سيد الحجار (أبوظبي)
أكد رواد أعمال وخبراء توافر فرص متميزة لبدء مشاريع صغيرة بالعديد من القطاعات الاقتصادية، مشيرين إلى ضرورة اهتمام الشباب بالابتكار والإبداع لتنفيذ أفكار جديدة، دون التركيز فقط على المشاريع والأفكار التقليدية.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد»: إن هناك فرصاً واعدة لبدء مشاريع جديدة بمجالات عدة، في مقدمتها التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، والزراعة، والتجارة الإلكترونية، والبرمجيات والتطبيقات الذكية، والخدمات، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا المالية.
وأكدوا أهمية المشاريع والمبادرات التي تم الكشف عنها مؤخراً، ضمن حزم مشاريع الخمسين، في تشجيع الشباب على العمل الخاص، وتأسيس المشاريع الناشئة، لاسيما مع تخصيص 5 مليارات درهم لدعم المشاريع الإماراتية في القطاعات ذات الأولوية، وإطلاق برنامج إجازة التفرغ للعمل الحر، والتقاعد المبكر ضمن برنامج «نافس»، فضلاً عن صندوق الخريجين، بقيمة مليار درهم، والذي سيتولى دعم الطلاب الجامعيين والخريجين الجدد من المواطنين بقروض مالية مصغرة؛ بهدف دعمهم لبدء مشاريعهم الخاصة.
ويمثل قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة نحو 98% من الشركات في الدولة، ويسهم بنسبة 29% من الناتج المحلي الوطني، وما نسبته 44% من الاقتصاد غير النفطي.
دراسة جدوى
وقال المستشار حامد الحامد مؤسس مجموعة غراسيا: إن بدء الأعمال يمر بمحطات عدة تبدأ بالدراسة الشاملة والمعرفة وتحديد المهارات المطلوبة للمشروع، حيث لا يمكن اختزال المشروع في توفير الأموال دون دراسة جدوى شاملة، موضحاً أن كثيراً من المشاريع الناشئة لا تحقق النجاح المطلوب بسبب الميل إلى التقليد دون إضافات مميزة، وهو ما يظهر في إنشاء عددٍ كبير من المطاعم التي تقدم أنواعاً محددة من الطعام، مثل «البرجر» في مكان واحد.
وأشار إلى أهمية المهارات والقدرات الشخصية لمؤسس الأعمال من حيث قدرته على الإدارة والابتكار والإبداع، ثم قراءته للسوق، فضلاً عن تحديد أهم ما يميزه لجذب العملاء مقارنة بالمنافسين، بجانب دراسته لسبل استدامة الأعمال عبر استشراف المستقبل.
ولفت الحامد إلى وجود فرص واعدة لبدء مشاريع صغيرة بمجال الزراعة المتاحة أمام الشباب، فضلاً عن توافر فرص أيضاً ببقية القطاعات، شريطة قدرة صاحب المشروع على ابتكار أفكار جديدة.
احتدام المنافسة
أوضح وليد حارب الفلاحي الرئيس التنفيذي لشركة دبي للاستشارات، أن أحد أهم التحديات التي تواجه نمو ريادة الأعمال في الدولة تتمثل في ميل كثير من الشباب الراغبين في بدء مشاريع جديدة للتكرار والتقليد، رغم احتدام المنافسة في القطاعات التقليدية مثل المطاعم والأغذية تجارة التجزئة وغيرها، داعياً الشباب إلى الاهتمام بالابتكار والبحث عن أفكار جديدة. وأشار إلى وجود قطاعات متميزة تشهد نمواً ملحوظاً مثل قطاع الخدمات، والذي يضم عدداً قليلاً من الشركات الوطنية، فضلاً عن وجود فرص متميزة في مجال التجارة الإلكترونية، أو الدمج عبر التجارة الإلكترونية والتقليدية.
وأكد الفلاحي ضرورة اهتمام الجهات المختصة بمنح تراخيص الأعمال، بتشجيع الشباب على العمل بمجالات مثل التكنولوجيا أو الخدمات اللوجستية، عبر منحهم تسهيلات وإعفاءات من الرسوم لنحو 5 سنوات على سبيل المثال، مؤكداً أهمية الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في القطاعات ذات الأولوية. وأشار إلى ضرورة اهتمام الجهات المختصة بدعم وتمويل المشاريع الصغيرة بتقليص منح التراخيص في القطاعات التقليدية، وتشجيع وتوعية الشباب لبدء أعمال في القطاعات ذات الأهمية.
قطاعات ذات أولوية
من جهته، دعا غسان حمود، المدير الشريك في شركة يمناك للاستشارات الإدارية الشباب إلى الاهتمام بالقطاعات ذات الأولوية بأبوظبي، مثل الشركات العاملة بمجال التكنولوجيا، لاسيما التكنولوجيا المالية.
ولفت إلى أن الشركات التكنولوجية المتخصصة في إعداد البرامج والتطبيقات الذكية تشهد نشاطاً ملحوظاً وتوفر فرصاً واعدة لمزيد من الأعمال، لافتاً إلى التجربة الناجحة لـ «هب 71» منظومة التكنولوجيا العالمية في أبوظبي، في دعم العديد من الشركات الناشئة بهذا المجال، مع نجاحها في استقطاب العديد من الشركات الناشئة، لاسيما بمجالات مثل التكنولوجيا الصحية والذكاء الاصطناعي والبرمجيات.
