الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تحويل الأموال لا يحد من نمو الاقتصاد

زيادة تحويلات الأفراد مؤشر على نجاح الفرص الاستثمارية
23 مايو 2021 02:40

حسام عبد النبي (دبي)

جاء تقرير البنك الدولي، حول أكبر الدول المصدرة للتحويلات المالية خلال عام 2020، ليطرح تساؤلات تتعلق بتأثير التحويلات على اقتصاديات الدول المصدرة للمال، حيث يعتقد البعض أن خروج التحويلات المالية من أي دولة قد يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، إذ إن تلك المليارات لو بقيت في داخل الدولة، كانت ستصبح أكثر جدوى في تمكين الاقتصاد من النمو المطرد ومواجهه التداعيات الناجمة عن أزمة جائحة «كوفيد - 19».
ويدعم أصحاب هذا الرأي وجهه نظرهم بالقول: إن الدول المستقبلة للتحويلات المالية تستفيد من تلك التحويلات في تنويع مصادر الدخل والحفاظ على استقرار عملاتها الوطنية عبر زيادة الرصيد المتاح لديها من العملات الأجنبية الصعبة، إلى جانب تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتخفيف حدة الفقر، وتالياً تتمكن حكومات تلك الدول من جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتقوية اقتصاداتها المحلية.
ووفقاً لتقرير البنك الولي الصادر مؤخراً حول أكبر الدول المصدرة للتحويلات المالية خلال عام 2020، فقد تصدرت قائمة الدول المستقبلة للتحويلات المالية من دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة الهند بقيمة 83.1 مليار دولار، تلتها الصين 59.5 مليار دولار، ثم المكسيك 42.9 مليار دولار، والفلبين بـ34.9 مليار دولار، ومصر بـ 29.6 مليار دولار ثم باكستان 26.1 مليار دولار.
فيما قدر التقرير القيمة الإجمالية للتحويلات المالية من الإمارات خلال العام الماضي بنحو 157.8 مليار درهم (43.2 مليار دولار).

إجراء مقارنة
وتفصيلاً أكد محمد الأنصاري، رئيس مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي، ورئيس مجلس إدارة شركة الأنصاري للصرافة، رفضه التام للآراء التي ترى أن زيادة التحويلات المالية تسبب ضرراً للاقتصاد الوطني لأي دولة، مشدداً على ضرورة عدم النظر فقط إلى قيمة التحويلات من الدولة من دون مقارنة ذلك الرقم بحجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي استقطبتها تلك الدولة، فعلى سبيل المثال بلغت قيمة التحويلات المالية المصدرة من الإمارات في العام الماضي (43.2 مليار دولار)، وفي المقابل ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في الدولة إلى 19.88‬ مليار دولار في عام 2020، بنسبة نمو 44.2% عن العام السابق.

وقال الأنصاري: إن الإمارات دائماً ما تميزت بالقدرة على اتخاذ القرارات الجريئة والذكية لتشجيع الاستثمار الأجنبي، وتوفير الأمان الاقتصادي والحوافز المميزة للمستثمرين الأجانب، ما جعل الشركات العالمية تفضل العمل في الدولة، وتالياً فإن فرض أي قيود على حركة التحويلات المالية وحرية دخول وخروج رؤوس الأموال سيضر بالاقتصاد المحلي بقدر أكبر من الضرر المزعوم من التحويلات المالية، موضحاً أن فرض أي قيود من شأنه أن يجعل المستثمر الأجنبي يتخوف بشأن قدرته على تحويل أرباحه إلى الخارج، وعلى العكس فإن زيادة الثقة في عدم وجود أي معوقات على التحويلات تجعل المستثمر الأجنبي يفضل إعادة توظيف أرباحه في داخل الدولة وتنمية استثماراته، خاصة في ظل توافر الفرص الاستثمارية الجيدة. 
وأضاف الأنصاري، أنه من الخطأ الكبير أيضاً ما يروج له البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن ضرورة التفكير في فرض ضريبة على التحويلات المالية أو منع تلك التحويلات أو فرض رسوم حكومية عليها، محذراً من أن اتخاذ أي من تلك القرارات سيفتح الباب على مصراعيه أمام التحويلات المالية عبر القنوات غير الرسمية وهو أمر يؤثر سلباً، ولافتاً في الوقت ذاته إلى أنه بدلاً عن ذلك النوع من الضرائب، يمكن فرض ضريبة على الدخل، وهو أمر مطبق في الكثير من الدول المتقدمة، حيث يدفع المستثمر الأجنبي نسبة تصل إلى 40% كضريبة على الدخل.
وفند الأنصاري، الآراء التي ترى أنه من الضروري وضع قيود على تحويلات الأفراد من الفئات الأكثر تحويلاً، خاصة من العمالة بزعم أنها تعد من الفئات المهمشة والمستضعفة التي تواجه مشكلات اجتماعية واقتصادية في بلدانهم الأصلية، فذكر أن الوافدين للعمل في دولة الإمارات يلعبون دوراً مهماً في النمو الاقتصادي الحادث في الدولة، ولهم إسهامات مهمة في المشاريع التنموية، إلى جانب مساهمتهم في مواجهه نقص الأيدي العاملة، نظراً لقلة تعداد المواطنين بشكل عام.
وأشار إلى أن الدول التي تحقق أعلى معدلات نمو اقتصادي جاءت في صدارة الدول المصدرة للتحويلات المالية، ما يؤكد عدم وجود ضرر من زيادة التحويلات المالية من الدولة، حيث حلت الولايات المتحدة الأميركية في المركز الأول بإجمالي تحويلات مالية وصل إلى 68 مليار دولار، فيما جاءت السعودية بالمركز الثالث عالمياً بتحويلات بلغت 34.6 مليار دولار، ثم سويسرا بـ 28 مليار دولار، فألمانيا بـ 22 مليار دولار، مختتماً بالتأكيد على أن دولة الإمارات نجحت في تحقيق نمو اقتصادي مطرد على مدار السنوات الماضية، رغم تزامن ذلك مع زيادة حجم التحويلات المالية المصدرة إلى الخارج. 

