حسام عبدالنبي (دبي)
حققت دولة الإمارات في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله»، نجاحات غير مسبوقة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى إنها باتت تصنف من قبل المؤسسات الدولية واحدة من أهم الوجهات الاستثمارية العالمية الصديقة للمستثمرين.
وتظهر الأرقام التي تحققت على أرض الواقع نجاح الرؤية الاستراتيجية للمغفور له، والتي ركزت على الاهتمام بقطاع الاستثمار الأجنبي المباشر؛ لأنه ينسجم مع توجهات الدولة الرامية إلى بناء اقتصاد مستدام ومتنوع قائم على المعرفة، وقد أثمر ذلك توفير مقومات وعناصر وفرص لنجاح الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وحرص المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، منذ توليه المسؤولية على وضع منظومة عمل متكاملة تجعل الإمارات بيئة استثمارية صديقة للمستثمرين من مختلف مناطق ودول العالم، وذلك عبر توفير كافة مقومات النجاح، وتالياً أصبحت الإمارات بيئة استثمارية عالمية تجتمع فيها كل عناصر الاستقرار والاستدامة، ولتعزز الدولة جاذبيتها كأفضل وجهة للاستثمارات العالمية الباحثة عن فرص النمو والازدهار.
وتضمنت مقومات النجاح عدداً من المرتكزات الرئيسة، وفي مقدمتها الشراكة النموذجية بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والتي أتاحت للمستثمرين توصيل أفكارهم ومقترحاتهم لكبار المسؤولين في الدولة والجهات الحكومية وتطبيقها بالفعل، ووضع الأطر التشريعية المرنة التي تواكب المتغيرات العالمية، فضلاً عن الحرص على اكتشاف واستقطاب وتنمية أفضل المواهب والكفاءات ضمن مختلف المجالات.
وكان من أهم النجاحات التي تحققت في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان توجه الدولة، وسعيها نحو انفتاح وتنويع الاقتصاد، وإيجاد فرص أكبر للنمو والشراكة والابتكار، ما وفر للمستثمرين من الشركات الكبرى والناشئة المزيد من الفرص والمساحة للنجاح في دولة حرصت منذ اليوم الأول على متابعة المتغيرات العالمية والتحرك السريع لمواكبتها مع اتخاذ القرارات المدروسة لتكون دائماً الشريك القادر على تقديم قيمة مضافة حقيقية وذات تأثير إيجابي ملموس سواء للمستثمر الأجنبي أو الوطني.
أهم الدول الجاذبة للاستثمار
وحالياً، تحتل دولة الإمارات مكانتها بين أهم عشرين دولة في العالم لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وفي عام 2021 نما 4% إلى 76 مليار درهم مقارنة بعام 2020. وتمثل الإمارات نموذجاً في تحقيقها قفزة نوعية في سياستها الاستثمارية بناء على نموذج أكثر مرونة واستدامة وأكثر انفتاحاً على الأسواق العالمية ويتواكب مع التوجهات المستقبلية والتكنولوجيا.
الشركات الأجنبية
أعلنت وزارة الاقتصاد أن عدد الشركات الأجنبية التي تمتلك فروعاً مرخصة في الدولة حقق على مدى السنوات العشر الماضية، من 2011 حتى 2020، نمواً بنسبة 52%. ووصل العدد الإجمالي لفروع الشركات الأجنبية العاملة في الدولة حتى نهاية عام 2020 إلى 2577 فرعاً، مسجلاً ومرخصاً لدى وزارة الاقتصاد، وتعود إلى أكثر من 114 جنسية.
وجاءت الشركات البريطانية في مقدمة الشركات الأجنبية من حيث عدد فروعها المسجلة في الدولة، وبنسبة بلغت 11.6% من إجمالي هذه الشركات، تلتها الشركات الأميركية بنسبة 8.3%، ثم الهندية بنسبة 5.5%، ثم الكورية الجنوبية بنسبة 5.1%، تليها الفرنسية بنسبة 4%. وتستثمر هذه الشركات في مشاريع وأنشطة اقتصادية تغطي مختلف القطاعات الحيوية في الدولة، وتسهم في دعم تنوع وتنافسية الاقتصاد الوطني.
