مصطفى عبد العظيم (دبي)
أدركت دولة الإمارات مبكراً، ومنذ سنوات طويلة، وهي ترسم طريقها نحو المستقبل بإطلاق رؤية 2021، ومن ثم مئوية 2071، أهمية امتلاك أدوات اقتصاد المستقبل المرتكز على المعرفة والابتكار.
وفي الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد المعاصر العديد من التحولات النوعية في ظل التطورات التكنولوجية المتلاحقة والثورة الصناعية الرابعة والتحول نحو الاقتصاد الرقمي، بدأت دولة الإمارات مبكراً العمل على استيفاء متطلباته، من خلال رؤية طموحة للتحول نحو اقتصاد معرفي قائم على الابتكار، ووضع الخطط والاستراتيجيات الكفيلة بتطوير محركات جديدة للنمو الاقتصادي تواكب المتغيرات التكنولوجية، وتضمن استدامة النمو من خلال التركيز على تطوير قدرات الدولة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا والبحث والتطوير.
وانسجاماً مع المتغيرات العالمية صاغت الدولة محددات مئوية الإمارات 2071 لبناء أسس اقتصاد المستقبل، من خلال الاستثمار المكثف في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء والتكنولوجيا الحيوية والطباعة متعددة الأبعاد، والصناعات المتقدمة، وغيرها.
كما وضعت الدولة استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، والتي تشكل استكمال للتحول الذكي، حيث تعمل هذه الاستراتيجية على الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة الأداء الحكومي، والعمل على تعزيز تنافسية دولة الإمارات في هذا المجال الحيوي، وتحويلها إلى دولة رائدة عالمياً في تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
ركائز اقتصاد المعرفة
ويستند الاقتصاد المعرفي إلى أربع ركائز أساسية يتصدرها الابتكار الذي يعتمد بشكل رئيس على البحث والتطوير، من خلال نظام فعال يربط مؤسسات التعليم بالمؤسسات الصناعية بغية التطوير المستمر، فيما تشكل البنية التحتية الرقمية القائمة على تقنيات المعلومات والاتصالات، والتي تسهل تجهيز المعلومات والمعارف ونشرها وتبادلها وتكييفها مع الاحتياجات المحلية.
أما الركيزة الرابعة للاقتصاد المعرفي، فهي الحاكمية التي تقوم على أسس اقتصادية قوية تستطيع توفير كل الأطر القانونية والسياسية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والنمو، فيما يشكل التعليم الركيزة الأهم والأساسية في الإنتاجية والتنافسية الاقتصادية.
استقطاب الكفاءات
تميزت دولة الإمارات، خلال العقود الخمسة، بقدرتها في التحول إلى منصة عالمية للتجارة والاستثمار والسياحة، وباتت موقعاً متقدماً في توظيف الابتكار والتكنولوجيا وإطلاق المشاريع الضخمة، كما تحولت إلى ملتقى للمواهب والكفاءات، ما مكنها من منافسة كبرى الاقتصادات العالمية، وتحقيق نتائج متقدمة في العديد من المؤشرات الدولية المرموقة.
ويعتبر استقطاب المهارات والمواهب العالمية والاستثمار في الطاقات من مقومات طموحات مئوية الإمارات في أن تكون أفضل اقتصاد في العالم عبر الانتقال إلى اقتصاد المعرفة، ما يستلزم التركيز على تهيئة قوة عمل تواكب متطلبات سوق العمل المستقبلي.
الاقتصاد الرقمي
ويمثل الاقتصاد الرقمي بدوره محركاً أساسياً لتنفيذ الاستراتيجيات المستقبلية لحكومة دولة الإمارات، وركيزة أساسية لخطط الاستعداد للخمسين عاماً المقبلة، وداعماً مهماً لجهود تعزيز تنافسية دولة الإمارات على الصعيد العالمي، لمساهمته الكبيرة في التنمية الاقتصادية، وتوفير فرص عمل وأسواق وقطاعات ناشئة جديدة، ودوره في تمكين المجتمع بأدوات الثورة الصناعية
اقتصاد المستقبل
تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتكثيف الجهود الوطنية، وتعزيز التكامل والتنسيق الحكومي على المستويين الاتحادي والمحلي لتحديد التوجهات المستقبلية وتطوير خطة الاستعداد للخمسين، عقدت حكومة دولة الإمارات في شهر نوفمبر الماضي 11 اجتماعاً تشاورياً و50 ورشة عمل لبحث مستقبل الاقتصاد في دولة الإمارات ضمن مساري «البيئة الاقتصادية»، و«النموذج الاقتصادي والقطاعات»، للخمسين عاماً المقبلة، ويشملان 19 قطاعاً رئيساً.
وهدفت الاجتماعات التشاورية لمساري الاقتصاد، التي تم تنظيمها بحضور أكثر من 1000 من المسؤولين الحكوميين على المستويين الاتحادي والمحلي، لدعم جهود النهوض بهذا القطاع الحيوي في الدولة من خلال وضع خطط التطوير والتصورات والتوجهات الاستراتيجية للخمسين عاماً المقبلة، بما يعزّز ريادة الإمارات، إقليمياً وعالمياً.
وركزت الاجتماعات على عددٍ من المحاور، أهمها بيئة الأعمال وتحفيز ريادة الأعمال، والتجارة الخارجية والشراكات واستقطاب الاستثمارات وأصحاب المواهب والمهارات، وبناء قدرات الكوادر الوطنية، وتأهيلها لقيادة اقتصاد المستقبل، بما يعزّز ريادة الدولة اقتصادياً.
