عاطف عبدالله (أبوظبي)
تشهد المملكة العربية السعودية منذ الإعلان عن «رؤية 2030» في أبريل 2016 حراكاً اقتصادياً واجتماعياً وهيكلياً شاملاً لتهيئة البيئة اللازمة لتحقيقها.
وتعتمد الرؤية، التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، على ثلاثة محاور هي «مجتمع حيوي.. اقتصاد مزدهر.. وطن طموح»، كما تشمل 13 برنامجاً لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الـ96 للرؤية.
ومكنت هذه الرؤية المملكة، من مواجهة تحديات كوفيد-19، حيث تشير التقديرات الأولية لعام 2021 إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 3.2% مدفوعاً بافتراض استمرار تعافي الأنشطة الاقتصادية خلال العام، إضافة إلى الدور الإيجابي المتوقع لإنفاق الصناديق التنموية وتنفيذ المشاريع الكبرى وبرامج التخصيص وبقية برامج تحقيق الرؤية.
ومع احتفال السعودية بمرور خمس سنوات على إطلاق رؤيتها التنموية، نستعرض أبرز الإنجازات المحققة عبر البرامج المختلفة لرؤية 2030.
الاستدامة المالية
منذ إطلاقه، عام 2017، أسهم برنامج الاستدامة المالية في السيطرة على نسب العجز من الناتج المحلي الإجمالي من 15.8% عام 2015 إلى 4.5% في 2019، كما انخفض متوسط التباين السنوي للأداء الفعلي لإجمالي النفقات عن تقديراتها في الميزانية من متوسط 16% خلال الفترة من 2014 إلى 2016 إلى متوسط 4% خلال الفترة من 2017 إلى 2019.
ومن الإنجازات التي حققها البرنامج في مجال الضرائب، أتمتة وتطوير الإجراءات والأنظمة، وارتفاع عدد الإقرارات الزكوية والضريبية إلى 1.9 مليون إقرار، بنمو 700%، وكذلك ارتفاع نسبة الالتزام بتقديم الإقرارات الزكوية والضريبية إلى 95% عام 2020، وإطلاق بوابة وتطبيق «زكاتي» المخصصة لزكاة الأفراد، التي استقطبت 60 ألفاً، وتم استلام 156 مليون زكاة مدفوعة حتى 2020.
وأسهم البرنامج أيضاً في إصلاح بعض التشوهات الاقتصادية وحفز على الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية، وعلى سبيل المثال تم الربط التدريجي لأسعار الطاقة حتى الوصول للسعر المرجعي.
ومن خلال المركز الوطني لإدارة الدين، بلغت الزيادة في حجم التداول بالسوق الثانوية المحلية نحو 70 مليار ريال من الصفقات عام 2020، مقارنة بـ10 مليارات ريال عام 2019، بزيادة 600% على أساس سنوي.
كما شهد عام 2020 زيادة قاعدة المستثمرين الدوليين 12.4%، وتم إصدار أول سندات دولية بعائد سلبي خارج الاتحاد الأوروبي في عام 2021 وثاني أكبر سندات خارج الاتحاد الأوروبي.
تطوير القطاع المالي
حقق برنامج تطوير القطاع المالي منذ انطلاقته عام 2018 الكثير من الإنجازات حيث ارتفعت نسبة المعاملات غير النقدية إلى 36% عام 2019، متخطية هدف البرنامج المقدر بـ28% لعام 2020.
كما سعى البرنامج ضمن جهوده لتعزيز الادخار بتخفيض القيمة الاسمية للصكوك المدرجة الصادرة عن حكومة المملكة، نتيجة لتغيير القيمة الاسمية من مليون ريال إلى 1000 ريال للصك دون تغيير في حجم الإصدار، بهدف تمكين الراغبين في الاستثمار من الشراء فيها واستخدامها لأدوات استثمار وادخار. كما تم إطلاق سوق المشتقات المالية، ويمثل هذا الإطلاق خطوة مهمة في مساعي تطوير السوق المالية السعودية، وتزويد المستثمرين بمجموعة متكاملة ومتنوعة من المنتجات والخدمات.
