يوسف البستنجي (أبوظبي)
يقف سوق السيارات اليوم على مشارف «نقطة التحول»، نحو الانتقال السريع لأسواق السيارات الكهربائية، حيث تشير التوقعات إلى أن العشرات من الشركات المنتجة للسيارات في العالم ستبدأ بطرح منتجاتها الخاصة في هذا القطاع اعتباراً من 2022.
ومع نجاح شركات صناعة السيارات العالمية في تطوير التكنولوجيا الخاصة بهذا القطاع، لاسيما إنتاج بطاريات قادرة على تزويد السيارة الكهربائية بالطاقة لتقطع مسافة تتجاوز 560 كيلومتراً دون الحاجة لإعادة التعبئة، وإنتاج سيارات كهربائية تتجاوز قوتها 400 حصان، بتكلفة وقود واستهلاك أقل بكثير مقارنة مع السيارات التقليدية، فإن عوامل الحسم الرئيسية في قرار المستهلك، لتعزيز توجهاته نحو هذا النوع من المنتجات أصبحت متوافرة.
وقال لؤي الشرفاء، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة ‹جنرال موتورز› في أفريقيا والشرق الأوسط لـ «الاتحاد»: إننا نمضي نحو عصر جديد من التنقل يتضمن احدث التقنيات التكنولوجية والاستدامة بجوهرها الحقيقي، مدعوماً بضرورة جعل كوكبنا مكانًا أكثر أمانًا ونظافة للعيش فيه.
وأضاف: من خلال القيادة الكهربائية والذاتية، فإننا نتعامل مع العديد من تحديات الطرق بدءاً من تخفيض بصمتنا الكربونية ووصولاً إلى جعل طرقاتنا حافلة بالأمان وأقل ازدحاماً.
وقال: تحرص «جنرال موتورز» على الريادة في هذا المجال على مستوى العالم من خلال مبادرة صفر حوادث، صفر انبعاثات وصفر ازدحام مروري.
وأضاف: لقد التزمنا بطرح 30 سيارة كهربائية على مستوى العالم بحلول عام 2025.
وقال الشرفاء: بينما تُعد المركبات الكهربائية مجرد جزء واحد من التنقل المستقبلي، إلا إننا نتبنى أيضاً القيادة الذاتية في المنطقة، عبر شركة (كروز) المملوكة بغالبيتا من شركة جنرال موتورز وبالشراكة مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي، حيث سيجري إطلاق مركبات الأجرة ذاتية القيادة وخدمات النقل بوساطة، سائق بحلول عام 2029 والعاملة بتقنية بطاريات مخصصة للمركبات الكهربائية من شركة جنرال موتورز.
فضلاً عن ذلك، قمنا بزيادة استثماراتنا في مستقبل السيارات الكهربائية والمركبات ذاتية القيادة حتى 35 مليار دولار بين عامي 2020 و2025، مما يضيف 8 مليارات دولار لتسريع مهمتنا.
وقال: لدينا في المنطقة على وجه التحديد، خطط قوية لجعل المركبات الكهربائية جذّابة ومتاحة للجميع، بما في ذلك الإطلاق القادم لمركبتي ‹شفروليه بولت EUV› و›جي إم سي هامر EV› وكاديلاك LYRIQ قريباً.
كما نعمل على تحقيق رؤيتنا المشتركة على مستوى المنطقة، والتي تمكّننا من تطبيق تقنياتنا لدعم الحكومات في إرساء البنى التحتية المناسبة لتعزيز جاهزية المركبات الكهربائية.
التمويل المصرفي
ومن جهته، قال مصرف أبوظبي الإسلامي لـ «الاتحاد»: إن دولة الإمارات العربية المتحدة، تملك واحدة من أكثر البنى التحتية تطوراً في العالم ومن ضمنها البنية التحتية اللازمة لتطور ونمو قطاع السيارات الكهربائية.
وأوضح المصرف: أن الإجراءات التي بدأت الجهات الحكومية بتنفيذها تظهر أن البنية تحتية في الدولة، ستكون جاهزة تماما لتحقيق قفزة كبيرة في نمو سوق السيارات الكهربائية خلال فترة زمنية قصيرة.
ولفت المصرف إلى أن التمويل المصرفي لهذا القطاع بدأ يشهد نمواً متزايداً اعتباراً من العام الجاري، حيث سجلت القروض الممنوحة لتمويل السيارات الكهربائية نمواً بنسبة تتجاوز 10% هذا العام، متوقعاً أن يشهد هذا القطاع نمواً كبيراً في المرحلة المقبلة.
