سيد الحجار، يوسف العربي (أبوظبي)
أكد صناعيون ورجال أعمال أهمية الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة «مشروع 300 مليار» التي تم إطلاقها مؤخرا، في النهوض بالقطاع الصناعي في الدولة، ودعم استراتيجية الدولة بشأن تحقيق التنوع الاقتصادي القائم على الإبداع والابتكار، مشيرين إلى عدة مقترحات تسهم في تعزيز نمو القطاع الصناعي بالإمارات.
وأشار مشاركون في مجلس «الاتحاد» الرمضاني الافتراضي الذي جاء بعنوان «الصناعة في الإمارات.. الواقع والمستقبل» إلى أهمية استهداف استراتيجية الصناعة لتعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الدولة في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول العام 2031، في دعم النمو الاقتصادي بالدولة، لاسيما مع تركيز الاستراتيجية على تهيئة بيئة الأعمال الجاذبة والمحفزة للاستثمار المحلي والأجنبي، من خلال توفير مزايا وتسهيلات تنافسية.
وقدم المشاركون 7 مقترحات وتوصيات لدعم القطاع الصناعي في الدولة وتعزيز النمو بالقطاع، وتشجيع الشباب على بدء الاستثمار بالصناعة.
وأشاروا إلى أهمية إطلاق الهوية الصناعية الموحدة «اصنع في الإمارات»، في دعم الصناعة الوطنية، والمساهمة في إنشاء المزيد من الشركات وتأسيس المصانع الجديدة، لاسيما مع استهداف الاستراتيجية دعم تأسيس 13500 شركة ومؤسسة صغيرة ومتوسطة.
وأكدوا أهمية اعتماد استراتيجية مصرف الإمارات للتنمية بمحفظة تمويلية قيمتها 30 مليار درهم مؤخرا، في دعم مختلف القطاعات ضمن المنظومة الاقتصادية النشطة في دولة الإمارات.
شارك في مجلس الاتحاد الرمضاني الذي أداره حسين الحمادي، رئيس القسم الاقتصادي بصحيفة «الاتحاد»، كل من سعيد غمران الرميثي الرئيس التنفيذي لشركة حديد الإمارات، وإسماعيل علي عبدالله الرئيس التنفيذي لشركة ستراتا، وعيسى عبدالله الغرير رئيس مجلس إدارة مجموعة عيسى الغرير للاستثمار، وعبدالله عمر باعبيد رجل الأعمال والرئيس التنفيذي لمجموعة «إيه أم جي»، ومحمد المنصوري رائد الأعمال وصاحب أحد المصانع بأبوظبي.
الناتج المحلي
وأكد سعيد غمران الرميثي الرئيس التنفيذي لشركة حديد الإمارات أهمية الاستراتيجية الوطنية للصناعة في النهوض بالقطاع الصناعي، بما ينعكس على الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن أهمية الصناعة تظهر في زيادة مساهمتها في الناتج القومي بالدول الكبرى، لافتا إلى أهمية تركيز الاستراتيجية الوطنية للصناعة على مضاعفة مساهمة القطاع الصناعي بالإمارات من 133 مليار درهم حاليا، وهو ما يعادل 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 300 مليار درهم بحلول العام 2031.
وقال: إن قطاع المعادن يشكل جزءا مهما من منظومة الصناعة بالدولة، موضحا أن البيانات الصادرة مؤخرا عن دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي أظهرت أن مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة خلال 2020 بلغت 6.3% فيما سجل القطاع مساهمة بنسبة 10.7% في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي خلال نفس الفترة.
وأضاف أن الشركات الإماراتية العاملة في هذا المجال ومنها «حديد الإمارات» حققت إنجازات صناعية متميزة، حيث تلعب دورا بارزا في دعم الاقتصاد الوطني من خلال مساهمتها الفاعلة في برامج تعزيز القيمة المحلية المضافة، وتوظيف وتأهيل وتمكين الكفاءات الإماراتية.
وأوضح الرميثي أنه رغم ذلك لا يمكن تجاهل وجود تحديات تواجه قطاع الصناعة، مشيدا في ذات الوقت باهتمام وزارة الصناعة والتكنولوجيا بالاستماع إلى أراء أصحاب المصانع والعاملين بالقطاع، وهو ما ظهر في تغطية الاستراتيجية الوطنية للصناعة لكافة جوانب الصناعة، ما يعزز التفاؤل بحدوث نقلة نوعية مرتقبة في القطاع الصناعي خلال السنوات المقبلة.
