أبوظبي (الاتحاد) أكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها، أن النفط منخفض الكربون سيلعب دوراً كبيراً في تحول قطاع الطاقة.
جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة حوارية افتراضية ضمن فعاليات أسبوع «سيرا» للطاقة حول اتجاهات قطاع النفط والغاز والتحول في قطاع الطاقة شاركت فيها فيكي هولوب، الرئيس التنفيذي لشركة «أوكسي».
وقال معاليه خلال الحوار: «تمتلك دولة الإمارات مزايا مهمة تمكّنها من إنتاج نفط وغاز منخفض الكربون، ونحظى بميزتين مهمتين في هذا المجال، الأولى هي قيادتنا الرشيدة التي تضع حماية البيئة ضمن أولوياتها، والثانية هي ميزة طبيعية جعلت استخراج موارد النفط والغاز لدينا الأقل عالمياً من حيث انبعاثات الكربون».
التحول في قطاع الطاقة
وأوضح معاليه أن دولة الإمارات بدأت التحضير للتحول في قطاع الطاقة منذ 15 عاماً، حيث قال: «تنظر دولة الإمارات إلى التحول في قطاع الطاقة باعتباره فرصة لتنويع وتطوير الاقتصاد. وخلال عملي في «مصدر»، شاركت في تطوير الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة في دولة الإمارات. واليوم أصبح لدى الدولة ثلاثة من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية وأقلها تكلفة في العالم، بالإضافة إلى مشاريع كبيرة للطاقة المتجددة في ثلاثين دولة في مختلف أنحاء العالم».
وأضاف: «سيبقى العالم معتمداً على النفط والغاز لعقود عديدة قادمة، وبالتالي فإن مهمتنا في أدنوك هي العمل على الإنتاج المسؤول للنفط والغاز».
خفض انبعاثات الكربون
وأشار معاليه إلى أن أدنوك تعمل على تنفيذ خططها للنمو مع الالتزام بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 25% إضافية على مدى السنوات العشر المقبلة، مضيفاً أن الشركة تستكشف الفرص والإمكانات في أنواع الوقود الجديدة، مثل الهيدروجين، الذي أظهر إمكانات كبيرة وواعدة باعتباره وقوداً خالياً من الانبعاثات الكربونية يمكن إنتاجه على نطاق واسع كجزء من سلسلة القيمة الهيدروكربونية الحالية لأدنوك.
وقال: «تواصل أدنوك العمل على الفرص التجارية التي من شأنها تعزيز المكانة الرائدة لدولة الإمارات في قطاع الطاقة من خلال مزيجٍ متنوع ومتكامل من مصادر الطاقة».
جهود الإمارات في العمل المناخي العالمي
وفي رده على سؤال مدير الجلسة، الخبير الاقتصادي الدكتور دانييل يورجن، الفائز بجائزة بوليتزر ونائب رئيس مؤسسة «أي إتش إس ماركيت»، حول تغير المناخ، أكد معاليه أن دولة الإمارات تواصل دورها الريادي في المنطقة لتعزيز جهود العمل المناخي العالمي والدفع بهذا الاتجاه باعتبارها الدولة الأولى في المنطقة التي وقعت على اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ.
واستعرض معاليه أهمية تقنية التقاط ثاني أكسيد الكربون واستخدامه وتخزينه في التصدي لظاهرة تغير المناخ، مشيراً إلى أن أدنوك استشرفت التغير الكبير الذي يمكن تحدثه هذه التقنية في قطاع الطاقة منذ أربع سنوات عندما قامت ببناء أول وأكبر منشأة صناعية مخصصة لهذا الغرض في المنطقة.
انبعاثات الكربون
وقال: «لا يمكن تحقيق الأهداف العالمية بشأن تغير المناخ دون التوسع في تقنية التقاط ثاني أكسيد الكربون وإعادة استخدامه وتخزينه، ليس في قطاع النفط والغاز فحسب وإنما في مختلف القطاعات. لذا، أرى دوراً مهماً لهذه التقنية في القطاعات التي تحتاج لمصادر كبيرة من الطاقة ويصعب عليها التخلص من انبعاثات الكربون مثل الصناعات الثقيلة والكيماويات. وأدنوك على استعداد للتعاون مع الشركاء داخل وخارج قطاع النفط والغاز لتوسيع نطاق واعتماد تقنية التقاط الكربون».
وتمتلك أدنوك حالياً القدرة على التقاط 800 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون بفضل منشأة الريادة في أبوظبي التابعة لها، كذلك لديها خطط للتوسع بشكل كبير في السنوات المقبلة وصولاً إلى التقاط 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول عام 2030.
