حسونة الطيب (أبوظبي)
بدأت عجلة الطلب الدوران من جديد في بعض شركات صناعة السيارات مثل، فورد وفولكس فاجن وجنرال موتورز، بعد تعافيها من حالة البطء التي لحقت بها جراء انتشار فيروس «كورونا».
ويشكل نقص أشباه الموصلات «الرقاقات»، التي تتحكم في المحركات والوسائد الهوائية والشاشات التي تعمل باللمس، عقبة في تكملة هذا المشوار.
وتفاءلت بعض الشركات مثل فولكس فاجن وجنرال موتورز، بتعافي القطاع بداية فصل الخريف، حيث بدأ الطلب في التخلص من وتيرة البطء التي لازمته إبان انتشار الوباء، لتعود الماكينات في المصانع، لهديرها مجدداً.
وفي المقابل، بدأت بعض المشاكل تلوح في الأفق، مثل تلك التي بين فولكس فاجن وشركة كونتيننتال لتوريد قطع الغيار، التي اعتذرت عن توفير جملة من المكونات الأساسية التي تحتاجها فولكس فاجن، وذلك نتيجة لنقص عالمي في أشباه الموصلات.
وبعد إعلان كونتيننتال وشركة روبرت بوش، عن توقفهما الكامل عن توريد القطع المطلوبة، لجأت فولكس فاجن لوقف إنتاج أكثر موديلاتها طلباً مثل، أودي في مصانع في الصين وأوروبا وأميركا الشمالية. ونظراً لهذا النقص في الرقاقات، اضطرت فولكس فاجن، لإعطاء عطلات غير مدفوعة الأجر لنحو 10 آلاف من عمالها لأول مرة منذ انطلاق عمليات الإغلاق في موسم الربيع الماضي.
كما قلصت فورد وهوندا وشركات أخرى، إنتاج الشاحنات نصف نقل، للسيارات الخصوصية.
تراجع الإنتاج
وربما ينتج عن هذا الشح، انخفاض في إنتاج قطاع السيارات العالمي، يصل لنحو 700 ألف سيارة، أقل مما كان مخططاً له في الربع الأول من العام الجاري.
وأعلنت جنرال موتورز مؤخراً، عن زيادة فترة التوقف في مصانعها في كنساس وكندا والمكسيك، حتى منتصف مارس، حيث تتوقع أن يقضي هذا النقص في الإنتاج، على 1.5 مليار دولار من أرباحها، المقدرة بنحو 3.5 مليار دولار هذا العام، بحسب وول ستريت جورنال.
واتجهت فورد، لخفض أو وقف إنتاج بعض الموديلات، نتيجة للنقص في أشباه الموصلات، بما في ذلك أكثر الموديلات مبيعاً في أميركا، شاحنة بيك أب أف- 150. وتتوقع الشركة، أن ينجم عن هذا النقص، تراجع في إنتاج السيارات، بنسبة تصل لنحو 20% خلال الربع الأول من العام 2021.
وتعمل هوندا، على تخفيف حدة هذا التأثير من خلال ضبط معدل الإنتاج، مع تشغيل مصانعها في أميركا الشمالية بالسعة الدنيا.
أما شركة تويوتا، فقد تمكنت من التصدي لهذا النقص، نظراً لما تملكه من مخزون كافٍ من هذه الرقاقات، ما أدى لتحقيق زيادة في أرباحها.
ومن المرجح، أن تكون الشركات الصينية، أقل تأثراً بهذا النقص، نسبة لمخزونها الوفير من هذه المكونات.
عناصر التحكم
وتستخدم السيارات في المرحلة الحالية، الرقاقات التي تساعد في التحكم في عناصر من المحركات وناقل السرعة، إلى مثبت السرعة والوسائد الهوائية والمكابح والمقاعد الكهربائية.
وزاد عدد الرقاقات، مع زيادة استخدام التقنيات الرقمية في السيارات، بما في ذلك نظم الترفيه عبر الشاشات، والتي أصبحت مضماراً تحتدم فيه المنافسة بين الشركات.
لذا فقد ألقت تداعيات نقص الرقاقات، السريعة والعالمية، بظلالها على الصناعة، وكشفت المشكلات الهيكلية لصانعي السيارات، حيث أصبحت أشباه الموصلات أكثر ضرورة.
ولا تتوقع شركات صناعة الرقاقات والسيارات، انتهاء هذه المشكلة حتى النصف الثاني من هذه السنة، بينما يرى بعض خبراء القطاع، استمرارها حتى حلول السنة المقبلة.
وبينما كانت شركات صناعة السيارات، تفرض شروطها على شركات صناعة قطع الغيار، لم تنجح في تطبيق ذات الاستراتيجية مع التي تقوم بصناعة أشباه الموصلات، نظراً للطيف الواسع من الاستخدام للرقاقات في صناعات مختلفة ومن ثم قوة الطلب عليها، خاصة مع إطلاق شبكات الجيل الخامس.
كما ألقت بعض شركات صناعة السيارات، باللوم على موردي القطع، حيث بدأت بعض الشركات الموردة، بتضمين الرقاقات داخل هذه القطع.
وبلغ حجم شراء قطاع السيارات من الرقاقات، نحو 43 مليار دولار في 2019، ما يساوي 10% من السوق العالمية للسلعة.
وتعتبر الشركة التايوانية لصناعة أشباه الموصلات، الأكبر في العالم من حيث المبيعات، وهي الأكبر لإنتاج أجهزة التحكم الدقيقة، التي تشكل صميم هذا النقص.
وربما تعود أسباب أزمة نقص أشباه الموصلات، لبداية انتشار وباء كورونا، عندما أوقفت شركات صناعة السيارات، استعداداتها لإنتاج السيارات الجديدة، بينما قلص الموردون الطلب على الأجهزة الإلكترونية، مراهنين على عدم الحاجة لكميات كبيرة منها في المستقبل.