حسونة الطيب (أبوظبي)
موجة من الديون المعدومة تنذر باجتياح البنوك الأوروبية، في أعقاب انتهاء برامج الدعم الحكومية، حذر منها المنظمون ومديرو البنوك. عانت الاقتصادات الأوروبية التدهور هذه السنة، بسبب انتشار وباء «كورونا» وعمليات الإغلاق التي عطلت عجلة التعافي الوليد.
ومع ذلك، فقد مكنت المستويات غير المسبوقة من الدعم الحكومي والقطاع المالي، بما في ذلك تأجيل السداد الذي يغطي أحياناً، نحو 25% من إجمالي القروض المستحقة، الأسر والشركات، من الوقوف على أقدامها. ويعني ذلك، أن البنوك، لم تكن لتدرك أن هذه القروض ستكون معدومة.
برامج المساعدات
لكن يتساءل حتى مديرو البنوك التنفيذيون، عما يمكن أن يحدث بعد انتهاء برامج المساعدات التي تقدمها الحكومات. كما يتخوف المنظمون، من بطء بعض البنوك الأوروبية في ردة فعلها حيال المشاكل التي يمكن أن تنجم عن ديون هؤلاء المقترضين.
ويقول البنك المركزي الأوروبي، إن الديون المعدومة في منطقة اليورو، ربما تناهز 1.4 تريليون يورو، أي ما يساوي 1.7 تريليون دولار، في حال تراجع الاقتصادات أكثر مما هو متوقع. وسيكون هذا المبلغ، أكثر من الديون التي خلفتها الأزمة المالية العالمية، بحسب «ذا وول ستريت جورنال».
يكمُن الخوف، في أن البنوك ربما يعوزها رأس المال، في حال تعرضت فجأة لموجة من الديون المتعثرة، ما يجعلها في حاجة للدعم الحكومي أو الفشل. والشيء الذي لم يعد واضحاً حتى الآن، السرعة التي يمكن أن تتراكم بها هذه الديون المتعثرة، أو ما إذا كانت البرامج الحكومية، ستقوم بدعم البنوك مقابل الخسائر التي تكبدتها لعددٍ من السنوات المقبلة.
العمل بسرعة
ويرى أليك كونيغ، مدير هيئة الاتحاد الأوروبي، التي تم إنشاؤها في أعقاب الأزمة المالية الأوروبية، بغرض مساعدة البنوك التي تواجه مشاكل مالية، أنه يترتب على البنوك العمل بسرعة، للتعرف على القروض التي ربما لا يتم سدادها والتعامل معها. تحل البنوك الأوروبية، خلف نظيراتها الأميركية فيما يتعلق بالتعافي من تلك الأزمة التي تعرضت لها في 2008. كما تحصلت البنوك الأميركية، على المساعدات الحكومية ومن البنوك المركزية، للتخلص من الأصول المتعثرة بسرعة، حيث أصبحت البنوك الأوروبية مكبلة بأزمة دين سيادي، عطل مسيرة النمو الاقتصادي.
تأجيل الأقساط
ورغم أن العديد من البنوك الأميركية، سمحت للمقترضين بتأجيل بعض الأقساط، فإن الدعم عموماً، أقل سخاءً من الذي تتلقاه البنوك الأوروبية.
وفي إيطاليا، التي لا تزال مصارفها تحاول التعامل مع محافظ القروض القديمة المعدومة، حيث ما يزيد على 25% من القروض من نصيب الأعمال التجارية و15% للأسر، بما يصل لنحو 300 مليار يورو، تم إدراجها تحت بند إجازات الدفع. ومن المعلوم، أن إيطاليا كانت مركزاً لوباء كورونا، ما ألحق باقتصادها ضرراً كبيراً.
أما في البرتغال، حيث الشركات والهيئات الحكومية مثقلة بالديون، فتغطي عمليات تأجيل القروض، ما يقارب 35% من إجمالي الدين، بحسب البنك المركزي الإيطالي.
الرهونات العقارية
وفي إسبانيا ومناطق أخرى، عاودت معظم البنوك، تقديم القروض مجدداً عند انتهاء برامج التأجيل، بجانب انخفاض معدل القروض غير العاملة هذه السنة. وما يقارب 40 مليار يورو من القروض، أو 4% من دفتر قروض بنك سانتاندر، ما زالت تحت التأجيل، بما فيها العديد من الرهونات العقارية. وما يزيد على 52 مليار يورو من قروض الأعمال الخاصة والأسر، أو 8% منها المستحقة، قيد التأجيل في الوقت الحاضر.
وطرحت العديد من البلدان في أنحاء أوروبا المختلفة، برامج مساعدات للشركات، للاحتفاظ بالعاملين لديها المتوقفين عن العمل بسبب «كورونا»، ما يحد من ارتفاع معدلات البطالة.
إفلاس الشركات
ويكمُن جزء من مشكلة البنوك، في قوانين الحسابات، حيث عادة ما تقوم البنوك، بحساب القرض كقرض عامل، حتى يظهر خلل حقيقي مثل، عدم تمكن العميل من دفع الفوائد أو أن تعلن شركة من الشركات إفلاسها. ولتفادي وقوع مثل هذه المشاكل، ينبغي على البنوك عدم الانتظار حتى يتحول القرض لقرض معدوم.
وتقوم البنوك الأوروبية في الوقت الحالي، بتقديم القروض، التي تضمنت 40 مليار يورو للأعمال التجارية خلال العام الجاري، بموجب البرامج الحكومية التي تضمن جزءاً مقدراً من عملية التسديد للبنوك. وتوفر هذه البرامج، أكبر قدر من السبولة النقدية التي تحتاج إليها هذه البنوك للاستمرار في مزاولة نشاطاتها.
ومن بين النشاطات التجارية التي تتلقى مثل هذه القروض، دور السينما والمطاعم وصالونات الشعر، رغم أنه ليس من الواضح الوقت الذي يمكن أن تتعافى فيه هذه القطاعات. والبنك الأكبر حالياً هو الحكومات، لكن عندما تتوقف هذه الحكومات عن تقديم القروض، تظهر المقدرة الحقيقية للمقترضين على السداد والإيفاء بما عليهم من ديون في مواعيدها.