طه حسيب (أبوظبي)
خلال فعاليات اليوم الثاني من الكونجرس العالمي للإعلام وفي جناح شبكة أبوظبي للإعلام، نظم «مركز الاتحاد للأخبار» حلقة نقاشية بعنوان «كيف يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل الإعلام؟». حضر الحلقة راشد القبيسي، الرئيس التنفيذي لشبكة أبوظبي للإعلام، والدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، وعبدالرحيم النعيمي، الرئيس التنفيذي لدائرة التسويق والاتصال، وطالب سعيد الزعابي، الرئيس التنفيذي لدائرة الخدمات المساندة، وعيسى سيف المزروعي الرئيس التنفيذي لمركز المحتوى ونخبة من الإعلاميين.
شارك في الحلقة المهندس ناصر الراشدي، خبير في حوكمة الذكاء الاصطناعي، محمد المصلح، أستاذ مساعد في كلية الهندسة والعلوم بجامعة هيريوت وات دبي، ولطيفة الحمادي، الباحثة الإماراتية المتخصصة في تقنية المعلومات. الحلقة النقاشية أدارها سعيد الصوافي، رئيس قسم وجهات نظر والأخبار العالمية في مركز الاتحاد للأخبار بـ«أبوظبي للإعلام»، مؤكداً أن صناعة الإعلام تشهد اليوم ثورة غير مسبوقة؛ بفضل التطورات السريعة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بما تحمله من قدرات فائقة من جمع البيانات وتحليلها، ومن صناعة المحتوى وإنتاجه، وتسريع عملية رصد الأخبار والتحقق منها، وإنشاء محتوى تفاعلي، وغيرها الكثير.
ريادة إماراتية
أكدت لطيفة الحمادي، في مستهل الحلقة النقاشية، أن دولة الإمارات اختارت مسار الريادة في الذكاء الاصطناعي، حيث تهدف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 إلى تعزيز مكانة الدولة وريادتها العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، عبر الاستثمار في الأفراد والقطاعات ذات الأولوية.
وتطرقت لطيفة الحمادي لتجربتها في تصنيع روبوت يحمل اسم «ربدان»، المكون من قطع طُبعت بالكامل باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد في المنزل، طول الروبوت 180 سنتيمتراً، ومهمته الأساسية التعامل مع الجمهور.
وأشارت، ضمن مداخلتها، إلى أن الذكاء الاصطناعي يوفر أدوات للإعلاميين تمكنهم من تحليل البيانات بدقة أكثر، ورصد وتصنيف اهتمامات الجمهور. وتنصح لطيفة الحمادي الإعلاميين، بأنه لا بد من مواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي وتبنيها، وأنه لا داعي للتخوف من الذكاء الاصطناعي، لأنه لن يلغي الدور البشري الذي يظل موجوداً في التخطيط والتوجيه؛ لأن الذكاء الاصطناعي سيقوم بالمهام الروتينية التي تستهلك الوقت، وكلما تبنى الإعلاميون تطبيقات الذكاء الاصطناعي ازدادت قدرتهم على الإبداع في إنتاج المحتوى.
وأكد الدكتور محمد المصلح أهمية الإعلام، واصفاً إياه بـ«المُمكّن الأول» لصنع أي سياسة؛ ذلك لأنه يعمل على نشر الوعي، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي قدم فرصة للإعلاميين، من خلال التعليم المستمر الذي يجعلهم قادرين على استيعاب التقنيات المتطورة في تسريع مهامهم، وتطوير ما ينتجونه من محتوى. وأوضح أن مساقات التدريب القصيرة (أيام قليلة، ربما أسبوع أو أسبوعين على الأكثر)، هي الأنسب للإعلاميين كونها تراعي طبيعة عملهم.
دور المؤسسات التعليمية
أضاف المصلح أن الخبرة والعلم والتعلم، أمور مهمة للاستفادة من أنظمة الذكاء الاصطناعي في الإعلام، وغيره من المجالات، ولدى الجامعات والمؤسسات التعليمية دور رئيسي في إتاحة فرص التعليم المستمر لتعظيم الاستفادة من هذه الأنظمة التقنية في الإعلام.
