ريم البريكي (أبوظبي)
استطاع الشاب محمد المرزوقي ذو الـ24 ربيعاً تغيير الصورة التقليدية للمهن والأعمال التي يقبل عليها شباب الوطن، بعدما حول محنة البحث عن وظيفة حكومية إلى منحة لتحقيق أحلامه وطموحه عبر مشروعه الخاص في «سوق السمك»، محققاً آماله نحو الاستثمار في قطاع المال والأعمال ليتدرج في مشروعه من بسطة صغيرة بالسوق إلى شركة يديرها بنفسه تقوم ببيع أنواع مختلفة من الأسماك.
وقال المرزوقي إنه وبعد عودته من الخدمة الوطنية فكر في البحث عن وظيفة، لكنه وجد صعوبة في الأمر، وبعد فترة قرر أن لا يقف مكتوف اليدين بانتظار الحصول على وظيفة روتينية.
انطلق المرزوقي طارقاً باب العمل الحر، بدعم من أسرته التي حفزته لدخول السوق بفكرة جديدة وذكية.
تكفلت الأسرة بإزالة عقبة رأس المال المطلوب لمشروع المرزوقي الخاص، بعدما نجح بإقناع جمعية صيادي أبوظبي بفكرته في الاستثمار، ورغبته في تسويق وبيع منتجات الجمعية على أن يدفع لقسم المحاسبة بالجمعية التكلفة المالية للأسماك ويحتفظ هو بربحه من عملية التسويق والبيع.
أظهر المرزوقي براعة في عمله، ليتمكن بالتدريج من فتح أول محل لمشروعه، وليدخل منافساً قوياً في سوق السمك.
مهنة الأجداد
وأوضح المرزوقي أنه ورث مهنة جده الذي كان بحاراً، ويمتهن بيع الأسماك في بداية الثمانينيات، والذي كان يفترش حصيرة على الأرض، ويبيع كل ما يقوم بصيده من ثروة سمكية. واعتبر المرزوقي مشروعه بمثابة إحياء لتراث الأجداد، وتجديد لهذه المهنة التي كانت مصدر رزق للأسر الإماراتية في الماضي، مشيراً إلى أنه تغلب على النظرة الدونية لمهنة البيع، وعدم تقبل المجتمع لها، مشيراً إلى أنه يشعر بالفخر بالإنجاز الذي حققه، وتمكنه من تغيير الفكرة الخاطئة حول العمل في السوق، وباعتباره نموذجاً وقدوة للجيل الصاعد من الشباب.
تحديات كثيرة
وأفاد المرزوقي بأن النجاح لم يكن بالأمر السهل مطلقاً، فقد واجه تحديات كثيرة، أبرزها تعرضه للانتقاد من جانب تجار منافسين، وتقليلهم من شأن خبرته وقدرته على التحمل والاستمرار بمشروعه، فكانت عباراتهم المحبطة اليومية تؤثر في نفسه بيد أن طموحه في تحقيق حلمه والوصول به قمة النجاح كان دافعه إلى جانب وقوف أسرته وأصدقائه إلى جانبه ودعمه على عدم الاستسلام والرضوخ للصعوبات.
كما واجه الشاب تحدياً أزعجه في بادئ الأمر، لكنه تجاوزه فيما بعد، تمثل في المنافسة الشرسة بالسوق، لتصقل في نفسه القوة في الاعتماد على ذكائه ومهاراته وتوظيفه للوسائل التقنية الحديثة للتسويق لمشروعه وتعريف أكبر شريحة من العملاء به، والعمل على معيار الجودة في كل ما يتم عرضه بالسوق من الأسماك.
وسائل التواصل
سلط المزروعي الضوء على مشروعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لينجح في البداية في تقديم خدمات إضافية للعملاء، منها توصيل السمك للمنازل، وتوفير ميزة الشواء وفق طلب العميل.
وبعد توسع تطبيقات التواصل الاجتماعي نشط المرزوقي في الترويج لمشروعه عبر تلك التطبيقات التي تستهدف ملايين المتابعين، حيث قدم عروضاً وخدمات جديدة، منها بيع السمك المملح والمجفف و«المفرزنات».
ونتيجة تلك الخدمات المتطورة التي لم يعرفها سوق السمك من قبل، استطاع المرزوقي كسب ثقة العملاء وزيادة عددهم، بالإضافة لنجاحه السريع في عقد الكثير من الصفقات مع عدد من المطاعم لتوريد الأسماك الطازجة يومياً لهم. بعدها قام المرزوقي بالتوسع في أعماله عبر افتتاح أول شركة عاملة بمنتجات الأسماك من خلال تقديم اكثر من 170 نوعاً من الأسماك الطازجة، إلى جانب أنواع أخرى من المنتجات البحرية مثل الأخطبوط والحبار والقباقب، وغيرها من خيرات بحر العاصمة.
نصائح للشباب
ونصح المرزوقي الشباب إلى قبول التحدي والدخول في سوق المال والأعمال والانطلاق بمشاريعهم نحو الأفق، ومواجهة أي صعوبات، مبيناً بأن أعداء النجاح كثر وينبغي عليهم الاستفادة من الفرص المعروضة بالسوق، وعدم الاكتراث للأقاويل والمحبطات التي تأتي من منافسيهم، وتحقيق النجاح بالصبر وتحمل المشاق، وعدم الاتكالية على الآخرين في إنجاز أعمالكم. ويقول المرزوقي:«النجاح لا يأتي دفعة واحدة»، داعياً الشباب الباحث عن فرص وظيفية لخلق تلك الفرص وعدم الاستسلام لأي ضغوط والشعور باليأس والإحباط، مؤكداً أن هناك العديد من المشاريع التي نجحت من دون تكلفة مالية كبيرة وأن الأهم من رأس المال هو اختيار فكرة المشروع بعناية ونوع النشاط التجاري ودراسته ومن ثم الانطلاق بعزيمة وإصرار لتحقيق الهدف المنشود وهو النجاح في خدمة الناس. وعن تعاملاته مع مختلف الجنسيات والأذواق في السوق، بين المرزوقي أن العمل مشوق وهناك طلبات منوعة للعملاء ومن خلال هذه التوصيات تمكنا من تلبية جميع الطلبات فأحدثنا تنوعاً كبيراً في المعروض من خيرات البحر، مشيراً إلى أن وقوف صاحب المشروع عليه ومتابعته ينتج عنه تطور ومعرفة أكبر لما هو مطلوب والقدرة على تلبية رغبات العملاء وتوفيرها بما يسهم في نجاح المشروع وتوسعته.