وصعد ترتيب المملكة في 13 من مؤشرات التنافسية العالمية المتعلقة بالسوق المالية، خاصة بعد التغيرات التي طرأت عليه، ومن أهمها زيادة انفتاح السوق المالية السعودية (تداول) بانضمامها للمؤشرات العالمية، حيث تم إدراج (تداول) بمؤشرات "إم إس سي آي"، و"ستاندرد آند بورز داو جونز"، و"فوتسي راسل"، والتي أدت إلى جلب تدفقات مالية أجنبية تصل إلى 76 مليار ريال وبالتالي توسيع قاعدة المستثمرين في السوق المالية وتحسين مستويات السيولة فيها.
وحققت المملكة تقدماً كبيراً في مؤشر حماية الأقلية للمستثمرين إلى المرتبة السابعة عالمياً، كما حصلت على العضوية في مجموعة العمل المالي "فاتف"، حيث أصحبت عضواً كاملاً ضمن 37 دولة في العالم وهي أول دولة عربية تحقق هذه العضوية.
ووصل عدد شركات المدفوعات في قطاع التقنية المالية المصرح لها إلى 13 شركة، بالإضافة إلى 32 شركة صرح لها في البيئة التجريبية، كما تم التصريح لتجربة التقنية المالية لسبع شركات في مجال أعمال الأوراق المالية.
برنامج الخصخصة
يقدم برنامج الخصخصة 160 فرصة في 16 قطاعاً، حيث تم ترسية 18 مشروعاً تخصيصاً وشراكة مع القطاع الخاص، في مجالات المياه والصرف الصحي والموانئ والمطارات والتعليم والمطاحن، فيما لا يزال هناك 21 مشروعاً في مراحل مختلفة من الطرح في قطاع البلديات وقطاع الصحة وقطاع التعليم وقطاع البيئة والمياه والزراعة وقطاع العمل والتنمية الاجتماعية.
وفي عام 2020، وبالرغم من جائحة كورونا، تم إكمال عدد من مشاريع التخصيص في قطاعات التعليم والمياه (معالجة مياه الصرف الصحي والتحلية) باستثمارات من القطاع الخاص بلغت قرابة 15 مليار ريال.
برنامج الإسكان
حقق برنامج الإسكان لهدفه الاستراتيجي المتمثل بالوصول إلى 60% نسبة تملك في 2020 مقارنة بنسبة 47% قبل إطلاقه في 2016، كما أكد البرنامج مواصلته تحقيق مستهدفاته من خلال دعم الأسر السعودية وتمكينها من التملك أو الانتفاع من المسكن الأول.
وتمكن البرنامج من إلغاء مفهوم الانتظار للدعم السكني وإتاحة الاستحقاق الفوري للمواطنين من خلال تقديم حلول تمويلية وخيارات سكنية متنوعة، ما أسهم في استفادة أكثر من 834 ألف أسرة سعودية منها أكثر من 310 آلاف أسرة سكنت منازلها.
ووفر البرنامج السكن الملائم للأسر الأشد حاجة، عبر توفير أكثر من 46 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة، كما تم إطلاق منصة جود الإسكان والتي تُعنى بإتاحة الفرصة لإشراك المجتمع لتقديم يد العون للعطاء الخيري السكني بالتعاون مع 121 جمعية خيرية، حيث أسهمت المنصة في دعم أكثر من 23 ألف أسرة وبمساهمات مجتمعية تجاوزت 400 مليون ريال.
وتبنى البرنامج استخدام تقنيات البناء الحديثة لتسريع وتيرة التطوير والمساهمة في تخفيض التكلفة، حيث بلغ عدد الوحدات السكنية المطورة أكثر من 62 ألف وحدة سكنية، كذلك طُبق نظام رسوم الأراضي البيضاء على إجمالي مساحات تتجاوز 400 مليون متر وتحصيل أكثر من 1.4 مليار ريال يتم استثمارها في تطوير البنية التحتية لمشاريع الإسكان.
ووفر برنامج الإسكان أكثر من 141 ألف وحدة سكنية من خلال تفعيل الشراكة مع المطورين العقاريين وتعزيز الشراكة مع البنوك والمؤسسات التمويلية، لتسهيل تقديم القروض العقارية للأسر السعودية، ما أسهم في نمو عدد القروض العقارية من 20 ألف عقد في عام 2016 إلى 295 ألف عقد في عام 2020، كما تم إطلاق الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري لتعزيز السيولة في سوق التمويل.
