يوسف العربي (أبوظبي)
نجحت شركة «إشارة ووتر» في ابتكار أجهزة متقدمة لتكثيف الرطوبة، عبر تقنيات مستدامة واعدة لإنتاج مياه الشرب من الهواء، ودون أي نفايات بلاستيكية.
ويشكل شح المصادر المائية أو الافتقار إلى إمدادات المياه الصالحة للشرب أحد أكبر التحديات التي تواجه الإنسانية. وتسعى جميع دول العالم إلى ضمان المساواة في حصول السكان على مصادر المياه الصحية والصالحة للشرب وميسورة التكلفة بحلول عام 2030، في إطار مساعيها ضمن أهداف التنمية المستدامة.
ومع التزايد المستمر في تعداد السكان وشح المصادر المائية، فقد شكل العثور على طرق بديلة لإنتاج المياه النظيفة من أهم أولويات جداول أعمال الأمن القومي للكثير من دول العالم.
وعلى الرغم من أن فكرة إنتاج الماء من الهواء قد تبدو خيالية بعض الشيء، إلا أنه وبفضل التكنولوجيا المتقدمة، فقد أصبح ذلك ممكناً وبتكلفة منخفضة.
طريقة مبتكرة
ومن قلب منطقة خليفة الصناعية «كيزاد»، تستعرض شركة «إشارة ووتر» التي تتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، تقنياتها المبتكرة القادرة على إنتاج الماء من الهواء، إذ تقوم هذه التقنيات بتكثيف الرطوبة الجوية وتحويلها إلى مياه شرب عالية الجودة.
وتقول الشركة إنها قادرة من خلال تقنياتها المتقدمة والبحوث التي قادها رواد القطاع لأعوام طويلة، على وضع حد لمشكلة شح المياه. ونجحت الشركة بتطوير مجموعة من المنتجات القادرة على تلبية احتياجات متعددة في مواقع مختلفة، وتتراوح هذه المنتجات بدءاً من الأجهزة الكبيرة التي توضع في مناطق مفتوحة والقادرة على إنتاج مياه للمناطق والمجتمعات ذات الكثافة السكانية العالية، إذ تتمتع بالقدرة على تخديم أكثر من 500 شخص يومياً، وصولاً إلى الأجهزة الصغيرة التي توضع داخل الأبنية.
الرطوبة الجوية
وتأسست «إشارة ووتر» عام 2018 في مدينة خليفة الصناعية كشركة مصنّعة وموزعة لأجهزة إنتاج الماء من الرطوبة الجوية، وستقوم بإطلاق أجهزة جديدة يمكن استخدامها في المنازل، والتي ستُحدث تحولاً جذرياً في قطاع استهلاك المياه.
وتم تصميم الجهاز الجديد «إي دبليو 30» لخدمة التجمعات الصغيرة مثل المكاتب والمنازل، ويسهم في إلغاء الحاجة إلى عبوات المياه المستخدمة ذات سعة خمسة جالونات، ويشبه في تصميه أجهزة تبريد المياه الصغيرة المستخدمة، ويحتاج إلى مصدر للطاقة الكهربائية فقط.
ويعمل «إي دبليو 30» وفقاً لنفس المبدأ الذي تعمل من خلاله الأجهزة الأخرى المقدمة من قبل «إشارة ووتر» عبر ست خطوات: يقوم الجهاز بسحب الهواء الغني بالرطوبة الجوية، ويمرر الهواء في نظام تصفية لإزالة الغبار والدقائق الأخرى الموجودة فيه، ثم يتم تكثيف الهواء الرطب إلى مياه في حجرة التكثيف، ليجري بعد ذلك تصفية الماء الناتج لإزالة أي روائح أو طعم موجود فيه، ليصل بعد ذلك إلى حجرة مخصصة لدعم الماء بالعناصر المعدنية اللازمة. وتشير الشركة إلى أنه تتم معالجة المياه بالأشعة فوق البنفسجية للمحافظة على نقائها، وبعد وصول الماء إلى درجة الجودة المطلوبة، يتم تبريده ليصبح جاهزاً للاستهلاك.
آثار بيئية
وقال إد أتكين، مدير العمليات لشركة «إشارة ووتر» في دولة الإمارات العربية المتحدة في تصريحات لـ «الاتحاد»: «يتم تصنيع نحو 26 مليار قارورة بلاستيكية سنوياً، يمكن لكل قارورة منها التسبب بمشاكل خطيرة في حال عدم التخلص منها بالطريقة المناسبة أو رميها في المكان الخطأ كالمحيطات، الأمر الذي يؤدي إلى آثار بيئية مدمرة وخاصة إذا ما علمنا بأن كل قارورة بلاستيكية تحتاج إلى نحو 450-1000 عام، لكي تتحلل تماماً، كما أن القوارير البلاستيكية تخلق أثراً بيئياً سلبياً حتى قبل التخلص منها، إذ يتم استخدام 17 مليون برميل من النفط لإنتاج القوارير البلاستيكية سنوياً. وإن تكنولوجيا تحويل الرطوبة الجوية إلى مياه التي نقدمها توفر حلاً لهذه المشكلة».
وأشار إلى أن الشركة تعتزم دخول سوق الاستهلاك الشخصي للمياه، من خلال دعم السبل المستدامة التي تعزز التقليل من النفايات البلاستيكية من وجهة نظر بيئية، فإننا نُعتبر من الشركات القليلة في العالم القادرة على إحداث أثر كبير على استخدام البلاستيك حول العالم، ونتطلع قدماً إلى التعاون مع القطاعين العام والخاص بهدف نشر هذه الفكرة الثورية.
بيئة محفزة
وترى الشركة التي تعمل انطلاقاً من مدينة خليفة الصناعية، بأن الشركات الصغيرة والناشئة تبحث دائماً عن مناطق صناعية تتمتع بخصائص مرنة ومستقبلية ومجدية من حيث التكلفة تمكّنها من توسيع أعمالها لاحقاً.
عصب الاقتصاد
أشار سيدارت بافنا، نائب الرئيس- الأسواق الاستراتيجية وتطوير المنتجات - مدينة خليفة الصناعية، إلى أن الشركات الناشئة أصبحت تشكل عصب الاقتصاد العالمي، ويمكن لتمكين هذه المؤسسات الطموحة من تأسيس أعمالها وتحقيق النمو أن يسهم بشكل فعال في تطوير النظام الاقتصادي بأكمله.
وقال: «تعتبر (إشارة ووتر) شركة جديدة وطموحة، وتعمل في سبيل تحقيق هدف نبيل، وإن الموقع وشبكة الربط من الأمور المهمة بالنسبة لها لتتمكن من الوصول إلى الأسواق الجديدة التي تواجه نقصاً في المصادر المائية. ولا شك في أن وجودها بالقرب من ميناء خليفة يضمن لها وصولاً سهلاً وسريعاً إلى عددٍ من الأسواق الرئيسية في المنطقة والعالم».
وتتطلع«إشارة ووتر» من خلال منتجاتها للمساعدة في جهود الإغاثة وعمليات المساعدات الإنسانية في مخيمات اللاجئين وغيرها من المواقع التي يعد شح المياه فيها من التحديات المهددة للحياة، وذلك من خلال جهودها الحثيثة لتخطي أحد أكبر تحديات البشرية المتمثل في الوصول إلى المياه النظيفة التي يفتقر إليها أكثر من ملياري شخص حول العالم.