يوسف البستنجي (أبوظبي)
أكد خبراء اقتصاديون أن رفع سعر الفائدة الأساس «الايبور» سيؤدي إلى زيادة أرباح البنوك العاملة، فضلاً عن دوره في كبح جماح التضخم والحد من ارتفاع أسعار السلع والخدمات في الأسواق المحلية.
وأوضح الخبراء، أن ارتفاع سعر الفائدة، يحفز العملاء على زيادة ودائعهم لدى البنوك العاملة بالدولة، ويقلل من المعروض النقدي، ما يدفع أسعار السلع والخدمات للهبوط.
وبين الخبراء أن ارتفاع سعر الفائدة الأساس، يراكم التزامات مالية إضافية على المقترضين من البنوك، خاصة القروض طويلة الأجل مثل القروض العقارية التي تصل مدتها لـ 25 عاماً، حيث يؤدي إلى زيادة في قيمة الأقساط الشهرية أو زيادة القيمة الإجمالية للقرض.
كان مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي رفع «سعر الأساس» على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة بـ 75 نقطة أساس، من 2.4% إلى 3.15%، وذلك اعتباراً من يوم الخميس 22 سبتمبر 2022.
وجاء قرار المركزي الإماراتي إثر إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي رفع سعر الفائدة على أرصدة الاحتياطي بـ 75 نقطة أساس في اجتماعه الذي عقد بتاريخ 21 سبتمبر 2022.زيادة الودائع
وقال محمد عبد الباري، الرئيس المالي لمجموعة مصرف أبوظبي الإسلامي، إنه من شأن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في رفع سعر الفائدة الرئيسة بواقع 75 نقطة أساس، أن يدفع إلى زيادة في الودائع المصرفية بصورة كبيرة، وهو ما قد يقلل من المعروض النقدي ويقود الأسعار للهبوط، وبالتالي مستويات التضخم.
وأضاف: «إنه في ما يتعلق بمصرف أبوظبي الإسلامي، فقد شهدنا ارتفاعاً في الودائع بنسبة 10% في النصف الأول من العام مقارنة مع العام الماضي و5% مقارنة مع بداية العام. وتتكون أغلب هذه الزيادة من الحسابات الجارية والتي تشكل اليوم 75% من ودائع المصرف، وهي ودائع لا تحمل أي تكلفة بالنسبة للمصرف.
أما بالنسبة للتمويلات، فلم نلحظ أي تراجع على نسب التمويل، فقد زادت تمويلاتنا بنسبة 10% مقارنة بالعام الماضي، وقد زادت تمويلات الأفراد 5% من بداية العام منها التمويلات الشخصية بنسبة 7% والتمويل العقاري بنسبة 3%، وهذا يدل على ارتفاع الطلب على التمويل حتى مع ارتفاع أسعار المرابحات، ويعود ذلك نتيجة للتعافي الاقتصادي وبخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة من آثار وباء كوفيد – 19».
نتائج البنوك
وقال محمد علي ياسين الخبير الاقتصادي، إن تسارع وتيرة رفع أسعار الفائدة خلال الأشهر الماضية، سيكون له أثر إيجابي على أرباح البنوك بالدولة، حيث تستفيد البنوك من رفع سعر الفائدة الفوري على القروض والتسهيلات بينما تتأخر عادة بعض الوقت في رفع سعر الفائدة على الودائع، مبيناً أن رفع سعر الفائدة وزيادة العائد على محفظة الائتمان الإجمالية للبنوك، سيظهر في نتائج البنوك بشكل أكثر وضوحاً مع نهاية العام الحالي.
وقال إن رفع سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة الإيرادات للبنوك، من دون أن تتحمل تكلفة إضافية للتسويق، مشيراً إلى أن الارتفاع في سعر الفائدة والإيرادات يقابله تراجع في حجم المخصصات أيضاً، ولذلك فإنه من المتوقع أن تحقق البنوك نمواً جيداً في أرباحها.
