إبراهيم سليم (أبوظبي)
أصدرت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة ميثاق التسامح الإسلامي 1446 هـ - 2024م، وهو عبارة عن لائحة إجرائية توجب على المزاولين للخطاب الشرعي والإداريين والعاملين كافة في «الهيئة» والمتعاونين معها ضرورة الالتزام التام ببنود هذا الميثاق، وعدم مخالفته، أداءً للمسؤولية الملقاة على عاتقهم، ومن أجل خدمة الوطن ورفعته، والحفاظ على استقراره، ودوام أمنه ورخائه، راجين من الموقعين على هذا الميثاق تحمل المسؤولية المنوطة بهم، آملين أن يسهموا في إسعاد المجتمع وازدهاره.
ويأتي انطلاقاً من أن الدولة أولت الشأن الديني عناية بالغة، من خلال التشريعات والقوانين المنظمة الحماية تعاليم الدين السمحة، وصيانتها، وإنتاج محتوى ديني معتدل، ينسجم مع الواقع، ويقدم حلولاً استشرافية لتجاوز التحديات، ويبرز تجليات سماحة الدين الحنيف.
ويرتكز الميثاق على القوانين والقرارات الصادرة من حكومة دولة الإمارات، ومن أهمها: القوانين والتشريعات الاتحادية الصادرة بشأن تنظيم عمل «الهيئة» في الدولة، والقانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 29 لسنة 1999 بشأن إنشاء الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، والقانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2018 بشأن المراكز الخاصة بتحفيظ القرآن الكريم، والقانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2018 بشأن تنظيم ورعاية المساجد والقرارات الصادرة بشأن تنفيذه، والقانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2024 بشأن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة.
والتشريعات والمواثيق ذات الصلة بالتسامح والتعايش الإنساني، ومنها: «مرسوم بقانون اتحادي رقم 2 لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية، ومرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2023 بشأن مكافحة التمييز والكراهية والتطرف.. وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك الصادرة في أبوظبي الإمارات العربية المتحدة 4-2-2019م.
وكذلك قوانين العمل والتوظيف والأنظمة واللوائح الخاصة بالوظيفة العامة في الدولة، ومنها: وثيقة قيم وسلوكيات المواطن الإماراتي الصادرة من مجلس الوزراء الموقر بتاريخ 27-11-2012م.. وثيقة مبادئ السلوك المهني وأخلاقيات الوظيفة العامة الصادرة عن الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية لسنة 2017م.
أهداف الميثاق
يهدف الميثاق إلى ضبط عمل الفاعلين في الخطاب الشرعي من موظفين وغيرهم بالالتزام بالقوانين والتشريعات والقرارات الوطنية والتعليمات الصادرة من «الهيئة» لحوكمة المحتوى الديني.
وترسيخ الهوية الثقافية المستمدة من الإرث الإماراتي الأصيل، وغرس قيم الانتماء لوطن والولاء لقيادته، وحفظ مكتسباته وحماية أمنه واستقراره. تعزيز قيم التسامح والتعايش والتواصل الحضاري، وتحصين المجتمع من الأفكار المتطرفة، وتنقية المحتوى الديني من آثارها من أجل استدامة مناهج الاعتدال.. إنتاج محتوى ديني سليم، وتوصيله للمجتمع باستخدام وسائل التقنية المتطورة استخداماً آمناً ومفيداً.
نطاق التطبيق
ويسري تطبيق هذا الميثاق على كل الفاعلين في الخطاب الشرعي من موظفين وغيرهم، عبر مختلف الوسائل والقنوات ومنابر الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة وفروعها المنتشرة على مستوى إمارات الدولة.
الالتزامات
جاء في بند الالتزامات، يجب على الفاعلين في الخطاب الشرعي والعامِلِينَ فِي مُخْتَلَفِ وَسَائِلِ وَمَنَابِر «الهيئة» الالتزام بالآتي: الإخلاص والانتماء للوطن، والولاء لقيادته الحكيمة الحكيمة وطاعتها، والمحافظة على أمن الوطن واستقراره، واحترام رموزه وحماية مكتسباته، والدفاع عن أرضه ومنجزاته التنموية والإنسانية.. والمشاركة الإيجابية في بناء الوطن، والحفاظ على قيم الاتحاد، وتعزيز تماسك المجتمع ووحدته، والعمل على تحقيق المصلحة العليا للدولة.
والالتزام بكافة التشريعات والقرارات الصادِرَةِ عَنِ الدولة، واحترام المؤسسات الوطنية، وتعزيز دورها، والإشادة ببرامجها وفعاليتها.
