سيد الحجار (أبوظبي)
أكد مقاولون واستشاريون، أن معظم أصحاب المشاريع والملاك، فضلاً عن الدوائر والجهات الحكومية، يبدون مرونة في المفاوضات بشأن تعديل مواعيد الإنجاز، في حالة تأثر الأعمال نتيجة تداعيات فيروس كورونا المستجد، «كوفيد- 19»، فيما تتباين معدلات السماح للمقاولين باستخدام مواد بناء بديلة في حالة صعوبة توفير المواد المتفق عليها.
وقالوا لـ «الاتحاد»: إن التداعيات المرتبطة بفيروس «كورونا»، كان لها تأثيرات متباينة على الأعمال بالقطاع، مشيرين إلى أن مراعاة معظم العملاء لهذه الظروف الاستثنائية، قلصت من الخلافات بين أطراف سوق البناء، من مقاولين وملاك واستشاريين وموردين.
وأشاروا إلى أن اعتماد وزارة تطوير البنية التحتية حزمة من التسهيلات المخصصة لمزودي الخدمات (المقاولين والاستشاريين والموردين ومقاولي الباطن وغيرهم) مؤخراً، لاسيما الخاصة بالسماح باستخدام مواد بديلة، وإلغاء غرامات التأخير، شجع معظم العملاء سواء من ملاك المشاريع، أو الشركات الخاصة، أو الدوائر والجهات المحلية، على تقديم تسهيلات مماثلة، وإبداء المرونة في التعامل مع شركات المقاولات.
تضمنت حزمة التسهيلات التي أقرتها الوزارة إجراءات عدة منها، تعديل مدة تنفيذ العقود بما يتناسب مع طبيعة كل عقد، نتيجة لتقليل العمالة أو تأخير توريد المواد أو تعليق العمل، بالإضافة إلى إلغاء الغرامات المترتبة على مزودي الخدمات بسبب التأخير الحاصل نتيجة الظروف الطارئة الحالية، فضلاً عن السماح لمزودي الخدمات بتقديم مواد بديلة من السوق المحلي، في حال صعوبة توفير الموصوفة تعاقدياً بسبب صعوبة التوريدات الخارجية، أو عدم توفرها في الأسواق المحلية.
وأكدت الوزارة، أن التسهيلات تستهدف إتاحة خيارات عدة، لمساعدة مزودي الخدمات المتعاقدين مع وزارة تطوير البنية التحتية، المتأثرين بالإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وذلك بما يتوافق مع الإجراءات التي اتخذتها الإمارات لدعم منظومة الاقتصاد الوطني في ظل الظروف الراهنة.
دوائر حكومية
وقال إلياس عبده، رئيس مجلس إدارة شركة ويبكو للمقاولات، إن هناك تفاهماً من معظم العملاء لظروف السوق الحالية، موضحاً أنه في حالة وجود نقص في مواد بناء محددة، تتم مخاطبة الجهة أو الدائرة المسؤولة والتي تطلب تحديد البديل، ليتم تقديم مقترحات عدة للاختيار منها.
وأضاف، أن إحدى الدوائر التي يتعامل معها تفهمت، مؤخراً، صعوبة توفير كامل الكميات من نوع محدد من «الأنابيب» لمشروع بنية تحتية، نتيجة تأثر العمل في المصنع الذي يباشر إنتاج هذه النوع من «الأنابيب»، بسبب تغيير أوقات وورديات العمل، حيث وافقت الجهة على استكمال المواد المطلوبة من مصنع آخر، بعد التأكد من الجودة المحددة.
وأوضح عبده أن مواد البناء الأساسية، من حديد وأسمنت، متوفرة بالسوق، بيد أن تأثر حركة الاستيراد بالأوضاع الراهنة، أدى لنقص في بعض مواد البناء غير الأساسية، مثل تلك المستخدمة في بعض أعمال التشطيبات.
وأشار إلى تفهم الدوائر والجهات كذلك عند حدوث تأخير في مواعيد الإنجاز نتيجة الأوضاع الحالية، بيد أن ذلك لا يتم تطبيقه في المطلق، ولكن بناء على ظروف كل مشروع، ومدى تأثره بالأوضاع الحالية، بحيث يتم السماح بتعديل مواعيد الإنجاز، بناء على هذه المتغيرات، والي تختلف من مشروع لآخر.
