مصطفى عبد العظيم (دبي)
تصدر قطاع ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، أولويات أجندة حكومة دولة الإمارات والحكومات المحلية المختلفة خلال 2020، والتي قامت جميعها بإطلاق العديد من المبادرات وحزم التحفيز لتعزيز قدرته على الصمود أمام تداعيات جائحة «كوفيد - 19»، والارتقاء بمنظومته تشريعياً وتنظيمياً، وإيجاد الحلول العملية لجميع تحدياته وتهيئة البيئة المحفزة للنهوض به. وتُشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية ومساهماً رئيساً في الاقتصاد الوطني ومحركاً قوياً لعجلة التحول نحو اقتصاد تنافسي منتج قائم على الابتكار والمعرفة، وتسهم بأكثر من 53 % من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للدولة، ويتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 60 % مع نهاية 2021، وإلى مستويات أعلى خلال الأعوام التالية، وفقاً لأحدث بيانات وزارة الاقتصاد. ويعكس تعيين الدكتور أحمد بالهول وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، الأهمية الكبيرة التي توليها حكومة الإمارات لهذا القطاع الحيوي، وحرصها على تنمية قطاع ريادة الأعمال، وتوفير كافة وسائل الدعم التي تعزز نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتزيد من فرص نجاحها التجاري وتنافسية منتجاتها وخدماتها سواء في السوق المحلي أو في الأسواق الخارجية.
3 مليارات درهم لبرنامج الضمانات الائتمانية
في بداية جائحة «كورونا»، خصص المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي 3 مليارات درهم لبرنامج الضمانات الائتمانية لتحفيز تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة عن طريق البنوك المحلية، الذي يدار من قبل مكتب أبوظبي للاستثمار؛ بهدف تعزيز قدرة هذه الشركات على اجتياز بيئة السوق الحالية، بالإضافة إلى دعم رسوم توصيل الكهرباء للشركات الناشئة حتى نهاية العام، فضلاً عن توقيف العمل بكفالات العطاء لتخفيف الأعباء المالية على الشركات، وإعفاء الشركات الناشئة من كفالة حسن التنفيذ للمشاريع التي قيمتها تصل إلى 50 مليون درهم. كما تضمنت حزمة الحوافز المالية الشاملة التي أعلنتها حكومة أبوظبي لدعم المجتمع والشركات في أبوظبي، 17 مبادرة، استحوذت الشركات الصغيرة والمتوسطة على سبع مبادرات منها، شملت، تأجيل سداد الأقساط المستحقة والفوائد على القروض حينها عبر منح العملاء المؤهلين فترة سماح تصل إلى ثلاثة أشهر ومن دون احتساب أي رسوم إضافية، وتخفيض رسوم خدمة التاجر «معاملات بطاقات الائتمان» للعملاء المؤهلين من الشركات الصغيرة والمتوسطة ذوي قيمة استخدام أقل من 5 ملايين درهم من المدفوعات سنوياً بنسبة 50% حتى 30 يونيو 2020، فضلاً عن تخفيض جميع الرسوم والأسعار المطبقة على الحسابات من دون رصيد بنسبة تصل إلى 50% للعملاء المؤهلين.
وأتاحت المبادرات كذلك إمكانية خفض الحد الأدنى لمتطلبات متوسط الرصيد لجميع فئات حسابات الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى قيمة أقصاها 10 آلاف درهم شهرياً، والسماح للشركات الصغيرة والمتوسطة تأجيل سداد الأقساط المستحقة والفوائد على القروض الجديدة عبر منح العملاء المؤهلين فترة سماح تصل إلى ثلاثة أشهر حتى 30 يونيو 2020 مع خفض بنسبة 50% على الرسوم المصرفية، وتخفيض معدلات الفائدة على تسهيلات القروض الجديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة وفقاً للمعدلات المطبقة حينها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الفئة من الشركات أن تستفيد من تخفيض الرسوم المصرفية بنسبة 50% على التسويات المبكرة للقروض الحالية حتى 30 يونيو 2020.
مبادرات لا تتوقف
من المتوقع أن تواصل حكومة دولة الإمارات العمل على إطلاق مبادرات جديدة خلال المرحلة المقبلة تتضمن محاور عديدة، من أبرزها تسهيلات التمويل والتدريب والاستشارة وزيادة الخبرة ودعم المشتريات والربط مع شركاء استثماريين وتجاريين من داخل الدولة وخارجها، والمشاركة في المعارض والفعاليات الاقتصادية لتعزيز الحصة السوقية لشركاتنا الوطنية وتوسيع إمكانية وصولها إلى الفرص التجارية والاستثمارية الجيدة المطروحة محلياً وإقليمياً وعالمياً.