ولفت إلى أهمية تركيز الاستراتيجية على الذكاء الاصطناعي، والتي تسهم في رفع كفاءة المصانع بشكل عام بالدولة، وتوفر استهلاك الطافة، ورفع الكفاءة، وتطوير المنتجات.
صناعة استراتيجية
من جانبه، قال إسماعيل علي عبد الله، الرئيس التنفيذي في «ستراتا للتصنيع»: إن قطاع صناعة الطيران من القطاعات التي حظيت باهتمام بالغ ضمن الإستراتيجية الوطنية للصناعة، وذلك ضمن الصناعات الفضائية. وأوضح أن الجائحة أبرزت أهمية مواصلة الاستثمار الاستراتيجي في الصناعة.
ولفت إلى أن شركة ستراتا للتصنيع بدأت منذ 11 عاماً، واليوم تمتلك الشركة 20 خط إنتاج لصناعة أجزاء طيران أو أجزاء من المركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية، وكذلك صناعة معدات السلامة والوقاية الشخصية.
ونوه بأن العديد من الطائرات في العالم تحلق بأجزاء صنعت بفخر في الإمارات، وأن 8% من الطائرات ذات البدن العريض في العالم تحلق بأجزاء صنعت في الإمارات.
وأوضح أن هذه المسيرة الناجحة لشركة ستراتا تؤكد على تنافسية المنتج الإماراتي وقدرته على التحليق في أجواء العالم.
صناعات غذائية
بدوره، أكد عيسى عبدالله الغرير، رئيس مجلس إدارة شركة «عيسى الغرير للاستثمار» أن الصناعات الغذائية ركيزة أساسية في اقتصاد أي دولة حيث يتصدر الغذاء الاحتياجات الأساسية للإنسان، موضحا أن الجائحة برهنت أن دولة الإمارات لديها من الإمكانيات بالقطاع الخاص والحكومي ما استطاعت به مواجهة تحديات الجائحة بكفاءة واقتدار.
وأكد الغرير أهمية تمكين الشباب وتقديم الدعم الكافي على جميع المستويات للانخراط في مجال الصناعات الغذائية عبر توفير الأراضي وتقديم القروض وبرامج التدريب، موضحا أنه في حال تم تقديم الدعم لمائة مشروع للشباب واستطاع 25% منهم النجاح والاستمرار والتوسع فهذا الأمر يعتبر إنجازاً كبيراً من شأنه أن ينعكس على الاقتصاد الوطني.
وقال: إن إعادة تفعيل دور مصرف الإمارات للتنمية سيكون له انعكاسات إيجابية قوية على القطاعات الصناعية على أن تتركز مبادرات البنك خلال المرحلة المقبلة على المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال.
وفي المقابل، أكد الغرير أنه يتعين على الشباب أن يتمتع بالمثابرة، وروح التحدي، والحرص على تعلم الصناعة من القاع إلى القمة، بما يضمن إلمامهم بأبعاد الصناعة لتزيد فرص نجاحهم.
بيئة جاذبة
من جانبه، قال رجل الأعمال عبدالله عمر باعبيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إيه أم جي»: إن هناك مقومات عدة تؤهل قطاع الصناعة بالإمارات لمواصلة النمو وتجاوز التحديات المرتبطة بتداعيات جائحة «كوفيد- 19»، أهمها الاستقرار السياسي والأمني، والسمعة الطبية للإمارات، وسهولة تنقل الأموال، وهو ما يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الجديدة بالقطاع.
وأوضح أن الإمارات توفر بيئة مثالية للمستثمرين في قطاع الصناعة، لاسيما في ظل تميز الإمارات بالموقع الجغرافي الاستراتيجي، وتوافر الخدمات اللوجستية وشبكات النقل القوية والمناطق الحرة الرائدة بالمنطقة، بجانب سهولة ممارسة الأعمال في الدولة من حيث الإجراءات والتراخيص، رغم وجود مطالبات بمزيد من التسهيلات ومواجهة التحديات التي لا تزال تواجه أصحاب المشاريع لاسيما الصغيرة.
وأضاف باعبيد أن الصناعة في الإمارات تستفيد كذلك من البنية التحتية القوية، من توفر الكهرباء والماء والطرق، فضلا عن البنية التحتية بمجال التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي.
