حسام عبدالنبي (دبي)
أكد خبراء ماليون أن تميز العلاقات الإماراتية التركية يتيح فرصاً مميزة للتعاون بين البلدين في ظل الإرادة السياسية وتوقيع العديد من مذكرات التفاهم وتشكيل اللجان المشتركة ووضع آليات واضحة للتعاون، مشيرين إلى أن تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الجمهورية التركية في نوفمبر الماضي، سيفتح مجالاً واسعاً أمام البنوك والمؤسسات المالية للاستفادة من تنامي العلاقات بين البلدين.
ويرى يوسف السويدي، الخبير المصرفي، أن هناك فرصاً كثيرة ومجالات كبيرة للتعاون بين الإمارات وتركيا في القطاع المالي يمكن أن تستفيد منها البنوك في كلا البلدين. وقال إنه على سبيل المثال فإن البنوك يمكن أن تلعب دوراً في تمويل التجارة بين البلدين، حيث إن تركيا تأتي في المرتبة الـ 11 بين أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، فيما تمثل دولة الإمارات الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالمياً، وفي النصف الأول من عام 2021 بلغ التبادل التجاري أكثر من 26.4 مليار درهم، بقفزة نمو 100% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ما يعد مؤشراً واضحاً على المنحى الإيجابي الذي تتخذه الشراكة الاقتصادية بين البلدين، والإمكانات الواعدة لتنميتها خلال المرحلة المقبلة والتي ستفتح مجالاً أكبر لاستفادة البنوك.
وأشار السويدي، إلى أن الاستثمارات المشتركة وتوسع الشركات الإماراتية في السوق التركية والعكس عبر تنفيذ صفقات الاستحواذ، تعد مجالاً خصباً آخر يصب في مصلحة البنوك التي يمكن أن تقدم الاستشارات ورأس المال لهذا الغرض، منبهاً إلى ضرورة زيادة التنسيق بين الجهات الرسمية والوكالات الاستثمارية في البلدين لتبادل المعلومات والسياسات التجارية حول فرص المشاريع الجديدة.
وأفاد السويدي، بأن تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا يلعب دوراً مهماً في تشجيع الاستثمارات الإماراتية في الأسواق التركية، وخاصة في قطاعات الصناعة والإنتاج الزراعي والسيارات والطاقة المتجددة والخدمات المالية والسياحة والعقارات والبنية التحتية.
وقال إنه في الوقت ذاته يمكن للإمارات أن تجتذب الشركات التركية التي تركز على الابتكار والتكنولوجيا، إلى جانب المواهب التركية في مختلف القطاعات الاستراتيجية، مع تشجيع مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البلدين في الأنشطة الاستثمارية، منوهاً بأن إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي إلى تركيا بلغ نحو 18.4 مليار درهم في نهاية عام 2020، حيث تستثمر الشركات الإماراتية في العديد من القطاعات الحيوية بالأسواق التركية، منها الخدمات المالية، والنفط والغاز والتصنيع والسياحة والبناء والطاقة المتجددة، وفي المقابل، بلغ رصيد الاستثمارات التركية في دولة الإمارات حتى بداية عام 2020 أكثر من 1.3 مليار درهم، وتركز استثمارات الشركات التركية في الدولة على قطاعات البناء والتشييد والعقارات والقطاع المالي والتأمين والصناعة وتكنولوجيا المعلومات.
فرص في القطاع المصرفي
وذكر جمال صالح، المدير العام لـ«اتحاد مصارف الإمارات» أن هناك فرصاً مميزة لتطوير ونموّ أعمال المصارف في كل من الإمارات وتركيا، ولهذا الغرض أبرم «اتحاد مصارف الإمارات»، خلال شهر فبراير الجاري، مذكرة تعاون مع «جمعية المصارف التركية»، بهدف تبادل المعلومات والخبرات التي من شأنها دعم القطاع المصرفي والأنشطة ذات الصلة في كلا البلدين.
وقال: إن الاتفاقية تهدف إلى تعزيز الروابط والصلات التي تساهم في تطوير ونموّ أعمال المصارف في كلا البلدين تحت إطار كل من «اتحاد مصارف الإمارات» و«جمعية المصارف التركية»، حيث ستركز على تنظيم أنشطة مصرفية متنوّعة، بما فيها ورش عمل وبرامج تأهيلية ودورات تدريبية، مؤكداً أن مذكرة التعاون تعد جزءاً من خطة اتحاد مصارف الإمارات، لزيادة أنشطته إقليمياً وعالمياً مع شركاء مرموقين وهيئات تمثيلية مختارة في القطاع المصرفي، مع مشاركة مقوّمات تجربة الاتحاد الناجحة إلى الهيئات المثيلة في دول المنطقة، وكذلك الاستفادة من تجاربها في هذا المجال، للمساهمة في تطوير القطاع المصرفي في كلا البلدين.
وأشار صالح، إلى أن الاتفاقية ستعمل أيضاً إلى تعزيز معرفة القطاع المصرفي التركي بالبيئة المصرفية والاستثمارية الجاذبة في دولة الإمارات، والتطوّر اللافت الذي حقّقته مصارف الدولة في مجال التشريعات ذات الصلة، والسمعة الطيبة التي يحظى بها القطاع المصرفي فيها، والإجراءات التي تضمن المعاملة العادلة والشفافية وحماية المستهلكين، مبيناً أن تعاون الطرفين الإماراتي والتركي من شأنه تحقيق المستهدفات بإقامة علاقات قوية بين المؤسسات المالية على كلا الجانبين.
زيادة التجارة البينية غير النفطية والاستثمارات المشتركة
يرى علي سلطان بن ركاض العامري الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي، أن العلاقات الاقتصادية الإماراتية التركية تشهد تطوراً مستمراً، وهي قادرة على تقديم فرص كبيرة ومتنوعة، لاسيما في ظل المقومات التي تملكها الدولتان، مدللاً على ذلك بالقرارات التي صدرت خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، والذي عقد في نهاية نوفمبر الماضي، حيث اتفق الجانبان على خطة عمل إماراتية تركية لتطوير التعاون بالقطاع المالي والمصرفي والتكنولوجيا المالية الجديدة، وزيادة حجم التجارة البينية غير النفطية وتنويعها وتسهيل إجراءاتها، وخلق قدرات تصنيع واستثمار مشتركة، إضافة إلى صياغة نموذج للتعاون، وتبادل الخبرات في مجالات الابتكار، وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف: «كما اتفق الجانبان على تطوير آلية لزيادة الربط بين مجتمعي الأعمال والتنسيق بين الكيانات والوكالات الاستثمارية في البلدين من أجل تطوير حلول تأمين وتمويل مشتركة لدعم الشركات المصدرة في البلدين، وتشجيع شركات البلدين على التعاون من خلال أسواق رأس المال الإماراتية والتركية»، لافتاً إلى أن الجانبين أقرا كذلك خطوات لتشجيع التعاون في الاقتصاد الإسلامي وصناعة الحلال، وإنشاء مجموعة عمل لتعزيز التعاون في التمويل الإسلامي وحلول التأمين الإسلامية، والتدريب والبحث في مجالات التأمين.
صندوق دعم الاستثمارات
وأكد العامري، أن من أهم خطوات التعاون بين الإمارات وتركيا الإعلان عن تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الجمهورية التركية في نوفمبر الماضي، حيث سيفتح الصندوق مجالاً أمام البنوك والمؤسسات المالية للاستفادة. وفسر ذلك بأن الصندوق يمثل مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية المستدامة بين الإمارات وتركيا، والتي ستغطي مختلف مجالات العمل الاقتصادي والتعاون التجاري والاستثماري، وتأكيداً من الإمارات على عزمها «الاستثمار الاستراتيجي والطويل»؛ إذ سيركز الصندوق على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية، ومنها الطاقة والصحة والغذاء.
مركزان تجاريان يربطان بين الشرق والغرب
تؤكد بيانات القنصلية الإماراتية في إسطنبول، أن الإمارات وتركيا تتشابهان في كونهما معبرين ومركزين تجاريين مهمين يربطان بين الشرق والغرب نتيجة لموقعهما الجغرافي المميز، مشيرة إلى أن هناك أكثر من 400 شركة في تركيا رأسمالها إماراتي، أغلبها تتمركز في شمال غرب تركيا أو منطقة بحر مرمرة، كما يأتي قطاع العقارات على رأس قائمة الاستثمارات الإماراتية في تركيا، مع وجود استثمارات كبيرة في قطاع المصارف، وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي.
آفاق جديدة
تسهم اتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها بين البلدين في عدد من المجالات، في تعزيز علاقات التعاون وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك بين الجانبين، حيث شهدت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الجمهورية التركية في نوفمبر الماضي توقيع 12 مذكرة تفاهم، وهي مذكرة تفاهم لتبادل المعلومات في مجال الأعمال المصرفية بين المصرف المركزي في دولة الإمارات والمصرف المركزي في دولة تركيا، مذكرة تفاهم بين وحدة المعلومات المالية في دولة الإمارات ومجلس التحقيق في الجرائم المالية في تركيا للتعاون وتبادل المعلومات المالية، مذكرة تفاهم بين سوق أبوظبي للأوراق المالية وبورصة إسطنبول، اتفاقية تعاون بشأن صندوق رأس المال الاستثماري لشركة أبوظبي القابضة، اتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي للموانئ وصندوق الثروة السيادية التركي، اتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي القابضة وصندوق الثروة السيادية التركي، اتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي القابضة ومكتب الاستثمار في تركيا، وكذلك اتفاقية للتعاون الإداري المتبادل في المسائل الجمركية بين دولة الإمارات وتركيا، مذكرتا تفاهم للتعاون في مجالي الطاقة والبيئة، فضلاً عن اتفاقية تعاون بين شركتي «أبوظبي القابضة» و«كاليون يتريم القابضة» التركية، وأخيراً اتفاقية تعاون بين بيور هيلث للتجهيزات الطبية ومجموعة «سي سي إن» القابضة.