حسام عبدالنبي (دبي)
رصد خبراء عاملون في القطاعات الاقتصادية والتسويقية 10 متغيرات رئيسة حددت توجهات المستهلكين، بعد ظهور جائحة «كوفيد- 19».
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد»، إن هذه المتغيرات ستستمر في أنماط الاستهلاك بعد زوال الجائحة. وحدد الخبراء تلك المتغيرات في الاقتصاد في الإنفاق بشكل عام، وتخفيض الميزانيات، زيادة التوفير والتخزين، تفضيل المنتجات صديقة البيئة، وتسوق كل شيء عبر المنصات الإلكترونية، إلى جانب الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي «سوشيال ميديا» لمتابعة العلامات التجارية المفضلة، واختيار المنتجات التي سيتم شراؤها، مع استخدام الهاتف وسيلة مفضلة في الشراء، ثم الدفع عند تسلم الطلبات، وتفضيل التعاملات غير النقدية، وتنفيذ جميع الخدمات المصرفية رقمياً دون زيارة فروع البنوك، خصوصاً بعد إتاحة إمكانية التحقق من الأوراق الثبوتية، وفتح الحساب المصرفي عبر الموبايل.
وقال أحمد رضا، رئيس قطاع المستهلكين لدى EY في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنه وفقاً لنتائج مؤشر إرنست ويونغ (EY) لمستقبل الاستهلاك، فإنه خلال أزمة جائحة كوفيد-19، برزت أربع فئات من توجهات المستهلكين وهي «التوفير والتخزين»، و«الثبات والإنفاق»، و«الخفض الكبير في الميزانيات»، و«الحفاظ على الهدوء ومواصلة الحياة»، مؤكداً أن 33% من المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكدوا أنهم سيبقون مقتصدين، وسيعملون على الحد من الإنفاق، وخفض ميزانياتهم وتغيير أسلوب تسوقهم بعد انتهاء الجائحة.
وأشار رضا، إلى أن الجائحة تسببت بحالة لم يكن بمقدور إعلانات العلامات التجارية تحقيقها، فقد أدت إلى تغير كبير في تفضيلات المستهلكين.
وذكر أنه في حين توقع الكثيرون أن تتغير سلوكيات الاستهلاك بصورة تدريجية، بما في ذلك التحول من التسوق في المتاجر إلى الشراء عبر الإنترنت، إلا أن هذه المتغيرات حدثت بسرعة كبيرة، متوقعاً أن تستمر تداعيات الجائحة في التأثير على أنماط الاستهلاك في قطاع تجارة التجزئة في المستقبل.
البيئة المستدامة
وضمن التوجه ذاته أفاد أدريان كوسكاس، الرئيس العالمي للعلامة التجارية لدى غارنييه، بأن نتائج استبيان أجرته الشركة ضمن تقريرها «خطوة باتجاه بيئة مستدامة» أظهرت أن 76% من المشاركين من الإمارات كشفوا عن اهتمامهم بخفض هدر الطعام في منازلهم خلال عام 2021.
وأشار 89% من المشاركين إلى رغبتهم باتباع نهج أكثر استدامة، في حين بدأ 44% منهم بتغيير توجهاته السلوكيّة بسبب الأزمة التي شهدها عام 2020. وأشار إلى أنه عند سؤال المشاركين من الإمارات عن الأسباب التي سهلت اتخاذ قرارات صديقة للبيئة، أفادت نسبة 47% بأن أزمة كوفيد-19 كانت عاملاً دفعهم لإعادة النظر بأولوياتهم، في حين قال 38% منهم إن السبب سعي العلامات التجارية لتسهيل اتخاذ هذا القرار من خلال توفير منتجات صديقة للبيئة.
منصات إلكترونية
وقال محمد نصار، الرئيس التنفيذي لشركة إن آر تي سي فريش، إن الدراسات التي تم اجراؤها حول سلوكيات واتجاهات المستهلكين في الإمارات، كشفت أن هناك زيادة كبيرة في عدد المتسوقين عبر المنصات الإلكترونية لتوصيل الفواكه والخضراوات الطازجة.
وأضاف أن الهاتف المحمول يعد الجهاز المفضل لنسبة 53% من مستخدمي الإنترنت في الإمارات، ولذا فإن التركيز كان على إطلاق التطبيقات الإلكترونية عبر الهواتف عن إطلاق المواقع الإلكترونية عبر الإنترنت، مشيراً إلى أن الدفع نقداً عند تسليم الطلبات لا يزال الخيار المفضل لدى المستهلكين، ووفقاً للإحصاءات فإن 53% من المستهلكين يدفعون نقداً عند تسليم الطلبات.
