حسام عبدالنبي (دبي)
ترسخ دولة الإمارات مكانتها الرائدة في سوق الهيدروجين الأخضر العالمي المتوقع أن تبلغ قيمته نحو 11 تريليون دولار بحلول عام 2050، حسب فريدريك كلو، المدير الإداري لحلول الطاقة الحرارية والتوريد في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة «إنجي العالمية».
وأكد كلو في حوار مع «الاتحاد» أن شركة «إنجي» التزمت بالتحالف مع «مصدر» لاستثمار 5 مليارات دولار بهدف تطوير مركز لإنتاج الهيدروجين الأخضر في دولة الإمارات بما يدعم إزالة الكربون، كما وقعت خلال العام الحالي اتفاقية تعاون مع شركة «فرتيجلوب»، للمشاركة في تطوير محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الإمارات، من المتوقع تشغيلها تجارياً في العام 2025، بتكلفة تنافسية عالمية وبقدرة إنتاجية تصل إلى 200 ميجاواط.
وقال كلو، إن الشركة تركز دعمها في دولة الإمارات على تطوير الطاقة المتجددة خصوصاً الطاقة الشمسية والنووية والهيدروجين وتحلية المياه وتبريد المناطق وحلول إزالة الكربون القائمة على الطبيعة. وأضاف أنه فيما يتعلق بالطاقة الشمسية في الإمارات، فإن التكاليف التنافسية والبنية التحتية المتطورة والخبرات المتوافرة فيها، تعزز الثقة بقدرة الدولة على ترسيخ مكانتها الرائدة في سوق الهيدروجين الأخضر العالمي.
محطات تحلية
وأشار إلى أن الشركة تملك حالياً أربع محطات لتحلية المياه قيد التشغيل في دولة الإمارات، وتتوقع أن يسهم النمو المستقبلي للاقتصاد في زيادة الطلب على تلك المحطات التي تستخدم تقنية التناضح العكسي ومصادر الطاقة المتجددة لتحلية المياه بما يجعل الأسعار أكثر تنافسية من المحطات التي تعتمد على الوقود الأحفوري، منوهاً بأن دولة الإمارات تبذل جهوداً حثيثة لفصل عملية تحلية المياه عن إنتاج الكهرباء بما يخولها توفير نحو 43 مليون طن من انبعاثات الكربون بحلول عام 2030، وبالتالي تحقيق أهدافها الصافية الصفرية بوتيرة أسرع. وأوضح كلو، أنه في ظل التوقعات المتزايدة باختراق مصادر الطاقة المتجددة السوق وتشغيل المحطات النووية، ستوفر محطات توليد الطاقة التي تعمل بالغاز المرونة المطلوبة لدعم المحطات النووية خلال عملية الصيانة السنوية أو التخفيف من آثار انقطاع مصادر الطاقة المتجددة.
وذكر أن مشاريع «إنجي» لتبريد المناطق في الإمارات جنباً إلى جنب مع «تبريد» تعتبر قسماً تجارياً آخر مهماً لإزالة الكربون، إذ من المتوقع أن يتضاعف الطلب على التبريد في دول مجلس التعاون الخليجي ثلاث مرات بحلول عام 2030، كما أن الفوائد البيئية والتكلفة والكفاءة لتبريد المناطق تجعله الحل المفضل لمؤسسات القطاعين العام والخاص، مبيناً أن تلك التكنولوجيا توفر مياهًا مبردة تسهل عملية تبريد المكاتب والمصانع والمباني العامة الأكبر حجماً بكفاءة عالية، فضلاً عن أنها تخفض استهلاك الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
الكربون الأزرق
وأفاد كلو، بأن مشروع «الكربون الأزرق» الذي تعمل عليه شركة «إنجي» بالتعاون مع هيئة البيئة بأبوظبي يهدف إلى التخفيف من آثار تغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي، ويدعم طموحات الدولة لزراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030، حيث تم نثر أكثر من 37 ألف بذرة من هذه الأشجار في منطقة المرفأ باستخدام تقنية الطائرات بدون طيار المبتكرة للزراعة، حيث تظهر نتائج المشروع الإيجابية نجاحه في الحفاظ على النباتات المتنوعة الموجودة في الإمارات وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وقال إن شركة «إنجي سوليوشنز» تعمل أيضاً على توفير حلول خفض انبعاثات الكربون للمدن والمجتمعات والصناعات والممتلكات، من خلال خبرتها العالمية والإقليمية في الخدمات التقنية وكفاءة الطاقة والرقمنة ومصادر الطاقة المتجددة لجميع البنى التحتية والقطاعات، مشدداً على حرص الشركة على تخصيص استثمارات لتمكين القوى العاملة المحلية وتدريبها في الإمارات وتنفيذ الحلول التقنية الذكية ونقل خبرتها الفنية وتقديم المشاريع الممولة والمضمونة الموفرة للطاقة للعملاء.
