حسام عبدالنبي (دبي)
سرعت جائحة «كوفيد -19» من وتيرة التحول الرقمي في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ليقتحم رواد الأعمال العالم الرقمي كضرورة لضمان استمرارية الأعمال وقت الأزمات، وتحقيق مكاسب أساسية، بحسب خبراء في مجال التكنولوجيا الرقمية.
وحدد الخبراء لـ«الاتحاد» المكاسب المحققة من جراء التحول الرقمي في الشركات الصغيرة والمتوسطة، في زيادة القدرة على تسويق المنتجات عبر الإنترنت من خلال إنشاء واجهة افتراضية أو ما يعرف بـ«المتجر الإلكتروني» وبتكلفة منخفضة للغاية، وجمع الأموال والتوصيل المنزلي للطلبات، إلى جانب تعزيز الهوية والعلامة التجارية وتسهيل التواصل مع العملاء.
وأكد هؤلاء أن توافر البنية التحتية الرقمية في الدولة، وتبني الإنترنت على نطاق واسع واعتماد المستهلكين على التكنولوجيا، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، عوامل تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات على الولوج إلى العالم الرقمي، منبهين إلى أهمية التحول الرقمي واستدامة التواجد والتفاعل «الرقمي» في تعزيز القدرات في ظل الواقع الجديد ما بعد كورونا.
تسارع التحول
وتفصيلاً، قالت سيلينا بيبر، الرئيس الإقليمي الأول لدى GoDaddy في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا وجنوب أفريقيا، إن عام 2020 شهد تغييرات ضخمة في المجتمع والاقتصاد العالمي، حيث شهد كل قطاع وصناعة في العالم تغيراً بشكل أو بآخر، ما أحدث نقلة كبيرة غيرت مسار الشركات الكبيرة والصغيرة والناشئة على حد سواء، مؤكدة أن وتيرة ومدى التحول الرقمي خلال العام 2020 شهدت تغيرات ملحوظة عند مقارنتها بأي عام مضى، ففي ظل جائحة كوفيد- 19، رأينا الكثير من التحولات التقنية تتم بسرعة مذهلة، سواء تلك التي تدعم التحول الرقمي للأعمال، أو زيادة الاعتماد على الأتمتة الرقمية للمساعدة في تمكين سير الأعمال بسلاسة في أوقات الأزمة.
وأوضحت بيبر، أن رواد الأعمال والمشاريع بالغة الصغر اضطروا إلى تغيير نهج أعمالهم التقليدي في غضون أسابيع معدودة لتنتقل إلى العالم الرقمي، وبهذا كان عليهم الانتقال من التعامل التقليدي وجهاً لوجه والتواصل المادي ونموذج البيع الشخصي ليتمكنوا سريعاً من فهم أسلوب التواصل والتعامل عبر الإنترنت ليس كمستهلكين، بل كأصحاب عمل.
وأشارت إلى أن الجائحة وآثارها الهائلة اضطرت الشركات إلى الانتقال السريع إلى القنوات الرقمية، كالتجارة الإلكترونية، لدعم حركة التسوق والبيع عبر الإنترنت والحفاظ على التنافسية، لافتة إلى أن الكثير من رواد الأعمال كانوا يدركون قيمة التقنيات الرقمية وكانوا يخططون أصلاً للانتقال إليها قريباً، ولكن الأمر أصبح ضرورة ملحة بين ليلة وضحاها، وهنا يكمن التحدي الفعلي.
وذكرت بيبر، أن تحول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الرقمية يتم عبر عدد من الخطوات، أولها فهم احتياجات الأعمال الصغيرة والبحث عن طرق تمكينها من خلال منح الأدوات والحلول التي تساعد تلك الأعمال في مسيرة تحولها الرقمي.
وأضافت أنه من الضروري أيضاً التوجيه المهني من خلال تقديم النصائح العملية والدعم المتاح لتلك الشركات باستمرار فيما يخص تحويل التسويق إلى القنوات الرقمية والدمج مع وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أكبر نطاق للرؤية.
وأرجعت ذلك إلى زيادة عدد المستهلكين الذين بدؤوا بالتسوق عبر الإنترنت في المنطقة وبوتيرة أكبر، إذ تظهر دراسات جرت في الولايات المتحدة الأميركية أن الجائحة العالمية عملت على تسريع الانتقال من المتاجر المادية إلى التسوق الرقمي بما يعادل خمس سنوات تقريباً، مختتمة بالتأكيد على توافر العديد من الأدوات الجاهزة المتاحة عبر الإنترنت، والمصممة للمساعدة في إنشاء متجر إلكتروني بسهولة وتكلفة منخفضة.