وأوضح باعبيد أن أزمة «كورونا» زادت أهمية الاكتفاء الذاتي بالعديد من المجالات، وفي مقدمتها المنتجات الغذائية والطبية، لتحقيق الأمن الغذائي والدوائي، موضحا أن بعض القطاعات شهدت نموا في الأعمال خلال الجائحة.
وعي صناعي
بدوره، أشار رائد الأعمال محمد المنصوري صاحب مصنع جلفا بروتك بأبوظبي، إلى أهمية نشر الوعي الصناعي بين الشباب، لاسيما أن أعداد الشباب المواطنين في القطاع يعد محدودا، رغم تميز القطاع الصناعي في الإمارات من كافة الجوانب، فضلا عن الثقة العالمية في المنتج الإماراتي، ومن ثم فإنه من الضروري استغلال هذه الثقة وتشجيع الشباب على العمل بالقطاع الصناعي.
ولفت المنصوري إلى ضرورة توفر الدعم الكامل للشباب لتشجيعهم على العمل بالمجال الصناعي، وذلك من خلال مساعدة الشباب في دراسات الجدوى اللازمة لبدء المشروع ومتابعة مراحل تنفيذه من خلال خبراء ومختصين لضمان الاستمرارية، وهو ما يتطلب وجود خطة طويلة الأمد للصناعة، لأن الصناعة استثمار طويل المدى.
وأشار إلى أهمية الكشف عن الاستراتيجية الوطنية للصناعة مؤخرا في دعم القطاع، لافتا إلى ضرورة وجود نظام متكامل يتضمن دعم كافة مكونات القطاع، مع ضرورة مراعاة التكلفة بالمناطق الصناعية لضمان تنافسية المنتج الإماراتي، فضلا عن توفير المزيد من إجراءات الحمائية لضمان وصول المنتج الإماراتي إلى مرحلة المنافسة والتصدير.
وردا على سؤال حول أسباب عزوف رواد الأعمال على الاستثمار بقطاع الصناعة والتركيز على قطاعات محددة، أوضح المنصوري أن إنشاء مصنع يتطلب وجود رأسمال قوي، وبناء على الوضع الحالي فإن رائد الأعمال يتحمل بمفرده هذه المخاطرة، وبالتالي فإنه قد يفضل الاستثمار في مجال الخدمات التي تتطلب رأسمال محدودا ومخاطر أقل، وهو ما يتطلب ضرورة توفر الدعم الحكومي للشباب من حيث تسهيلات التمويل، ومراجعة أسعار الأراضي الصناعية، حيث تعد مرتفعة مقارنة بدول أخرى في المنطقة.
وأشار إلى ضرورة مراجعة التكاليف التشغيلية بالقطاع الصناعي، من حيث التراخيص والرسوم والإجراءات، وذلك لتشجيع الشباب للدخول في المجال الصناعي.
استقطاب الكفاءات الإماراتية
أكد إسماعيل علي عبد الله، الرئيس التنفيذي في «ستراتا للتصنيع» أن %63 من موظفي شركة «ستراتا للتصنيع» من المواطنين، حيث تم تدريب هذه الكوادر وصقلها بالمعرفة والمهارات اللازمة لنقل المعرفة.
وقال: إن الشركة عملت مع مؤسسات وجهات حكومية لاستحداث برامج تدريبية مناسبة مثل لإعداد «فني صناعة أجزاء طائرات»، حيث تم تأسيس برنامج تدريب جديد كلياً لهذا الغرض بالتعاون مع الشركات العالمية وجامعة الإمارات.
ونوه بأنه على الجانب الآخر لابد أن يتمتع الشباب بالطموح والرغبة لدخول مجال جديد ومن ثم القدرة على مواجهة التحديات وتجاوز الصعوبات. وعن العنصر النسائي أوضح أن دولة الإمارات سباقة في جهود تمكين المرأة.
المقترحات
- التوسع في اعتماد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بمختلف القطاعات
- إقرار إجراءات لدعم وتعزيز تنافسية المنتج الوطني
- تقديم المزيد من التسهيلات التمويلية للمشاريع الناشئة
- تدريب وتأهيل وتشجيع الشباب للعمل بالقطاع ونشر الوعي الصناعي
- اهتمام الشباب باكتساب الخبرات الصناعية والمثابرة لمواجهة التحديات
- مراجعة التكاليف التشغيلية وأسعار الأراضي الصناعية
- زيادة التسهيلات الخاصة بالتراخيص والرسوم