حسام عبدالنبي (دبي)
تخطو دولة الإمارات بثقة للتحول إلى مجتمع غير نقدي والاستغناء تدريجياً عن العملات الورقية في الدفع، حيث اتخذت الدولة منذ سنوات مبادرات لتحقيق هذا الهدف تعد الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب مسؤولين في الدوائر الاقتصادية والمنصات الالكترونية.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد» إن الإمارات بدأت خطوات الدفع اللانقدي، بإطلاق منظومة الدرهم الإلكتروني وتبعتها خطوات مهمة تستهدف التوجه نحو الاقتصاد غير النقدي وتحويل عمليات الدفع المختلفة إلى طرق دفع غير نقدية بشكل آمن وسهل وبما يغطي جميع القطاعات الاقتصادية.
بداية الطريق
ويعد إطلاق منظومة الدرهم الإلكتروني، من أولى الخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات للدخول إلى العصر الجديد من حلول الدفع اللانقدي، حيث تستهدف المنظومة تطبيق رؤية القيادة الرشيدة ومواكبة التحول الرقمي وتوفير حلول الدفع الذكية، عبر خيارات دفع ومزايا عديدة لسداد رسوم أكثر من 5000 خدمة حكومية، بالتعاون مع عدد من البنوك الوطنية الرائدة في الدولة.
وتتضمن مزايا المنظومة التي تم إطلاق الجيل الثاني منها قبل أيام تقديم خدمات الدفع اللانقدي وفق معايير الجودة والأمان وسرية البيانات، إدارة المدفوعات بسهولة وكفاءة، توفير بطاقات جديدة بمزايا عدة من خلال مصارف متعددة، والسرعة والدقة في إتمام المعاملات.
ويتيح تطبيق الدرهم الإلكتروني «مباشر» أحدث حلول التكنولوجيا المالية ويُمكن من سداد مدفوعات الجهات الحكومية عن طريق الهاتف الذكي دون الحاجة إلى بطاقات أو أوراق نقدية، وذلك في أي وقت ومن أي مكان، وباستخدام كلمة مرور لمرة واحدة أو ميزة التحقق بخطوتين، كما يمنح مستويات غير مسبوقة من الأمان من دون الكشف عن بيانات الحساب المصرفي.
الاقتصاد غير النقدي
وقال سامي القمزي، مدير عام اقتصادية دبي، إن الجاهزية الرقمية التي تتمتع بها إمارة دبي ودولة الإمارات بشكل عام، ستمكن من تحقيق الهدف بالتحول إلى مجتمع غير نقدي، حيث تأتي الدولة في المرتبة الأولى عالميًا في هذا المجال، وفقاً لمؤشر الاتصال الرقمي لشركة «يورومونيتور إنترناشيونال»، الأمر الذي من شأنه أن يضع الإمارات في وضع قوي لتصبح واحدة من المجتمعات غير النقدية الرائدة على مستوى العالم، مشدداً على التزام «اقتصادية دبي» بتعزيز دورها الاستراتيجي كأحد المحركات الرئيسة نحو الاقتصاد غير النقدي، وتسريع وتيرة نموه.
مستقبل المدفوعات
ومن جهته قال جيريش ناندا، مدير منطقة الإمارات وسلطنة عمان لدى «ماستركارد» إن القيود الكثيرة التي فرضها وباء «كوفيد- 19» على الحياة اليومية، جعلت المستهلكين يبدأون باتباع عادات جديدة في الدفع والتسوق، ولذا تعمل «ماستركارد» عن كثب مع الشركات والمؤسسات المالية وأصحاب المصلحة الآخرين من أجل تطوير مجال المدفوعات الرقمية في دولة الإمارات، مؤكداً أن هناك توجهاً سريعاً للمتسوقين في الإمارات نحو تجارب الدفع الرقمية اللاتلامسية عوضًا عن التعاملات النقدية.
وذكر ناندا، أن زيادة نشاط التسوق عبر الإنترنت في الإمارات سيزيد من التوجه نحو تقليل الاعتماد على التعاملات النقدية في الدفع، حيث تظهر دراسات الشركة أن 73% من المستهلكين في الإمارات يستخدمون الإنترنت بشكل أكبر لشراء البقالة، وتبلغ نسبة المستهلكين الذين يستخدمون الإنترنت لشراء الملابس (66%)، بينما قال أكثر من 60% إنهم قاموا بشراء الأدوية عبر الإنترنت، موضحاً أن 57% من المستهلكين أفادوا بأن تجربة الدفع الآمنة هي عنصر أساسي في تجربة التسوق الجيدة ولذا لابد من دفع الابتكار لضمان بناء أسس متينة لمستقبل المدفوعات في دولة الإمارات.
