أبوظبي (الاتحاد)
لا جدال بأن الأنموذج الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة للمنطقة والعالم في النمو الاقتصادي والنظرة المستقبلية أنموذج فريد من نوعه، يلخصه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بقوله: «نحن دولة مغرمة بالمستقبل، وهذا أحد أهم أسرار نجاحنا.. صناعة المستقبل ستكون جزءاً رئيسياً في عمل حكومتنا».
هذه النظرة الثاقبة إلى المستقبل والإدراك العميق للتغييرات في المشهد الصناعي العالمي عنصران أساسيان في فهم فلسفة الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة «مشروع 300 مليار» كاستراتيجية حكومية عشرية هي الأشمل من نوعها، للنهوض بالقطاع الصناعي في الدولة وتوسيع حجمه ونطاقه.
وتستهدف الاستراتيجية دعم القطاع الصناعي ليكون رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، كما تولي اهتماماً خاصاً بصناعات المستقبل القائمة على المعرفة والابتكار، وخصوصاً الصناعات المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، مثل تكنولوجيا الفضاء والتكنولوجيا الطبية، والطاقة النظيفة والمتجددة.
ويأتي تركيز «مشروع 300 مليار» على الصناعات المستقبلية التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة، بما يعمل على تمكين الاقتصاد، وتحفيزه، ورفده بعناصر النمو المستدام.
وتسعى الدولة إلى البناء على التقدم الذي أحرزته في مجال الذكاء الصناعي والعلوم المتقدمة، بعدما تحول هذا التقدم إلى ميزة نسبية لدولة الإمارات في ظل تصدرها هذين المجالين إقليمياً، بفضل إطلاق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي عام 2017، التي تركز على أن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم، في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية، وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير.
وبدعم من القيادة الرشيدة لدولة الإمارات تطور قطاع الفضاء الوطني بشكل لافت خلال السنوات السبع الماضية، بعدما شهد ضخ أكثر من 22 مليار درهم استثمارات، وحالياً أصبح يمتلك 13 قمراً اصطناعياً مدارياً، و5 أقمار اصطناعية جديدة قيد التطوير، وأكثر من 50 شركة ومؤسسة ومنشأة فضائية داخل الدولة بما في ذلك شركات عالمية وشركات ناشئة، و3 مؤسسات تعمل في تشغيل الأقمار الاصطناعية هي مؤسسة محمد بن راشد للفضاء، وشركة «ياه سات» المدمج معها شركة مع «الثريا»، و5 مراكز بحثية لعلوم الفضاء، وثلاثة برامج جامعية في العلوم الفضائية في الدولة، كما أن قطاع الفضاء في الدولة يعمل به حالياً أكثر من 3100 من المهندسين والخبراء والفنيين وغيرها من التخصصات المرتبطة بالقطاع.
وقد يغيب عن بال الكثيرين، مدى اتساع حجم التطبيقات الصناعية للعلوم الفضائية، فمنتجات كثيرة ممن نراها دارجة الاستخدام في المجتمعات حالياً، كانت عبارة عن منتجات تم تطويرها لاستخدامات رواد الفضاء، وكانت في الأصل عبارة عن قفزات تكنولوجية ابتكرها علماء يعملون على مهام الفضاء قبل أن تتخذ لاحقاً أشكالاً تجارية عديدة تدخل في حياة الناس اليومية.
وكون الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تسعى إلى تطوير واقع القطاع الصناعي حالياً، مع التركيز على صناعات ذات أفق تنموي، فإن المجالات التي توليها أهمية خاصة تشمل تلك المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي والعلوم والتكنولوجيا المتقدمة، مثل تكنولوجيا الفضاء والتكنولوجيا الطبية، والطاقة النظيفة والمتجددة، إلى جانب الصناعات المعدنية، والصناعات الغذائية، والمنتجات الطبية والدوائية، ومنتجات المطاط واللدائن، والإلكترونيات وغيرها.
كما تسعى الاستراتيجية التي تنفذها وزارة الصناعة والتكنولوجيا بالتعاون والشراكة مع مصرف الإمارات للتنمية إلى إحداث قفزة نوعية في قطاع الصناعة في دولة الإمارات في مختلف المجالات والقطاعات الحيوية، مع التركيز على الصناعات المستقبلية التي تشكل رافعةً أساسية لاقتصاد المعرفة في مقدمتها الصناعات المرتبطة بقطاع الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا المتقدمة، والصناعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وقطاع الصناعات الفضائية.
وسوف تركز الاستراتيجية الصناعية في المرحلة المقبلة على تطوير القطاعات الصناعية التالية: الصناعات الفضائية، والصناعات التكنولوجية المتقدمة، والصناعات الطبية والدوائية، والصناعات المتعلقة بالطاقة النظيفة والمتجددة (إنتاج الهيدروجين)، والآلات والمعدات، والمعادن، والمواد الكيميائية،..وتشكل الاستراتيجية خطة عمل وطنية على مستوى الدولة في إطار رؤية عريضة تسعى للنهوض بالقطاع الصناعي وتعظيم مردوده ليكون رافداً اقتصادياً رئيساً، من خلال توفير الآليات والأدوات الممكنة، وتعزيزها، وبناء مظلة تشريعية وقانونية ولوجستية وتقنية وبنية تحتية هي الأكثر مرونة من نوعها.