والالتزام بقوانين الدولة المعززة لقيم التسامح والتعايش الإنساني، والتفاعل الإيجابي مع المبادرات والمشاريع الوطنية التي تخدم الرؤية الحضارية، وتنسجم مع المواثيق الدولية والقيم الإنسانية.
واحترام المذهب الرسمي للدولة، وتعزيز مرجعيته لدى الأجيال الوطنية، وتقدير الاختيارات الدينية النابعة من الهوية الوطنية والثقافية.
والالتزام بمنهج الاعتدال في الخطاب الشرعي، ونبذ كل أشكال العنف والتطرف، والالتزام بالدعاء للوطن ولرئيس الدولة وحكومة الإمارات، والتقيد بالعبارات الرسمية المعتمدة في ذلك.
المسؤولية الكاملة في تمثيل المؤسسة الدينية، والوعي بما يصدر عن الفاعلين الشرعيين من أقوال وسلوكيات.
التقيد بالمحتوى الديني المعتمد من «الهيئة»، وتجنب المصادر والمرجعيات الدينية التي تتعَارَضَ مَعَ سياستها وأنظمتها.. احترام منابر مساجد الإمارات، والالتزام بخطب الجمعة الموحدة المعتمدة من «الهيئة»، وعدم مخالفة محتواها، أو تغيير مضمونها، أو إضافة ما ليس منها، أو نقدها بأي وجه من الوجوه.. التقيد التام بالخطط العلمية والوعظية والمحتويات الدينية التثقيفية كافة المعتمدة من «الهيئة».
وضرورة الحصول على التراخيص والتصاريح المعتمدة من الجهات المختصة المتعلقة بنشر المحتوى الديني بمختلف أشكاله عبر جميع المنابر والمنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية كافة.
الالتزام ببنود وثيقة السلوك المهني، واحترام الذي الرسمي، وفق التعليمات والقرارات الصادرة عن «الهيئة».. الاستخدام الأمثل لوسائل التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي، بما يعزز رسالة «الهيئة» وتوجهاتها.
المحظورات
يحظر على الفاعلين في الخطاب الشرعي ما يلي: الانتماءات السياسية والفكرية والطائفية، والولاء الدينية الخارجية أو التعاطف بأي صورة من الصور مع التيارات المتطرفة والجماعات المصنفة ضمن قوائم الإرهاب في الدولة.
كما يحظر نقد مؤسسات الدولة وأجهزتها وقوانينها، أو التطاول على الدول الأخرى ورموزها واختياراتها الوطنية.. أوالخوض في الموضوعات ذات العلاقة بالشأن السياسي، أو المشاركة في أي نشاط يؤثر على المجتمع وتماسكه.
كما يحظر الإشارة إلى الأديان ودور العبادة، وإثارة الكراهية والعنصرية، وتأجيج الطائفية في المجتمع، مما يتنافى مع قيم التنوع الثقافي والتعددية الدينية في الدولة.. إثارة الخلافات المذهبية بأنواعها كافة المفضية إلى بث خطاب الكراهية والجمود والتعصب الذي ينعكس سلباً على استقرار المجتمع.
كما يحظر استخدام المفاهيم والمصطلحات الفكرية التي تدعم أيديولوجية معينة وتقوض قيم السلم والسلام وسكينة المجتمع.. نشر مفاهيم إقصاء الآخرين وتصنيفهم، والتشكيك في دِينِهِمْ وولائهم، أو الطعن في عَقَائِدهم.. المشاركة في إلقاء المحاضرات والدروس العلمية بأنواعِهَا كافة دُونَ أخذ ترخيص أو تصريح من الهيئة.
ويحظر الميثاق المشاركة في تمويل أو دعم أي نشاط ديني غير مرخص من «الهيئة».. أوحضور الأنشطة والفعاليات الدينية غير المرخصة من «الهيئة»، أو لا تتوافق مع توجهاتها، أو تشجيع الآخرين على حضورها والتفاعل معها.
الإجراءات
يسري هذا الميثاق على جميع العاملين في «الهيئة» أو المتعاونين معها بمجرد اعتماده ما لم يصدر عن «الهيئة» ما يوجب عكس ذلك.
ويشترط لمنح الترخيص أو التصريح للفاعلين في الخطاب الشرعي المصادقة على مضمون ميثاق التسامح الإسلامي والإقرار به. يتم رصد جميع المخالفات من قبل «الهيئة»، ويلغى الترخيص في حالة عدم الالتزام بأي بند من بنود هذا الميثاق.. تطبق على جميع المخالفين الإجراءات والمخالفات والقرارات السارية في «الهيئة».