يُعرف القانون الدولي العام المضيق الدولي بأنه الممر المستخدم للملاحة الدولية بين جزء من أعالي البحار أو المنطقة الاقتصادية الخالصة وجزء من أعالي البحار أو المنطقة الاقتصادية الخالصة. هذا التعريف الذي يمثل ما استقر عليه العرف الدولي في تعريف المضيق ينطبق على مضيق هرمز الذي يربط بين المنطقة الاقتصادية الخالصة للدول المطلة على بحر عمان والمنطقة الاقتصادية الخالصة للدول المطلة على الخليج العربي. وقد حددت منظمة الملاحة الدولية فيه ممرات ملاحية ونظاماً للفصل بين حركة الدخول والخروج للسفن المارة في مياهه. في المقابل يعتبر نظام المرور العابر ونظام المرور البريء أحد أكثر وأهم الأنظمة والقواعد القانونية استقراراً وتفصيلاً في القانون الدولي العام للبحار. حيث تتضمن هذه القواعد تفاصيل بحقوق وواجبات السفن والطائرات أثناء المرور العابر كما تتضمن كذلك حقوق وواجبات الدولة الساحلية المطلة على المضيق أو تلك التي يتم في بحرها الإقليمي ممارسة حق المرور البريء.
ففي قضية قناة كورفو بين المملكة المتحدة وألبانيا لسنة 1949 ذكرت محكمة العدل الدولية في سياق حكمها عن مسؤولية ألبانيا عن الانفجارات التي وقعت في مياه المضيق للسفن العسكرية البريطانية بأنه وفقاً لقواعد العرف الدولي تملك الدول الحق في إرسال سفنها العسكرية وقت السلم خلال الممرات والمضايق الدولية دون الحاجة للحصول على إذن مسبق من الدولة الساحلية أو المشاطئة للمضيق، بشرط أن يكون عبور هذه السفن بريء بمعنى لا يتخلله أي نشاط عسكري أو أي نشاط غير مرتبط بالمرور العابر.
في ذات السياق أكدت المحكمة أن الدولة المشاطئة لا تملك الحق في عرقلة أو منع أو تعطيل هذا المرور العابر في مياه المضيق الذي تطل عليه حتى لو كانت مياه هذا المضيق أو القناة تشكل جزءاً من بحرها الإقليمي. وأضافت المحكمة بأن هناك التزاماً قانونياً على الدولة المشاطئة أن تعلن عن أي مخاطر ملاحية في المضيق أو الممر حتى تتمكن السفن العابرة من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتأمين عبورها لهذا الممر.
في المقابل تجنبت المحكمة إعطاء رأي بشأن حق الدول في إرسال سفنها الحربية، دون الحاجة للحصول على إذن مسبق من الدولة المشاطئة، خلال مياه البحر الإقليمي التي لا تشكل جزءاً من مياه المضيق أو القناة. وهذا يعني أن المحكمة تميز بين حق المرور العابر في مياه المضيق أو القناة، حتى لو كانت هذه المياه تعتبر جزءاً من البحر الإقليمي لدول المشاطئة، مثل مياه قناة كورفو التي تعتبر جزءاً من البحر الإقليمي لكل من البانيا واليونان أو مثل مضيق هرمز الذي يعتبر جزءاً من البحر الإقليمي لإيران وسلطنة عمان وبين حق المرور البريء في البحر الإقليمي. وعليه فنظام المرور العابر يطبق على المضايق والقنوات المخصصة للملاحة الدولية حتى لو كانت هذه المضايق أو القنوات تقع جغرافيا في البحر الإقليمي لدول المشاطئة، بينما يطبق نظام المرور البريء على الملاحة في البحر الإقليمي، إذا لم تكن جزء من هذه المياه تشكل جزءاً من مضيق أو قناة ملاحية دولية.
في نظام المرور العابر تتمتع الدول بحقوق أكبر من تلك المحددة لها في نظام المرور البريء. ولكن أهم الاختلافات بين النظاميين هو أن في نظام المرور العابر تتمتع جميع الدول بحق إرسال سفنها التجارية والعسكرية وطائرتها المدنية والعسكرية للعبور في مياه المضيق أو القناة المخصصة للملاحة الدولية خلال وقت السلم، بينما يقتصر الأمر في نظام المرور البريء على الحق مرور السفن التجارية فقط أو الحكومية غير العسكرية بينما لا يوجد حق للمرور البريء لطائرات المدنية أو العسكرية في المجال الجوي فوق البحر الإقليمي.
أما مرور السفن العسكرية في مياه البحر الإقليمي فهو أمر محل خلاف في القانون ويخضع في الوقت الحالي للعلاقات الثنائية بين الدول. أما الاختلاف الثاني بين النظامين فهو أن الدولة المشاطئة لا تملك حق إيقاف أو عرقلة أو تقييد المرور العابر بينما تمتلك الدولة المشاطئة مثل هذا الحق في نظام المرور البريء وفق شروط معينة.
في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 تم تدوين العرف الدولي بشأن نظام المرور العابر في الجزء الثالث من الاتفاقية ولكن الالتزام بهذا النظام ليس نابعاً من الاتفاقية فقط وإنما نابع من أحكام القانون الدولي العرفي كما أشارت إليه محكمة العدل الدولية في سياق حكمها في قضية قناة كورفو لسنة 1949. لما تقدم لا يحق لأي دولة مشاطئة لمضيق دولي أن تنكر أو ترفض نظام المرور العابر بحجة أنها ليست طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982، حيث إن هذه الاتفاقية لم تنشئ هذا النظام وإنما دونته فقط.
وعليه فإن مضيق هرمز يعتبر أحد المضايق الدولية وفقاً لتعريف المضيق الدولي في القانون الدولي العام للبحار. فهو جغرافياً يربط بين جزأين من المناطق الاقتصادية الخالصة أحدهما في الخليج العربي والآخر في بحر عمان، وهو كذلك يستخدم للملاحة الدولية. وعليه فإن الملاحة البحرية والجوية فيه تتم وفقاً لنظام المرور العابر وليس لنظام حق المرور البريء. لما تقدم لا تملك إيران كدولة مشاطئة وقت السلم حق عرقلة هذا المرور العابر أو إيقافه أو تقييده، ولا تستطيع أن تتمسك بأنها ليست طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لتمتنع عن تطبيق نظام المرور العابر.
د. مطر النيادي
مستشار في القانون الدولي العام