حسام عبدالنبي (دبي)
أكد خوسيه فيناليز، رئيس مجلس الإدارة والرئيس العالمي لمجموعة بنك ستاندرد تشارترد، أن الإمارات تقدم قيمة فريدة من نوعها للمستثمرين والشركات، تم تصميمها ضمن خطة استراتيجية وضعت بعناية من قبل الحكومة، مشدداً في أول حوار يجريه مع صحيفة إماراتية بعد جائحة( كوفيد- 19)، على أن الإمارات توفر بيئة أعمال مواتية مع مرافق حيوية وبنية تحتية متميزة، بالإضافة إلى الخبرة المهنية والخدمات الشخصية التي تمنح الدولة ميزة فريدة مقارنة بغيرها من الدول حول العالم.
وقال فيناليز، إنه علاوة على ذلك، فإن النظام البيئي الصناعي والخدماتي لدولة الإمارات يساعد على النمو، حيث يمكن للصناعيين ومزودي الخدمات الوصول بسهولة إلى الدعم المالي والاستشاري والتقني لإنشاء أعمالهم وتطويرها في ظل دولة تتمتع بتصنيف ائتماني قوي.
ودلل فيناليز، على صحة حديثه بالإشارة إلى أن الإمارات تحتل مرتبة عالية في المؤشرات العالمية التي تقيس الأداء الاقتصادي وسهولة ممارسة الأعمال التجارية، كما أنها تتصدر المؤشرات الإقليمية والعالمية في مجال الخدمات اللوجستية والنقل والاتصالات، لافتاً إلى أن الإطار التشريعي في دولة الإمارات يعتبر الأكثر تقدماً في المنطقة، فضلاً عن الموقع الاستراتيجي الذي يجعل الإمارات رابطاً عالمياً، فمن الإمارات يمكن الوصول إلى أسواق عالمية رئيسية تضم أكثر من خمسة مليارات شخص من خلال رحلات لا تتجاوز ثماني ساعات.
تدفق الاستثمارات
وذكر فيناليز، أنه منذ الإعلان عن استضافة الإمارات معرض «إكسبو 2020 دبي»، استقبلت الدولة استثمارات ضخمة في العديد من القطاعات الاقتصادية، وكان قطاعا العقارات والسياحة من أكبر المتلقين للاستثمارات الأجنبية والمحلية التي اجتذبها معرض إكسبو 2020.
وتابع: «كما أدى تطوير موقع معرض إكسبو 2020 إلى تدفق هائل للأموال إلى قطاع العقارات، ومع ذلك، لم تقتصر الطفرة على موقع الحدث، بل امتدت إلى المناطق المحيطة، والتي تستضيف عدداً كبيراً من زوار المعرض، متوقعاً أن تتدفق استثمارات إضافية إلى الإمارات بعد انتهاء معرض إكسبو 2020، من اتفاقيات الشراكة والصفقات الأخرى الموقعة خلال الحدث، ومعرباً في الوقت ذاته عن تفاؤله بشأن آفاق الانتعاش على المدى القصير والمتوسط في دولة الإمارات، إذ أنه في المدى القصير، يتوقع أن يضيف الطلب الإضافي المدفوع بإكسبو 2020 قوة دفع رئيسية لتعافي النمو غير النفطي المدفوع بالآثار الأساسية للمعرض.
مركز أعمال عالمي
وحسب رئيس مجلس الإدارة لمجموعة بنك ستاندرد تشارترد، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة، تشكل سوقاً استراتيجياً رئيسياً لبنك ستاندرد تشارترد، مؤكداً لـ«الاتحاد» أن الإمارات تأتي ضمن قائمة أكبر خمس أسواق للبنك على المستوى العالمي، حيث يؤمن البنك بقوة بمكانة الدولة كمركز أعمال عالمي، ولذا عمل منذ تواجده في الدولة منذ عام 1958، وعلى مدى أكثر من 63 عاماً على خدمة العملاء في جميع القطاعات الاقتصادية داخل الدولة.