وأشارت الوزارة إلى أن بيئة الأعمال في دولة الإمارات تمثل اليوم إحدى الوجهات العالمية الجاذبة للشركات الأجنبية حيث حققت ريادةً متميزة في عدد من المؤشرات العالمية، إذ تبوأت المركز الأول عربياً وإقليمياً، والتاسع عالمياً في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2021 للعام الخامس على التوالي، وحافظت على المركز الأول عربياً وإقليمياً و16 عالمياً في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال 2020، وتم تصنيفها ضمن الدول الـ 10 الأولى على مستوى العالم خلال 2020 في 16 مؤشراً مرتبطاً بتطور البنية التحتية، كما حلت في المرتبة الأولى إقليمياً والرابعة عالمياً في المؤشر العالمي لريادة الأعمال 2020.
ويمثل نمو عدد الشركات الأجنبية، خلال العقد الماضي، ترجمة عملية للجهود المتواصلة التي بذلتها الدولة، لتوفير بيئة أعمال جاذبة للشركات الأجنبية واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال التطوير المستمر للأطر التشريعية والتنظيمية الداعمة للنشاط الاقتصادي وتسهيل ممارسة الأعمال في الدولة وتخفيض تكلفتها، وتطوير البنى التحتية والرقمية والخدمات الخاصة بأنشطة الأعمال وتوفير الحوافز والتسهيلات التي تعزز نجاحها، فضلاً عن تطوير استراتيجيات ومبادرات متكاملة تدعم نمو رواد الأعمال والشركات العاملة في الدولة وتمكينها من التوسع والوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.
كما أن النمو المتزايد في عدد الشركات الأجنبية العاملة في الدولة يعكس ثقة مجتمع الأعمال العالمي في بيئتها الاستثمارية، ويؤكد سلامة النهج الذي تتبناه دولة الإمارات من خلال توفير بيئة اقتصادية منفتحة ومرنة وتطوير مقوماتها كمركز عالمي رائد للمال والأعمال والتجارة والاستثمار.
وجهة استثمارية عالمية
في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» تعززت مكانة الإمارات قطباً عالمياً لجذب الشركات الناشئة، لتصبح الوجهة الاستثمارية للشركات الناشئة في العالم، وذلك عبر إنشاء بنية تحتية أساسية متميزة، وتسهيل عملية الوصول إلى السوق والتمويل، إلى جانب دعم تلك الشركات من خلال المعارض التجارية التي تمنحها فرصة عرض منتجاتها في منصات عالمية وإقليمية وتحفيز الشركات الوطنية على تخصيص حصة من مشترياتها من تلك الشركات. وحالياً، تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دوراً أساسياً ومهماً للغاية في دعم النمو والتنوع الاقتصادي لدولة الإمارات، حيث تشكّل نسبة تتجاوز 94% من العدد الإجمالي للشركات العاملة في الدولة، كما أنها توفر فرص عمل لأكثر من 86% من العاملين في القطاع الخاص، و40% من إجمالي الدخل القومي لدولة الإمارات.
هندسة الاقتصاد
من جهته، أكد خوسيه فيناليز، رئيس مجلس الإدارة والرئيس العالمي لمجموعة بنك ستاندر تشارترد، أن دولة الإمارات نجحت في إعادة هندسة اقتصادها على مدى العقدين الماضيين، كجزء من خططها الطموحة لتنويع الاقتصاد خارج قطاع الهيدروكربونات، وعملت الدولة بنجاح على ترسيخ مكانتها بوابة تجارية رئيسية، على كل من المستويين الإقليمي والعالمي.
وقال إن الإمارات نجحت على مدار سنوات في توفير بنية تحتية متطورة تتكون من 10 مطارات مدنية و105 شركات شحن و12 ميناء بحرياً وتجارياً قادرة على مناولة أكثر من 17 مليون طن وبسعة شحن تتعدى 80 مليون طن سنوياً.
