عاطف عبدالله (أبوظبي) عُينت الخبيرة الاقتصادية النيجيرية نجوزي أوكونجو إيويلا، اليوم الاثنين، مديرة لمنظمة التجارة العالمية لتصبح أول امرأة وأول أفريقية تتولى هذا المنصب، أملاً في إنهاء سنوات من الجمود في هذه المؤسسة.
وقالت منظمة التجارة العالمية، في بيان، إن «أعضاء منظمة التجارة العالمية وافقوا للتو على تعيين الدكتورة نجوزي في منصب المديرة العامة»، بعد 15 دقيقة من افتتاح اجتماع عام عقد لهذه الغاية.
وأضافت أن «أكونجو إيويلا أصبحت أول امرأة وأول أفريقية مديرة لمنظمة التجارة العالمية. تتولى منصبها مطلع مارس، وتنتهي ولايتها القابلة للتجديد في 31 أغسطس 2025».
دعم أميركي
نهاية أكتوبر عطلت إدارة دونالد ترامب التي سعت خلال أربع سنوات إلى تقويض المنظمة، في اللحظة الأخيرة التوافق الذي كان يرتسم حول النيجيرية البالغة 66 عاماً. وكان تعيينها متوقعاً بعد انسحاب منافستها الوحيدة وزيرة الخارجية الكورية الجنوبية يو ميونج هي في 5 فبراير.
واتخذت الأخيرة قرارها بعدما تشاورت مع الولايات المتحدة التي كانت داعمتها الرئيسية في ظل إدارة دونالد ترامب.
وأعطت إدارة بايدن دعمها لتسمية أكونجو ايويلا على رأس المنظمة بعد أشهر من الشلل إثر استقالة البرازيلي روبرتو أزيفيدو من المنصب قبل عام من نهاية ولايته لأسباب صحية.
وعقب تعيينها، قال مندوب الولايات المتحدة لدى المنظمة ديفيد بيسبي، إنه «حريص» على العمل مع المديرة الجديدة، مؤكداً أن بلاده ملتزمة بالعمل عن كثب مع اوكونجو إيويلا، وهي يمكنها أن تعول على الولايات المتحدة لأن تكون شريكاً بناءً.
منظمة قوية للتعافي من «الجائحة»
وبعد تعيينها، ألقت أكونجو إيويلا كلمة عن بعد أمام ممثلي الدول الأعضاء في المنظمة خلال اجتماع مغلق، كما أكد لـ«فرانس برس» مصدر دبلوماسي أوروبي.
ودعت المديرة الجديدة لمنظمة التجارة العالمية إلى إعطاء دفع للمنظمة، معتبرةً أنه من «الضروري» أن تكون منظمة التجارة العالمية «قويةً» للتعافي من وباء «كوفيد - 19» وإنعاش الاقتصاد العالمي.
وقالت في بيان «إن تكون منظمة التجارة العالمية قوية، لهو أمر ضروري إذا ما أردنا أن نتعافى سريعاً وتماماً من الدمار الذي تسببت به جائحة (كوفيد - 19) تواجه منظمتنا تحديات عدة، لكن بالعمل معاً يمكن لنا بشكل جماعي أن نجعل منظمة الصحة العالمية أقوى، وأكثر مرونةً، وأفضل تأقلماً مع الواقع».
وظائف سابقة
وكانت اوكونجو إيويالا وزيرة للمالية في بلدها مرتين ووزيرة للخارجية مدة شهرين. وقد باشرت مسيرتها المهنية في البنك الدولي عام 1982، حيث عملت مدة 25 عاماً. في 2012 فشلت في تولي رئاسة هذه المؤسسة المالية أمام الأميركي من أصول كورية جيم يونغ كيم.
وقالت عدايات حسن مديرة «المركز من أجل الديموقراطية والتنمية» في أبوجا لوكالة فرانس برس «أعتقد أنها قامت بعمل جيد سواء في نيجيريا أو في الدول الأخرى التي عملت فيها».
