محمد كركوتي
«الدواء يشفي من الأمراض ومن الشكوك أيضاً» كارل ماركس، مفكر ألماني.
حسناً، حققت شركات الأدوية التي مُنحت التراخيص لإنتاج اللقاحات ضد فيروس «كوفيد - 19»، أرباحاً كبيرة في فترة قصيرة. كان هذا متوقعاً، ولاسيما في ظل العدد القليل لهذه اللقاحات. فالعالم لا يزال يحاجة إلى المليارات من الجرعات حتى نهاية العام الجاري، لتكتمل خريطة التطعيم المأمولة أو لتقترب من المستويات المحددة لها. ورغم تدفق هذه اللقاحات بمستويات متفاوتة، لم يبلغ مستوى التطعيم في القارة الإفريقية (مثلاً) أكثر من 2% بينما وصل في أوروبا إلى 42%. في هذه الأثناء تتلقى الشركات المنتجة الطلبات من الحكومات والهيئات الدولية المختلفة، ما رفع من حجم الإيرادات المالية الهائلة لها. وهذا ما يبرر ارتفاع أسهم المؤسسات المعنية في الأسواق العالمية، علماً بأنها حتى قبل تفشي «كورونا»، كانت تتمتع بملاءة مالية هائلة، واستثمارات متزايدة، نتيجة الطلب على منتجاتها الأخرى.
لم تخف شركة «فايزر» الأميركية أنها تستهدف إيرادات مع نهاية العام الحالي من لقاحها تصل إلى 33.5 مليار دولار. فقد بلغت مبيعاتها في النصف الأول هذا العام 10.8 مليار دولار، بينما لا تزال في بداية إنتاجها. بالطبع تصدرت الشركة القائمة في هذا المجال، لتأتي بعدها «بايونتيك» بمبيعات قيمتها 7.3 مليار يورو في الفترة نفسها، في حين تتوقع أن تصل إلى 15.9 مليار يورو بنهاية العام. وبلغت مبيعات «أسترازينكا» البريطانية 1.1 مليار دولار، ولم تعلن عن حجم مبيعاتها المتوقعة بنهاية العام، لكنها تتلقى طلبات لا تنتهي ولاسيما من الجهات الأوروبية، ومن عدد من الدول الآسيوية مثل الهند. بينما باعت شركة «جونسون أن جونسون» في الستة أشهر الأولى بقيمة 264 مليون دولار، وتتطلع لـ 2.5 مليار دولار بنهاية العام الجاري.
هذه العوائد الهائلة لشركات الأدوية ليست جديدة. ففي العقدين الماضيين، قفز حجم الإنفاق العالمي على الدواء بسرعة كبيرة، ليصل في العام الماضي إلى 1.3 تريليون دولار، بسبب التطور الحضري، ونجاح مشاريع الأمم المتحدة الإنمائية التي تشمل الجانب الصحي حول العالم. وبحلول نهاية العام الجاري من المتوقع أن يبلغ حجم سوق الدواء ما بين 1.5 و 1.6 تريليون دولار، مع ارتفاع الطلب على اللقاحات، الأمر الذي سيدفع بمزيد من العوائد إلى شركات الأدوية، التي تستفيد أيضاً وبوتيرة متسارعة من تطور التكنولوجيا الحيوية، وهو قطاع يُتوقع أن يسود الساحة الصحية عالمياً في السنوات المقبلة. ولذلك فإن الاستثمارات ترتفع في هذا القطاع الحيوي المتعاظم من حيث حجمه وتأثيره، وأيضاً من جهة الطلب على منتجاته في كل الأوقات.
مع وجود جائحة «كورونا» على الساحة، زاد العالم من تطلعه لشركات الأدوية، بعد أن قتل الوباء 3 ملايين شخص وأصاب أكثر من 200 مليون آخرين. وفي الأشهر المتبقية من العام الحالي، ستشهد أسهم هذه الشركات قفزات نوعية في البورصات العالمية، مستندة إلى ما حققته من أرباح وعوائد بسبب «طفرة» جائحة لم يتوقعها أحد.