عبدالله بن طوق: محطة مفصلية لنجاحات استثنائية
قال معالي عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد، إن عام الخمسين يمثل محطة مفصلية في تاريخ الدولة نحتفي خلالها بسجل حافل بالإنجازات القياسية التي وضعت دولة الإمارات اليوم في الصدارة إقليمياً وفي مكانة تنافسية متقدمة على الصعيد الدولي في العديد من المجالات والمؤشرات، باعتبارها محوراً تنموياً ولاعباً مؤثراً في خريطة الاقتصاد العالمي، ووجهة بارزة للتجارة والاستثمار والسياحة، مدعومة برؤية واضحة صاغتها قيادتنا الرشيدة، وخطط حكومية واضحة لبناء المستقبل، وبنى تحتية وإمكانات رائدة وإنجازات ومشاريع متميزة في مجالات الطاقة والنقل والابتكار والبحث والتطوير، والعلوم المتقدمة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والرعاية الصحية، والتعليم، والفضاء.
وأضاف: نواصل هذا العام، صياغة مسيرة استثنائية جديدة من التقدم والازدهار للخمسين المقبلة، نبدأها بتحقيق أسرع تعاف اقتصادي واستعادة معدلات النمو وفق مسار تدريجي ومدروس للتحول نحو نموذج اقتصادي وتنموي أكثر مرونة واستدامة قائم على الاستثمار في المعرفة والابتكار والابداع، يؤسس ركائز الانتقال إلى دولة المستقبل، ويعزز من مكانة الإمارات وجهة إقليمية وعالمية للعقول والمواهب.
وأوضح معاليه أن وزارة الاقتصاد تعمل بالتكامل مع شركائها على الصعيدين الاتحادي والمحلي لإنجاز عددٍ من الخطط والمبادرات الطموحة خلال العام الجاري «عام الخمسين» بما يخدم توجهات الدولة.
أحمد بالهول الفلاسي: خطط ابتكارية لدعم الاقتصاد
قال معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة: «إن إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2021 عام للخمسين هو محطة مشرقة ومفصلية في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، نحتفي فيها بثمار وإنجازات الماضي، ونرسم ملامح رحلتنا المستقبلية نحو النمو والتطور، وخلق المزيد من الفرص التي تعزز ريادة الإمارات ومكانتها المرموقة في مختلف المجالات».
وأضاف: «ونحن نخطو إلى الخمسين المقبلة، لا بد وأن نستذكر إرث زايد وراشد والآباء المؤسسين، رحمهم الله، الذين كان لهم الفضل في تحقيق ما وصلنا له من تقدم وازدهار اليوم، وسنعمل تحت راية قيادتنا الرشيدة لصنع مستقبل يليق بهذا الإرث الحضاري والإنساني، ويتناسب مع المكتسبات والقيم النبيلة التي مثلت نتاج الخمسين الماضية، وستمثل ذخراً للخمسين المقبلة». وتابع: «على مدى 5 عقود مضت، أثبتت الإمارات قدرتها على مواكبة التطورات المتسارعة وبناء اقتصاد متنوع وتنافسي وبيئة أعمال تعد ضمن الأكثر ريادة على مستوى المنطقة والعالم، وسنعمل خلال الخمسين عاماً على تصميم خطط استباقية ذات مفاهيم ابتكارية مرنة تدعم الاقتصاد الوطني وريادة الأعمال وتعزز من نمو الدولة وتنافسيتها كوجهة دولية جاذبة للأعمال، وصولاً لتحقيق رؤية دولة الإمارات بأن تكون الأكثر تميزاً والأفضل في جودة الحياة على مستوى العالم».
ثاني الزيودي: تعريف بالرؤية التنموية للإمارات
قال معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، إن إعلان سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2021 ليكون «عام الخمسين»، هو لحظة فارقة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، نحتفل فيها بإنجازات 50 عاماً مضت، ونعد العدة للخمسين عاماً المقبلة، مستلهمين من الإرث العظيم الذي تركه الآباء المؤسسون (طيب الله ثراهم)، والقيم النبيلة التي رسخوها، ومسترشدين برؤية قيادتنا الرشيدة، وواثقين بعزيمة الشعب الإماراتي وطاقاته المبدعة، وواضعين نصب أعيننا بناء مستقبل أكثر نجاحاً وازدهاراً للأجيال القادمة.
وأضاف معاليه: «عام الخمسين هو محطة تاريخية في عمر دولتنا الحبيبة، نستقرئ فيها مسيرة حافلة بالإنجاز والتنمية، لنستلهم الدروس ونعلي الهمم، ونواصل المسيرة نحو مرحلة جديدة من العمل بدعم وتوجيهات قيادتنا الرشيدة، وستكون مبادرات هذا العام نقطة انطلاقة جديدة لتكثيف جهودنا في التنمية الاقتصادية عبر تنمية الطاقات الإماراتية المبدعة والاستثمار في الأفكار الابتكارية الجديدة، وتعزيز ريادة دولة الإمارات كعاصمة تجارية واستثمارية عالمية، ووجهة مفضلة للمواهب والكفاءات من كل أنحاء العالم، ومقصد للشركات المبتكرة والاستثمارات النوعية في مختلف المجالات الحيوية».