السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

د. يحيى الشحي يكتب: أحجار الدومينو

د. يحيى الشحي يكتب: أحجار الدومينو
16 مارس 2022 01:54

إن الآفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي تتأرجح أكثر تعقيداً، وقد تندفع آفاقه مثل الدومينو التي تقع تحت وطأة الرهانات الغامضة، تدفعها تداعيات المرحلة الحالية، وهو المحاصر بين مطرقة العقوبات الاقتصادية وسندان مخاطر الركود التضخمي، الأمر الذي يؤدي إلى ركود اقتصادي عميق وطويل الأمد، يهدد العديد من اقتصادات العالم، بما في ذلك اقتصاداتنا.
ونتيجة لذلك، فإن آثار العقوبات الاقتصادية التي جاءت نتيجة العمليات العسكرية في أوكرانيا تنتشر الآن من خلال ظهور مؤشرات أزمات الغذاء والطاقة والسلع الأخرى ذات الروابط والأبعاد الصناعية الاستراتيجية. ومن هنا فإن منطقتنا ليست بمعزل عن هذه الضغوط، مثل نقص المواد وتقلبات الأسعار وغلاء المعيشة وتقلبات أسواقها والمساومة على سلعها وعلاقاتها السياسية والاقتصادية. وليس هذا فقط، ومحاولة جرها اقتصادياً لتفضيل طرف على آخر، وحجم الضغوط وتحديات المشهد.
لذلك، فإن التنبؤات بظلام الاقتصاد العالمي معلقة في سياق دوافع أطراف الصراع، تاركة وراءها مشهد ما يسمى بنظرية الدومينو (أي تدحرج أو سقوط أحجار الدومينو بتسارع، أي بسقوط أحدها) من خلال سلسلة أحداث ذات تأثيرات متعددة، سواء باستخدام البنية التحتية لمفاصل الاقتصاد العالمي أو عناصر أساسيات الصناعات المتقدمة، التي تغزو حياتنا كلها كوسيلة للضغط والمواجهة أو تدهور اقتصاديات تجر بعضها البعض. وهذا يعزز فكرة أن البناء يمكن أن يهدم تحت تحذيرات الروح البشرية والدوافع المتعددة التي تشبع حاجته للوصول إلى عالم قوته وسلطته.
وبالتالي، كإسقاط اقتصادي لهذه النظرية، هناك مخاوف حقيقية متزايدة من الإضرار بالبنية التحتية والعمود الفقري للإنترنت، والتي تمتد عبر تخوم قارات العالم، والتي تربط جميع الأنشطة البشرية، الحكومية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، والعديد من الأنظمة والخدمات الأخرى، التي تهدد النظام الحيوي العالمي ككل. ليس ذلك فحسب، بل إن الرهانات الغامضة تتخذ أبعاداً أكثر تعقيداً، خاصة على صناعة الرقائق الإلكترونية المتقدمة وأشباه الموصلات، من خلال إضعاف أو قطع إمداد عنصر حيوي في صناعاتها مثل غاز النيون النقي، الأمر الذي يهدد صناعة التكنولوجيا المهمة في العالم.
لذلك، وكإسقاط لواقعنا، فإن منطقتنا، إذا لم تستثمر وتتحد، وتستفيد من مواردها الطبيعية وسياقاتها الاجتماعية، وتحافظ على بيئتها المشتركة وتحميها، فسنكون مثل أحجار الدومينو نتأرجح من تداعيات وتغيرات المشهد العالمي واحداً تلو الآخر، وسنكون جميعاً تحت تداعيات آثارها. وهكذا نستشهد بحكمة وبصيرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي - حفظه الله ورعاه - عندما قال: إننا إذا لم نتحد ونتعاون في هذا العالم الذي يشهد تغيرات، فمتى سنكون ميزاناً صعباً؟!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©