الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد حسين الشعالي سفير الصناعة الإماراتية

محمد حسين الشعالي سفير الصناعة الإماراتية
21 فبراير 2022 02:24

حسام عبدالنبي (دبي)

رغم توليه مناصب دبلوماسية رفيعة على المستوى العالمي، وصلت إلى منصب وزير دولة للشؤون الخارجية، إلا أن معالي محمد حسين الشعالي، رئيس مجلس إدارة شركة «جلف كرافت» يصف نفسه بالصنايعي أو رجل الصناعة، ويسعد بلقب سفير الصناعة الإماراتية في العالم. الشعالي، الذي ولد على شاطئ البحر في إمارة عجمان، ارتبط بالبحر وعاش طفولته وصباه في مجتمع يعتمد أكثر من نصفة على البحر في كل المجالات، بدءاً من الترفيه وصولاً إلى الحصول على مصدر دخل سواء من صيد الأسماك أو الغوص لصيد اللؤلؤ أو السفر عبر البحر للتجارة، له تاريخ طويل وسجل حافل من النجاحات والإنجازات سواء في العمل الدبلوماسي، أو في مجال الصناعة حيث حصل على درجة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد من جامعة بيروت عام 1974 ليعمل في الإدارة العامة للشؤون السياسية بوزارة الخارجية، ثم يتدرج في السلك الدبلوماسي، ليعين في مناصب رفيعة مثل المندوب الدائم لدولة الإمارات في الأمم المتحدة، وممثل الدولة في مجلس الأمن الدولي، ومندوب دائم لدولة الإمارات في مجلس الأمن الدولي، ثم نائب لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسفير فوق العادة لدى الولايات المتحدة الأميركية.
وبعد 35 عاماً من العمل والتدرج الوظيفي في وزارة الخارجية الإماراتية عاد الشعالي، إلى هوايته وتفرغ لشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة «جلف كرافت» التي احتفلت، قبل أيام، بالذكرى السنوية الأربعين لانطلاق عملياتها في دولة الإمارات، وليصبح الشعالي، مجدداً سفيراً للدولة، ولكنه هذه المرة سفيراً فوق العادة للصناعة الإماراتية، ورافعاً لراية الدولة في كل المحافل والمعارض الدولية، إلى جانب أن اليخوت التي صنعتها شركته باتت تجوب كل موانئ العالم، حاملة رسالة ثقة في الصناعة الإماراتية، ولتكون شاهداً حياً على التطور والنهضة التي تشهدها دولة الإمارات. 

ارتباط بالبحر
عندما كان الشعالي في زيارة إلى نيويورك توجه إلى أحد المعارض لشراء قارب للاستخدام الشخصي، وبعد الشراء وشحن القارب إلى الإمارات، وجد أن تكلفة الشحن مرتفعة، فراودته فكرة توفير تكلفة الشحن على راغبي اقتناء القوارب، من خلال تصنيعها محلياً، حيث تشارك مع 3 أشخاص آخرين في تأسيس شركة الخليج لصناعة القوارب وهم أخواه عبدالله وجمال، والدكتور محمد حمدان، وتم وضع حجر أساس الشركة في عام 1984 برأسمال مجمع بلغ 2 مليون درهم.
 يتذكر الشعالي، تلك الفترة، فيقول إنها كانت مليئة بحماس الشباب والرغبة في ممارسة هواية محببة، إلى جانب الإيمان بأهمية الصناعة لرسم مستقبل الدولة واستقرار اقتصادها، مؤكداً أن الشركة واجهت صعوبات في البداية، تمثلت في بدء عمل صناعي في دولة لم تكن وقتها بلداً صناعية، وعدم وجود الأيدي العاملة المتخصصة في هذا المجال، إضافة إلى عدم توافر المواد الخام التي تدخل في الصناعة، وأيضاً عدم توافر الصناعات المكملة لصناعة القوارب. وأضاف أن من أهم الصعوبات التي واجهت الشركة في البداية أيضاً، تخصيص أغلب رأس المال (2 مليون درهم) لبناء المصنع، وتوفير الاحتياجات الأساسية، حيث اضطر الشركاء لدفع رواتب العمال والموظفين لفترة طويلة من الأجور التي كانوا يتقاضونها من وظائفهم الحكومية، منوهاً بأنه كان حريصاً على الجمع بين العمل الدبلوماسي، وممارسة الهواية التي يحبها والمتمثلة في صناعة القوارب واليخوت التي تمكن الناس من ارتياد البحر.

