الإثنين 25 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خبراء: رفع سعر الفائدة خطوة ضرورية

خبراء: رفع سعر الفائدة خطوة ضرورية
22 مايو 2022 01:50

حسام عبدالنبي (دبي)

أثار تتبع المصارف المركزية الخليجية والعربية، لقرارات الفيدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة حالة من التساؤلات لدى أفراد المجتمع عن تأثير ذلك القرار، خاصة في ظل التوقعات بأن يواصل الفيدرالي الأميركي رفع الفائدة مرات عدة خلال العام الحالي.
وقرر مصرف الإمارات المركزي، رفع «سعر الأساس» على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة بـ 50 نقطة أساس، اعتباراً من يوم الخميس 5 مايو الماضي، وذلك إثر إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي رفع سعر الفائدة على أرصدة الاحتياطي بـ 50 نقطة أساس في اجتماعه الذي عُقد قبل ذلك التاريخ مباشرة.
وتمثلت التساؤلات في: لماذا تتتبع البنوك المركزية الخليجية قرارات الفيدرالي الأميركي في رفع نسبة الفائدة، وماذا يدفعها إلى ذلك؟ وهل اتخذت الإمارات تلك الخطوة للسيطرة على معدل التضخم كما أعلنت بعض الدول ذلك؟ وهل سيستمر رفع الفائدة في الإمارات تتبعاً للفائدة الأميركية في كل مرة يقرر فيها الفيدرالي الأميركي ذلك؟
وكان السؤال الأبرز لدى المستهلكين هو تأثير رفع الفائدة على تكلفة الاقتراض من البنوك الإماراتية؟ وهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى توقف عملاء البنوك عن الاقتراض أو يجعلهم يقترضون بشكل أقل؟ وأيضاً هل تستفيد البنوك من تحريك سعر الفائدة وتزداد ربحيتها؟ إلى جانب تأثر إصدارات الصكوك والسندات السيادية للدولة برفع الفائدة الأميركية؟ وهل يمكن أن تتأثر الإمارات بتوجه بعض الأموال الساخنة إلى الولايات المتحدة الأميركية انجذاباً إلى سعر الفائدة المرتفع هناك؟ وأخيراً ماهو المطلوب من المستثمر للتعامل مع تداعيات رفع الفائدة الأميركية؟ وتساؤلات عدة تجيب عنها «الاتحاد» عبر آراء الخبراء والمختصين الذين أجمعوا على محدودية تأثير رفع سعر الفائدة وقدرة الاقتصاد الإماراتي على التعامل مع كافة المتغيرات الدولية. 

  • أسامة العشري
    أسامة العشري

عقود النفط
وتفصيلاً، يرى أسامة العشري، عضو جمعية المحللين الفنيين المملكة المتحدة، أن تتبع مصرف الإمارات المركزي، خطوات الفيدرالي الأميركي برفع الفائدة يأتي نتيجة ارتباط الدرهم الإماراتي بالدولار الأميركي في تسوية العقود الآجلة للنفط، مما يستدعي التماشي مع نفس قرارات الفيدرالي، سواء في رفع أو خفض الفائدة تفادياً لوجود فروقات في العملة، موضحاً أن التحاق المركزي الإماراتي بالفيدرالي الأميركي لا يرتبط بمعدل التضخم بدولة الإمارات نهائياً، ولكن يهدف إلى الحفاظ على قيمة العقود الآجلة للنفط، لذا فمن المتوقع أن يستمر التحاق المركزي الإماراتي مع قارات الفيدرالي الأميركي فيما يخص زيادة أو تخفيض معدلات الفوائد لوقت طويل وبنفس النسبة المحددة للزيادة أو التخفيض من جانب الفيدرالي الأميركي.

تكلفة الاقتراض
وقال العشري، إن رفع أسعار الفائدة في دولة الإمارات كرد فعل لقرار الفيدرالي الأميركي بزيادة أسعار الفائدة من شأنه أن يزيد من كلفة الاقتراض، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على الأغلب على ربحية البنوك على المدى القصير والمتوسط مما قد ينعكس إيجاباً على ربحية البنوك خلال العام الحالي، لافتاً إلى أن الاستمرار في زيادة معدلات الفوائد على المدى الطويل سوف يقلص غالباً من النشاط الائتماني لدى البنوك، ما قد يترك أثراً سلبياً على البنوك قد يطول أمده.
وأضاف أنه مع ملاحظة أن التمويل العقاري يعتبر أكثر أنواع التمويل تأثراً بقرار رفع الفائدة، حيث تحدد البنوك سعر التمويل العقاري بناءً على سعر (الإيبور)، ويتحرك معه صعوداً وهبوطاً، فإنه من المتوقع أن تتواصل الارتفاعات حتى نهاية العام، ما ينعكس على سعر التمويلات المختلفة، مشيراً إلى أنه بالنسبة للبنوك المحلية الإسلامية التي اعتادت على تحديد نسبة الفائدة على التمويلات بشكل ربعي (كل ثلاثة أشهر)، فلن يتم تعديل الأسعار الحالية للفائدة إلا مع بداية الربع الثالث، ولكن البنوك التجارية تقوم بالرفع الفوري لمعدلات الفائدة.