ولدت أوكونجو إيويالا التي غالباً ما تلقب بـ«دكتور نجوزي»، عام 1954 في أوغواشي أوكوو في ولاية دلتا الفيدرالية (غرب نيجيريا)، وكان والده زعيما تقليديا.
لكن المرشحة أمضت معظم حياتها في الولايات المتحدة حيث درست في جامعتين مرموقتين هما معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (ميت) وهارفرد.
ورغم أن قوانين منظمة التجارة العالمية لا تنص على تناوب جغرافي لمديرها العام، فقد ارتفعت الأصوات لتقول، إنه حان الوقت لتولي إفريقي أو إفريقية هذا المنصب. وتعاقب على هذه المؤسسة منذ إنشائها عام 1995 ستة رجال هم ثلاثة أوروبيين ونيوزيلندي وتايلاندي، فضلاً عن برازيلي.
محاربة الفساد
لم يكن ترشيح هذه المرأة صاحبة المسيرة المهنية المثيرة للإعجاب بالإجماع.
وقالت ساره تشاييس مؤلفة كتاب «ثيفز أوف ستايت» (سارقو الدولة) الذي يتناول الفساد «الوزيرة، ربما تبنت بعض الإصلاحات بشأن الشفافية، لكن نحو مليار دولار كانت تختفي شهرياً من خزائن الدولة عندما كانت وزيرة للمالية».
وأضافت هذه الكاتبة الأميركية: «هناك تعطش للقصص الإيجابية، وفي الوقت الذي تبرز فيه قضايا التنوع في النقاش العام، فإن كونها امرأة سوداء هو أمر لصالحها»، لكن بحسب رأيها «من العار أن يتم اختيارها حتى لهذا المنصب».
ومع ذلك، لم تتم مقاضاة أوكونجو إيويالا بتهمة نهب خزائن الدولة رغم أن منتقديها يعتقدون أنه كان بإمكانها القيام بالمزيد لمنع الاختلاس.
وقال أولانريواجو سوراجو من منظمة «هيومن أند انفارومنتل ديفالوبمنت أجندا» النيجيرية غير الحكومية «كان بإمكانها الاستقالة وكشف الفساد».
وفي ردها على منتقديها بشأن افتقارها للخبرة في مجال التجارة الدولية قالت نجوزي أوكونجو إيويالا خلال ندوة افتراضية نظمها في يوليو مركز الأبحاث البريطاني «تشاتم هاوس»، «لقد عملت طيلة حياتي على السياسات التجارية».
الجرأة والشجاعة
وأوضحت أنه «قبل كل شيء»، يجب أن يتحلى رئيس منظمة التجارة العالمية بـ«الجرأة والشجاعة»، مقدّرة أن الاختيار لا يمكن أن يتم فقط استناداً إلى المهارات التقنية.
وعيّنت أوكونجو إيويالا في يوليو مبعوثة خاصة للاتحاد الإفريقي في مكافحة الوباء في القارة. مهمتها: حشد الدعم الدولي لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية التي تضرب البلدان الإفريقية بشدة.
وبصفتها رئاسة منظمة التجارة العالمية، سيكون أمامها الكثير لتقوم به، إذ يتعين عليها التصدي للأزمة الاقتصادية، وأيضاً أزمة الثقة في التعددية ومزايا تحرير التجارة العالمية، كل ذلك على خلفية الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين العالميتين، الصين والولايات المتحدة.
وبالنسبة إليها، اشتد صعود سياسة الحماية والقومية في أنحاء العالم مع الأزمة ويجب خفض الحواجز من أجل إنعاش الاقتصاد.
وكتبت في المجلة الأميركية «فورين أفيرز» في أبريل الماضي «إحدى طرق ضمان الإمداد الكافي للقاحات وتوزيعها العادل، هي إزالة بعض الحواجز التي فرضتها قوانين الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا».