مصطفى عبدالعظيم (دبي)
رسم مشاركون في النسخة السادسة من المنتدى العالمي الأفريقي للأعمال الذي انطلق، أمس، ملامح خريطة طريق للنهوض الاقتصادي للقارة السمراء، تتضمن رصداً لأبرز التحديات التي تواجه اقتصادات القارة السمراء والحلول المقترحة للاستفادة من المقومات والفرص الواعدة التي يمكن أن تضع القارة على مسار النمو والازدهار لعقود طويلة.
وأشاد مسؤولون أفارقة مشاركون في المنتدى الذي تنظمه «غرفة دبي» و«إكسبو 2020»، بالاستثمارات الإماراتية المتنوعة في دول أفريقيا، لافتين إلى أن السوق الأفريقية تتيح فرصاً استثمارية كبرى يمكن أن تؤسس لشركات اقتصادية مستدامة، لافتين إلى أهمية توجه بلدان القارة نحو زيادة الإنتاج في التعدين والزراعة والاستثمارات وبناء الشراكات والتحالفات لتقديم التمويل اللازم لتطوير البنية التحتية وضخ الاستثمارات في الشركات المتوسطة والصغيرة. وأكد المشاركون ضرورة تسريع الخطوات التي تسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية المشاركة في اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.
شراكات لأجل الازدهار
أكد سلطان بن سليم رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة «دي بي ورلد» أن السوق الأفريقية تتيح الكثير من الفرص الاستثمارية، والتي يمكن أن تؤسس لمزيدٍ من التعاون والشراكة مع مجتمعات الأعمال في دبي ودولة الإمارات، مشيراً إلى أن دبي تنظر إلى التوسع في الاستثمار في أفريقيا ضمن سعيها وجهودها لبناء الشراكات الاقتصادية والاستثمارية المستدامة مع الاقتصادات الأفريقية.
وأشار ابن سليم، خلال مشاركته في جلسة «شراكات لأجل الازدهار»، إلى أهمية تمكين التجارة بين دول القارة وتسهيل سلاسل التوريد، لافتاً إلى أن كل نمو بنسبة 1% في الناتج المحلي، ينعكس نمواً بنسبة 3% في الشحن، لافتاً إلى الدور المهم الذي تلعبه الموانئ من أجل تحفيز الازدهار وزيادة الاستثمار، وخلق الكثير من فرص العمل، مشدداً على ضرورة أن يواكب التوسع في الموانئ إقامة مناطق حرة يمكن خلال تصنيع المواد الخام قبل تصديرها للخارج، بما يشكل قيمة مضافة لاقتصاد الدول.
وأوضح ابن سليم أن ما تحتاج إليه أفريقيا اليوم هو الشفافية والحوكمة وتوفير شبكات التنقل لتشجيع القطاع الخاص والحث على الاستثمارات وتحقيق الأرباح، ولا بد كذلك من العمل على تخفيض تكلفة النقل والتخلص من التعقيدات في سلاسل التوريد، مع توفير التمويل، وهذه الأمور التي تشجع على زيادة الاستثمارات والمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي في الدول الأفريقية.
وأشار ابن سليم إلى أن هناك تحدياً في أفريقيا في المجال الصناعي، ولابد من الارتقاء بقدرات الشباب، وقال: «نحن نقوم ببرامج لتعليم الشباب وإشراكهم وصقل قدراتهم، وهذا جزء من مسؤولياتنا المجتمعية في أفريقيا، وموانئ دبي، خلال الأشهر المقبلة، سوف يصل عدد الشباب الذين تدربهم في دول أفريقيا إلى نحو 100 ألف شاب، وتحرص، وفق برامج محددة، على تأهيلهم ليكونوا فاعلين في المساهمة في تطوير الأعمال، وتحقيق التطور والنمو في اقتصادات دولهم».
24.8 ألف شركة
أكد حمد بوعميم مدير عام «غرفة دبي»، أن عدد الشركات الأفريقية المسجلة في عضوية «غرفة دبي» والعاملة في الإمارة بلغ 24.800 شركة بنمو بنسبة 15.5% مقارنة بعام 2019، معتبراً أن هذا النمو مؤشر على جاذبية دبي للشركات الأفريقية.