التسويق الرقمي
ومن جانبها ذكرت مايا حمد، مؤسسة شركة «إيموتايز» المتخصصة في تسويق المحتوى وإدارة الوسائط الاجتماعية، حدوث تغيير ملحوظ في سلوك المستهلكين، نتيجة لتشجيع الناس على البقاء والعمل من المنزل قدر الإمكان، حيث زاد الكثيرون من استخدامهم للإنترنت وزاد الإقبال على تصفح وسائل التواصل الاجتماعي من باب الملل، وكذا التسوق اليومي عبر الإنترنت امتثالاً للتباعد الجسدي.
وأكدت أن تأثير جائحة كوفيد-19 على العالم سيبقى لفترة طويلة، وحتى بعد توزيع اللقاحات بنجاح على جميع البلدان، إذ غيرت الجائحة سلوك الافراد بشكل دائم، وطريقة أداء الأعمال، ولذا سيظل الناس يتخذون تدابير للبقاء بأمان والحفاظ على التباعد الجسدي، مع البقاء في المنزل قدر الإمكان.
وقالت حمد، إن العديد من الشركات استثمرت المزيد في التسويق الرقمي وانتقلت إلى إنشاء صفحات وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الويب ووسائل الشراء عبر الإنترنت وتقنيات الاتصال المباشر مع عملائها للترويج للمنتجات الجديدة والحالية.
التدخل البشري
وبدوره قال ديفيد مان، كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى ماستركارد، إنه وفقاً لتقرير «اقتصاد 2021» من معهد ماستركارد للاقتصاد فإن الأثر الاقتصادي لجائحة كوفيد-19 ستشمل تغييرات دائمة في عادات الإنفاق الاستهلاكي، ونمو الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والتغييرات في التكنولوجيا المالية، وفرص تعزيز الشمول المالي.
وكشف مان، أنه وفقاً لنتائج التقرير، فإن 20 إلى 30% من الزيادة في الإنفاق على التجارة الإلكترونية التي ارتبطت بتفشي جائحة كوفيد-19 ستبقى ثابتة في حصة الإنفاق الإجمالي لقطاع التجزئة.
وأشار إلى أن الاتجاه نحو التعاملات غير النقدية سيكون أكثر استقرارًا في اقتصادات مثل الإمارات التي تمتلك بالفعل بنية تحتية مرنة للتجارة الإلكترونية وشريحة سكانية واسعة من الشباب الذين يتمتعون بالذكاء الرقمي، متوقعاً تراجع تأسيس الأعمال التجارية التقليدية في عام 2021 لصالح إنشاء الأعمال التجارية عبر الإنترنت.
وبين مان، أنه بحسب تقرير «اقتصاد 2021»، تعد الحاجة لدمج السكان في الاقتصاد الرقمي من خلال الحلول المصرفية عبر الإنترنت أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق النمو للأجيال قادمة إذ تعتبر التغييرات التي أحدثتها التكنولوجيا المالية في الخدمات المصرفية عبر الإنترنت محركاً رئيساً لهذا النمو.
انتشار الخدمات اللاتلامسية
يحاول المستهلكون من عملاء البنوك الاعتماد على التحول الرقمي والابتكار في الحصول على الخدمات المصرفية، من أجل تقليل زيارتهم لفروع البنوك من جهة، ومن أجل مواجهة التحديات التي فرضتها جائحة «كوفيد-19» والقيود التي صاحبتها من جهة أخرى.وتنبهت بنوك محلية لأهمية هذا التحول في سلوك العملاء مبكراً فتبارت في تسهيل الخدمات المصرفية عبر القنوات الرقمية، إلى جانب توفير خدمة لاتلامسية للتحقق من الأوراق الثبوتية من أجل تحقيق الهدفين معاً.
وقال مروان هادي، نائب الرئيس التنفيذي ورئيس قسم الخدمات المصرفية للأفراد في الإمارات لبنك الإمارات دبي الوطني، إن بنك الإمارات دبي الوطني، أصبح أول بنك في المنطقة يتحقق من الأوراق الثبوتية للعملاء الجدد باستخدام تقنية الاتصال قريب المدى NFC اللاتلامسية، حيث يمكن للراغبين بفتح حساب مصرفي جديد، من خلال تطبيق الخدمات المصرفية عبر الهاتف المتحرك وضع هويتهم الإماراتية وجواز سفرهم الإلكتروني تحت الهاتف للتحقق منها، ومن ثم يقوم حل «ترو آي دي» بقراءة المعلومات من الشرائح المدمجة في الوثائق الرسمية، واستخراج البيانات وملء المعلومات الضرورية في طلب فتح الحساب الرقمي، منوهاً بأنه لإكمال العملية، يُطلب من العميل التقاط صورة ذاتية (سيلفي) عبر التطبيق.