وأوضح حمود أن الفرص بمجالات المستلزمات الطبية تراجعت بعد تشبع السوق خلال العاميين الماضيين مع تنفيذ العديد من المشاريع المتخصصة بهذا المجال، مشيراً إلى أنه رغم وجود فرص جيدة بمجال التجارة الإلكترونية، إلا أن هناك ضرورة لتقديم تميز أو ابتكار خاص، عند التفكير في بدء أعمال جديدة في هذا المجال، سواء من حيث الخدمة أو المنتج أو طريقة التسويق وتوصيل المنتج.
وأشار حمود إلى أن البنوك وجهات التمويل، مازالت تتردد في تمويل المشاريع والأفكار الجديدة، كما أن الشركات وكبار المستثمرين المهتمين بتمويل المشاريع الجديدة يترددون أيضاً في تمويل الأفكار الجديدة تجنباً لزيادة المخاطر، موضحاً أن كثيراً من الممولين يفضلون المشاريع التقليدية، وهو ما ينعكس على تركيز الشباب أيضاً على هذه المشاريع، ما يتطلب ضرورة اهتمام البنوك بدعم الأفكار الجديدة ومنح الأولوية لتمويل المشاريع المبتكرة.
أفكار إيداعية
ومن جانبه، أكد رائد الأعمال عبيد بن طوق، المؤسس لشركة بن طوق للنقليات أن قطاع الأعمال يشهد تغييرات ملحوظة خلال هذه الفترة، وهو ما تتطلب من الشباب المقبلين على بدء عملهم الخاص الاهتمام بالأفكار الإبداعية والمبتكرة، والتركيز على القطاعات التي لا تشهد منافسة قوية، ما يضمن تحقيق التميز وتقديم خدمة جيدة وغير تقليدية.
وأوضح ابن طوق أن الأسواق والأنشطة والمتطلبات تغيرت بعد «الجائحة»، ما يتطلب ضرورة التفكير في تقديم منتج أو خدمة مبتكرة وذات جودة عالية.
وأشار إلى الفترة الحالية تشهد تشجيعاً كبيراً من الجهات المختصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ما يفتح آفاقاً واعدة أمام الشباب.
وضمن حزم مشاريع الخمسين، أعلنت دولة الإمارات العام الماضي تخصيص 5 مليارات درهم لدعم المشاريع الإماراتية في القطاعات ذات الأولوية، بجانب إطلاق العديد من المبادرات المهمة التي تدعم المشاريع الصغيرة والناشئة، مثل برنامج إجازة التفرغ للعمل الحر، والذي يسمح للمواطنين العاملين في الحكومة الاتحادية، ممن يرغبون في ممارسة العمل الحر وتأسيس مشاريعهم وشركاتهم الخاصة التفرغ الوظيفي لمدة 6 أشهر إلى سنة، بحيث تتكفل الحكومة بدفع 50% من رواتبهم خلال 12 شهراً، وهي فترة التفرغ.
عودة النشاط
فيما أكد الدكتور محمد الكتبي المدير العام لشركة فورسيزس لأنظمة الأمن، إلى وجود فرص متميزة لبدء الأعمال بمجال التكنولوجيا وتوفير الخدمات من دون تلامس.
وأشار إلى أن السوق يشهد حالياً عودة ملحوظة للنشاط بكافة القطاعات، بما فيها المطاعم والكافيهات ومحال الملابس، بعد فترة من تأثر الأعمال بهذه القطاعات خلال فترة الإغلاق، وهو ما يشجع الشباب على دراسة فرص بدء أعمال جديدة بهذه القطاعات، وهو ما يظهر في عودة بعض أصحاب المطاعم والمحال لإعادة الافتتاح من جديد.
ولفت إلى أنه مع عودة النشاط والفعاليات للتنظيم الحضوري حالياً، فإنه يمكن بدء أنشطة جديدة وتأسيس أعمال في مجال تنظيم الفعاليات والمؤتمرات.
وأوضح الكتبي أن الأنشطة والصناعات التي زاد الإقبال عليها بعد «الجائحة» مثل المستلزمات الطبية والقفازات والأقنعة الطبية ومواد التعقيم، وغيرها، ربما لا تحقق النجاح نفسه في حالة البدء فيها حالياً، في ظل تشبع السوق من هذه المنتجات خلال العامين الماضيين.
فرص جديدة
أطلق صندوق خليفة لتطوير المشاريع خلال شهر سبتمبر الماضي، برنامج «ليفل أب»، لمساعدة رواد الأعمال أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، على اقتناص الفرص الجديدة التي من شأنها دعم استقرار الأعمال وتعزيز نموها وازدهارها.
ومن المقرر أن يعمل برنامج «ليفل أب» ضمن مراحل متعاقبة، مدة كل منها أربعة أشهر ونصف الشهر وفقاً لقطاعات متخصصة، بدءاً بالزراعة، وتشمل القطاعات الأخرى التي ستتم تغطيتها، التمويل وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات الصحية والأدوية الحيوية والتكنولوجيا الزراعية والسياحة والعقارات، حيث يهدف البرنامج إلى المساهمة في النمو والابتكار في مختلف القطاعات الاقتصادية في الدولة.