أسرار النجاح
وعلى مدار سنوات قليلة، استطاعت شركة «جلف كرافت» منافسة أعرق الشركات العالمية، وأن ترسخ مكانتها على خريطة أفضل شركات تصنيع اليخوت والقوارب حول العالم، وهو ما يفسره الشعالي، بأن شركة الخليج لصناعة القوارب واليخوت كانت حريصة منذ البداية على الالتزام بأعلى المعايير الدولية للصناعة والإنتاج الذي يلبي تطلعات السوق العالمية من حيث النوعية والكفاءة والشكل واستخدام أفضل المواد الموجودة في العالم في القطاعات كافة الداخلة في الصناعة، مشدداً على أن وجود الشركة في دولة الإمارات وبدء نشاطها في فترة النهضة في الدولة ساعدها على التميز، حيث استفادت من حرية ممارسة الأعمال والبيئة الصديقة للمستثمرين التي توفر أفضل التسهيلات والدعم اللازم لنجاحهم، إلى جانب امتلاك الدولة بنية تحتية قلّما تتوافر لدولة أخرى، لاسيما من حيث الموانئ والمطارات والطرق وخدمات البنوك والتأمين والنقل والاتصالات وغيرها، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «جلف كرافت» تفوقت في المنافسة بفضل عنصرين أساسيين، هما الجودة والنوعية، وكذلك كفاءة الإنتاج بحكم وجودها في دولة الإمارات والذي مكنها من الإنتاج بتكلفة أقل من المنافسين.

مواجهه التحديات
وعن واقع شركة «جلف كرافت» في الوقت الحالي وكيفية مواجهه تداعيات جائحة «كوفيد - 19»؟ أجاب الشعالي، بأن «الجائحة» شكلت عبئاً ثقيلاً على الصناعة البحرية في العالم أجمع حتى أن الشركة خفضت إنتاجها إلى 30% فقط في بداية «الجائحة» وفترات الإغلاق التي تبعتها والتي تسببت في صعوبات عدة في توفير مدخلات الإنتاج وعملية تسليم لليخوت.
وأوضح أن الشركة وقطاع الصناعات البحرية بشكل عام تمكنا فيما بعد من الاستفادة من تداعيات «الجائحة»، حيث زاد الطلب على اليخوت والقوارب بشكل ملموس لكونها مكاناً «خاصاً» يصلح أن يكون منزلاً منعزلاً يوفر أفضل حماية لأفراد العائلة من انتشار الفيروس، إلى جانب أن «الجائحة» غيّرت القناعات وجعلت الكثيرين يبادرون إلى زيادة الإنفاق من أجل التمتع بالحياة عبر شراء المنتجات الفاخرة وأهمها اليخوت.
وأشار إلى أن الشركة لديها أكثر من 1000 عامل في الوقت الحالي، وتشغل 3 منشآت للتصنيع في أم القيوين وعجمان وجزر المالديف (تمتد على مساحة 100 ألف قدم مربعة)، حيث من المقرر أن تبدأ الشركة تشغيل مصنعها الجديد في جزر المالديف في عام 2023 من أجل تلبية الطلب في الأسواق الجديدة التي تعتزم الشركة توريد إنتاجها إليها، كاشفاً عن أن الشركة أنتجت على مدار 40 عاماً أكثر من 10 الأف قارب و550 يختاً من اليخوت الفاخرة التي تجوب مختلف أنحاء العالم، ولتصبح الشركة من أهم سفراء المنتج الإماراتي في العالم.
ويعتبر الشعالي، أن من أهم النجاحات التي حققتها شركة الخليج لصناعة القوارب «جلف كرافت»، احتفالها العام الماضي بتسليم يختها «ماجستي 175» رسمياً إلى مالكه، وهو أكبر يخت سوبر في العالم مصنوع من الألياف الزجاجية المركّبة، حيث تم تصنيع هذا اليخت بالكامل في دولة الإمارات ضمن منشأة تصنيع القوارب المتكاملة والتابعة للشركة في إمارة أم القيوين.
وذكر أن عملية إنشاء هذا اليخت الذي يُعد الأول من نوعه في العالم استغرقت أربع سنوات ليصبح يختاً عابراً للمحيطات، وليمثل في الوقت ذاته نقلة نوعية في الصناعة العالمية، حيث تمكنت الشركة من اختراق التكنولوجيا الخاصة بالصناعة؛ لأنه لم يسبق لأي شركة في العالم إنتاج يخت بهذا الحجم من مادة «فيبر جلاس»، لافتاً إلى أن اليخت «ماجستي 175» لاقى نجاحاً كبيراً، وتم الاعتراف به دولياً حين عرض للمرة الأولى في معرض موناكو الدولي، حتى أن بعض الشركات العالمية بدأ في التحول من صناعة مثل هذه اليخوت الكبيرة «ميجا» من الألومنيوم والحديد إلى الصناعة من مادة الألياف الزجاجية المركّبة.