دعم رواد الأعمال
أطلقت مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، سلسلة من المبادرات لدعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال في دبي، تضمنت تأجيل مستحقات الإيجار، وتسهيل حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة على التمويل. كما أعلن صندوق محمد بن راشد لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة «الصندوق»، الذراع التمويلية لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، عن حزمة دعم شاملة، تضم قروضاً لدعم استمرارية الأعمال للمشاريع المستفيدة من الصندوق، إضافة إلى فترة سماح مدتها ثلاثة أشهر لسداد القروض، وتسهيل الحصول على التمويل للمزيد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الصندوق تمويلاً من دون فوائد لأعضاء مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لدعم التزاماتهم المتعلقة بالنفقات التشغيلية، مثل الرواتب، والإيجارات، إلى جانب تقديم استشارات مالية عبر «الإنترنت» لمشاريع ريادة الأعمال.
خطط استباقية
في خضم تأثير انتشار جائحة «كوفيد - 19»، على الاقتصاد العالمي، كانت حكومة دولة الإمارات في صدارة الحكومات التي بادرت بطرح خطط اقتصادية ومبادرات استباقية لتحفيز قطاع الأعمال والتخفيف من تداعيات تأثير الجائحة على الاقتصاد الوطني عموماً وقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص، لتعزيز آليات استقرارها وازدهارها وتجاوز التحديات الراهنة، تماشياً مع رؤية القيادة الرشيدة في دعم وتمكين الشباب والمساهمة في دعم الاقتصاد المحلي بمختلف القطاعات الحيوية والمتنوعة.
آفاق جديدة
يأتي الدعم الحكومي لقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ليمهد الطريق أمام الحد من الآثار الاقتصادية والمالية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا عالمياً، فضلاً عن فتح آفاق جديدة أمام رواد الأعمال لإطلاق العنان لطاقاتهم الإبداعية واستثمار مواهبهم في توجيه الاقتصاد نحو أعلى درجات الإبداع والابتكار وإعادة تشكيل ملامح المشهد الاقتصادي، استناداً إلى الإنتاجية العالية والتنافسية والنمو المسؤول. وهذه الإجراءات الاقتصادية التحفيزية تعزز جاهزية الإمارات للاستجابة بفعالية للتحديات الإقليمية والعالمية، واضعةً الأطر الضامنة لمواصلة ترسيخ حضورها القوي كمركز جاذب لأفضل الخبرات والعقول والكفاءات ضمن بيئة اقتصادية مرنة تتسم بالتنوع والإنتاجية والاستدامة.
دعم المصرف المركزي
تضمنت المبادرات اعتماد المصرف المركزي تدابير عدة في سبيل تحصين الاقتصاد الوطني وحماية المستهلكين والشركات، وفق خطة شاملة لدعم الأفراد والبنوك ومجتمع الشركات، فيما تم تخصيص مبلغ 16 مليار درهم إضافي لخفض تكلفة الأعمال، وضمان استمراريتها ودعم الشركات الصغيرة، والتعجيل بتنفيذ مشروعات البنية التحتية الحكومية.
ووفقاً للخطة، قام المصرف المركزي بتخفيض مبالغ رأس المال التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها، مقابل قروضها الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنحو 15 - 25%، الأمر الذي سهل حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على مزيد من التمويل.
وتضمنت الخطة كذلك إصدار المصرف المركزي أنظمة جديدة لوضع حدود للرسوم التي تفرضها البنوك على عملائها من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنص على ألا تطلب البنوك حداً أدنى لرصيد الحساب يتجاوز 10 آلاف درهم، بالإضافة إلزام المصرف المركزي جميع البنوك بفتح الحسابات لعملاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في غضون فترة زمنية، أقصاها يومان.
المشتريات الحكومية
أصدر مجلس الوزراء، خلال أزمة جائحة «كوفيد - 19»، مجموعة قرارات استهدفت خفض وتعديل رسوم الخدمات المتعلقة بالقيد في سجل الموردين، بحيث لا توجد رسوم لتسجيل الشركات الصغيرة والمتوسطة في أول سنتين من تأسيس الشركة، والإعفاء من رسوم التجديد، كما تم توجيه نسبة 10% من قيمة المشتريات تجاه أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومنح أفضلية سعريّة بنسبة (10%) لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عند تقييم العطاءات، بالإضافة إلى إعفاء الشركات المملوكة من المواطنين بنسبة 100% من تقديم خطاب ضمان مصرفي في حال كانت قيمة التعاقد لا تزيد على مليون درهم.