أهمية الحرية
من جهته، يرى أحمد علي بن حيدر، مدير عام شركة موارد للصرافة، أن رؤية دولة الإمارات بعدم وضع قيود على التحويلات المالية سواء للأفراد أو الشركات، هو قرار حكيم ويتوافق مع مستهدفات الدولة لأن تصبح في صدارة الدول العالمية الجاذبة للاستثمارات الأجنبية، موضحاً ذلك بأن حرية الاستثمار وعدم وضع قيود على التحويلات المالية للشركات باتت من أهم الأمور التي تدرسها الشركات العالمية قبل اختيار الدول التي تستثمر فيها، وهنا جاء تميز دولة الإمارات في هذا الشأن، حيث لم تضع أي قيود على التحويلات المالية، وتالياً استفادت الدولة عبر جذب رؤوس أموال أجنبية ضخمة للاستثمار المباشر، فضلاً عن استقرار وتوطين الاستثمارات الوافدة، بمعني أن المستثمر الأجنبي أصبح يفضل البقاء والنمو والتوسع داخل الدولة وعدم تحويل رأس المال أو الأرباح إلى الخارج.

  • زيادة تحويلات الافراد مؤشر على نجاح الفرص الاستثمارية في الدول المصدرة
    زيادة تحويلات الافراد مؤشر على نجاح الفرص الاستثمارية في الدول المصدرة

وأكد ابن حيدر، أن وجود العمالة الوافدة ساعد دولة الإمارات على مواجهه قلة الأيدي العاملة المواطنة، إلى جانب أن ازدهار الاستثمار الأجنبي بشكل عام أفاد الدولة عبر تحريك الاقتصاد وزيادة عدد المشاريع التنموية التي استفاد منها مواطنو الدولة في المقام الأول، ومكنت الحكومة من تحسين الخدمات المقدمة ورفع مستوى المعيشة، وصولاً إلى تحقيق رفاهية العيش لسكان الدولة.
وأشار إلى أن أفضل رد على من يرى أن زيادة التحويلات المالية من الإمارات أمر يضر بالاقتصاد، هو الواقع الفعلي، فعلى الرغم من الزيادة المطردة في حجم التحويلات المالية إلى الخارج منذ بدء الطفرة الاقتصادية التي حققتها الدولة، فمازال النمو الاقتصادي والازدهار مستمراً، ما يعني أن التحويلات المالية المتدفقة إلى الخارج لم تؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، مختتماً بالتنبيه إلى أن حرية وزيادة التحويلات المالية وعدم وضع قيود على تحويلات الأفراد أو الشركات، أكسب الإمارات صورة ذهنية متميزة لدى المستثمرين وشعوب الدول المختلفة بأن الإمارات هي موطن الفرص الاستثمارية الواعدة، وتالياً تسابقت الشركات الأجنبية على ضخ سيولة استثمارية للعمل انطلاقاً من الدولة.

سهولة الأعمال
بدوره، قال طارق قاقيش، مدير عام شركة سولت للاستشارات المالية، إنه يمكن القول إن خروج العملات الصعبة «بشكل كبير» عبر التحويلات المالية لا يساعد الاقتصاد، ولكن الأمر يختلف من دولة إلى أخرى.
وأضاف أنه فيما يخص دولة الإمارات فإنها تتميز بسهولة ممارسة الأعمال التجارية، وبالتالي سهولة حركة الأموال من وإلى خارج الدولة، ما يعطي الطمأنينة للمستثمر ويعمل على جذب استثمارات خارجية بشكل مستمر، مؤكداً أنه لا يمكن التخوف بشأن تأثير التحويلات المالية سلباً على الاقتصاد الإماراتي، نظراً لأن عائدات الدولة بالدولار الأميركي، ما يمنح الموازنة مرونة التعامل حال خروج العملة الصعبة والتي تحتاج إليها أي دوله للدفاع عن عملته المحلية، بالإضافة إلى أن الإمارات لديها فوائض مالية ضخمه تمنحها القدرة على التعامل مع أي تحديات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©