وأشار فيناليز، إلى أن دولة الإمارات تشكل المركز العصبي الأساسي لأعمال «ستاندرد تشارترد» الإقليمية، فهي تستضيف المقر الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والذي يتخذ من مركز دبي المالي العالمي (DIFC) مقراً له يتواجد فيه أكبر قاعة تداول لبنك عالمي في المنطقة، موضحاً أن الإمارات تشكل أيضاً قاعدة لخدمات البنك المالية الإسلامية العالمية، حيث إن «ستاندرد تشارترد» يعد البنك الدولي الوحيد الذي يقدم الخدمات المصرفية الإسلامية في جميع الأعمال المالية، من التجزئة والشركات والخزينة إلى أسواق رأس المال، ومن هنا نرى فرصة كبيرة لنا من التواجد في الدولة والمنطقة على حد سواء.
ونبه فيناليز، إلى أن رؤية دولة الإمارات لأن تكون مركز الأعمال والتجارة في المنطقة لديها تآزر كبير مع رؤية ستاندرد تشارترد، فكلا الطرفين يركز على التجارة ويرعى التنوع والشمول ويحلم بشكل كبير، لذلك يهدف البنك إلى تقديم المزيد من الدعم والمساهمة بشكل فاعل في التنمية الاقتصادية للدولة.
قيادة التجارة العالمية
وفيما يخص توقعات بنك «ستاندرد تشارترد»، بأن تصبح دولة الإمارات لاعباً رئيساً في نمو التجارة العالمية، قال فيناليز، إن دولة الإمارات نجحت في إعادة هندسة اقتصادها على مدى العقدين الماضيين، وكجزء من خططها الطموحة لتنويع الاقتصاد خارج قطاع الهيدروكربونات، تعمل الإمارات بنجاح على ترسيخ مكانتها كبوابة تجارية رئيسية، على كل من المستوى الإقليمي والعالمي.
وذكر أن دولة الإمارات تتمتع اليوم ببنية تحتية متطورة تتكون من 10 مطارات مدنية و105 شركات شحن و12 ميناء بحرياً وتجارياً، قادرة على مناولة أكثر من 17 مليون طن وبسعة شحن تتعدى 80 مليون طن سنوياً، منوهاً إلى أن خبراء البنك يعتقدون أن 13 سوقاً حول العالم ستقود نمو التجارة العالمية بحلول عام 2030، وستكون الإمارات واحدة من هذه الأسواق، كما أنه من المتوقع أن تكون أحد المحركات الرئيسية لهذا النمو التجاري العالمي، حيث من المتوقع أن تنمو صادراتها بمتوسط معدل سنوي يزيد على 6% لتتخطى تريليون درهم إماراتي بحلول عام 2030.
منتجات للاستدامة
ورداً على سؤال لـ«الاتحاد» عن مخططات البنك للتوسع أو طرح منتجات جديدة (مثل المنتجات الخاصة بالاستدامة) في دولة الإمارات، أجاب فيناليز، بأن «ستاندرد تشارترد» هو بنك الاقتصاد الجديد وله توجه استراتيجي يركز على الأفراد والأفكار والتكنولوجيا والتجارة، وهو بنك دولي عالمي لدية انتشار واسع وتواجد قوي في الأسواق الأكثر ديناميكية في العالم، ومن بينها دولة الإمارات، مؤكداً أن البنك يؤمن بأن الأشخاص والشركات التي يتواصل معها في الإمارات وعبر الأسواق العالمية، هم محركات التجارة والابتكار، وهم يشكلون حجر الأساس للانتقال إلى مستقبل عادل ومستدام. وأوضح فيناليز، أن أحد الأسباب الرئيسية لإطلاق البنك أول حساب مستدام في الإمارات، يتمثل في أن هذا الأمر يتماشى مع رؤية الدولة في مواجهة تحديات الطاقة وتغير المناخ، كما يعبر عن دعم البنك للدولة في تحقيق أهدافها للوصول إلى الحياد المناخي في 2050. وذكر أن بنك ستاندرد تشارترد يتمتع بمكانة فريدة لتوجيه رأس المال نحو التمويل المستدام، الأمر الذي أصبح أولوية بالنسبة للحكومات والمستثمرين والشركات والأفراد على حد سواء، لافتاً إلى أن أولويات البنك تتضمن تقديم حلول تمويل مستدامة، حيث قام البنك بحلول نهاية عام 2020 بتوجيه 2.4 مليار دولار أميركي نحو البنية التحتية المستدامة و18.4 مليار دولار نحو مشاريع التكنولوجيا النظيفة، إلى جانب أن تركيز البنك ينصب على الأسواق في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، لكونها الأسواق التي يكون فيها التمويل المستدام أكثر أهمية.