وقال إن حجم التجارة غير النفطية لدبي مع أفريقيا بلغ 50 مليار دولار أميركي في عام 2020، على الرغم من تحديات «الجائحة»، وهي أعلى نسبة يتم تسجيلها حتى الآن خلال السنوات العشر الماضية، مشيراً إلى أن استضافة المنتدى ضمن أجندة أعمال «إكسبو 2020 دبي» تفتح آفاقاً جديدة للشركات من الإمارات والأسواق الأخرى لاستكشاف فرص الاستثمار غير المستغلة حتى الآن في أفريقيا.
1.2 تريليون درهم
وأوضح أن تجارة دبي غير النفطية مع القارة الأفريقية تخطت 1.2 تريليون درهم إماراتي خلال العقد الماضي (2011 - 2020)، مشيراً إلى أن التجارة البينية بين الجانبين حققت نمواً بلغ 119% خلال هذه الفترة، مرتفعة من 85 مليار درهم في 2011 إلى 186.2 مليار درهم في عام 2020، متوقعاً أن تساهم اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية في تحقيق نمو سنوي بتجارة دبي مع أفريقيا يتخطى 10% خلال السنوات الخمس القادمة، داعياً الدول الأفريقية إلى الانضمام إلى الجواز اللوجستي العالمي، الأمر الذي من شأنه تعزيز التبادل التجاري والارتقاء به لمستويات عالية.
السوق الأفريقية الموحدة
وأكدت تشيليشي مبوندو كابويبوي، أمين عام منظمة الكوميسا، أن هناك المزيد من الفرص القائمة من خلال السوق الأفريقية الموحدة التي تم إطلاقها مؤخراً من أجل زيادة تدفق الاستثمارات على الرغم من عرقلة جائحة «كوفيد - 19» سلاسل الإمداد، مشيرة إلى أن التوجه نحو زيادة الإنتاج في التعدين والزراعة والاستثمارات مع القارة الأفريقية هو الحل للمرحلة المقبلة، مع مراعاة تطبيق كافة الحلول التكنولوجية التي تضمن تدفق رؤوس الأموال وزيادة الموثوقية في الاقتصادات الأفريقية.
وقالت إن هناك آليات واضحة لتوجيه المستثمرين نحو القطاعات الواعدة للاستثمار مثل الغرف التجارية وغيرها. وبخصوص الاستثمارات، أشارت تاديسي إلى تواصلهم مع البنك الدولي من أجل المضي قدماً في بناء شراكات وتحالفات لتقديم التمويل الضروري للبنية التحتية وضخ الاستثمارات في الشركات المتوسطة والصغيرة.
من جانبها، أكدت نانجولا نيلولو أوانجا الرئيسة التنفيذية لمجلس تنمية وترويج الاستثمار الناميبي، أن جائحة «كوفيد - 19» تسببت في صعوبات لجذب الاستثمارات الأجنبية، وعرقلت خطط إعادة هيكلة الاقتصاد التي بدأت في عام 2019.
خطوات إصلاحية
قال هشام عبد الله الشيراوي الرئيس التنفيذي لمشاريع الواحة، إن عدداً من الدول الأفريقية نجح بالفعل في اتخاذ خطوات إصلاحية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى قارة تبقى من أكثر مناطق العالم توفيراً لفرص النمو والازدهار.
تحديات
أكدت باتريشيا أوبو ناي الرئيس التنفيذي لشركة فودافون غانا، أن مزاولة الأعمال في أفريقيا بالأسلوب القديم لم تعد أمراً مجدياً، ويتعين على جميع الدول الأفريقية تغيير منهجية عملها لتواكب الواقع الجديد ومتطلبات العصر، لتكون اقتصاداتها أكثر قدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية والانسجام مع التوجهات العالمية. وقال ريزانا زيتا رئيس مجلس الإدارة في رينيسانس كابيتال «جنوب أفريقيا» ورئيس الاستثمار المصرفي، أفريقيا، إن خروج الدول الأفريقية من تداعيات جائحة «كوفيد - 19» مرهون بقدرتها على تطوير قطاعات أعمالها وإدخالها في مسار الرقمنة، والارتقاء بممارسات حكوماتها وصقل مهارات كوادرها البشرية، والتخلص من قيود البيروقراطية.