الحد من الانبعاثات
وحول أهمية رؤية الإمارات ببلوغ صفر انبعاثات كربونية بحلول 2050، قال كلو، إن بلوغ صافي الصفر والحد من انبعاثات الكربون، يستوجب من أصحاب المصلحة بما في ذلك الحكومة والمعنيين بقطاعات الصناعة والنقل في الإمارات، العمل معاً لإيجاد الحلول المطلوبة، وإيجاد الأطر التنظيمية الصحيحة. واستشهد على ذلك بإعلان وزارة الطاقة في أبو ظبي مؤخراً عن تطوير سياسة الهيدروجين لإرساء القوانين والمعايير الجديدة التي تجعلها «رائدة في سوق الهيدروجين العالمي»، خصوصاً في ظل ارتفاع الطلب العالمي على الوقود النظيف ووسط الجهود الحثيثة الرامية للحد من الانبعاثات، مؤكداً أن الإمارات تعمل على تطوير سياسات وأطر عمل تنظيمية لإصدار شهادات الهيدروجين منخفضة الكربون، ووضع المعايير الفنية وإجراءات الترخيص لدعم القطاع.
ودعا كلو، للاستفادة من خبرة ومعرفة شركات متخصصة مثل إنجي لتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة، حيث تمتلك مركزاً للبحث والتطوير لبناء المعرفة والتقنيات والتطبيقات التي تدعم انتقال الطاقة، بالإضافة إلى خبرة متميزة في سوق الهيدروجين يمكن أن تسخرها لدعم أهداف الإنتاج الخاصة بدولة الإمارات والحد من الانبعاثات، مؤكداً جاهزية الشركة واستعدادها المطلق لدعم أهداف الإمارات واستراتيجياتها لبلوغ صافي الانبعاثات، خصوصاً أن الإمارات تستثمر منذ فترة طويلة في مشاريع الطاقة النظيفة التي تدعم الحياد الكربوني والتنويع.
واعتبر كلو، مشروع «براكة»، جزءاً لا يتجزأ من مجموعة الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات للحد من التغير المناخي، بالإضافة إلى توقيع الدولة على أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة واتفاقية باريس للمناخ، وذلك انطلاقاً من حرصها على قيادة الابتكار في جميع المجالات لإيجاد حلول ذكية للتحديات اليومية. وأشار إلى أنه ليس مستغرباً أن تستضيف الدولة مؤتمر المناخ COP28 في عام 2023، لا سيما وأن الإمارات تدعم مشاريع البنية التحتية الخضراء والطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم، حيث استثمرت نحو 16.8 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة في 70 دولة مع التركيز على الدول النامية، وقدمت أكثر من 400 مليون دولار من المساعدات والقروض الميسرة لمشاريع الطاقة النظيفة. وفيما يتعلق بمشاريع الشركة في الإمارات، كشف فريدريك كلو، أن الشركة وقعت في شهر مايو الماضي اتفاقية مع شركة «مبادلة للاستثمار»، بهدف تطوير منصة رقمية لشحن السيارات الكهربائية في الإمارات والشرق الأوسط، مبيناً أنه بموجب الاتفاقية، سيتم التعاون من أجل تطوير حلول مشتركة لتركيب وتشغيل البنية التحتية للشحن في أبوظبي والإمارات.