عدد اليوم
حسام عبدالنبي (دبي)
قادت المصادفة رجل الأعمال محمد علي الأنصاري، ليصبح واحداً من أهم رواد الأعمال في الإمارات، وفي قطاع يعد مساهماً رئيساً في النمو الاقتصادي، ويخدم الملايين من سكان الدولة، هو قطاع الصيرفة والتحويلات المالية.
ورغم أن الأنصاري في مرحلة الشباب اختار دراسة الهندسة المعمارية في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن القدر اختار له العمل في القطاع المالي، حيث اضطر للعودة من الخارج، بعد أن تعرض والده لحادث على طريق (دبي - أبوظبي) ألزمة البقاء في المستشفى لفترة، ما أضطر أكبر الأبناء لتولى مسؤولية الأعمال، وهو في بداية العشرينيات من العمر.
يعود محمد الأنصاري، رئيس مجلس إدارة شركة الأنصاري للصرافة، ورئيس مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي، بالذاكرة إلى تلك الفترة، فيقول لـ «الاتحاد» إن شركة الأنصاري للصرافة تأسست في عام 1966 على يد والده، وفي عام 1980 تولى هو مسؤولية النهوض بالشركة، حيث كانت البداية عبارة عن فرع واحد بالسوق المركزي في أبوظبي، يعمل فيه أقل من 10 موظفين بطريقة عمل بدائية، ومن دون وجود الحاسب الآلي أو حسابات منتظمة، مشيراً إلى أن ازدهار النشاط الاقتصادي والحركة العمرانية أتاح الفرصة لنمو حجم الأعمال في الدولة والذي زاد بدورة من تدفق العمالة الأجنبية إلى الدولة، ومكن شركة الأنصاري للصرافة من التحول إلى إحدى الشركات الرائدة في مجال صرف العملات الأجنبية في دولة الإمارات. وتجرى شركة «الأنصاري» أكثر من 100 ألف معاملة يومياً سواء تحويلات مالية، أو بيع وشراء العملات، أو خدمات مالية أخرى، وتضم شبكة فروع الشركة اليوم 200 فرع منتشرة في أنحاء الدولة يعمل بها ما يقارب 3 آلاف موظف وموظفة، وتستحوذ على حصة سوقية تبلغ 35% من قطاع الصرافة في الدولة و نحو 25% من التحويلات المالية شاملة التحويلات التي تتم عن طريق البنوك إلى جانب وجود مكاتب تمثيلية في عدد من الدول، مع وجود نية للتوسع في منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج.
توسع وتحديات
يتذكر الأنصاري، بدايات قطاع الصرافة والتحويلات المالية في الدولة فيؤكد أن نشاط الصرافة والتحويلات المالية في الإمارات كان مقتصراً على منطقتين فقط، هما سوق مرشد في دبي، والسوق المركزي في أبوظبي، ولكن مع تطور التكنولوجيا والأنظمة المالية، اتخذت «الأنصار للصرافة» قرارات جريئة بافتتاح فروع صغيرة تعتبر مثل شباك لتسلم وتسليم الحوالات والتحويلات المالية، وذلك من أجل الاقتراب من العملاء ومواكبة التطور العمراني الكبير في أبوظبي ودبي وقتها.
وأوضح أن من أهم القرارات الجريئة التي اتخذها وثبت نجاحها فيما بعد، كان قرار التوسع بافتتاح المزيد من الفروع خارج المناطق الجغرافية التي كان يتركز فيها النشاط، وبما اعتبر في البداية نوع من الـ «المجازفة»، والسير خارج السرب نتيجة للابتعاد عن المناطق التي كانت تتمركز فيها شركات الصرافة.
وقال إنه على الرغم من أن المنطقة والدول العربية مرت بأزمات سياسية واقتصادية عدة، إلا أن تلك الأزمات ساهمت في خلق المزيد من النشاط والفرص للمؤسسات المالية بشكل عام، مفسراً ذلك بأن الحرب في لبنان في السبعينيات، وحرب الخليج في الثمانينيات، ثم الربيع العربي في السنوات الماضية، أدت إلى زيادة المبيعات في مجال استبدال العملات والتحويلات المالية بنسبة تتراوح بين 200% إلى 300% حيث إن العملاء دائماً ما يقررون زيادة التحويلات المالية في وقت الأزمات.
