سيد الحجار (أبوظبي)
تتبوأ دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة عالمية رائدة في قطاع الطاقة، في ظل دورها البارز في نشر حلول الاستدامة، وترشيد الاستهلاك، والحفاظ على البيئة، ودعم الجهود العالمية لمواجهة تحديات الطاقة، والتغيير المناخي، وخفض الانبعاثات الكربونية.
ويأتي «اليوم العالمي للطاقة»، والذي يصادف 22 أكتوبر من كل عام، ليلقي مزيداً من الضوء على دور الإمارات الرائد في مجال الطاقة، لاسيما بعدما شهد العام الحالي خطوة جديدة أكدت مكانة الإمارات العالمية بقطاع الطاقة، وتنويع مصادرها، والمتمثلة في تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي.
ويعد «اليوم العالمي للطاقة»، وهي المبادرة التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مع 54 دولة حول العالم، خلال إعلان دبي عام 2012، فرصة لزيادة ونشر الوعي بأهمية ترشيد الطاقة وتخفيض انبعاثات الكربون وحماية البيئة.
ترشيد الاستهلاك
وأطلقت هيئة كهرباء ومياه دبي، مؤخراً، حملة افتراضية بمناسبة اليوم العالمي للطاقة، للتشجيع على ترشيد استهلاك الطاقة والمياه واتباع نمط حياة واعٍ ومستدام عبر خطوات بسيطة، وحثت «الهيئة» أفراد المجتمع كافة على المشاركة في «التعهد الأخضر» المتوافر على صفحة «اليوم العالمي للطاقة» على موقع «الهيئة» الإلكتروني، والذي يمثل تعهداً شخصياً يلتزم به كل فرد للحفاظ على البيئة، من خلال تبني سلوكيات ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه في المنازل والحد من معدلات الهدر.
وأكدت «الهيئة» تعهدها بتحقيق التوازن بين التنمية والبيئة للحفاظ على حق الأجيال القادمة في العيش في بيئة نظيفة وصحية وآمنة، ومواصلة دورها الرائد في تخفيض انبعاثات الكربون والحد من آثار التغير المناخي، من خلال زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة والنظيفة، وإطلاق العديد من البرامج التي تهدف إلى ترشيد الاستهلاك.
وشهدت السنوات الأخيرة إطلاق وزارة الطاقة والبنية التحتية، بالتعاون مع الشركاء، العديد من المبادرات والبرامج لترسيخ مفهوم ترشيد استهلاك الموارد ليصبح ثقافة مجتمعية، وتشجيع أفراد المجتمع على اتباع نمط حياة مسؤول في استهلاك الطاقة.
كفاءة الطاقة
وخلال شهر يوليو الماضي، أطلقت دائرة الطاقة في أبوظبي حملة جديدة بعنوان «استخدمها صح»، تركز فيها على العمل مع الأفراد والأسر في الإمارة، لتعزيز وعيهم بأهمية الحفاظ على الماء والكهرباء، وتعزيز مبادئ كفاءة استهلاك الطاقة في المنازل، بهدف غرس ترشيد الاستهلاك كثقافة وطنية تعزز الحفاظ على الموارد الطبيعية لدعم استراتيجيات الأمن الغذائي وأمن الطاقة في البلاد.
ويتطلب تحقيق أهداف دولة الإمارات لعام 2050، الخاصة بتخفيض البصمة الكربونية لتوليد الطاقة بنسبة 70 % وزيادة كفاءة استهلاك الطاقة بنسبة 40 %، تغييرات شاملة في سلوك الاستهلاك لدى جميع السكان.
وأكدت الدائرة أن كفاءة استخدام الطاقة أولوية استراتيجية للتحول نحو عصر جديد لطاقة أبوظبي، حيث تتماشى حملة «استخدمها صح» للتوعية المجتمعية مع استراتيجية أبوظبي لإدارة جانب الطلب وترشيد استخدام الطاقة، والتي تهدف إلى خفض استهلاك الكهرباء في الإمارة بنسبة 22 % واستهلاك الماء بنسبة 32 % بحلول عام 2030.