وكشف فيناليز، أنه علاوة على ذلك، يقوم البنك حالياً باستكشاف العديد من المنتجات المخصصة لاحتياجات العملاء المالية والتي تتماشى مع رؤية الدولة طويلة الأمد، فهناك الكثير من الخدمات المالية في طور الإعداد لكل من الأفراد والمؤسسات على حد سواء. وقال إنه بصرف النظر عن المنتجات الجديدة، نحن نحرص باستمرار على الاستفادة من التطورات الرقمية وتعزيز العروض باستمرار، الأمر الذي يسمح لعملاء البنك بتنفيذ شؤونهم المالية رقمياً بما يناسبهم، لافتاً إلى أنه في السنوات القليلة الماضية، قدم «ستاندرد تشارترد» العديد من الحلول للعملاء في دولة الإمارات وما زال يعمل على عدد من الحلول المثيرة والقدرات الرقمية لتعزيز الحلول المالية التي يوفرها لكل من الأفراد والمؤسسات.
الأزمة الأوكرانية الروسية
وعن تداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية على الاقتصاد العالمي بشكل عام واقتصاد دولة الإمارات بشكل خاص، أفاد فيناليز، بأن الأزمة الروسية الأوكرانية أثرت سلباً على فرص انتعاش الاقتصاد العالمي المتأثر أصلاً بتداعيات جائحة كورونا، حيث إنها زادت التوترات الجيوسياسية في ظل اقتصاد عالمي يشهد تفاقماً في معدلات التضخم مرفقة باختناقات سلاسل التوريد. وأضاف أن هذه الأزمة أدت إلى ارتفاع متزايد في أسعار النفط والغاز عالمياً، بالإضافة إلى المعادن الأساسية والموصلات الإلكترونية والأسمدة والقمح، الأمر الذي قد يدفع معدلات التضخم إلى مستويات جديدة. وأشار إلى أنه بالنسبة لدولة الإمارات، فهي تتمتع باقتصاد قوي وديناميكي تطور على مر السنين في ظل الجهود الحكومية المستمرة، محدداً عدة عوامل تساهم في قوة الاقتصاد الإماراتي، منها الموقع الاستراتيجي والإنفاق الحكومي المستمر والسياسة التقدمية للتنويع الاقتصادي والمناطق الحرة، بالإضافة إلى الاحتياطيات المالية القوية وصندوق الثروة السيادي الكبير اللذين سيستفيدان بشكل كبير في ظل الارتفاعات القياسية في أسعار النفط.
تقلبات الأسواق
ويرى فيناليز، أن جائحة «كوفيد -19» أثرت على المستثمرين وعلى خصائص وتقبل الأثرياء للمخاطر، ليس فقط في الإمارات ولكن على مستوى العالم أيضًا، ولهذا أصبح من المتوقع تمامًا أن يشعر المستثمرون بعدم الارتياح، في أوقات ضغوط السوق، ما يهدد قدرة المستثمر الفرد على اتخاذ قرارات موضوعية.