نصائح ذهبية
يحدد معالي محمد حسين الشعالي عدداً من النصائح الذهبية للشباب والشابات الإماراتيين المقبلين على العمل، وأيضاً لفئة رواد الأعمال في الدولة، فيقول إنه بداية يجب أن يختار الفرد العمل الذي يحبه، ولابد من التغيير وعدم البقاء في وظيفة تقليدية لعشرات السنين والانتقال إلى العمل الذي يتميز بالتجديد؛ لأن في التغيير حياة.
وأضاف أن من أهم النصائح كذلك إعطاء العمل حقه من الوقت والتفكير، بمعنى أنه يجب ألا يتم تأسيس العمل ثم تتركه للآخرين يديرونه نيابة عنك، وأيضاً يجب أن تعرف أسرار عملك، وأن تكتسب المعرفة التي تمكنك من اتخاذ القرارات بشأن ما يجوز وما لا يجوز في العمل حتى وإن استعنت بأفضل المتخصصين؛ لأن جودة الحكم على الأشياء باتت ضرورة للنجاح، مشيراً إلى أنه إضافة إلى ذلك من المهم أن تكون رؤيتك للعمل تتسم بنظرة بعيدة وأن تدرك أن النجاح المستمر لن يأتي في لحظة بل يحتاج إلى جهد وصبر ومثابرة.
ويطالب معالي الشعالي، الشباب بعدم الاعتماد على الآخرين سواء الدولة أو العائلة أو الأصدقاء، وأن يعتمدوا على ذواتهم في المقام الأول، وأن يدركوا أن الحياة دروس والعمل هو أكبر درس في الحياة، موجهاً الشباب باختيار العمل الذي يتميز بالتجديد والإبداع والابتكار والابتعاد عن التقليد، وأن يحقق العمل قيمة مضافة لهم ولوطنهم؛ لأن العمل الناجح في الوقت الحالي يقوم على الأفكار الجديدة بدليل أن أكبر الأثرياء في العالم في الوقت الحالي هم من أصحاب الأفكار والابتكارات الجديدة. أما عن رواد الأعمال وأصحاب الأعمال الصغيرة، فيشدد الشعالي، على أهمية أن يتسموا بالمصداقية سواء مع العمال والموظفين أو الموردين أو العملاء، مرجعاً ذلك إلى أن اكتساب ثقة الآخرين ضرورة للنجاح في الحياة بشكل عام وفي العمل بشكل خاص، كما أنه لا يوجد أحد يمنح ثقته في الآخرين مجاناً ولن يتحقق ذلك إلا بعد أن يتم التأكد من الالتزام والمصداقية في التعامل.
ورداً على اعتقاد بعض الشباب بأن بدء أي مشروع صناعي يتطلب توافر الدعم المالي من الدولة، أفاد الشعالي، بأنه من خلال خبرات سنوات طويلة في الصناعة فإنه يجزم بأن الصناعة المدعومة صناعة فاشلة، وأن الشباب الذين يؤسسون صناعة، وينتظرون الدعم المالي كشرط للنجاح قد حكموا على أنفسهم بالفشل، مؤكداً أن من يرغب في النجاح في الصناعة يجب أن يعاني ويصبر، وأن يدرك قيمة وأهمية العمل الذي يقوم به وفي الوقت ذاته يؤمن به حتى يتعلم ويدرك قيمة المال والعمل، ويكون قادراً على المنافسة اعتماداً على جهده والخبرات التي اكتسبها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©