وكانت دائرة الطاقة في أبوظبي، قد كشفت العام الماضي عن استراتيجية أبوظبي لإدارة جانب الطلب وكفاءة الطاقة 2030 والتي تهدف إلى تحقيق فوائد اقتصادية وبيئية كبيرة، وضمان استقرار منظومة الطلب على الطاقة واستدامة مصادرها، حيث تهدف الاستراتيجية الجديدة إلى معالجة قضايا العرض والطلب من خلال تبني نهج شراكة متعددة الأطراف، لتنفيذ 9 برامج يُعوَّل عليها بشكل كبير لخفض استهلاك الكهرباء بنسبة 22 % والمياه بنسبة 32 % بحلول عام 2030، مقارنة بالمعدل المعتاد للطلب حسب خط الأساس لعام 2013.
تنوع المصادر
وشهد قطاع الطاقة في الإمارات، تطورات ملحوظة منذ اكتشاف النفط بأبوظبي منتصف القرن الماضي، لتتقدم مسيرة تطور القطاع، مع تنوع المصادر، لتشمل بجانب النفط والغاز، الطاقة النظيفة، والنووية، ما جعل الدولة تتبوأ مكانة رائدة على صعيد قطاع الطاقة العالمي.
واليوم، تدير شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» وتشرف على إنتاج 3 ملايين برميل من النفط الخام يومياً، مما يضعها ضمن قائمة أكبر منتجي النفط في العالم، كما جاء إعلان المجلس الأعلى للبترول نهاية العام الماضي، عن اكتشافات وزيادات في احتياطيات النفط والغاز في إمارة أبوظبي تقدر بـ7 مليارات برميل من النفط الخام، و58 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز التقليدي، ليضع الإمارات في المركز السادس عالمياً من حيث احتياطيات النفط والغاز العالمية.
ومطلع العام الحالي، تم الإعلان عن اكتشاف مكمن جديد للغاز الطبيعي في المنطقة بين سيح السديرة - أبوظبي، وجبل علي- دبي، بمخزون ضخم يقدر بنحو 80 تريليون قدم مكعبة، فضلاً عن إعلان مؤسسة نفط الشارقة الوطنية (سنوك)، عن اكتشاف حقل جديد للغاز الطبيعي والمكثفات في الإمارة، تحت مسمى «محاني»، بمعدلات تدفق تصل إلى 50 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، ما عزز من مكانة الإمارات الرائدة بقطاع الغاز الطبيعي.
طاقة متجددة
كما تواصلت مسيرة تنوع مصادر الطاقة في الإمارات، بالتوسع في مجال الطاقة المتجددة، لاسيما مع إطلاق مبادرة «مصدر» عام 2006، ثم استضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» عام 2009، ما عزز مكانة الإمارات العالمية بالقطاع، خاصة مع توالي تنفيذ «مصدر»، وصندوق أبوظبي للتنمية، عدد من المشاريع الرائدة، لنشر حلول الطاقة النظيفة حول العالم.
ومع الإعلان مؤخراً عن بداية تشغيل مفاعل محطة براكة للطاقة النووية السلمية، أصبحت الإمارات الأولى في العالم العربي والـ33 على مستوى العالم، التي تنجح في تطوير محطات للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء على نحو آمن وموثوق وصديق للبيئة، لتترسخ بذلك المكانة الرائدة للدولة فيما يتعلق بتنويع مصادر الطاقة.
وعند تشغيلها بشكل كامل، ستنتج محطات براكة الأربع 5.6 جيجاواط من الكهرباء، وستحد من 21 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، وهو ما يعادل التخلص من عوادم 3.2 مليون سيارة من طرق الدولة كل عام.