أموال ساخنة
ورداً على المخاوف بتأثر بعض الدول العربية بخروج الأموال الساخنة وتوجهها إلى الولايات المتحدة الأميركية للاستفادة من ارتفاع سعر الفائدة، أجاب العشري، بأن أغلب الدول العربية ستتعرض غالباً لمخاطر خروج الأموال الساخنة ويقصد بها (الأموال التي تضارب في الأسواق العربية أو الأسواق الناشئة، ودائماً ما تهرب من دولة إلى أخرى بحثاً عن معدلات الفائدة الأعلى).
وأكد أنه لا يوجد تأثير قوي لخروج الأموال الساخنة من دولة الإمارات على الأخص، إذ أن الأموال الساخنة تعتبر استثمارات لا يعول عليها في النمو الاقتصادي، فهي تعطي مؤشرات وهمية عن النمو الاقتصادي في البلد الذي تكون فيه، لأن هذا النوع من الأموال سريع الخروج من اقتصاد البلد، ما يؤدى إلى عدم الاستقرار في السوق، منبهاً أن خروج الأموال الساخنة غالباً ما يكون أكثر تأثيراً على البلدان ذات العملات الضعيفة، والمثقلة بزيادة تكلفة الاقتراض وخدمة الديون، خاصة الدول التي لديها حجم دين خارجي كبير، مما يعرض عملات هذه الدول لمزيد من الضغوط، وبالتأكيد فإن الإمارات ليست من ضمن هذه الدول.

إصدارات الصكوك
وفيما يخص تأثير ارتفاع سعر الفائدة الأميركية على إصدارات الصكوك والسندات الإماراتية، أفاد العشري، بأن استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) في رفع أسعار الفائدة، سيؤدي إلى ارتفاع في تكلفة إصدار الصكوك، ولكن يجب الانتباه إلى أن استمرار ارتفاع أسعار النفط المتوقع خلال النصف الثاني من العام الحالي قد يدعم موجات جديدة من إصدارات الصكوك على المدى المتوسط.
ولفت إلى أنه مع إجبار «بازل 3» البنوك الإسلامية على إصدار صكوك لتحسين قاعدتها الرأسمالية، يمكن أن نتوقع استمرار هذا الاتجاه، منوهاً بأنه بالنسبة لارتفاع أسعار النفط، فهو المحرك الرئيسي وراء ضرورة سعي دول مجلس التعاون الخليجي عموماً إلى التوسع في إصدارات جديدة على المدى المتوسط.

  • طارق قاقيش
    طارق قاقيش

تأثيرات متباينة
 من جهته، ذكر طارق قاقيش، الرئيس التنفيذي لشركة «سولت فند للاستشارات المالية» إنه بشكل عام يمكن القول إن التغيرات الحادثة في سعر الفائدة يمكن أن يكون لها آثار إيجابية وسلبية على الأسواق، حيث إن ارتفاع أسعار الفائدة يعني أن المستهلكين ليس لديهم الكثير من الدخل المتاح ويجب عليهم خفض الإنفاق، وتالياً يعني ذلك التحكم في التضخم، لكن في المقابل ربما يحد من النمو الاقتصادي.
وقال: إن المستثمر يجب أن يدرك أهمية عملية تغيير وتنويع محفظته الاستثمارية من حيث الأصول، حيث إن القطاعات التي ستتأثر سلباً تشمل قطاع العقار وسوق السندات، مشدداً على أهمية التخارج من الاستثمارات في الشركات التي لديها نسبة مديونية مرتفعة نتيجة زيادة تكلفة الدين بشكل متسارع، مما سيخفض عوائدها أو سيعرضها إلى تحديات مالية في المستقبل.
وأوضح قاقيش، أن القطاع المصرفي في الإمارات سيتأثر إيجاباً نتيجة زيادة نسب الربحية في ظل ارتفاعات سعر الفائدة المصرفية. وتوقع أن تستمر السياسة النقدية في الدول المرتبطة بالدولار بالتفاعل المباشر مع سياسة الاتحاد الفيدرالي الأميركي، ولن يكون هناك تغيير لصعوبة تطبيق سياسة منفصلة نتيجة عامل الارتباط الكامل بالدولار، منوهاً بأن اقتصادات الأسواق الناشئة بشكل عام أصبحت في وضع أقوى الآن مقارنة بما كانت عليه من قبل، نتيجة تعرض العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة للتمويل الخارجي المرتفع، حيث كان عجز الحساب الجاري يحدد المسار الاقتصادي، لكن الصورة مختلفة الآن لارتفاع احتياطي النقد الأجنبي.