انطلاقة جديدة
وقال مصدر مصرفي مطلع لـ«الاتحاد»: إن قطاع السيارات الكهربائية في الدولة ما زال في بداية انطلاقته، حيث إن الموديلات المطروحة وعددها مازال محدوداً نسبياً، لكن تشير التوقعات إلى أن عام 2022 سيشهد طرح عشرات الموديلات الجديدة، في حين ستكون البنية التحتية لخدمة هذا القطاع قد استكملت بنسبة كبيرة، ولذا تتوقع البنوك أن تشهد قفزة في الطلب على تمويل السيارات الكهربائية خلال العام المقبل.
وأوضح أن معظم الموديلات التي يتم تمويلها حتى الآن تتراوح أسعارها بين 120 إلى 500 ألف درهم، ولذا فهي ما زالت خارج متناول يد الفئة محدودة الدخل، لكن الأعوام المقبلة بالتأكيد ستشهد طرح موديلات وأنواع من السيارات الكهربائية الرخصية نسبياً، الذي سيكون له تأثير كبير وملموس على السوق والبيئة.
«أبوظبي للتوزيع»
وبدأت شركة أبوظبي للتوزيع الأسبوع الماضي، بتجهيز أنظمتها تحضيراً لتوفير نظام جديد لشحن بطاريات السيارات الكهربائية لعملاء الشركة، سواء في المنزل أو خارجه، ودعت الشركة جميع العملاء الذين يملكون جهاز شحن للمركبات الكهربائية أن يقوموا بالتسجيل من خلال الروابط الإلكترونية للشركة، وذلك في إطار إعلانها عن تعرفة جديدة لشحن المركبات الكهربائية.
السوق العالمي
وعالمياً، يشهد قطاع السيارات الكهربائية تطوراً ونمواً يفوق التوقعات، حيث كانت تشير معظم الدراسات إلى أن التحول الرئيسي في هذا القطاع قد يحصل بعد عام 2040، لكن التطورات التكنولوجية السريعة تشير إلى أن نقطة التحول قد تكون خلال السنوات القليلة المقبلة.
لذلك لم يك غريباً اتخاذ عمالقة صناعة السيارات في العالم قرارات تاريخية نحو التحول الكلي لهذا النوع من السيارات، حيث أعلنت شركة مرسيدس-بنز أنها تسعى إلى إنتاج سيارات تعمل بالبطاريات الكهربائية في جميع قطاعات عملها بحلول عام 2022.
واعتباراً من عام 2025، ستكون جميع الطرازات الجديدة التي تطرحها العلامة مصممة خصيصاً للسيارات الكهربائية، كما ستتاح للعملاء فرصة اختيار بديل كهربائي بالكامل من جميع الطرازات التي تصنعها الشركة.
وبهدف تسهيل عملية التحول، كشفت مرسيدس-بنز عن خطة شاملة تتضمن تسريع وتيرة البحث والتطوير.
وتشير التقديرات إلى أن إجمالي قيمة الاستثمارات التي ستوظفها الشركة في مجال السيارات التي تعمل بالبطارية خلال السنوات المقبلة من 2022 إلى 2030 ستبلغ أكثر من 40 مليار يورو.
وسيفضي تسريع وتيرة بناء محفظة الشركة من السيارات الكهربائية وتوسيع نقاطها إلى إحداث نقلة نوعية في مسيرة التحول نحو اعتماد السيارات الكهربائية.
كما أعلنت شركة فولكسفاغن الألمانية والتي تعد أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم من حيث المبيعات أنها تخطط لإنتاج 80 طرازاً من السيارات الكهربائية الجديدة.
وأوضحت الشركة أن السيارات الجديدة ستحمل العلامات التجارية المتنوعة للمجموعة بحلول 2025 وذلك بزيادة من 30 طرازاً عن خطط الشركة السابقة.
ووفقاً للبيانات التي توفرها شركات صناعة السيارات، فإن المسافات التي تقطعها السيارات الكهربائية من دون الحاجة لإعادة الشحن تتراوح بين 300 إلى 565 كيلومتراً تقريباً، فيما تحتاج إعادة الشحن إلى فترة تصل نحو 10 دقائق لكل 100 كيلومتر.