يوسف العربي (أبوظبي)
تعد إمارة أبوظبي إحدى أكثر المدن جذباً للاستثمارات الصناعية في الشرق الأوسط نظراً لتوافر المدن الصناعية، والمبادرات الحكومية المتكاملة لدعم القطاع، بحسب مسؤولين ورؤساء تنفيذيين لمصانع عاملة في العاصمة شاركوا في الجلسات الحوارية، عقب الإعلان عن إطلاق استراتيجية أبوظبي الصناعية أمس.
وقال هؤلاء: إن إطلاق استراتيجية الصناعة سيعزز تنافسية الإمارة ويزيد من قدرتها على جذب المزيد من الاستثمارات مستفيدة من الموقع الاستراتيجي، وتطور البنية التحتية للطرق والموانئ والمطارات والرؤية الحكومية الثاقبة، التي تولي قطاع الصناعة أهمية بالغة ضمن استراتيجية التنوع الاقتصادي.
وتضع استراتيجية أبوظبي الصناعية الأسس المتينة والملائمة لتحقيق زيادة الإنتاجية، وجذب الاستثمارات الصناعية وتسعى إلى تعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري، والذكي، والمستدام، وتحفيز القيمة المضافة وضمان القدرة التنافسية من حيث التكلفة.
وتركز الاستراتيجية على دعم وتعزيز النمو الصناعي في المجالات ذات الأولوية والتي تشمل الصناعات الكيميائية، وصناعة الآليات والمعدات، والصناعات الكهربائية، وصناعة الإلكترونيات، وصناعات النقل، وصناعات الأغذية، الصناعات الدوائية. وتشمل هذه المبادرات، على سبيل المثال، برامج الحوافز الخاصة بسداد الرسوم، والحوافز الخاصة بأسعار الطاقة، وبرنامج القائمة الذهبية الذي يهدف لدعم المنتجات المحلية ضمن المشتريات الحكومية والشركات شبه الحكومية، حيث ارتفع عدد المصانع المُدرجة ضمن القائمة الذهبية إلى 145 مصنعاً، وبرنامج شركاء أبوظبي الذي يستهدف جذب الاستثمارات الصناعية للقطاعات ذات الأولوية.
وتضم المبادرات توفير حلول ومنتجات مالية تناسب احتياجات المشاريع الصناعية، كما ستساهم الحوافز الخاصة ببرنامج الثورة الصناعية الرابعة في تسريع وتيرة التحول التكنولوجي وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، هذا بالإضافة للعديد من البرامج والمبادرات التي ستشكل إطاراً لمنظومة متينة ومرنة للاستثمار الصناعي.
المدن الاقتصادية
ومن جانبه قال عبدالله الهاملي، الرئيس التنفيذي - قطاع المدن الاقتصادية والمناطق الحرة - مجموعة موانئ أبوظبي، إن إمارة أبوظبي تعد إحدى أكثر المدن جذباً للاستثمارات الصناعية في الشرق الأوسط؛ نظراً لتوافر المدن الصناعية والمبادرات الحكومية المتكاملة لدعم القطاع.
وأشار إلى أن مجموعة موانئ أبوظبي والمدن الاقتصادية والمناطق الحرة تضطلع بدور بارز في الاستراتيجية الصناعية لإمارة أبوظبي من خلال توفير الفرص للمستثمرين في شكل حلول وباقات متكاملة.
ونوه بأن المجموعة تركز على التميز وتوفير جميع الحلول التي يطلبها المستثمر، من خلال التعاون مع الدوائر المحلية والمكتب التنفيذي لإمارة أبوظبي، لتحديث بعض القوانين وإرساء المزيد من التسهيلات لجذب الاستثمارات الصناعية.
وقال الهاملي: إن المدن الاقتصادية والمناطق الحرة تساهم بنحو 40 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي، وتهدف موانئ أبوظبي إلى تعزيز تنافسية هذه المناطق ودعم القطاع بالمزيد من القدرات والإمكانات لتصبح وجهات متميزة وجاذبة للاستثمار.
1400 شركة
ويغطي هذا القطاع مساحة من الأرض تمتد على 5.9 مليار قدم مربعة «554 كيلومتراً مربعاً»، فيما تشكل حالياً مقراً لأكثر من 1400 شركة محلية وإقليمية وعالمية في مناطق التمركز الأساسية بمدينة خليفة الصناعية، والمصفح، ومدينة أبوظبي الصناعية (آيكاد)، ومدينة العين الصناعية.
