سيد الحجار (أبوظبي)
يُعد رجل الأعمال حسين جاسم النويس، أحد الرواد الأوائل في مجال المال والأعمال، وكانت له مساهمات بارزة في النهضة الاقتصادية التي شهدتها الدولة على مدى العقود الماضية، سواء من خلال نشاطه في القطاع الخاص، أو من خلال العمل العام، إذ تولى العديد من المناصب المتنوعة، وفي مقدمتها جهوده في تأسيس ورئاسة مجلس إدارة صندوق خليفة لتطوير المشاريع خلال الفترة من 2007 إلى عام 2020، حيث استطاع الصندوق خلال هذه الفترة، توفير التدريب المتخصص في مجال ريادة الأعمال لآلاف الشباب المواطنين، وتوفير التمويل لعددٍ كبير من المشاريع الرائدة التي ساهمت في تعزيز أداء الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادره، وتدعيم أسس استقراره. ومع نجاح تجربة صندوق خليفة المتميزة، وبتوجيهات من القيادة الرشيدة، تولى النويس عملية نقل تجربة الصندوق إلى دول شقيقة وصديقة، شملت 22 دولة في أوروبا وآسيا وأفريقيا.
النشأة والتعليم
ولد حسين جاسم النويس في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي لأسرة امتهنت التجارة فبرعت بها، وحققت نجاحات بارزة قبيل تأسيس الاتحاد. وترعرع النويس في إمارة أبوظبي، ودرس في مدارسها قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة لإكمال دراسته الجامعية، حيث حصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال، بتخصص إدارة مالية من كلية لويس وكلارك، في بورتلاند بولاية أوريغون الأميركية عام 1979، كما تدرب بعد تخرجه في بنك استثماري بنيويورك، وانخرط في دورات عدة في الإدارة التنفيذية من جامعة انسياد الفرنسية، ولندن بزنس سكول ذائعة الصيت في بريطانيا.
عمل خاص
وبدأ النويس رحلته في مجال الأعمال مبكراً، حيث عاصر بدايات قيام دولة الاتحاد، وتشجيع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، للمواطنين للعمل في المجالات كافة، ليشق طريقه في العمل بالقطاع الخاص، معتمداً على نفسه، ومستمداً إلهامه من دعم القيادة الرشيدة واستراتيجياتها وسياساتها الرامية لدعم القدرات المواطنة، ليؤسس شركة النويس للاستثمار في عام 1979، والتي بدأت العمل في مجالات عدة، منها التجارة والخدمات وبعض الأنشطة الأخرى، مستفيداً من البيئة الاستثمارية الجاذبة والمزايا التنافسية التي حرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على ترسيخها منذ قيام دولة الاتحاد. واليوم تضم مجموعة النويس نحو 20 شركة تنشط في مجالات عدة، منها خدمات الهندسة، والإنشاء والصناعة، والرعاية الصحية، وقطاع المعلومات، والاتصالات والتكنولوجيا، والقطاع العقاري والضيافة، وقطاع النفط والغاز والبتروكيماويات، فضلاً عن تطوير مشاريع الطاقة والبنية التحتية.
ملفات تنموية
شغل النويس العديد من المناصب الحكومية، وأدار الكثير من المشاريع والملفات الاقتصادية والتنموية الناجحة والمميزة سواء على مستوى أبوظبي أو على مستوى دولة الإمارات، حيث استفاد كثيراً من خبراته وتجاربه بالقطاع الخاص، الأمر الذي انعكس على طريقة إدارته لتلك المشاريع بعيداً عن البيروقراطية والروتين، مقترباً أكثر لعقلية ونظرية القطاع الخاص القائمة على السرعة والمرونة واقتناص الفرص وسرعة الإنجاز بأقل التكاليف.
وشغل النويس منصب عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، منذ عام 2000 حتى 2005، حيث كان عضواً فاعلاً ومؤثراً على مدى سنوات طويلة، خاصة في ملف الصناعة، حيث تولى رئاسة لجنتها، ولعب دوراً بارزاً في توطيد العلاقات الاقتصادية الإماراتية مع العديد من الدول، من خلال استقبال العديد من الوفود الاستثمارية والاقتصادية من مختلف الدول، فضلاً عن المشاركة في العديد من المؤتمرات والفعاليات الاقتصادية الدولية، للترويج لاقتصاد الإمارة، والمساهمة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للدولة. كما كان النويس عضواً في الفريق المكلف بصياغة وتطوير رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030، وتولى ملف تنمية وتطوير ثقافة ريادة الأعمال في أبوظبي عبر تكليفه بتأسيس وترؤس مجلس إدارة صندوق خليفة لتطوير المشاريع خلال الفترة من 2007 إلى 2020.
