حسونة الطيب (أبوظبي)
لا شك في أهمية الأشجار بالنسبة لصحة الحياة على كوكب الأرض، فإنها تحتجز الكربون، وتساعد في تنظيم درجات الحرارة وتدفق المياه العذبة، وإعادة تغذية المياه الجوفية، وتعزيز خصوبة التربة، فضلاً عن عملها كحاجز لمنع الفيضانات والتصدي للتغير المناخي.
وتعمل شركات من قطاعات مختلفة معاً، من خلال مبادرة المنتدى الاقتصادي العالمي لزراعة مليار شجرة بحلول عام 2030. ومنذ طرح المبادرة في سبتمبر 2021، التزمت أكثر من 30 شركة، بالمحافظة على زراعة ما يزيد على 3.6 مليار شجرة في أكثر من 60 بلداً حول العالم.
وتسعى الشركات التي تعتمد بشكل كبير على الغابات، مثل شركات المواد الاستهلاكية، لملاءمة ممارساتها داخل سلاسل التوريد، بُغية تحسين مرونة نشاطاتها التجارية.
وعلى سبيل المثال، التزمت شركة نستله بزراعة 200 مليون شجرة، داخل وحول المزارع التي تستمد الشركة مكوناتها منها. وتعمل الشركة في الوقت الحالي على توزيع 2.8 مليون شجرة ظل، في كل من ساحل العاج وغانا، لتوفير خدمات نظام بيئي تستفيد منه مزارع أشجار الكاكاو.
الشركات والغابات
وتخطط شركات أخرى لا تربطها علاقة وطيدة بالغابات مثل، «أسترازينيكا»، لزراعة 50 مليون شجرة موزعة حول العالم بحلول 2025، تمت زراعة 1.7 مليون منها حتى الآن.
ومن المتوقع، استفادة نحو 40 ألف مزارع إندونيسي من الدعم ودورة تدريب الزراعة والغابات التي توفرها الشركة.
وتحتضن الأشجار 80% من التنوع البيئي العالمي، كما تعتبر كنزاً دفيناً للابتكار ومصدر رزق وبقاء لأكثر من 350 مليون شخص حول العالم. وبالإضافة لإيوائها لأكثر من 75% من الحياة البرية، يعيش ما يقارب 750 مليون شخص في الغابات. ولا تزال المخاطر التي تحدق بالغابات، في تنامٍ ملحوظ، حيث تزيد الرقعة الزراعية يوماً بعد يوم، نظراً للزيادة في عدد السكان والتحول في النظام الغذائي.
وينجم عن طلب أخشاب وصناعة ورق بتكلفة زهيدة، قطع للأشجار مجافٍ للقوانين، في حين يتم القضاء على الشجيرات والنباتات الصغيرة في الغابات.
ونتيجة لذلك، يفقد العالم مجموعات ضخمة من الغابات، حيث فقدت «أمازون»، أكبر الغابات المطرية في العالم، 17% من الغطاء النباتي خلال النصف الأخير من القرن الماضي، بسبب أعمال القطع الجائر وإزالة الغابات بغرض الزراعة أو الصناعة.
تدهور الغابات
ويؤدي تدهور الغابات وفقدانها، إلى زعزعة استقرار النظام البيئي، على نطاق لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية، حيث فقد العالم نحو 3 تريليونات شجرة، كانت موجودة قبل 12 ألف سنة من بدء الزراعة. وبصرف النظر عن الجهود الحثيثة المبذولة، يتراجع عدد الأشجار بوتيرة قدرها 15 ملياراً سنوياً. ويُعزى لعمليات إزالة الأشجار وتدهورها، 15% من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، فضلاً عن فقدان الفصائل وانقراضها.
وجراء ذلك، يواجه النشاط التجاري، خسائر باهظة. وباعتماد القطاع، على الطبيعة وخدماتها، فإن نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي نحو 44 تريليون دولار، تهدده هذه الخسائر.
وبزوال الأشجار، تتقوض الخدمات التي توفرها، ما يسفر عن تراجع إنتاجية التربة وأحواض الكربون الطبيعي، وتقليل فرص الحصول على مياه شرب نظيفة واحتمال وقوع الكوارث المرتبطة بالتغير المناخي.