التوقعات الاقتصادية
واستعرض معاليه وجهة نظره حول التوقعات الاقتصادية معرباً عن تفاؤله وموضحاً الأثر الإيجابي المزدوج لبرنامج التطعيمات ضد فيروس كوفيد-19 وبرامج تحفيز الاقتصاد التي طبقتها الحكومات في جميع أنحاء العالم.
وقال: «الآن مع بدء توفير اللقاح في مختلف أنحاء العالم، يبدو الوضع في عام 2021 أكثر إيجابية. ونحن هنا في دولة الإمارات نقوم بتنفيذ برنامج تطعيم ناجح ضد فيروس كوفيد-19، حيث اقتربنا من تطعيم 50% من سكان الدولة من خلال أكثر من ستة ملايين جرعة لقاح، وهو ثاني أعلى معدّل على مستوى العالم».
اللقاحات أحد عوامل التعافي الاقتصادي
وأضاف معاليه: «تمثل اللقاحات أحد عوامل التعافي الاقتصادي، أما العامل الآخر فيتمثل في عودة عجلة النشاط الاقتصادي للدوران. وضمن جهود الاستجابة لهذه الجائحة، تواصل الحكومات حول العالم تقديم حزمٍ من الحوافز غير المسبوقة، ومن المتوقع تقديم المزيد منها. والمهم هنا أن نبقى متيقظين لمخاطر التضخم الاقتصادي».
وفي تعليقه على التعافي الاقتصادي تابع معاليه: «على المستوى العالمي، تتصدر الصين الآن، والتي تعتبر إحدى القوى الرئيسية للاقتصاد العالمي، جهود التعافي الاقتصادي في العالم بناءً على بيانات الناتج المحلي الإجمالي والتي تشير إلى تحقيق معدلات نمو قوية. كما نتوقع أن يعود اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعتبر لاعباً رئيسياً في الاقتصاد العالمي، إلى تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بمستويات مماثلة لما كانت عليه قبل انتشار الجائحة، وذلك بحلول نهاية العام الحالي، وأن يستمر هذا النمو في عام 2022».
انتعاش الطلب على النفط
وأشار معاليه إلى أن هذه التطورات تعني انتعاش الطلب على النفط بشكل قوي مقارنة بأدنى مستويات الطلب خلال الجائحة والتي كان فيها العالم يستهلك 75 مليون برميل يومياً. حيث قال: «بالنظر إلى متوسط استهلاك النفط حالياً، والذي يبلغ 95 مليون برميل يومياً، فمن المتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط إلى مستوى أعلى مما كان عليه قبل كوفيد-19 في نهاية العام الحالي».
وشدد معاليه على ضرورة التركيز في قطاع النفط والغاز على ما يمكن التحكم فيه، وهو خفض التكاليف، مشيراً إلى أن أدنوك طبقت هذه الرؤية خلال النقلة النوعية التي قامت بها.
وقال معاليه: «كان هذا النهج أحد الركائز الرئيسية للنقلة النوعية التي نفذتها أدنوك على مدى السنوات الخمس الماضية بفضل رؤية وتوجيهات ودعم القيادة الرشيدة، حيث ركزنا خلال هذه الفترة على الارتقاء بالأداء، وتعزيز المرونة والتنافسية ورفع الكفاءة التشغيلية في مختلف مجالات ومراحل عملياتنا. ونحن في أدنوك على قناعة من أن التكنولوجيا المتقدمة تعتبر مُمكناً رئيسياً لرفع الكفاءة. فعلى سبيل المثال، استطعنا عبر تطوير عمليات»أدنوك للحفر«، التي تعتبر أكبر شركة للحفر في المنطقة، رفع الكفاءة بأكثر من 35%، مما ساهم بخفض الكثير من التكاليف».
رفع كفاءة توظيف رأس المال
وأضاف معاليه: «استمر تركيز أدنوك على رفع كفاءة توظيف رأس المال من خلال تعزيز الإدارة الاستباقية لمحفظة أصولنا ومواردنا، مع الاستمرار في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة مستفيدين من منظومة الأعمال الموثوقة والمستقرة في دولة الإمارات»، موضحاً أن: «ضمان القدرة على المنافسة في بيئة الأعمال حالياً يتطلب المحافظة على انخفاض تكلفة الإنتاج. لذا، يستمر تركيزنا على الوسائل والطرق التي تمكننا من تعزيز مكانتنا ضمن الشركات الأقل تكلفة في إنتاج النفط الخام في العالم».
يُذكر أن أسبوع سيرا للطاقة، الذي ينعقد افتراضياً في الفترة من 1-5 مارس 2021، يجمع نخبة من قادة الفكر وصناع القرار في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والأعمال والقطاع الحكومي والتمويل لتبادل الآراء ووجهات النظر حول العديد من القضايا الجارية في مجال الطاقة وصياغة رؤية مستقبلية لها.