عدد اليوم
يوسف البستنجي (أبوظبي)
عادت أسعار الفائدة على التعاملات بين البنوك بالدرهم (الايبور) للارتفاع منذ مطلع العام الجاري، في ما يعتبر مؤشراً على تعافي الاقتصاد الوطني ودخوله مرحلة نمو جديدة، مدفوعة بارتفاع الطلب على السلع والخدمات، وبوادر ارتفاع الأسعار نتيجة انتعاش الاستثمار في السوق المحلية.
ويعتبر ارتفاع أسعار الفائدة الأساس بين البنوك، مؤشراً على تجاوز الاقتصاد الوطني لمرحة الوباء، وتأكيداً لقدرته على تجاوز معظم الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها في مواجهة وباء كوفيد- 19 خلال الأعوام الثلاثة الماضية، على طريق العودة للحياة الطبيعية والنشاط الاقتصادي الاعتيادي.
ومع أن الفائدة على الدرهم الإماراتي مرتبطة بسعر الفائدة على الدولار الأميركي بسبب الربط بين العملتين، إلا أن السوق المحلية شهدت ارتفاعاً لسعر «الايبور» منذ مطلع العام الحالي بنسب عالية، وذلك بدعم مؤشرات النمو الاقتصادي من جهة، وبالاستناد إلى توقعات مؤكدة بأن سعر الفائدة على الدولار الأميركي تتجه للارتفاع على ثلاث مراحل اعتباراً من الربع الأول من 2022 من جهة أخرى.
25 نقطة
ورفع مصرف الإمارات المركزي سعر الأساس 25 نقطة أساس اعتبارا من أمس 17 مارس 2022، وذلك تبعاً لقرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي رفع سعر الفائدة 25 نقطة أساس اعتباراً من مساء أول أمس 16 مارس 2022.
وتظهر البيانات الصادرة عن مصرف الإمارات المركزي أن سعر الفائدة في التعاملات بين البنوك بالدرهم في السوق الإماراتية سجل ارتفاعاً مهماً منذ بداية العام الجاري، تراوحت نسبته بين 64% إلى 162% حسب الأجل لكل سعر من الآجال الستة التي يجري التسعير وفقاً لها.
وتعتمد غالبية البنوك في الدولة سعر «الايبور» كأساس لتسعير الفائدة لعملائها في عمليات التمويل والإقراض في السوق المحلية لقطاعات الأعمال والأفراد عامة، ما يشير إلى أن تكلفة التمويل تتجه للارتفاع، كما تقوم البنوك بإعادة تعديل أسعار الفائدة على القروض القائمة لصالح رفع سعر الفائدة، ما يؤدي إلى زيادة الاقتطاعات من رواتب المقترضين الأفراد نتيجة ارتفاع قيمة الأقساط الشهرية، وينطبق الأمر على قروض الشركات أيضاً، ولكن هذه المعادلة تنطبق على القروض الممنوحة بنظام الفائدة المتغيرة في النظام المصرفي التقليدي وبنظام قروض الإيجارية في النظام المصرفي الإسلامي، فيما لا تتأثر القروض الممنوحة بنظام سعر الفائدة الثابتة أو بنظام المرابحة.
قروض وتسهيلات
وبلغت قيمة محفظة القروض والتسهيلات الإجمالية للقطاع المصرفي بالدولة نحو 1.788 تريليون درهم بنهاية نوفمبر 2021، منها 780 مليار درهم تقريباً قروضاً وتسهيلات للشركات في القطاع الصناعي والتجاري الخاص، وما يقارب 347 مليار درهم قروضاً للأفراد في نفس التاريخ.
ويتوقع أن ينعكس هذا التطور في أسعار الفائدة ارتفاعاً كبيراً في الربحية ونمو نسبة الأرباح الصافية للبنوك العاملة بالدولة، وهو الأمر الذي يبرر صعود أسعار أسهمها في أسواق المال المحلية، وتركز التداولات عليها، خلال الشهرين الأخيرين.
أرباح البنوك
وقال محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في شركة الظبي كابيتال لـ «الاتحاد»: إن ارتفاع أسعار الفائدة سينعكس إيجاباً على أرباح البنوك، كونه سيساعد في رفع هامش الفائدة الصافية، والتي تمثل هامش ربح البنوك من صافي القروض للودائع، وسينعكس ذلك على أرباحها التشغيلية بشكل مباشر.
وأضاف: أن التوقعات ترجح رفع سعر الفائدة بقيمة 150 نقطة أساس خلال العام الحالي، (125 نقطة أساس إضافية) ما سيرفع توقعات المحللين لأرباح البنوك، مؤكداً أن هذه التوقعات تحظى بإجماع المراقبين تقريباً.
ورجح ياسين أن تبدأ النتائج والآثار لذلك بالظهور في النصف الثاني من العام الجاري، وبالتالي فإن الآثار الفعلية لارتفاع الأرباح التشغيلية للبنوك العاملة بالدولة، ستظهر مع نهاية العام، وليس بالضرورة في الربع القادم.
مزيد من الارتفاع
وتفصيلاً، ارتفع سعر الفائدة لأجل ليلة واحدة بقيمة 15 نقطة أساس، بنسبة 117% منذ نهاية ديسمبر 2021 حتى يوم أمس، إذ بلغ السعر 0.278 نقطة، مقارنة مع 0.128 نقطة بنهاية العام الماضي.
كما ارتفع السعر لأجل أسبوع واحد بقيمة 14 نقطة أساس، بنسبة 82% ليبلغ 0.312 نقطة أمس، مقارنة مع 0.171 نقطة بنهاية 2021، وكذلك الأمر بالنسبة لسعر الفائدة لأجل شهر واحد الذي ارتفع 26.7 نقطة أساس تعادل 120% لتبلغ 0.49 نقطة أمس، مقارنة مع 0.223 نقطة بنهاية العام الماضي. وارتفع السعر لأجل 3 أشهر بقيمة 59 نقطة أساس بنسبة 162% ليبلغ 0.95 نقطة مقارنة مع 0.364 نقطة خلال نفس فترة المقارنة.
وارتفع أيضاً سعر الايبور لأجل 6 أشهر بقيمة 45 نقطة أساس ليبلغ 1.151 نقطة مقارنة مع 0.7 نقطة نهاية العام الماضي، كما قفز السعر بقيمة 106 نقاط أساس لأجل سنة ليبلغ 1.8 نقطة أمس، مقارنة مع 0.74 نقطة تقريباً نهاية العام الماضي.
ويعتبر ارتفاع السعر بهذه القيمة الكبيرة لأجل سنة، مؤشراً على أن أسعار الفائدة تتجه نحو مزيد من الارتفاع خلال الأشهر القادمة، إذ تقوم البنوك عادة برفع السعر للآجال الطويلة احترازياً، في ظل توقعات باتجاه الأسعار نحو الارتفاع.