وأعلن أنه لمساعدة عملاء البنك على تخطي هذه التقلبات، يتواصل «ستاندرد تشارترد»، مع عملائه باستمرار للتأكد من أنهم على اطلاع جيد على جميع الأحداث العالمية وبأنهم مواكبون لتوجهات السوق، إضافة إلى الحرص على البقاء على مقربة منهم، خاصة خلال الأوقات المضطربة، لتوضيح الخيارات المختلفة المتاحة لهم للإبحار عبر الأمواج الحادة التي تشهدها الأسواق، مشيراً إلى أن البنك يوفر مجموعة واسعة من الحلول الاستثمارية التي تناسب مستوى المخاطر التي يفضلها العملاء سواء كانوا مستثمرين يتجنبون المخاطر أو يبحثون عنها، كما يعمل مستشارو الثروة ومديرو العلاقات لدى البنك عن كثب مع العملاء من خلال تزويدهم بنصائح أكثر تخصيصًا وفقًا لرغبتهم في المخاطرة وأهدافهم الاستثمارية.
وكشف فيناليز، أن «ستاندرد تشارترد» رصد خلال السنوات القليلة الماضية تغييراً ديموغرافياً في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام ودولة الإمارات على وجه التحديد، حيث تزايدت نسبة المستثمرين من الأجيال الشابة، وجزء كبير منهم من الإناث، يشاركون الآن بشكل مباشر في الاستثمار، مبيناً أنه في ظل هذا التواجد الجديد نسبياً، فإن قاعدة عملاء البنك قد توسعت إلى ما هو أبعد من المستثمر التقليدي، لذا نعمل باستمرار على توسيع الحلول والخدمات ذات الصلة لجذب هذه الفئة الجديدة من العملاء والحفاظ على مشاركتها.
وأوضح فيناليز، أنه في ما يتعلق بالحلول المقدمة لهذه الفئة الجديدة، نجد أن هذه الفئة الجديدة من العملاء تتطلع إلى ما هو أبعد من مجرد توليد الدخل، فهم مهتمون أيضاً بكيفية إحداث تأثير على القضايا والتحديات التي يواجهها العالم، وبالتالي فإننا نركز على تعزيز حلولنا البيئية والاجتماعية والحوكمة، لافتاً إلى أن الطلب على نموذج خدمة أكثر مرونة أصبح أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، ونحن في ستاندرد تشارترد نعتقد بقوة أن نموذجنا الهجين للأفراد والتكنولوجيا يشكل ميزتنا التنافسية.
عاصمة التمويل الإسلامي
أعلن فيناليز، أن بنك ستاندرد تشارترد «صادق»، أطلق بالتعاون مع مؤسسة تطوير الحلال الماليزية (HDC)، برنامج تمويل إسلامي بقيمة 100 مليون دولار أميركي لدعم الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم مع التركيز على الأسواق الحلال الرئيسية للبنك والتي تضم دولة الإمارات.
وقال، إن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، أعلن في عام 2016، عن هدفه في أن تصبح دبي العاصمة العالمية للتمويل الإسلامي، وكمصرف عالمي رائد، نجد بأننا في موقع ريادي لدعم تحقيق هذه الرؤية خاصة مع قدراتنا المالية الإسلامية القوية، مرجعاً ذلك إلى أن ستاندرد تشارترد «صادق»، وهو ذراع الخدمات المالية الإسلامية لدى المجموعة، يعد أكبر شبكة خدمات مالية إسلامية دولية تعمل في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، كما أنه يقدم أحدث الخدمات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لجميع شرائح العملاء التي تضم الأفراد والقطاع الخاص والخدمات المصرفية للشركات.
ولفت فيناليز، إلى أنه بناء على ذلك، أعلن البنك عن تعاونه مع مؤسسة تنمية الحلال الماليزية، لإطلاق برنامج تمويل إسلامي بقيمة 100 مليون دولار خلال معرض إكسبو 2020 دبي، حيث يشكل هذا البرنامج صندوقاً عالمياً مفتوحاً لدعم الأعمال الحلال في الأسواق الرئيسية بما في ذلك الإمارات، مختتماً بالإشارة إلى أنه لا يوجد تخصيص محدد لكل سوق بالنظر إلى طبيعة الصندوق، حيث يمكن لأي عمل تجاري (حلال) التقدم بطلب للاستفادة من الصندوق الذي تم تصميمه لتلبية الاحتياجات الأكثر حيوية لشركات الحلال.