وأطلق برنامج الإسكان مبادرة فرز الوحدات العقارية التي تهدف إلى فرز أو إعادة فرز مبنى أو مجمع عقاري إلى وحدات عقارية عدة، حيث تم فرز أكثر 230 ألف وحدة، كما أطلق برنامج "ملاك" الذي يهدف إلى تنظيم العلاقة بين أصحاب الملكية المشتركة، إذ بلغ عدد جمعيات الملاك المسجلة أكثر من 10 آلاف جمعية، ولتنظيم قطاع الإيجار وحفظ حقوق (المؤجر، المستأجر والوسيط العقاري) تم إطلاق برنامج "إيجار"، فيما بلغ عدد العقود الإيجارية الموثقة أكثر من 1.4 مليون عقد، أيضاً تم إطلاق وتفعيل مركز خدمات المطورين العقاريين "إتمام" لتسريع وتسهيل رحلة المطور لتطوير المشاريع السكنية، حيث بلغ عدد المخططات السكنية المعتمدة 329 مخططاً.
السياحة
مثلت السياحة مقوماً رئيساً في تحقيق رؤية 2030، وفي هذا السياق تم إنشاء وزارة السياحة، وتأسيس صندوق التنمية السياحي برأسمال 15 مليار ريال، وإطلاق الكثير من المشاريع العملاقة مثل «نيوم» و«أمالا» و«البحر الأحمر» و«القديّة» و«بوابة الدرعية»، التي من شأنها أن تسهم في جذب المزيد من الحركة السياحية الوافدة إلى المملكة.
كما ارتفع حجم الإنفاق السياحي من 130.5 مليار ريال عام 2015 إلى 164.6 مليار ريال عام 2019، بزيادة 26%.
إطلاق نظام التأشيرة الإلكترونية، وبموجبها تمكن سياح 49 دولة من الحصول الفوري على التأشيرة، وإصدار 440 ألف تأشيرة حتى مارس 2020، فضلاً عن برامج التدريب والتأهيل على مستوى قطاعي السياحة والضيافة، والتي من المنتظر أن توفر 100 ألف وظيفة جديدة للكوادر الوطنية بحلول نهاية هذا العام.
تعزيز بيئة الأعمال
في إطار تنفيذ رؤية 2030، تعددت المبادرات الهادفة إلى توفير بيئة تدعم إمكانات الأعمال وتُوسع القاعدة الاقتصادية، بما أسهم في مضاعفة أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020 بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في 2015.
وفى السياق ذاته، ساهمت بيئة الأعمال المتميزة كذلك في نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إلى 17.62 مليار ريال بنمو 331% بعد أن كانت 5.321 مليار ريال قبل إطلاق الرؤية.
القطاع غير النفطي
أسهمت رؤية المملكة 2030 في رفع نسبة الناتج غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 59 في المائة في عام 2020 بعد أن كانت 55 في المائة في عام 2016. وارتفعت الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 369 مليار ريال عام 2020 بعد أن كانت 166 مليار ريال عام 2015 بزيادة إلى 222%، فيما زاد عدد المصانع 38% ليصبح 9984 مصنعاً مقارنة بـ7206 مصانع قبل إطلاق الرؤية، وتزامن ذلك مع إطلاق مبادرات رائدة، منها: برنامج «صنع في السعودية»، وبرنامج «شريك» لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وزيادة وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإنشاء بنك التصدير والاستيراد، وإطلاق نظام الاستثمار التعديني.
سوق العمل
تمكن برنامج التحول الوطني 2020 ضمن رؤية المملكة من تخفيض معدل بطالة السعوديين من 11.6% إلى 9%، وزيادة نسبة القوى العاملة النسائية في سوق العمل إلى 28% والعمل على تنمية قدرات المستفيدين من خدمات الوزارة وجعلهم فاعلين في العملية الإنتاجية.
وشملت مخرجات الاستراتيجية الموحدة لمنظومة العمل والتنمية الاجتماعية رفع أعداد المتطوعين في منظمات القطاع الثالث غير الربحي إلى 300 ألف متطوع وزيادة نسبة مساهمة القطاع الثالث في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 16 مليار ريال.