نهضة صناعية
للنويس دور بارز في مجال الصناعة، حيث شغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة العامة (مجموعة صناعات) حتى عام 2019، ليسهم بدور فعال في مسيرة تطوير القاعدة الصناعية غير النفطية في إمارة أبوظبي، فخلال الفترة من 2004 إلى 2018 تضاعفت أصول الشركة نحو 8 مرات لتصل إلى نحو 27.3 مليار درهم، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 15.5% في معدل النمو السنوي المركب منذ انطلاق «صناعات» في عام 2004. ونفذ النويس خطة تطويرية اعتمدت على إعادة هيكلة الشركة وتنفيذ برنامج خصخصة متميز عبر طرح جزء منها للاكتتاب العام، مثل شركات «أركان» و«أغذية»، في حين تمت إعادة هيكلة شركات أخرى عبر الشراكة الاستراتيجية مع شركاء استراتيجيين، مثل الشركة الوطنية للإنشاءات البترولية، وإبقاء الشركات التي تعنى بالصناعات الأساسية، مثل الحديد والصلب، مملوكة بالكامل للدولة، مع تنفيذ خطط توسعة وتطوير ضخمة، مثل ما جرى في مصنع حديد الإمارات. ويركز النويس في نشاطه الاستثماري على إعادة هيكلة الشركات وتشغيلها وتحويلها إلى الربحية في مختلف المجالات والقطاعات، وبسبب شغفه في هذا العمل فقد حقق الكثير من النجاحات والإنجازات في هذا المجال. ويمتلك النويس خبرة تمتد إلى أكثر من 40 عاماً في مجالات الخدمات المصرفية والمالية، والاستثمارات، والصناعات الثقيلة والبتروكيماويات، والطاقة، والضيافة، والعقارات.
مهام حكومية متنوعة
شغل النويس مناصب أخرى، حيث كان عضواً في مجلس إدارة بنك أبوظبي التجاري بين 2019 و2020، ثم أصبح نائب رئيس مجلس الإدارة حاليا في البنك، كما شغل منصب رئيس مجلس إدارة «الواحة كابيتال» بين 2006 و2018، ورئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للإنشاءات البترولية حتى عام 2019، حيث تمكن من توسيع نشاطها الجغرافي لتصل إلى الهند وماليزيا والسعودية، وتصبح واحدة من كبريات الشركات العاملة في مجال الإنشاءات البترولية وخدمات حقول النفط، وشغل أيضاً منصب رئيس صندوق الشرق الأوسط للبنية التحتية، وهو صندوق استثماري معني بالاستثمار في مشاريع البنى التحتية العملاقة.
كما كان عضواً مؤسساً ومن كبار المساهمين في شركة الظفرة للتامين، وتولى رئاسة لجنة تأسيس القطار في أبوظبي، ثم تولى تأسيس شركة الاتحاد للقطارات، وقام بالإشراف على الدراسات والاستراتيجيات اللازمة للانطلاق في خدمات النقل بالقطارات.
كذلك تولى النويس ملف تطوير المناطق الاقتصادية المتخصصة حيث شغل منصب رئيس اللجنة التنفيذية في مجلس إدارة المناطق الاقتصادية المتخصصة، وعضو مجلس إدارة سوق أبوظبي للأوراق المالية، وعضو مجلس إدارة مصرف الإمارات الصناعي، الذي تحول فيما بعد إلى مصرف الإمارات للتنمية.
كذلك كان للنويس مساهمات بارزة في مجال قطاع التعليم والتدريب، فقد تولى النويس تأسيس ورئاسة مجلس إدارة معهد أبوظبي للتدريب والتعليم المهني في عام 2008 كما شغل منصب عضو في مجلس إدارة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا.
عضويات دولية
كما أصبح حسين جاسم النويس عضواً في مجلس الأعمال الآسيوي في هونغ كونغ، وهو ومجلس يضم كبار المديرين التنفيذيين ورؤساء الشركات العالمية في آسيا، كما حصل على عضوية مجلس ادارة ويلسون للدراسات الاستراتيجية، فضلاً عن أنه عضو في المنتدي الاقتصادي العالمي منذ عام 1982 وحتى الآن، وعضو مؤسس بمجلس الشركات العائلية الخليجية منذ 2016. وعضو مجلس إدارة شركة روتانا لإدارة الفنادق، منذ 1992.
طاقة متجددة
وفي عام 2020 عاد النويس للعمل في القطاع الخاص، من خلال شركة «أيميا باور» المتخصصة بقطاع الطاقة المتجددة، والتي أسسها النويس عام 2016، حيث تمكنت الشركة خلال السنوات الخمس الماضية من تنفيذ مشاريع طاقة نوعية في أكثر من 15 دولة، تشمل جمهورية مصر العربية والاردن وتونس والمغرب وتوغو تشاد ومالي وسيراليون وبوركينا فاسو وكينيا وأوغندا وغيرها، وللشركة خطط واستراتيجيات قوية للدخول في أسواق جديدة في آسيا وأفريقيا لتكون الشريك الموثوق للحكومات الباحثة عن التنمية والتطوير في بلدانها.
مساهمات خيرية وجوائز
يمتلك حسين جاسم النويس سجلاً حافلاً في مجال العمل الخيري، حيث إنه عضو مؤسس في صندوق الوطن، ذلك الصندوق الذي نفذ العديد من المبادرات النوعية والريادية في مختلف القطاعات.
كما أن للنويس مساهمات خيرية متنوعة داخل الإمارات وخارجها من خلال مساهمته ومشاركته في الأعمال الإنسانية والخيرية، من خلال عضويته في جمعية رحمة لمساعدة مرضى السرطان، ومساهماته عبر هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وغيرها من الأعمال الإنسانية.
وخلال مسيرته الممتدة لنحو 50 عاماً، حصل النويس على العديد من الجوائز والتكريمات، كما تم اختيار شركة النويس للاستثمار ضمن قائمة «فوربس الشرق الأوسط» لأقوى 100 شركة عائلية عربية في عام 2021، وفي عام 2017 تم اختيار حسين جاسم النويس ضمن قائمة أذكى 100 شخصية عربية لمجلة «أريبيان بزنس».