حسونة الطيب (أبوظبي)
لا تزال رقعة الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، في اتساع مستمر، حيث سجل ارتفاع الأسعار في ألمانيا، رقماً قياسياً، بينما ارتفع معدل التضخم في أستونيا لنحو 20%.
وبلغ معدل التضخم في منطقة اليورو في مايو الماضي، أعلى مستوى له منذ طرح عملة اليورو في 1999، في وقت واصل فيه ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والطاقة، ما ينذر بشبح ركود اقتصادي، يلوح في أفق أرجاء القارة المختلفة.
وارتفع معدل التضخم السنوي في 19 دولة المكونة لكتلة الاتحاد، التي تستخدم عملة اليورو، بنسبة قياسية قدرها 8.1% في شهر مايو الماضي، بالمقارنة مع 7.4% في أبريل الماضي.
تكلفة المعيشة
واستمرت الأسعار في ارتفاعها لنحو 10 أشهر على التوالي، مع اختفاء أي بوادر تبشر بتراجعها، ما عمق من أزمة تكلفة المعيشة للمستهلكين، وأرغم صانعو القرار، على الالتزام باتخاذ تدابير، قادرة على تخفيف الضرر. وفي أميركا، بلغ التضخم في سعر المستهلك، 8.3% في شهر أبريل.
وقللت المفوضية الأوروبية مؤخراً، من توقعاتها الخاصة بنمو الاقتصاد، إلى 2.7% خلال هذه السنة، من واقع 4% في فصل الشتاء.
وفي ذات الوقت، سجل التضخم، مستويات قياسية، مع توقعات ببلوغ متوسط قدره 6.8% للعام الجاري، ما حدا بعدد من خبراء الاقتصاد، إلى التحذير من مغبة مواجهة أوروبا لبطء شديد في النمو أو ركود صريح قبل نهاية السنة.
وبينما ارتفعت معدلات التضخم، سرع البنك المركز الأوروبي، من وتيرة سياسته والإعلان عن نهاية وشيكة لحقبة أسعار الفائدة السلبية.
أسعار المستهلك
وظلت أسعار الطاقة، تشكل العامل الأكبر، في رفع الأسعار للمستهلك والأعمال، لتناهز نسبة قياسية قدرها 39.2% في مايو، بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية المُعالجة والتبغ، 7%.
ورغم توصل القادة الأوروبيين، لاتفاقية سياسية تقضي بوقف معظم واردات النفط الروسي، إلا أن الخبراء حذروا من تأثير ذلك على المستهلك والقطاع، بمزيد من الارتفاع في الأسعار.
وكانت ألمانيا، أكبر اقتصاد في قارة أوروبا، من بين أكثر المتضررين، حيث قفز معدل التضخم فيها 8.7%، بينما ارتفع في كل من، إسبانيا بنحو 8.5% وفرنسا 5.8% وإيطاليا 7.3%، ما دفع حكومات هذه الدول، لفرض حد أقصى لسعر الطاقة أو تقديم خصومات للأسر ذات الدخل المحدود، لتعويض تكلفة الغاز والديزل.
وابتداء من شهر يونيو، تقدم الحكومة الألمانية، تخفيض على سعر الغاز في المحطات، وتذكرة مجانية بقيمة 10 دولارات شهرياً للفرد في المواصلات العامة.
تكلفة الطاقة
وألقى التأثير الناتج عن ارتفاع تكلفة الطاقة، بأكبر آثاره على الدول القريبة من روسيا، حيث ارتفع معدل التضخم في أستونيا مثلاً، بنسبة سنوية كبيرة قدرها 20.1%، ما يقارب الضعف عما كان عليه في شهر يناير عند 11%. وفي ليتوانيا، زاد معدل التضخم 18.5% وبنحو 16.4% في لاتفيا.
عرقلت الآثار الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، الجهود التي تبذلها الاقتصادات الكبيرة، للتعافي من تداعيات وباء كوفيد19، لتواجه عدم يقين جديد وتقويض في ثقة الاقتصاد العالمي.
وفي أميركا، تراجع الناتج المحلي الإجمالي، 0.4% خلال الربع الأول من 2022. لكن ربما تواجه روسيا أيضاً، ركوداً في اقتصادها، في الوقت الذي ينضب فيه مخزونها من السلع والقطع المستوردة.
وبينما بدأ التضخم في الارتفاع في السنة الماضية، لم يكن العديد من صانعي القرار في البنك المركزي الأوروبي، متحمسين للقيام برد فعل ما تجاه ذلك، في وقت خبأت فيه جذوة نمو الأجور، في أرجاء المنطقة. لكن ومع استمرار الارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات، لجأ البنك مرة أخرى، لما يُعرف بتطبيع السياسة.
ومن المتوقع، إنهاء البنك في بداية شهر يوليو المقبل، لبرنامجه الكبير الخاص بشراء السندات، والبدء في رفع أسعار الفائدة، للمرة الأولى منذ ما يزيد عن 10 سنوات. ويرجح بعض خبراء الاقتصاد الزيادة، بين 0.25% و0.50%.