سيد الحجار (أبوظبي)
جاء إعلان دولة الإمارات مؤخراً عن تخصيص 5 مليارات درهم لدعم المشاريع الإماراتية في القطاعات ذات الأولوية، ليمثل حلقة جديدة في مسيرة دعم القطاع الصناعي، وتعزيز مساهمة المواطنين والشركات الإماراتية الشابة في النمو الاقتصادي للدولة، ما يعزز التنافسية والتنوع الاقتصادي للدولة. وقال رواد أعمال ومسؤولون اقتصاديون لـ«الاتحاد»: إن تخصيص 5 مليارات درهم من مصرف الإمارات للتنمية يؤكد أولوية دعم الشباب المواطن، مشيرين إلى أن توفير التمويل لرواد الأعمال يسهم في زيادة تأسيس المشاريع الصغيرة والناشئة، ما يعزز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني.
وتشكل المخصصات المعلن عنها جزءاً من محفظة تمويل مصرف الإمارات للتنمية التي ستصل عام 2025 إلى 30 مليار درهم مخصصة لدعم الشركات الكبيرة، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والشركات الناشئة، ورواد الأعمال، بهدف المساهمة في رفع الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات وخلق وتعزيز القيمة الوطنية المضافة ورفع الإنتاجية واستحداث فرص العمل. وأوضح اقتصاديون أن مشاريع الخمسين تضم العديد من المبادرات المهمة التي تدعم المشاريع الصغيرة والناشئة، مثل برنامج إجازة التفرغ للعمل الحر، والتقاعد المبكر ضمن برنامج «نافس»، فضلاً عن صندوق الخريجين، بقيمة مليار درهم، والذي سيتولى دعم الطلاب الجامعيين والخريجين الجدد من المواطنين بقروض مالية مصغرة بهدف دعمهم لبدء مشاريعهم الخاصة.
مساعدة الشباب
وقال رائد الأعمال المهندس محمد المنصوري، صاحب مصنع جلفا بروتك: إن الكشف عن تخصيص مصرف الإمارات للتنمية مبلغ 5 مليارات درهم لدعم المشاريع الإماراتية في القطاعات ذات الأولوية، ضمن الحزمة الأولى من مشاريع الخمسين، يعكس حرص القيادة الرشيدة على مواصلة تقديم الدعم للمشاريع الصغيرة والناشئة، ومساعدة الشباب المواطن على بدء مشاريعهم الخاصة.
وأوضح أن المشاريع الصغيرة تعد المحرك الرئيس للاقتصاد، ومن ثم فإن تطور هذه المشاريع يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي للدولة، فضلاً عن أهمية مثل هذه الخطوات في تسريع تعافي قطاع الأعمال من تداعيات جائحة «كوفيد - 19». وأكد المنصوري أهمية المبادرات التي تم الكشف عنها ضمن الحزمة الثانية من مشاريع الخمسين، والخاصة بدعم وتشجيع الشباب على العمل الخاص، وتأسيس المشاريع الناشئة. وأوضح أن الكشف عن برنامج إجازة التفرغ للعمل الحر للمواطنين، والذي يسمح للمواطنين العاملين في الحكومة الاتحادية، ممن يرغبون في ممارسة العمل الحر وتأسيس مشاريعهم وشركاتهم الخاصة التفرغ الوظيفي لمدة 6 أشهر إلى سنة، بحيث تتكفل الحكومة بدفع 50% من رواتبهم خلال 12 شهراً، وهي فترة التفرغ، وهو ما يمثل نقلة نوعية في مسيرة تشجيع المواطنين الراغبين في تأسيس مشاريعهم الحرة في القطاع الخاص.
تمكين الشباب
ومن جانبه، أكد رائد الأعمال عبيد بن طوق، المؤسس لشركة بن طوق للنقليات، أن تمكين الشباب يعد ركيزة أساسية في استراتيجية حكومة الإمارات، وهو ما يظهر في توالي الكشف عن العديد من المبادرات المهمة لدعم المشاريع الناشئة والصغيرة والمتوسطة، والتي تعد المكوّن الأكبر في بنية الاقتصاد الإماراتي، وتسهم في تعزيز مصادر الدخل والتنوع الاقتصادي، وخلق فرص مستقبلية نوعية في مختلف مجالات الاقتصاد.