  • آرون ليزلي جون
    آرون ليزلي جون

زيادة ربحية البنوك
 بدوره، توقع آرون ليزلي جون، المحلل بشركة «سينشري فاينانشال» أن يعود قرار دولة الإمارات برفع أسعار الفائدة بالتزامن مع قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، بالفائدة على البنوك المحلية، حيث إنه في بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، يزداد صافي هوامش الفائدة للبنوك، ما يحسن من بنودها الأساسية، كاشفاً أن الإيرادات الإجمالية لخمسة عشر بنكاً أعلنت نتائجها نمت إلى 30.75 مليار درهم من 30.47 مليار درهم، ومع ذلك، قفز إجمالي أرباح البنوك المذكورة أعلاه بنسبة 62% إلى 13.41 مليار درهم من 8.29 مليار درهم، وكان الارتفاع في الأرباح ملموساً وأسهم في تحقيقه زيادة في صافي هامش الفائدة وخفض التكاليف.
وأوضح جون، أن رفع الفيدرالي الأميركي، ومن ثم المركزي الإماراتي سعر الفائدة سوف ينعكس على جميع القروض والرهون العقارية، ولكن يجب الانتباه إلى أن رفع نصف نقطة أساس قد لا يؤدي إلى ردع المستهلكين عن الاقتراض أو دفعهم للاقتراض بشكل أقل، لأن ذلك لن يكون له سوى تأثير هامشي على مدفوعات الفائدة الخاصة بهم، مما يعزز صافي هوامش الفائدة، منوهاً بأنه بالإضافة إلى ذلك، عززت البنوك الإماراتية إنفاقها على التكنولوجيا، ما ساعد على خفض تكاليف التوظيف والتي يمكن أن تزيد من صافي الأرباح.
وذكر جون، أنه من المتوقع على نطاق واسع أن يرفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 175 نقطة أساس إلى 2.75 % في نهاية العام الحالي، وفي ظل هذا السيناريو، من المرجح أن يكون أداء الصكوك وغيرها من سندات الدين ضعيفاً، مؤكداً أنه رغم ذلك، من المتوقع أن تظل سندات الدين السيادية الإماراتية مستقرة مع تعزيز تصنيفها الائتماني بسبب ارتفاع أسعار الطاقة التي عززت خزائن الحكومة وإيراداتها.

أمر مستبعد
وخلال حديثة لـ «الاتحاد» استبعد جون، أن تتأثر الإمارات بتوجه بعض السيولة أو الأموال الساخنة إلى الولايات المتحدة الأميركية للاستفادة من ارتفاع سعر الفائدة لمستويات غير مسبوقة، وذلك لأن الدرهم الإماراتي مرتبط بالدولار الأميركي، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى سيناريو زيادة فرق أسعار الفائدة في الولايات المتحدة عن أجزاء أخرى من العالم، وتجدر الإشارة إلى أن أوروبا ترددت في رفع أسعار الفائدة، في حين حافظت اليابان على سياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية. لذلك يمكن أن يكون هناك تدفق للأموال نحو الولايات المتحدة. 
واختتم جون، بالتأكيد على أنه من المتوقع أن تتابع دولة الإمارات عن كثب السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لذا فإن جميع عمليات رفع أسعار الفائدة التي يقوم بها الاحتياطي الفيدرالي سيقوم بها مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي أيضاً. 

مستويات ما قبل الجائحة
أكد تقرير لوكالة «إس آند بي جلوبال» للتصنيفات الائتمانية، أن أسعار الفائدة المرتفعة ستدعم ربحية البنوك الإماراتية، حيث سيرتفع صافي الدخل 15% والعائد على الأصول سيزيد 1.4% لكل 100 نقطة أساس زيادة في أسعار الفائدة، وفقاً لحسابات الوكالة وبناءً على إفصاحات أكبر 10 بنوك، متوقعة عودة ربحية البنوك إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول عام 2023.
ولفت التقرير إلى أنه من المرجح أن تؤدي الزيادة في أسعار الفائدة إلى زيادة هامشية فقط في تكلفة المخاطر، محدداً عدداً من القطاعات التي قد تستغرق وقتاً أطول للتعافي وهي العقارات والبناء والضيافة، والقطاعات ذات الصلة بالمستهلكين، وكذلك قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، إضافة إلى أن الضعف المستمر في السياحة والضيافة سيستغرق وقتاً أطول للتعافي.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©