النهوض بالقطاع
ولم يقتصر دور محمد الأنصاري، على تحقيق طفرة في أداء مجموعة الأنصاري فقط، ولكنه امتد ليكون مساهماً رئيساً في النهوض بقطاع الصرافة والتحويل المالي وتطوره حيث شغل منصب رئيس مجموعة الصرافة والتحويل المالي، في أكثر من دورة ليتخذ خطوات ناجحة في تحقيق أهداف المجموعة التي تأسست في عام 2008 بترخيص من غرفة تجارة دبي، من حيث تطوير القطاع وتدريب العاملين في الشركات من أجل مواكبة المتطلبات التنظيمية، سواء من مصرف الإمارات المركزي أو المؤسسات المالية المختلفة في الدول المستقبلة للتحويلات.
كما تمكن الأنصاري، من إقناع الشركات العاملة في القطاع بالانضمام إلى المجموعة بعد أن لمسوا أهمية دورها لاسيما في مجال التدريب وتلبية المتطلبات التنظيمية وتبادل المعلومات لتجنب عمليات الاحتيال والعملات المزورة، وليتجاوز عدد الشركات المنضمة للمجموعة أكثر من 60 شركة تعد الأكثر نشاطاً في الدولة وتستحوذ على حصة تتجاوز 85% من المعاملات الإجمالية.
وإلى ذلك شغل الأنصاري، مناصب مهمة في القطاع مثل عضوية اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال التابعة إلى مصرف الإمارات المركزي، ليشارك ضمن جهود المصرف المركزي في تطبيق وتطوير نظم مواجهة غسيل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب في القطاع المصرفي في الدولة لتلبية المتطلبات التنظيمية العالمية.
سر النجاح
ويكشف الأنصاري، عن سر النجاح في العمل كنصيحة يقدمها للأجيال القادمة من رواد الأعمال، فيرى أن الشفافية والصراحة واكتساب وبناء ثقة العملاء أهم الأسرار التي مكنته من النجاح على مدار 40 عاماً، مدللاً على صحة حديثة بأن الشركات العريقة في العالم دائماً ما تتباهى بتاريخ تأسيسها قبل سنوات طويلة مضت وفي حقيقة الأمر فإنها تعتبر ذلك برهاناً على المصداقية وثقة العملاء على مدار تلك السنوات.
ويؤكد الأنصاري، أن مفتاح النجاح لأي نشاط اقتصادي أو تجاري أو خدمي هو الثقة والإخلاص وعشق المهنة والإدارة القائمة على حب العمل، وليس توافر رأس المال الضخم أو اختيار أفخم الأماكن والمقار للشركات، منبهاً أنه من هذا المنطلق وفي ظل النظرة الإيجابية الدائمة لمستقبل اقتصاد الإمارات وما تتميز به الدولة من بيئة أعمال قوية مدعومة بالاستقرار المالي والاقتصادي والسياسي، نجحت شركة «الأنصاري للصرافة» في أن يكون لديها أكثر من 2.5 مليون عميل في الدولة، وتنفذ نحو 3 ملايين معاملة شهرياً ،إضافة إلى قدرتها على إجراء التحويلات المالية إلى جميع دول العالم من خلال شبكة من الشركاء والبنوك المراسلة.
كما يؤمن محمد علي الأنصاري، بأن أي تطور أو نجاح لا يمكن أن يتحقق إلا إذا اهتم الفرد شخصياً بمسؤولياته الاجتماعية والتزاماته نحو المجتمع الذي يعيش فيه والمجتمعات التي هي بأكثر حاجة، فقد سعى الأنصاري بنشاط، لأكثر من 20 عامًا، إلى إقامة شراكات مع المؤسسات الإنسانية البارزة من أجل تمويل وصيانة وتطوير المشاريع الخيرية في مجالات الرعاية الصحية والتعليم داخل الدولة وخارجها.
وراثة المهنة
يعتقد البعض أن توارث الأبناء مهنة الآباء أمر حتمي في ظل توافر عدد كبير من الشركات الناجحة والرائدة في دولة الإمارات، ولكن لمحمد الأنصاري، رأياً آخر فيقول إنه من بالغ الأهمية إعطاء الجيل الجديد أولاً فرصة للتعلم وإثبات نفسهم وكفاءتهم وقدراتهم على تحمل المسؤولية قبل تسلهم مهام كبيرة ومناصب رفيعة حيث إنني عندما قررت استلام العمل أثناء مرض الوالد كان ذلك أمراً مؤقتاً ولكن مع الوقت أحببت المهنة ووجدت أن هناك فرصاً كبيرة للنمو والنجاح.
واكد أنه بخلاف شقيقة راشد الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة «الأنصاري للصرافة» فإنه منح لأ بنائه حرية اختيار المجال الذي يفضلون العمل به، ولذا فقد اختار الابن الأكبر حامد العمل في مجال الاستثمار العقاري، في حين اختار شقيقه مازن العمل في مجال الإخراج.
