في المدارس غالباً ما يصطدم بمشكلة نقص أدوات التدريس المناسبة، واستجابةً لذلك، تلعب منصة معمل إدفوندو التعليمي دوراً مهماً في تلبية هذه الحاجة في المنزل والمدرسة وعلى «الإنترنت» على حد سواء.
الثقافة المالية
وتلعب هيئة المساهمات المجتمعية «معاً» دوراً مهماً في تعزيز الثقافة المالية، حيث قدمت الشركات ضمن الدفعة السادسة لحاضنة معاً الاجتماعية حلولاً مبتكرة للتعامل مع الأولويات المجتمعية المرتبطة بالثقافة المالية وتقنيات التعليم. وضمت قائمة الشركات الناشئة ضمن الدفعة السادسة لحاضنة «معاً» الاجتماعية والتي قدمت حلولاً مرتبطة بالثقافة المالية، كلاً من شركة «لون»، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، تتعاون مع المصارف والشركات لتعزيز ثقافة العملاء وتحسين أوضاعهم المالية، من خلال تزويدهم ببيانات مبسطة وميزات مخصصة لإدارة أموالهم. وكذلك شركة «فنستارات بداية» التي تركز على الأثر الاجتماعي وتتولى تصميم وإنشاء برامج تثقيف مالي مجتمعية مبتكرة تركز على اليافعين والشباب في دولة الإمارات، وشركة «كاشي» التي تمكن وتعلم اليافعين كيفية إدارة أموالهم عبر غرس المسؤولية المالية بصورة تدعم مستقبلهم كبالغين مستقبلاً.
أما شركة «سكورل»، فهي منصة للتثقيف المالي تقدم للطلبة مجموعة من مزايا التعليم عن طريق اللعب، وتهدف إلى تزويدهم بمهارات الإدارة واتخاذ القرارات المرتبطة بالشؤون المالية اليومية. فيما تعد شركة «إدفوندو» أول تطبيق للمعلومات المالية مخصص للأطفال واليافعين في العالم، إذ يضم مختبراً تعليمياً وتطبيقاً ذكياً لإدارة الأموال تم تطويرهما بمشاركة أساتذة متخصصين.
ورش تفاعلية
وضمن ذات التوجه، نظمت منصة الابتكار الاجتماعي «أخذ وعطاء»، وهي منصة مبتكرة أطلقتها هيئة المساهمات المجتمعية «معاً» ورشة عمل تفاعلية سلطت الضوء على موضوع الثقافة المالية لدى الصغار والكبار، بهدف تزويد المشاركين بمعارف أساسية حول الادخار منذ عمر مبكر، وكيفية تحقيق الاستقلال المالي. وخلال الورشة، أكد كريم رفاعي، الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج لدى معهد لندن للصيرفة والتمويل، أن تعليم الأطفال كيف تتحرك الأموال أمر في غاية الأهمية، حيث يسهم في إعدادهم وزيادة وعيهم من عمر مبكر، وهو أمر في غاية الأهمية، نظراً لكونه يمنحهم المعرفة والمهارات التي ستمكنهم من اتخاذ القرارات المالية الصحيحة في المستقبل. وقدم رفاعي، لمحة عامة عن دور الثقافة المالية في سن مبكرة، وطرق تعليم فئة الشباب كيفية الادخار، وكذلك أدوات التمييز بين الاحتياجات والرغبات، وأنواع الاستثمار والإنفاق المختلفة، محدداً عدداً من الأساليب البسيطة التي يمكن للأطفال اتباعها من أجل تعزيز وضعهم المالي.
التخطيط المالي
ودخلت «الصكوك الوطنية»، شركة الادخار والاستثمار المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية والمملوكة من قبل «مؤسسة دبي للاستثمارات»، في شراكة مع «تعليم»، أحد أبرز مزودي خدمات التعليم على مستوى الدولة، بهدف نشر الوعي بين الطلاب في دولة الإمارات وتزويدهم بأهم المهارات اللازمة للتخطيط المالي. وتشمل الشراكة إطلاق حملة ثقافة مالية فريدة من نوعها بين أكثر من 15000 طالب وطالبة في مدارس «تعليم» بدولة الإمارات. وتهدف الحملة إلى تعزيز الوعي حول ثقافة الادخار وتزويد الشباب بالمعرفة والمهارات والثقة لاتخاذ قرارات مالية مسؤولة على مدار حياتهم.
وأكد محمد قاسم العلي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «الصكوك الوطنية»، أهمية اكتساب المعرفة المالية في سن مبكرة، إذ يعد التخطيط المالي أمراً غايةً في الأهمية لتحقيق السعادة وراحة البال، مؤكداً أن إدارة الأمور المالية تعتبر من المهارات الحياتية التي ينبغي تدريسها وإتقانها في بداية العمر حتى نتمكن من التعامل مع مصائد الديون والسيطرة على النفقات مع تحقيق مدخرات كبيرة. وأضاف: «نهدف من خلال هذه الشراكة إلى صقل مهارات الشباب وتعزيز معرفتهم بمتطلبات دورة الحياة المالية وإدارة الديون والمدخرات، حتى يكونوا في وضع جيد يؤهلهم لتحقيق أهدافهم المالية»، لافتاً إلى أنه «من خلال هذه البرامج التي تدعم رؤية دولة الإمارات، نهدف إلى تحقيق مستقبل يكون فيه كل شخص مؤهلاً ليعيش حياة مالية أكثر استقراراً».