ولكنه لفت إلى أن آثار أسعار الفائدة ستنعكس في نتائج البنوك، بحسب حجم كل بنك، مبيناً أن الآثر سيختلف من بنك إلى آخر وفقاً لقيمة محفظته الائتمانية.علاقة مباشرة
ومن جهته، قال توفيق قدادة، مدير علاقات التمويل العقاري في السوق المحلية، إن هناك علاقة مباشرة بين سعر «الايبور» وهو «سعر الفائدة على التعاملات بين البنوك بالدرهم الإماراتي في السوق المحلية» وتكلفة التمويل والإقراض عامة، ولاسيما التمويل طويل الأجل، خاصة التمويل العقاري، نظراً لأن القروض العقارية تتميز بمده اقتراض طويلة الأجل تصل حتى 25 سنة.
وأضاف: أنه يجب التمييز بين نوعين من القروض، وفقاً لنظام احتساب أسعار الفائدة عليها، حيث الفائدة «الثابتة» و«المتغيرة».
وأوضح قدادة أن هناك آثاراً تترتب بشكل مباشر على التغيير في سعر «الايبور» وتنعكس على قيمة الأقساط الشهرية المقتطعة من رواتب المقترضين الذين تصنف قروضهم ضمن القروض القائمة على أساس سعر فائدة متغيرة، أما القروض المبنية على سعر فائدة ثابتة فلا يجب أن تتعرض لتغيير في قيمتها من حيث المبدأ. وقال: منذ نهاية الربع الأول من العام الجاري بدأ سعر «الايبور» يسجل ارتفاعاً سريعاً، وذلك تبعاً لرفع سعر الفائدة على الدولار الأميركي، ونتيجة الربط بين الدرهم والدولار.
وأشار قدادة إلى أن ارتفاع سعر الفائدة الأساس «الايبور» عدة مرات خلال الأشهر الستة الماضية، أدى إلى زيادة قيمة الاقتطاعات، أي القسط الشهري، للقروض المقترضة على أساس سعر فائدة متغيرة وليس ثابتة. وأوضح أن البنوك العاملة بالدولة تقوم من حيث المبدأ بعملية مراجعة لأسعار الفائدة وقيمة الاقتطاعات الشهرية من رواتب المقترضين، بحسب الآجال التي يبنى عليها السعر، فإذا كان سعر «الايبور» لأجل شهر، هو سعر الأساس للقرض، يقوم البنك بمراجعة السعر على أساس شهري، وإذا كان سعر الفائدة الذي يقوم عليه القروض هو لأجل 3 أشهر، فإن عملية المراجعة لقيمة القسط الشهري تتم كل ثلاثة أشهر، وهكذا الأمر إذا كان لأي أجل آخر، وذلك حسب شروط العقد المحدد لسعر الفائدة.
ودعا قدادة المقترضين للانتباه إلى هذا التغيير خلال فتره السداد، مبيناً أن بعض البنوك لا تقوم بزيادة الاقتطاع الشهري أو قيمة القسط الشهري المستحق على المقترض، حيث تلجأ إلى ترحيل الزيادة في قيمة القرض لآخر مدة القرض، وعادة هذا يسمى «البالون»، فإذا لم يقم البنك بإعلام المقترض بالزيادة في حينه، سيفاجأ المقترض بزيادة كبيرة في قيمة القرض المتبقية، عند نهاية المدة الأصلية المحددة في العقد.
وقال: لذلك، يجب على المقترض أن يقوم بالاستفسار من البنك بشكل دوري عن قيمة القرض المستحقة عليه وإجمالي قيمة القرض المتبقية، ومعرفة أي تغيير يطرأ على القيمة، والتأكد من شروط العقد لأن الفائدة المتغيرة يجب أن تنعكس على قيمة القرض سواء القسط الشهري بشكل منتظم أو عبر ترحيلها لنهاية مدة القرض، علماً بأنه في حال انخفاض «الايبور» يجب أن يؤدي ذلك لانخفاض في قيمة القرض الإجمالية وقيمة الاقتطاع الشهري من رواتب المقترضين.
وأوضح قدادة أنه في ظل التغيرات والتداعيات الاقتصادية التي تشهدها الأسواق العالمية، يفضل الذهاب إلى سعر الفائدة الثابت حتى وإن كان سعر الفائدة المتغير أقل من سعر الفائدة الثابت، لأن هذا يبقي المقترض بعيداً عن مخاطر وزيادة سعر الفائدة المفاجئ.