مصطفى عبد العظيم (دبي)
حملت مؤشرات النمو المتواصل في عدد أفرع الشركات الأجنبية في الإمارات، خلال السنوات العشر الأخيرة، والذي بلغت نسبته %52، العديد من الدلالات الإيجابية التي تعكس مدى ثقة مجتمع الأعمال العالمي في بيئة الأعمال الرائدة ل دولة الإمارات، ونجاح الجهود التي بذلتها الحكومة في تهيئة مناخ استثماري تنافسي وجاذب للشركات من كافة أنحاء العالم.
ويبلغ العدد الإجمالي لأفرع الشركات الأجنبية العاملة في الدولة حتى نهاية العام 2020، وفقاً لأحدث بيانات وزارة الاقتصاد، نحو أكثر من 2577 فرعاً مسجلاً ومرخصاً لدى الوزارة، تعود لأكثر من 114 جنسية، تعمل في مختلف القطاعات الحيوية في الدولة.
ووفقاً لتقارير العديد من المؤسسات الدولية، تمكنت الإمارات منذ سنوات طويلة من الشروع في تطوير بنيتها التحتية الصلبة والناعمة والرقمية، لتصبح محوراً تجارياً ومالياً واستثمارياً عالمياً، يجذب الشركات الدولية للتواجد والعمل من خلاله ليس فقط بهدف المنافسة في السوق المحلي، ولكن أيضاً لاتخاذه كبوابة رئيسية للانطلاق منها إلى الأسواق الإقليمية والعالمية لتحقيق مكاسب عابرة للحدود.
تنافسية عالمية
تمثل بيئة الأعمال في الإمارات اليوم إحدى الوجهات العالمية الجاذبة للشركات الأجنبية، بشهادة العديد من تقارير ومؤشرات التنافسية الدولية، حيث حققت ريادةً متميزة في عدد من المؤشرات العالمية، إذ تبوأت المركز الأول عربياً وإقليمياً والتاسع عالمياً في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2021 للعام الخامس على التوالي، وحافظت على المركز الأول عربياً وإقليمياً و16 عالمياً في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال 2020، وتم تصنيفها ضمن الدول الـ 10 الأولى على مستوى العالم خلال 2020 في 16 مؤشراً مرتبطاً بتطور البنية التحتية، كما حلت في المرتبة الأولى إقليمياً والرابعة عالمياً في المؤشر العالمي لريادة الأعمال 2020.
تقارير عالمية
ورصدت تقارير تنافسية عالمية العديد من المقومات التي تجعل من دولة الإمارات وجهة رئيسية للشركات العالمية، والتي من أبرزها، الاقتصاد المفتوح، سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، البنية التحتية الأكثر تطوراً، توفر الكفاءات والمواهب، وجود منظومة تشريعية هي الأكثر استعداداً ومرونة للمستقبل، جهوزية البنية التحتية الرقمية، الربط مع دول العالم بشبكة خطوط جوية وبحرية ضمن الأوسع انتشاراً، بوابة مثالية للانطلاق إلى الأسواق الخارجية، الريادة في مؤشرات التنافسية العالمية.
حوافز إضافية
كما شكلت التعديلات الأخيرة التي أقرتها حكومة دولة الإمارات على قانون الشركات التجارية، والتي أتاحت التملك الأجنبي للشركات والمشاريع بنسبة 100% في كافة القطاعات، باستثناء بعض الأنشطة المحدودة ذات الأثر الاستراتيجي، وأعفت فروع الشركات الأجنبية من شرط الوكيل المواطن، حافزاً جديداً يسهم في زيادة استقطاب الشركات الإقليمية والعالمية للعمل من دولة الإمارات، وتعزيز وتنويع تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الدولة خلال المرحلة المقبلة ولا سيما في قطاعات الاقتصاد الجديد، وبناء شراكات جديدة ومستدامة بين الشركات الأجنبية ونظيرتها من الشركات الوطنية.
إلغاء الوكيل
دخل إلغاء شرط الوكيل المواطن لفروع الشركات الأجنبية المسجلة في الدولة بموجب تعديلات قانون الشركات التجارية الأخيرة، حيز التنفيذ منذ شهر أبريل الماضي (2021) إذ لم يعد مطلوباً من أي شركة أجنبية ترغب في تأسيس فرع لها داخل الدولة تعيين وكيل خدمات مواطن لهذا الغرض، أما بالنسبة لفروع الشركات القائمة حالياً فيمكنها الاستفادة من هذه التعديلات عبر 3 خطوات مبسطة تتم إلكترونياً، تشمل التقديم على خدمة «تعديل فرع منشأة أجنبية» الإلكترونية على الموقع الإلكتروني الرسمي للوزارة، وإرفاق مستند إلغاء عقد وكيل الخدمات أو رسالة عدم ممانعة من وكيل الخدمات مع صورة من الهوية، ودفع الرسوم المقررة على خدمة التعديل.