ويتولى قطاع المدن الصناعية والمنطقة الحرة مسؤولية الإشراف على العمليات في مدينة خليفة الصناعية أكبر مركز متكامل للتجارة والصناعة والخدمات اللوجستية في المنطقة، و«زونزكورب» المشغل الأكبر للمناطق الاقتصادية المتخصصة والمدن العمالية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومن جانبه، قال جانبه قال هانز دانيالز المدير العام لمجموعة سونجوون الصناعية: إن المجموعة تعد من أوائل الشركات التي أسست لأعمالها في كيزاد؛ نظراً للموقع الاستراتيجي والمبادرات الذكية القادرة على توفير بيئة جاذبة للاستثمار الصناعي.
ولفت إلى أن إطلاق استراتيجية الصناعة يعزز تنافسية الإمارة ويزيد من قدرتها على جذب المزيد من الاستثمارات مستفيدة من الموقع الاستراتيجي، وتطور البنية التحتية للطرق والموانئ والمطارات والرؤية الحكومية التي تولي قطاع الصناعة أهمية بالغة ضمن استراتيجية التنوع الاقتصادي.
سامح القبيسي: الاستراتيجية تدعم التحول من الاقتصاد الخطي إلى «الدائري»
قال سامح القبيسي، المدير العام للشؤون الاقتصادية بدائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي: استراتيجية أبوظبي الصناعية تضطلع بدور حيوي لتسهيل عملية التحول من الاقتصاد الخطي إلى الدائري. وأوضح أن الاقتصاد السائد حالياً يقوم على نموذج يستند إلى ثلاث ركائز، وهي الإنتاج والاستهلاك والتخلص وهذا هو النمط الذي ورثناه عن الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، لكن هذا النهج الخطي أدى للاقتصاد العالمي الحالي غير المستدام.
ووفق تقرير «Circularity Gap»، تضاعف الاستهلاك العالمي للمواد الخام بنحو ثلاثة أضعاف خلال 40 سنة، وذلك من 27 مليار طن في عام 1970 إلى 101 مليار طن في عام 2020. وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن يتضاعف هذا الاستهلاك بحلول العام 2060 مع توسع الاقتصاد العالمي.
ولفت إلى أن الاقتصاد الدائري يهدف إلى تغيير قواعد الاقتصاد الخطي، وذلك عبر خفض الهدر والتلوث لأدنى درجة ممكنة، وإعادة تدوير المنتجات والمواد، وإعادة الاستخدام. ونوه بأنه تماشياً مع مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2050 والخطة الوطنية للتغير المناخي، واستضافة الدولة لقمة المناخ (COP28)، فإن دائرة التنمية الاقتصادية نُؤكد التزامها الراسخ بتطوير اقتصاد دائري ومستدام.
وأشار إلى أنه تم وضع استراتيجية أبوظبي الصناعية بالتوافق مع مبادئ الاقتصاد الدائري، حيث يتم استخدام أقل كمية من المواد بفعالية أعلى ونظراً لأهمية التنمية الاقتصادية المستدامة، صُممت استراتيجية أبوظبي الصناعية لتعزيز عملية التحول من الاقتصاد الخطي إلى الدائري.
ونوه بأن هذه الخطة تتم من خلال تصميم إطار تنظيمي للاقتصاد الدائري يكون بمثابة دليل إرشادي لاستثمارات الحكومة والقطاع الخاص ودعم السياسة الخضراء للمشتريات في الجهات الحكومية، بالإضافة إلى تشجيع استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بهدف زيادة الإنتاج الاقتصادي مع تقليل الهدر.
وتضم الإجراءات البدء بالإصلاحات التنظيمية وتوفير حوافز مالية تدعم تخصيص المزيد من الاستثمارات في البحوث والتطوير وتنمية قاعدة الملكية الفكرية في الدولة واستقطاب وتطوير المواهب: بما يشمل تأهيل المهارات الإماراتية وضمان جاهزيتها لتطبيق أفضل الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وسيؤدي نجاحنا في تنفيذ استراتيجية أبوظبي الصناعية، بإذن الله، للتحول إلى الاقتصاد الدائري، الذي سيقوم بتسريع نمو التصنيع دون الإضرار بالبيئة وذلك بتحقيق خفض انبعاثات الكربون والهدر، وتحفيز القطاع الصناعي لتعزيز المسؤولية في الإنتاج، وتوفير منتجات أطول عمراً، وقابلة لإعادة الاستخدام والتدوير، بالإضافة إلى تمكين القوى العاملة الماهرة، والتقنيات المتطورة، في ظل منظومة صناعية متكاملة من أجل تعزيز مساهمتها الاقتصادية الاجتماعية.