دفع الأموال
وبدوره قال فيصل طوقان، الرئيس التنفيذي، لمنصة «زينة» التي أطلقت أول تطبيق مرخص عبر منصات التواصل الاجتماعي لدفع الأموال من شخص لآخر في دولة الإمارات، إنه أصبح بإمكان أصحاب الحسابات المصرفية في الإمارات الآن استخدام هواتفهم الذكية لإرسال واستقبال الأموال بكل سهولة عبر رسالة نصية، مؤكداً أن الهدف من ذلك التطبيق هو تبسيط التحويلات المالية بين الأفراد، حيث يمكن للمستخدمين إرسال واستلام الدفعات من خلال رقم الهاتف فقط، دون الحاجة إلى رقم IBAN أو رمز swift، إلى جانب أنه لا يتم حجز المبالغ المالية المرسلة من الحساب، كما هو متعارف عليه في العمليات المالية، ومنوهاً في الوقت ذاته بأن ذلك الأمر يضمن إنجاز جميع التحويلات بسرعة وكفاءة عالية، ويتيح للأصدقاء وأفراد العائلة تقاسم تكلفة تناول الطعام خارج المنزل أو تقاسم فاتورة المشتريات بطريقة تتسم بالسهولة والسلاسة.
الدفع الإلكتروني
تشهد دولة الإمارات زيادة في الاعتماد على بوابات الدفع الإلكتروني من أجل تمكين التجار من قبول مختلف أنواع المدفوعات عبر الإنترنت، حيث يؤكد خليل العلمي، الرئيس التنفيذي لشركة «تلر» وهي بوابة الدفع الإلكتروني التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، أن أهمية مثل هذا الأمر تكمن في إمكانية دمج منصات التجارة الإلكترونية بالكامل مع بوابة الدفع الإلكتروني بهدف تمكين التجار من قبول مختلف أنواع المدفوعات عبر الإنترنت، مشيراً إلى أن مثل هذا الأمر يمثل اليوم ميزة في غاية الأهمية لتعزيز القدرة التنافسية في السوق، ومواكبة الاتجاهات الحالية الرامية نحو تسريع التحول الكامل إلى المدفوعات الرقمية، وذلك بما يتماشى مع رؤية الإمارات الهادفة إلى بناء مجتمع لانقدي بحلول العام 2021.
جهود الإمارات للتحول إلى بيئة ذكية
يأتي تشكيل فريق عمل «دبي اللانقدية» ضمن جهود دولة الإمارات للتحول إلى بيئة ذكية بالكامل، حيث سيكون الفريق معنياً بوضع خطة عمل هدفها تحويل عمليات الدفع في دبي إلى طرق دفع غير نقدية بشكل آمن وسهل، وبما يغطي كافة قطاعات المدينة، فضلاً عن توحيد جهود الجهات الحكومية ذات الصلة بما يضمن تسريع وتيرة تحول دبي الناجح والسلس نحو مجتمع غير نقدي.
كما تعتبر محفظة «نقودي»، التي طورتها شركة «إماراتك» التابعة لمؤسسة دبي للاستثمار وأطلقتها «دائرة المالية» و«دبي الذكية» في العام الماضي، أحدث الخيارات المتاحة لسداد الرسوم الحكومية عبر بوابة «سداد دبي» التي تعد منصة سداد الرسوم الرقمية التابعة لحكومة دبي حيث يمكن للمتعاملين تغذية رصيد محفظة «نقودي» الرقمية عبر الإنترنت من الحسابات الجارية في البنوك المحلية والدولية عن طريق رقم الحساب الدولي (آيبان)، ومن البطاقات الائتمانية، فضلًا عن إمكانية تغذيته بالنقد في عدد من شركات الصرافة.
وتتميز المحفظة الرقمية «نقودي» بالمرونة وعدم وجود سقف أدنى أو أعلى للرصيد، كما تتسم بإمكانية الإرجاع الفوري للمعاملات المالية في حالات أو الإلغاء، وأيضاً تتيح «نقودي» إمكانية السداد عبر نقاط الدفع باستخدام رمز الاستجابة السريعة في شبابيك الخدمة لدى الجهات الحكومية.