شركات كبرى
ومن أبرز ما يؤكد سلامة النهج الذي تتبناه دولة الإمارات من خلال توفير بيئة اقتصادية منفتحة ومرنة وتطوير مقوماتها كمركز عالمي رائد للمال والأعمال والتجارة والاستثمار، هو نجاح دولة الإمارات في استقطاب أكثر من 25% من أكبر 500 شركة عالمية على قائمة فورتشن، مقراً لعملياتها الإقليمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأظهرت احدث قائمة نشرتها مجلة «فوربس» الأميركية، في شهر يوليو الماضي، استحواذ دولة الإمارات على نصيب الأسد في استضافة المقار الإقليمية لكبريات الشركات العالمية العاملة بالمنطقة، حيث تستضيف الدولة مقار إقليمية لنحو 46 من أصل 50 شركة، هي أهم الشركات العالمية العاملة في المنطقة، على غرار أمازون وجوجل وانتل وساب ومايكروسوفت وهانيويل وسيسكو وجنيرال إلكتريك وإيرباص وبوينج، نوفارتس ونستله، فضلاً عن العديد من أفرع البنوك العالمية مثل «اتش إس بي سي» و«ستاندرد تشارترد» البريطانيين و«البنك الصناعي والتجاري الصيني» و«بنك أوف أميركا»، وخدمات المدفوعات مثل «فيزا» و«ماستر كارد».
استراتيجيات متكاملة
وبتوجيهات من القيادة الرشيدة، تواصل حكومة دولة الإمارات توفير بيئة أعمال جاذبة للشركات الأجنبية واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتطوير استراتيجية متكاملة من قبل وزارة الاقتصاد، لزيادة استقطاب الشركات الأجنبية خلال المرحلة المقبلة، من خلال مسارات متعددة تشمل تطوير الخدمات المقدمة للمستثمرين، وإعداد خطة ترويجية وتعريفية للبيئة الاستثمارية، وتطوير قاعدة بيانات بالحوافز والمزايا والفرص والمشاريع في الدولة ليتم استعراضها في الفعاليات الاقتصادية مع الدول الشريكة والشركات العالمية، فضلاً عن إنشاء بوابة إلكترونية موحدة على الموقع الرسمي لوزارة الاقتصاد لتقديم كافة المعلومات والخدمات التي تهم الشركات الأجنبية عن بيئة الأعمال والاستثمار في الدولة، وتزويدهم بخدمات استباقية ومبتكرة لتمكينهم من إنجاز معاملاتهم وتأسيس ومزاولة أعمالهم عبر منصة إلكترونية وذكية مبتكرة.
تدفقات استثمارية
حققت الإمارات نمواً في حجم الاستثمارات الواردة إليها، حيث حلت في المرتبة الأولى عربياً وإقليمياً والـ 15 عالمياً من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر بحسب تقرير الأونكتاد الأخير، وجذبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تصل إلى 20 مليار دولار أميركي في عام 2020 على الرغم من التحديات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، وحققت نسبة نمو %11.24 عن 2019، مستحوذة على %49 من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى مجموعة الدول العربية.
10 خدمات إلكترونية
تقدم وزارة الاقتصاد عبر موقعها الإلكتروني الرسمي 10 خدمات إلكترونية مخصصة لقطاع الشركات الأجنبية وفروعها في الدولة، بصورة ميسرة وعبر خطوات بسيطة يتم من خلالها تقديم الطلب ورفع المستندات المطلوبة، وتشمل هذه الخدمات: طلب موافقة مبدئية لفرع شركة أجنبية وطلب تسجيل فرع منشأة أجنبية، وطلبات تجديد القيد والتعديل والبيع والاندماج وشطب القيد والتجميد وإعادة التجميد الخاصة بفروع الشركات القائمة في الدولة، وطلبات مستخرجات البيانات الخاصة بهذه الشركات.
مركز إقليمي وعالمي للشركات الناشئة
أصبحت الإمارات بفضل بيئة أعمالها المتميزة مركزاً إقليمياً وعالمياً للشركات الناشئة والمشاريع المبتكرة الراغبة في تحقيق التوسع والحصول على فرص التمويل الجيد والشراكات المثمرة والوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، ولدى الإمارات العديد من قصص النجاح لشركات أجنبية بدأت خارج الدولة ولكنها توسعت منها وصولاً إلى العالمية، وأخرى لشركات بدأت في دولة الإمارات ووصلت إلى العالمية، مثل: شركة (SWVL) للحلول الذكية للنقل الجماعي، والتي أسسها شاب عربي في دبي عام 2017، ووصل بها إلى العالمية، حيث تم إدراجها عبر بورصة ناسداك بقيمة تتجاوز 1.5 مليار دولار، وأيضاً موقع سوق دوت كوم للتجارة الإلكترونية الذي بدأ في الأردن وتطور في دولة الإمارات وتم بيعه في عام 2017 إلى أمازون، وشركة كريم لخدمات التوصيل التي بدأت في دولة الإمارات وبيعت إلى شركة أوبر في عام 2020 وتقدم خدماتها حالياً لـ14 دولة، وشركة أرامكس التي بدأت في الأردن وتطورت في دولة الإمارات وتقدم خدماتها حالياً لـ58 دولة حول العالم.