ونوه بأن دولة الإمارات تقدم قيمة فريدة من نوعها للمستثمرين والشركات، تم تصميمها ضمن خطة استراتيجية وضعت بعناية من قبل الدولة قبل سنوات طويلة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الإمارات توفر بيئة أعمال مواتية مع مرافق حيوية وبنية تحتية متميزة، بالإضافة إلى الخبرة المهنية والخدمات الشخصية التي تمنح الدولة ميزة فريدة مقارنة بغيرها من الدول حول العالم.
ودلل فيناليز على صحة حديثة بالإشارة إلى أن الإمارات تحتل مرتبة عالية في المؤشرات العالمية التي تقيس الأداء الاقتصادي وسهولة ممارسة الأعمال التجارية، كما أنها تتصدر المؤشرات الإقليمية والعالمية في مجال الخدمات اللوجستية والنقل والاتصالات، لافتاً إلى أن الإطار التشريعي في دولة الإمارات يعتبر الأكثر تقدماً في المنطقة، فضلاً عن الموقع الاستراتيجي الذي يجعل الإمارات رابطاً عالمياً، فمن الإمارات يمكن الوصول إلى أسواق عالمية رئيسة تضم أكثر من خمسة مليارات شخص من خلال رحلات لا تتجاوز ثماني ساعات.
مركز اقتصادي
يرى يوغيش خيراجاني، محلل أبحاث الاستثمار في «سنشري فاينانشال»، أن دولة الإمارات في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، لطالما عرفت بأنها دولة ذات اقتصاد نشط، ولا تتردد أبداً في تسجيل أرقام قياسية جديدة.
وقال إن الإمارات استفادت في البداية من ارتباطها مع نصف سكان العالم وموقعها الجغرافي الذي يبعد بضع ساعات طيران فقط عن أوروبا وأميركا الشمالية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا، كما أصبحت الدولة مركزاً اقتصادياً حقيقياً، أي مركزاً للتجارة والتبادل والابتكار وتوليد الثروة.
ولفت إلى أن مخططات الدولة الناجحة منذ البداية ركزت على اجتذاب العقول المبتكرة إلى الإمارات، ومن هنا كان سر تميز الدولة حيث أصبحت من أهم الدول المستقبلة للمهارات والعقول والخبرات والتي تتميز بتعدد الثقافات ما أوجد بيئة مثالية لجذب المستثمرين على مستوى العالم، علاوة على أن الدولة تأتي في مرتبة عالية في معايير الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والصحي المتاحة للسكان.
واختتم خيراجاني، بالتأكيد على أن السلوك الاستباقي لقادة البلاد في تقديم المخططات ذات الرؤية الثاقبة والوفاء بها في الوقت المناسب خلق صورة استثنائية للبلاد يصعب مقارنتها، ويكمن الدليل في التاريخ، حيث استمرت الإمارات في التطور إلى الأفضل في كل عقد.
إجراءات فعالة
يرى مايكل ووترز، أستاذ مشارك بجامعة «هيريوت وات دبى»، أن دولة الإمارات باتت من أهم الأسواق المثالية التي يمكن الاستثمار فيها نظراً لوجود عدد من المؤشرات الإيجابية واتخاذ قيادة الدولة على مدار عقود مضت إصلاحات وإجراءات فعالة، جعلت من الإمارات بيئة صديق للمستمرين.
أما محمد شاهين، الرئيس التنفيذي لشركة «سيفن كابيتال»، فأوضح أن الإمارات نجحت في أن تصنف من أهم الدول التي توفر بيئة صديقة للمستثمرين، نظراً لما تتمتع به من اقتصاد ضمن الاقتصادات انفتاحاً في العالم، ووجود العديد من المناطق المتخصصة صديقة للأعمال والاقتصاد سريع النمو، إضافة إلى تطلع الدولة إلى إظهار نفسها كواحدة من أفضل الوجهات للاستثمار الأجنبي المباشر (FDI).
وأكد أن الاستقرار الاقتصادي والسياسي، مع سعى الدولة لتنويع مصادر دخلها وتصنيفها من ضمن الدول الأكثر زيارة، وكذلك تقدم الدولة في مؤشرات التنافسية العالمية كلها عوامل جعلت من الإمارات موطناً مفضلاً للعديد من المستثمرين الأجانب والشركات العالمية منذ سنوات عديدة.