مرة أخرى وبتميز متكرر، حققت دولة الإمارات العربية المتحدة في العام الماضي 2021 نمواً ملحوظاً في ناتجها المحلي الإجمالي، تجاوز التوقعات الدولية، في ظروف استثنائية، نتيجة الجائحة الكوفيدية التي قوضت الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
ويأتي ارتفاع المؤشر نتيجة زيادة نشاط بيئة الأعمال والإنتاج، وزيادة مستوى الاستثمار، وارتفاع معدل دوران رأس المال، وسيطرة القطاعات غير النفطية على المكونات والأوزان من الناتج المحلي الإجمالي، كدلالة على المستوى المرتفع للإيجابية الاقتصادية نتيجة تفاعل العوامل المؤثرة في نظام السوق وتشريعاته وقوانينه وحوافزه التي تعمل ككل، مشكلة محركات دافعة عززت نمو الاقتصاد الوطني.
من المعروف أن مؤشر الناتج المحلي الإجمالي في طليعة مفاهيم الاقتصاد الكلي، كمؤشر يقيس القيمة الإجمالية للإنتاج الإجمالي في فترة زمنية معينة، ويعتبر جزءًا أكثر شمولاً من الحسابات القومية، ويتضمن مجموعة متكاملة من الإحصائيات التي تسمح لواضعي السياسات بمعايرة الأنشطة الاقتصادية وكفاءتها ومعرفة ما إذا كان الاقتصاد آخذ في التوسع أو الانكماش.
لتوثيق المشهد، وضع الوباء العالم رهن الإقامة الجبرية لحياته الاجتماعية والاقتصادية. لقد تسبب في ضغوط اقتصادية عالمية نتيجة لارتفاع التكاليف الصحية وشل الحياة الإنتاجية. وبما أن الدولة جزء منها وتعاملت معها بكفاءة حتى وقتنا هذا، فهي تبرز كشاهد آخر على نجاحها وقدرتها على تحقيق النمو في ظل موجتها وإثبات قدرتها وتأكيد مشهدها على الساحة الاقتصادية العالمية.
كشاهد تاريخي، تركت الأزمة المالية العالمية الأخيرة ندبة كبيرة على الاقتصاد العالمي، واستمرت تداعياتها حتى دخل الوباء إليه متفاقمًا. وبالفعل استطاع الاقتصاد الوطني تحقيق نمو مطرد في العقد التالي نتيجة التحولات الاستراتيجية التي تبنتها القيادة الرشيدة للانتقال إلى عالم أكثر ذكاءً واستدامة.
كما ذكرنا سابقاً في عدد من المقالات، فإن قدرة الدولة على تحقيق أسطورة النمو في مختلف القطاعات الاقتصادية والنهضة العمرانية مقارنة بتأسيس وبناء الدول، لم تكن سهلة وفي بيئة تتسم بالعديد من الاضطرابات العربية والإقليمية والعالمية، والظروف الجيوسياسية والاقتصادية المتوترة التي تعيق أي تقدم إذا لم يكن لديك نفس الإرادة للاستمرار.
وبالتالي، فإن هذه المحطات المتتالية تؤثر بلا شك على أي مسار للتنمية. إن تطورها ونهجها المستمر في احتلال محطات المستقبل لم يعرقل القراءة التحليلية للظروف المحيطة وأفضل السبل لمواجهتها وتجاوزها نحو أهدافها الاستراتيجية الوطنية. تعد الدولة جزء من الاقتصاد العالمي الذي يتميز بالعديد من التحديات التي أعاقت العديد من دول العالم في مسار تنميتها، لكن قدراتها ودوافعها على التنمية الذاتية تبلورت في مختلف أقسامها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.