ويعد تخصيص 5 مليارات درهم من مصرف الإمارات للتنمية للمشاريع الإماراتية الشابة، استكمالاً للمبادرات النوعية التي تعزز قدرات الشباب وإمكاناتهم في مختلف القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها ريادة الأعمال وتأسيس المشاريع الناشئة والتوسع فيها، ودخول ميادين المشاريع الصغيرة والمتوسطة وخاصة في القطاعات الجديدة والمحورية.
وقال ابن طوق: إن مثل هذه المبادرات رفعت سقف طموحات الشباب الراغبين في بدء مشاريع جديدة، متوقعاً مزيداً من النمو فيما يتعلق بالمشاريع الناشئة خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن توفير التمويل يعالج أهم التحديات التي تواجه رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة.
وأشار إلى أهمية المبادرات التي تم إطلاقها ضمن الحزمة الثانية من مشاريع الخمسين في دعم رواد الأعمال، مثل برنامج إجازة التفرغ للعمل الحر، وكذلك برنامج التقاعد المبكر الاختياري للمواطنين العاملين في الحكومة الاتحادية، والذي يساعد على اكتشاف فرص وظيفية في القطاع الخاص، خارج إطار الوظيفة الحكومية، بحيث تشتري الحكومة 5 سنوات خدمة إضافية أو تمنحهم مكافأة مالية، ضمن ما يعرف بنظام الـ«Golden Handshake» (وهو مكافأة مالية كتعويض عن التقاعد أو نهاية الخدمة)، الأمر الذي يسمح لهم البدء بأعمالهم الحرة أو تأسيس شركاتهم الخاصة.
مواجهة التحديات
بدوره، أوضح خليفة سيف المحيربي رئيس مجلس إدارة شركة الخليج العربي للاستثمار، أن الفترة الأخيرة شهدت إقرار العديد من المبادرات الهامة الداعمة للشباب، والتي تسهم في مساعدة أصحاب الشركات الصغيرة والناشئة على مواجهة التحديات التي فرضتها جائحة «كورونا» على الاقتصاد الوطني. وأوضح أن المخصصات المعلن عنها مؤخراً بقيمة 5 مليارات درهم لمشاريع المواطنين، تأتي استكمالاً لاستراتيجية مصرف الإمارات للتنمية التي تم الإعلان عنها خلال شهر أبريل الماضي، مع اعتماد محفظة تمويلية قيمتها 30 مليار درهم، مخصصة لدعم الشركات الكبيرة، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والشركات الناشئة، ورواد الأعمال، وهو ما يسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات وخلق وتعزيز القيمة الوطنية المضافة. وأعرب المحيربي عن شكره وتقديره للقيادة الرشيدة على توالي إطلاق المزيد من المبادرات ضمن مشاريع الخمسين، وتشجيع المواطنين على إطلاق مشاريع خاصة بهم، وتوفير السيولة والتمويل لهم.
مرحلة جديدة
ومن جهته، قال رائد الأعمال حاتم سعيد العمودي رئيس شركة نيوترال فيولز، إن حزم المشاريع التي تم الكشف عنها ضمن «مشاريع الخمسين» تؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة التطور الاقتصادي لدولة الإمارات، وتسهم في تسريع وتيرة التعافي الاقتصادي، التي تشهدها مختلف القطاعات، وفي مقدمتها المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وأشار إلى أهمية إطلاق صندوق الخريجين بقيمة مليار درهم، ودعم الطلاب الجامعيين والخريجين الجدد من المواطنين بقروض مالية مصغرة بهدف دعمهم لبدء مشاريعهم الخاصة، وذلك بالتعاون مع الجامعات في دولة الإمارات، مؤكداً أهمية المشروع في تخريج رواد أعمال وأصحاب مشاريع من الجامعات الوطنية وإشراك الجامعات أيضاً في خلق شركات ومؤسسات جديدة ترفد الاقتصاد الوطني.
وثمن العمودي المبادرات المعلن عنها ضمن مشاريع الخمسين، والتي تسهم في دعم رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة، وهو ما يعزز النمو بمختلف القطاعات الاقتصادية.
وأكد أن توفير التمويل للمشاريع الناشئة والصغيرة يفتح آفاقاً جديدة أمام الشباب الإماراتي المتطلع نحو تعزيز حضوره المحلي والإقليمي والعالمي مستقبلاً، ويساعد أصحاب المشاريع الناشئة على توسعة أعمالهم ودخول أسواق جديدة.