من جانبه، أكد المهندس ناصر الراشدي، الخبير في حوكمة الذكاء الاصطناعي، أنه لا مجال للتخوف من الذكاء الاصطناعي، خاصة في مسألة فقدان الوظائف، فالطفرة التقنية لن تستبدل البشر القادرين على تطوير قدراتهم عبر التعليم المستمر. ولدى الراشدي قناعة بأن الإعلاميين قادرون على الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى، وتحليل احتياجات السوق وتطوير منصات بث المحتوى.
أدوات «التصنيف والتوصية»
أوضح الراشدي أن الذكاء الاصطناعي وسيلة واعدة لتطوير الإعلام، عبر استثمار كثافة البيانات والقوة الحوسبية، ومن الضروري حوكمة استخدام الذكاء الاصطناعي لضمان الاستفادة الإعلامية القصوى من الطفرة التقنية. وأشار الراشدي إلى أن الذكاء الاصطناعي يقدم أدوات «التصنيف والتوصية»، ومن ثم النمذجة التي تستطيع فهم تجارب الجمهور وتقييم اتجاهاتهم، ومن ثم بناء توصيات لمستخدمين آخرين للترويج لمحتوى معين، وبالفعل يقول الراشدي كانت نسبة 70% من مشاهدات منصة «يوتيوب» في بعض الأوقات تعتمد على هذه الأدوات، وفي بعض المنصات بلغت النسبة 80%.
سؤال السيطرة
وتساءل عبدالله سراي الجنيبي، المستشار الإعلامي لشؤون المحتوى في شبكة أبوظبي للإعلام، هل يمكن للإنسان السيطرة على الذكاء الاصطناعي؟ وأجاب الدكتور محمد المصلح بأن الطفرة التقنية تحمل في طياتها تحديات، وفي مجال الإعلام هناك الأخبار الكاذبة، لكن البحث العلمي متواصل لمواجهة هذه التحديات واحتوائها. ولفت سعيد الصوافي الانتباه إلى أن المؤسسات الإعلامية التي تتبنى الذكاء الاصطناعي بشكل استراتيجي ستتمكن من البقاء في طليعة المشهد الإعلامي، إلا أن هناك تخوفاً من أن يُقصي الذكاء الاصطناعي البشر من بعض الأدوار، لكن الحقيقة أن دوره يكمل دور الصحفيين بدلاً من أن يحل محلهم، ويستطيع الصحفيون الاستفادة من الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للتركيز على الجوانب الابداعية والتحليلية التي لا يمكن للخوارزميات القيام بها بالجودة المنشودة.
فرص واعدة
أكد المشاركون أن الذكاء الاصطناعي يطرح فرصاً واعدة للإعلام، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبحت واقعاً لا بد من التعامل مع معطياته واستثماره إعلامياً في مجالات تطوير المحتوى ورصد احتياجات الجمهور واستثمار البيانات.
المشاركون استنتجوا أن الإمارات اختارت الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، تطبيقات الذكاء الاصطناعي ليست جديدة، فالبشرية تستخدمها منذ خمسينيات القرن الماضي. المطلوب الآن مواكبة هذه التطبيقات، من خلال التعليم المستمر والتطوير المتسارع للمحتوى الصادر باللغة العربية.
تدريب الكوادر الإعلامية
استنتج الصوافي أنه يمكن للإعلام استثمار الذكاء الاصطناعي بطرق متنوعة لتحسين الإنتاج، تعزيز تجربة الجمهور، وزيادة الكفاءة والإيرادات. ومع ذلك، يتطلب هذا الاستثمار استراتيجية واضحة، تتضمن تدريب الكوادر الإعلامية. وأكد الصوافي أن المؤسسات الإعلامية التي تنجح في تبني الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال ستكون أكثر قدرة على المنافسة، والبقاء في صدارة الصناعة