أبوظبي (وام) اعتبر محلل اقتصادي دولي أن إطلاق بورصة أبوظبي انتركونتيننتال للعقود الآجلة واستمرار الأسواق العالمية للأسهم والسلع بالتداول - بثقة ملحوظة - خلال جائحة «كوفيد-19» يعد إنجازا استثنائيا خاصة في ظل الظروف العالمية غير المستقرة والتداعيات الاقتصادية الناتجة عن الجائحة.
وقال باتريك إل يونغ الرئيس التنفيذي السابق ومقدم بوابة "Exchange Invest" في مقال نشرته جريدة " The National " إن إطلاق بورصة جديدة للعقود الآجلة في مثل هذا الوضع غير المستقر عالميا يعد أمرا فريدا من نوعه، وأكد أن إطلاق 19 عقدا آجلا في وقت واحد لسوق جديد يعد إنجازا رائعا تحت كل الظروف.
وأضاف: "من قلب سوق أبوظبي العالمي انطلقت بورصة أبوظبي انتركونتيننتال للعقود الآجلة كمركز لتحقيق التميز وتطوير التداول في العقود الآجلة لخام مربان، ففي خطوة تشير فيما يبدو إلى بداية حقبة جديدة في تداول النفط الخام قامت بورصة انتركونتيننتال "ICE" ومقرها مدينة اتلانتا وبالتعاون مع شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" إضافة إلى 9 شركات رائدة في مجال الطاقة بإنشاء البورصة الجديدة حيث بدأ تداول العقود الآجلة لخام مربان من خلالها والتي تهدف الى جعل "مربان" خاما معيارا رئيسا للتداول بناء على أهميته المحورية في أسواق النفط في المنطقة.
وأكد باتريك إل يونغ أن شفافية المعلومات والبيانات حول مدى توافر خام مربان للتصدير، فضلا عن سهولة التداول والوصول من خلال المنصات الالكترونية، قبل إطلاق بورصة ابوظبي للعقود الآجلة، جذب العديد من السلطات القضائية المختصة بعمليات التداول للاعتراف بهذه البورصة قبل انطلاق أعمالها، وبعد 504 أيام تم إطلاق بورصة أبوظبي انتركونتيننتال للعقود الآجلة من الصفر وبطريقة سلسة بالرغم من القيود والتداعيات الناتجة عن فيروس كورونا الأمر الذي كان ينظر إليه أنه من الصعب تحقيقه في أحسن الأحوال.
وأوضح أن العقود الآجلة لخام "مربان" تتمتع بمكانة رائدة تؤهلها لأن تصبح مؤشرا سعريا جديدا للنفط مثل "برنت" و"غرب تكساس الوسيط" في ظل ما توفره بورصة أبوظبي انتركونتيننتال من تسعيرة مستقبلية مستقلة قائمة على حركة السوق والذي يمثل عاملا أساسيا لنجاح عقود خام مربان الآجلة.
وتحدث باتريك إل يونغ عن تاريخ أسواق العقود الآجلة في نيويورك ولندن وانتشار الأسواق الإلكترونية ومؤشرات أسواق الشرق الأوسط، وقال "إن الاستقرار السياسي في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ساعد خلال حقبة أواخر الحرب الباردة في ثمانينيات القرن الماضي أسواق العقود الآجلة في نيويورك ولندن على الحفاظ على مكانتها كأسواق مرجعية للطاقة".
ونوه إلى أنه مع انتشار الأسواق الإلكترونية في كل مكان تقريبا مع حلول الألفية الجديدة، تراجعت تكاليف تشغيل العقود الآجلة، حيث كان العديد من المتداولين يجتمعون في صالات التداول، وكان إنشاء مثل هذه الصالات باهظ التكلفة، وقد أتاحت الأسواق الحديثة التي تعتمد على أجهزة الكمبيوتر للمتعاملين فرصة الحصول على العديد من شاشات العرض التي تسمح لهم بمتابعة عمليات التداول في عدد كبير من الأسواق في الوقت نفسه. وقال: " بدعم من الشبكات الإلكترونية وانفتاح العديد من الاقتصادات في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفيتي السابق سعى المشاركون والمتداولون للوصول إلى المزيد من المعايير الدقيقة، وشهدنا بعدها إطلاق عقود طاقة جديدة من دبي إلى سان بطرسبرج بما في ذلك مؤشر اليابان كوريا القياسي لعمليات تسليم الغاز الطبيعي المسال إلى شمال شرق آسيا". وأضاف باتريك إل يونغ: " ومع ذلك استمر عدم وجود مؤشر قياسي لأسواق العقود الآجلة للنفط في الشرق الأوسط على الرغم من وجود السيولة العالية، كان ملء هذا الفراغ النسبي عاملا دافعا وراء إنشاء بورصة أبوظبي انتركونتيننتال للعقود الآجلة وتداول العقود الآجلة لخام مربان وربطها في شبكة بورصة انتركونتيننتال العالمية مثل بورصات أتلانتا ولندن وأمستردام وسنغافورة، بما في ذلك بورصة انتركونتيننتال/ICE/ للعقود المستقبلية لخام برنت، السوق الرائد التي يتم فيه تداول ما يقارب مليار برميل يوميا من خلال عقود خام برنت.
وأشار إلى أن الإثارة عمت جميع أرجاء مدينة لندن عندما انطلقت أعمال منصة سانت كاثرين يوم الخميس 23 يونيو عام 1988 حيث تم تداول 624 عقدا من عقود برنت في اليوم الأول من التداول.. وبعد 33 عاما ظهرت عقود مربان الآجلة لأول مرة في بورصة أبوظبي انتركونتيننتال للعقود الآجلة في 29 مارس حيث تم تداول 8854 عقدا، وبحلول 7 أبريل ارتفع هذا الحجم إلى رقم قياسي يومي بلغ 14419 عقدا على الرغم من عطلة نهاية الأسبوع الطويلة لعيد الفصح التي قللت الاهتمام بالتداول عبر العديد من القارات، وبحلول الأسبوع الثالث، تم كسر هذا الرقم القياسي عندما تم تداول 16305 عقود في يوم واحد، وبحلول الأسبوع الرابع، تم تحطيم هذا الرقم القياسي مرة أخرى عندما تم تداول 18848 عقدا في 20 أبريل. وأكد أنه انطلاقا من هذه البداية الرائعة سيكون من السهل تكرار حجم هذه التعاملات وسيصبح أمرا مفروغا منه.
وقال باتريك إل يونغ:" عادة ما يستغرق إقناع المتداولين الجدد بمزايا العقد الآجل شهورا وسنوات لكن العقود الآجلة لخام مربان انطلقت وحولها العشرات من التجار المتحمسين من شركات الطاقة الكبرى في العالم ويمثل هذا أيضا حدثا غير مسبوق في هذا المجال، ولك أن تتعجب من نمو بورصة أبوظبي انتركونتيننتال للعقود الآجلة حيث يتقدم مربان على ما يبدو ليصبح ثالث نفط قياسي في العالم جنبا إلى جنب مع كل من خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت.. تداول بورصة أبوظبي انتركونتيننتال للعقود الآجلة بأكثر من مائة مليون برميل من مربان في شهره الأول يمثل أمرا غير مسبوق".