حسونة الطيب (أبوظبي)
من مقاطعة شاندونغ شرقي الصين، ربما تستغرق الرحلة الواحدة بقطار الشحن لبعض المدن الأوروبية، أكثر من 16 يوماً. ومن هذه المقاطعة، وكجزء من مبادرة الحزام والطريق، تخدم قطارات الشحن، ما يزيد على 50 مدينة في قارتي أوروبا وآسيا.
ويطلق الصينيون على هذه القطارات، اسم «كيلو»، تيمُناً بمملكتي كي ولو، اللتين ازدهرتا في الحقبة الكنفوشية.
حققت الصادرات الصينية، سواء بالسكك الحديدية، الطرق، البحر أو الجو، تقدماً سريعاً، خلال العامين المنصرمين، حيث ارتفعت بنسبة قدرها 30% قياساً بالدولار في 2021. وغادرت المحطة في مقاطعة شاندونغ، ما يزيد على 5 آلاف قطار من نوع كيلو منذ عام 2018. لكن وفي شهر أبريل الماضي، تراجع نمو صادرات الصين بشدة، لترتفع بنحو 3.9% فقط، عن السنة التي سبقتها، بحسب «ذا إيكونيميست».
ويعتبر هذا الارتفاع، رغم صغره، إنجازاً كبيراً، حيث تزامن مع خوض الصين حرباً ضروساً ضد فيروس «كوفيد 19»، التي بموجبها، تم إغلاق شنغهاي، واحدٍ من أكبر المراكز التجارية في البلاد، فضلاً عن تطبيق إجراءات صارمة تحدّ من حركة الناس.
لا تزال القيود الصارمة، مستمرة في 41 مدينة، تشكل مجتمعة 30% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفقاً لبنك نومورا الياباني. وانتاب القلق العديد من المدن لتفادي انتشار الوباء، في الوقت الذي تقوم فيه السلطات، بحجز السائقين داخل مركباتهم، بينما هم في انتظار تحميل شحناتهم، الاحتياطات التي انعكست سلباً على تجارة الصين العالمية. وفي منتصف أبريل، توقفت 506 شاحنات خارج ميناء شنغهاي في انتظار التحميل، بالمقارنة مع 260 في شهر فبراير.
يأمل المتفائلون، في مقدرة ماكينة الصادرات الصينية، على التصدي لمتغير «أوميكرون». وأكد العاملون إمكانية عزل أنفسهم والعمل والعيش في مكان واحد، فيما يسمى بالحلقات المغلقة. لكن لا يوجد مصنع حديث يمكنه العمل بمفرده بالكامل، حيث من الضروري لكل حلقة مغلقة، أن تظل مفتوحة لمورديها. وفي حال تعرضت، أي حلقة مغلقة في سلسلة التوريد لانتشار الفيروس، تتعطل حركة الإنتاج في بقية الحلقات. وعلى سبيل المثال، تعرقل إنتاج سيارات «تيسلا» في شنغهاي، بسبب النقص في أسلاك التوصيل، نتيجة إصابة المورد بالفيروس.
ولتحقيق أي زيادة في تجارة الصين، تحت ظل هذه الظروف، ربما يكون ذلك، عملاً مثيراً للإعجاب. لكن يعتبر النمو الذي حققته وكالة الجمارك الصينية عند 3.9% في 9 مايو، اسمياً أكثر من كونه حقيقياً. وارتفع سعر الصادرات الصينية في شهر أبريل من العام الجاري، بنحو 8% بالمقارنة مع عام 2021.
وأثار ارتفاع الأسعار، مخاوف أن ينجم عن عمليات الإغلاق في الصين، تضخماً في أسواق شركائها التجاريين، خاصة أميركا. وشكلت السلع التي يتم إنتاجها في الصين، أقل من 2% من إنفاق المستهلك الأميركي في عام 2017، وفقاً لخبراء اقتصاديين من الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو. وتؤدي الاختناقات المرتبطة بجائحة «كورونا» في الصين، لأثار أكبر، وذلك من خلال السماح لمنافسيها الصناعيين، برفع الأسعار.
وفي حقيقة الأمر، ربما تكون الصادرات الصينية، ضحية للمشاكل الاقتصادية الأميركية، أكثر من أن تكون هي السبب في هذه المشاكل. ويسهم بطء نمو الاقتصاد الأميركي، في ضعف الطلب على السلع الصينية، علاوة على الاضطرابات التي تتعرض لها سلاسل التوريد داخل الصين نفسها. وكشفت مسوحات مديري المشتريات، عن تراجع الطلب على الصادرات الصينية، بصفة شهرية خلال هذه السنة. كما أظهرت الإحصائيات الصينية، انخفاض صادرات أجهزة الحاسوب والأجهزة المنزلية في شهر أبريل الماضي، والتي صادفت طلباً عالياً عندما كانت تقوم الدول الغربية، بتطبيق إجراءات الإغلاق.