توسعة الأعمال
إلى ذلك، أكد الدكتور محمد الكتبي المدير العام لشركة فورسيزس، لأنظمة الأمن أن تخصيص مصرف الإمارات للتتمية 5 مليارات درهم لدعم مشاريع المواطنين يشجع الشركات الإماراتية على توسعة أعمالها، وافتتاح أفرع لها على المستويين المحلي والإقليمي، موضحاً أن توفير التمويل يعد المطلب الرئيس للشركات الناشئة والصغيرة. وأوضح الكتبي أن رواد الأعمال استقبلوا القرارات المعلن عنها مؤخراً بشأن توفير الدعم للمواطنين الراغبين في بدء عملهم خاص بكثير من التفاؤل والترحيب، موضحاً أن منح المواطن إجازة التفرغ للعمل الحر لمدة 6 أشهر إلى سنة، فضلاً عن تكفل الحكومة بدفع 50% من الراتب خلال 12 شهراً وهي فترة التفرغ، يشجع كثيراً من المواطنين على بدء عملهم الخاص. وأضاف أن مثل هذه القرارات تضع حلولاً لأهم مخاوف الشباب الراغبين في بدء عملهم الخاص، ولاسيما أن بعض الشباب قد يتردد في التخلي عن عمله الحكومي وبدء عمله الخاص خوفاً من تعثر المشروع في البدايات، ومن ثم فإن منحه إجازة تفرغ وحصوله على 50% من الراتب، يشجع الشباب على بدء مشاريعهم دون مخاوف.
«رواد الأعمال»: نقلة مرتقبة في وتيرة تأسيس المشاريع الناشـئة
أكد سند المقبالي رئيس مجلس إدارة جمعية رواد الأعمال الإماراتيين، أهمية المبادرات التي تم الكشف عنها مؤخراً ضمن «مشاريع الخمسين»، لرفع الكفاءة التنافسية للكوادر المواطنة، وتشجيعهم على بدء عملهم الخاص، وتأسيس المزيد من المشاريع الناشئة، ما يسهم في تحقيق نقلة نوعية في المسار التنموي بدولة الإمارات.
وأشار إلى أهمية إطلاق صندوق الخريجين بقيمة مليار درهم، ودعم الطلاب الجامعيين والخريجين الجدد من المواطنين بقروض مالية مصغرة بهدف دعمهم لبدء مشاريعهم الخاصة، وذلك بالتعاون مع الجامعات في دولة الإمارات، وهذا يدعم رواد الأعمال بشكل مباشر، حيث يعد التمويل من أهم التحديات التي تواجه أصحاب المشاريع الصغيرة والناشئة. وأشار المقبالي إلى أهمية القرارات الصادرة بشأن إعطاء الخريجين والعاملين فرصة التدريب المهني لمدة 12 شهراً، وقرار إجازة التفرغ الوظيفي للعمل الحر، بالإضافة إلى فرصة التقاعد المبكر الاختياري وغيرها، في تأهيل كوادر قادرة على النهوض بالاقتصاد، والمحافظة على الإنجازات الاقتصادية وتعزيزها محلياً وعالمياً.
وعبر المقالي عن شكره للقيادة الرشيدة، على دعمها المتواصل لرواد الأعمال، وحرصها على دعم أصحاب المشاريع الصغيرة، بوصفها المحرك الرئيس للاقتصاد الوطني.
%98 حصة القطاع
يمثل قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة نحو 98% من الشركات في الدولة، ويسهم بنسبة 29% من الناتج المحلي الوطني، وما نسبته 44% من الاقتصاد- غير النفطي.
وأظهر تقرير لصندوق خليفة لتطوير المشاريع، مؤخراً حول «الأثر الاقتصادي للصندوق خلال الفترة من 2007 إلى 2019»، أن الصندوق ساهم في خلق 15 ألف وظيفة جديدة في السوق المحلي فيما قدم نحو 1168 قرضاً مفعلاً بمجموع تراكمي يقدر بنحو 1.32 مليار درهم، بالإضافة إلى مساعدة 152 مشروعاً على التصدير إلى جميع أنحاء العالم، وتأسيس 6% من الشركات الإماراتية في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتحقيق عائد استثمار كلي بنسبة 15.5%.
الجدير بالذكر أن برامج الصندوق التمويلية بدأت عام 2007 مع إطلاق برامج «خطوة»، و«بداية»، و«زيادة»، ثم تمت إضافة القروض متناهية الصغر، «تصنيع»، «الحاصلة» و«زرعي».