التسوق الرقمي
قالت جوستينا إيتنجر، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة «إيميجس» جروب للشرق الأوسط، إن جائحة «كوفيد - 19» سرعت التحول الرقمي في مجال البيع بالتجزئة، إذ تسبب في البداية في تعطيل قطاع البيع بالتجزئة ومن ثم تحول المستهلكين إلى التسوق الرقمي، ولذا يجب على الشركات الصغيرة والمتوسطة التحلي بالمرونة والاستجابة والملاءمة المستقبلية للأداء والازدهار في البيئة المتغيرة باستمرار، مؤكدة أنه وفقاً لتقديرات شركة ستاتيستا، المتخصصة في تتبع الاقتصاد العالمي وقطاع التجزئة عبر الإنترنت، فقد شكلت مبيعات التجزئة الإلكترونية %14.1 من إجمالي مبيعات التجزئة في جميع أنحاء العالم في عام 2019، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى %22 في عام 2023.
وذكرت إيتنجر، أن من الأسباب التي تستوجب التحول الرقمي كذلك أنه في دول مجلس التعاون الخليجي، بشكل عام، أنتج تبني الإنترنت على نطاق واسع وجود مزيج من البنية التحتية الرقمية واعتماد المستهلكين على التكنولوجيا، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية.
ولفتت إلى أن دول الشرق الأوسط تتقدم على أسواق التجارة الإلكترونية الأكثر نضجاً مثل الولايات المتحدة والصين من حيث انتشار الإنترنت، وبنسبة بلغت %64.5، وهي نسبة أعلى من المتوسط العالمي البالغ %54.5، منوهة بأن المستهلكين في دول مجلس التعاون الخليجي قد انتقلوا مباشرة إلى التجارة عبر الهاتف المحمول، أو التجارة عبر الهاتف المحمول، والعمل عبر المنصات الرقمية بسهولة.
تسريع التحول الرقمي
وأفاد عمرو رفعت، الرئيس التنفيذي لشركة «جي بي إم» بأن العديد من المؤسسات والشركات سرعت جهودها في مجال التحول الرقمي نتيجة انتشار جائحة كوفيد-19، ويمكن استغلال القدرة المتنامية للحوسبة السحابية لدفع عجلة الابتكار وإطلاق العنان لقيمة التحول الرقمي، مشيراً إلى أهمية استكشاف أفضل الممارسات والحلول لمعرفة كيفية تطوير وتسريع استراتيجيات تحول رقمي فعالة لتعزيز القدرات في ظل الواقع الجديد ما بعد كورونا.
استدامة التواجد
وبدوره أكد عمار الحسيني، خبير تكنولوجيا المعلومات، أن الكثير من الشركات الناشئة انتقلت لإضافة تعاملات التجارة الإلكترونية والتوصيل المنزلي والتوسع في التسويق الرقمي خلال فترة الجائحة، وحققت بالفعل قصص نجاح مثيرة للإعجاب.
وقال: إن أهمية التحول الرقمي لا تقتصر فقط على تسويق المنتجات عبر الإنترنت، بل تمتد إلى مجالات عدة مثل مساعدة الشركات على استمرارية الأعمال والتواصل مع العملاء والتكيف مع التباعد الاجتماعي وجمع الأموال، خصوصاً في الظروف الصعبة.
وأضاف أن استدامة التواجد والتفاعل «الرقمي» يساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على تعزيز هويتها وتواجد علامتها التجارية عبر الإنترنت، حيث يسهم الظهور عبر الإنترنت والتواجد الفعال عبر قنوات التواصل الاجتماعي بدور غاية في الأهمية لمساعدة العلامة التجارية على بناء جسور التواصل والثقة مع العملاء ولكن بشروط، أهمها صقل محتوى الموقع الإلكتروني وسهولة إيجاد الموقع الإلكتروني وتصفّحه، وبساطة خطوات التسوق الإلكتروني (وبخاصة خيارات الدفع والاستفادة من العروض) بالإضافة إلى التواصل الشامل والفعال بعد الشراء، منبهاً أن تلك العناصر تساعد على إنشاء متجر إلكتروني للشركات، أو بمعني أدق توفير واجهة افتراضية للمتجر لمواصلة تزويد العملاء بأحدث التطورات وتعزيز اهتمامهم بمساعدة الأعمال على النمو.