مرونة العمل
من جهته، قال المهندس فراس حارث الراوي، رئيس مجلس إدارة شركة كاريزما للاستشارات الهندسية، إن الأوضاع الراهنة دفعت المقاولين لتقسيم العمل على مراحل، لضمان عدم وجود عدد كبير من العمال في وقت واحد، وهو ما يتطلب توفير المزيد من المرونة للمقاولين، وعدم فرض غرامات مالية عليهم عند حدوث أي تأخير في مواعيد الإنجاز خلال الوقت الحالي.
وأشار إلى ضرورة تفهم الأوضاع الحالية وقبول الاستثناءات عند حدوث أي خلل بالبرنامج الزمني للإنجاز، لاسيما أن الأوضاع الحالية غير طبيعية، خاصة بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19» يعد وباء عالمياً.
وأوضح الراوي أنه مع بداية الأزمة كان هناك ترقب لمنحنى العلاقة بين المالك والمقاول والاستشاري، وهل سيشهد سوق البناء أزمات بين أطراف القطاع، أم سيتم تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف كافة، والتأقلم مع الأزمة، وبما يضمن حقوق الجميع؟ مشيراً إلى تفهم جميع الأطراف لهذه الظروف الاستثنائية وتفهم الأوضاع الحالية.
ولفت الراوي إلى أن مواد البناء متوفرة بالإمارات، وبالتالي فإن الفترة الحالية لا تشهد نقصاً ملحوظاً في مواد البناء، بيد أنه في حالة زيادة استمرار الأزمة لمدة طويلة، قد تظهر صعوبات فيما يتعلق بمدى توفر مواد البناء، إلا أنه لا يمكن تجاهل أن النسبة الأكبر من مواد البناء يتم تصنيعها داخل الدولة.
تباين عقود التشييد
أوضح المهندس علي محمد العبيدي، مدير مؤسسة برج البلد للمقاولات العامة، أن تأثر حركة الاستيراد أثرت على توفر بعض مواد البناء، كما أن بعض التجار يلجأون أحياناً لتخزين المواد لزيادة الأسعار، موضحاً أن معظم العملاء يتفهمون نقص المواد ليتم استخدام بدائل.
وأضاف، أن العقود الموقعة مع أصحاب المشاريع وملاك الفلل، تتضمن غالباً بنوداً تحدد إمكانية استخدام مواد البناء البديلة في حالة عدم توفر المواد المطلوبة، بل يتم تحديد بديل ثالث أيضاً، لضمان مواجهة أي ظروف طارئة وقت التنفيذ، والتي قد يمتد لأكثر من عام، ما يتبعه تغير نوعية وأصناف مواد البناء المتوفرة بالسوق، مشيراً إلى الاستفادة من هذا البند خلال الظروف الحالية.
ولفت العبيدي إلى أن فرض بعض القيود والإجراءات الاحترازية خلال هذه الفترة، لضمان التباعد الجسدي بين العمال، أدى لتأخر بعض المقاولين في التنفيذ، بيد أن معظم العملاء من الملاك وأصحاب المشاريع يبدون المزيد من المرونة والتفهم للظروف الحالية.
من جانبه، أشار المهندس أحمد متولي، مدير شركة القوة السريعة للمقاولات العامة، إلى وجود نقص في بعض مواد التشطيبات المستوردة، موضحاً أن على سبيل المثال، فإن نسبة كبيرة من مواسير المياه المستخدمة بالسوق المحلي ألمانية الصنع، كما يزيد استخدام مواد التكييف إسبانية الصنع، والزجاج البلجيكي بالسوق.
ولفت إلى أنه رغم تفهم معظم العملاء للظروف الحالية، فإن بعض الملاك قد يشترطون الالتزام بنوعية المواد المحددة بالعقد، ما يسبب معوقات في استكمال العمل أحياناً، لاسيما أن البدائل المحددة بالعقود قد تكون مستوردة كذلك.