حسونة الطيب (أبوظبي)
أقل المعادن تفاعلاً وتوفراً في قشرة الأرض، وأكثرها مقاومة لعوامل التآكل، لكنه من بين أكثرها قيمة. ويعود تاريخ اكتشاف البلاتين للعام 1200 قبل الميلاد مُستخدماً مع الذهب في تزيين توابيت قدماء المصريين، رغم أنه من المرجح عدم اكتشافهم لوجود البلاتين في الذهب. أشتُق اسمه من الكلمة الإسبانية بلاتينا، وهي جزيء من البلاتا أي الفضة.
يشمل مجموعة واسعة من الاستخدامات، بما في ذلك المجوهرات، والمحولات الحفازة، والوصلات الكهربائية، وأجهزة ضبط نبضات القلب، والأدوية والمغناطيس. تكمن ندرته في وجود 5 أجزاء فقط في المليار من حيث الوزن بالقشرة الأرضية. أصبح البلاتين باهظاً في الثمن للغاية، ما يجعل استخدامه لحد ما، حكراً على فئات اجتماعية معينة. البلاتين معدن فضي أبيض، كان يُعرف في السابق باسم الذهب الأبيض، وهو مقاوم بشدة للتشويه والتآكل، ليكتسب اسم المعدن النبيل. وهو شديد النعومة والمرونة، حيث يسهل تشكيله، سحبه وطرقه، ما يجعل من السهولة مده في الأسلاك، كما أنه غير متفاعل، مما يعني أنه لا يتأكسد ولا يتأثر بالأحماض الشائعة. البلاتين أحد المعادن الانتقالية، وهي المجموعة التي تشمل، الذهب، والفضة، والنحاس، والتيتانيوم.
في العصور القديمة، استخدم الناس في مصر والأميركيتين، البلاتين في صناعة المجوهرات والقطع المزخرفة، وغالباً ما كانت مختلطة مع الذهب. وأول من اكتشف البلاتين، الطبيب الإيطالي يوليوس سكاليجر في عام 1557، عندما عُثر عليه في أمريكا الوسطى.
وبالرجوع إلى القرن الثامن عشر، كان البلاتين هو المعدن الثامن المعروف آنذاك، وكان معروفاً باسم الذهب الأبيض. وفي عام 1741، نشر العالم البريطاني تشارلز وود، دراسة وصفت البلاتين بأنه معدن جديد.
كان إنتاج البلاتين المُنقى في أوائل القرن التاسع عشر، يتم من خلال إذابة الخام في خليط من النيتريك وأحماض الهيدروكلوريك، المعروفة باسم الماء الملكي، التقنية التي لا تزال مستخدمة في الوقت الحالي، مع إضافة إذابة المحلول في درجات حرارة عالية، لفصل مادة البلاتين عن المنتجات الثانوية الأخرى.
تُسمى مجموعة، البلاتين والايريديوم والأوزميوم والبلاديوم والروثينيوم والروديوم، معادن البلاتين، وتشترك في خصائص متشابهة، وغالباً ما تُستخدم هذه المعادن معاً، لتصنيع أجزاء متينة للغاية لمجموعة متنوعة من الآلات والأدوات والمجوهرات. كما يُستخدم البلاتين، في العديد من الأدوية المضادة للسرطان بسبب مستويات تفاعله المنخفضة للغاية، حيث يتعاطى نحو 50% من مرضى السرطان حالياً، أدوية تحتوي على البلاتين.
كما يُستخدم البلاتين، في أجهزة تنظيم ضربات القلب، تيجان الأسنان، وغيرها من المعدات المستخدمة في الجسم البشري، بسبب مقاومته للتآكل من سوائل الجسم وعدم تفاعله مع وظائف الجسم. وتستخدم شركات الساعات الفاخرة مثل، رولكس وفيليب باتيك وبوشرون، البلاتين في صناعة منتجاتها، ما له من خصائص مميزة.
يُستخدم ما يقارب 50% من البلاتين المُستخرج، في المحولات الحفزية، وهي جزء من السيارة، يقوم باختزال الغازات السامة إلى انبعاثات أقل سمية، حيث يتميز البلاتين بتحمل درجات الحرارة العالية المطلوبة لتفاعلات الأكسدة التي تقلل من الانبعاثات. والجدير بالذكر، أن ما يقارب 30% من البلاتين المستخرج، يتم استخدامه في صناعة المجوهرات.
تعتبر جنوب إفريقيا، أكبر الدول المنتجة للبلاتين في العالم حيث تستحوذ على 80% من الإنتاج العالمي الكلي. كما يُستخرج ما يقارب 10% من روسيا، وتأتي النسبة المتبقية من أمريكا الشمالية والجنوبية ودول أخرى حول العالم. ويساوي الإنتاج السنوي من الذهب، الذي ناهز 161 طنا متريا في 2020، نحو 14 ضعفاً من البلاتين، أي نحو 1.8 ألف طن للذهب، مقابل 130 طنا من البلاتين.
يرتفع سعر البلاتين، لنحو ضعف سعر الذهب، عندما ينعم الاقتصاد بالاستقرار والنمو، بيد أنه يعود للانخفاض في حالات التردي الاقتصادي. وتتسم أسعار الذهب، باستقرار أكثر مقارنة مع البلاتين.
استحوذت المملكة المتحدة، على القدر الأكبر من صادرات البلاتين في 2020، محققة 11.6 مليار دولار، تلتها جنوب أفريقيا عند 10.7 مليار دولار، ثم أميركا 9.8 مليار دولار.
وبلغت قيمة سوق البلاتين العالمية، نحو 6.51 مليار دولار في 2019، مع توقعات بنمو قدره 5% في الفترة بين 2020 إلى 2027. وتُعد الصين، أكبر مستهلك للبلاتين في العالم، بما قارب 56.6 طن متري في 2020، تليها أوروبا بنحو 50.5 طن متري.