هالة الخياط (أبوظبي)
تمثل العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت نموذجاً فريداً للعلاقات بين الدول الشقيقة والروابط الأخوية العميقة التي تجمع بين الشعوب، وتتشارك الدولتان أهدافاً وطموحات وأولويات مشتركة، في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، حفظه الله.
وتمتاز العلاقات الإماراتية الكويتية بالمتانة والرسوخ، وشهدت تطوراً ملحوظاً على مدى العقود الماضية، وتعاوناً في مجالات بارزة، منها التعاون السياسي، والاقتصادي والتجاري، والتعاون العسكري والأمني، والعلاقات الثقافية والتعليمية، ما أسفر عن توقيع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة بين البلدين.
وتنطلق علاقات البلدين الشقيقين من روابط قوية متأصلة وتاريخ مشترك، وتدعم أواصرها الزيارات المشتركة بين قيادة البلدين، ما أعطاها قوةً وزخماً للمضي قُدماً لتحقيق ما فيه مصلحة البلدين.
وتتميز العلاقات الإماراتية الكويتية، بأنها علاقة قديمة تعود لأكثر من ستة عقود، وزادت العلاقة الأخوية بين البلدين بفضل السياسة الحكيمة للمغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والشيخ جابر الأحمد الصباح، طيب الله ثراه.
وتعد زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لدولة الكويت الشقيقة، خطوة مهمة في مسار تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين، التي ارتقت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الراسخة والمستدامة على مختلف الصعد، وفي المجالات كافة، لاسيما أنه سبقتها في مارس الماضي زيارة لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة، لدولة الإمارات.
وحفلت زيارة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لدولة الإمارات بمظاهر مختلفة تعبر عن التقدير المتبادل بين البلدين، قيادة وشعباً، تُوجت بمنح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أخاه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، «وسام زايد»، أعلى وسام تمنحه دولة الإمارات لرؤساء الدول وملوكها وقادتها، وإهداء صاحب السمو أمير الكويت أخاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «قلادة مبارك الكبير»، ليكون ذلك تعبيراً رمزياً رفيعاً عن علاقات وثيقة ذات تاريخ حافل بالاحترام والتفاهم، والسعي المتواصل إلى تحقيق مصالح الشعبين الشقيقين، وشعوب دول الخليج العربية والعالم العربي، وضمان الأمن والاستقرار والازدهار في مواجهة كل التحديات.
وتأتي الزيارات الرسمية المتبادلة رفيعة المستوى بين المسؤولين في البلدين الشقيقين، في وقت تواصل فيه العلاقات الإماراتية الكويتية مسارها التصاعدي في جميع المجالات، بفضل توجيهات ودعم القيادة الرشيدة في البلدين الشقيقين، حيث تحرص قيادتا الدولتين وممثلو حكومتيهما على تبادل الزيارات من أجل دفع العلاقات الثنائية نحو آفاق جديدة واسعة من التعاون المثمر بين الجانبين.
الحوار الدبلوماسي
يتقاسم البلدان رؤية مشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة، ويؤديان دوراً نشطاً في تشجيع الحوار الدبلوماسي، حيث تدعو كل من دولة الإمارات، ودولة الكويت إلى إيجاد سبل دبلوماسية لحل النزاعات الإقليمية، والحفاظ على موقف يتماشى مع القوانين الدولية.
ويجسد المستوى العالي للتنسيق المتبادل بين الإمارات والكويت حيال جميع القضايا الثنائية والعربية والدولية، حجم التطور في العلاقات السياسية بين الدولتين، بما يخدم مصلحة الجانبين، ويعزز وحدة وتماسك البيت الخليجي والعربي عموماً.
تاريخ قوي
يجمع البلدين تاريخ غني من العلاقات الأخوية والروابط الاجتماعية والاقتصادية الممتدة لسنوات طويلة، وقد كانت الكويت من أوائل الدول التي أقامت علاقات رسمية ودبلوماسية مع الإمارات بعد قيام اتحاد الدولة في عام 1971، وقد تم افتتاح سفارة الدولة لدى الكويت في عام 1972، فيما تم افتتاح سفارة دولة الكويت في أبوظبي في العام ذاته.
وشهدت السنوات الماضية مجموعة من الخطوات التي برهنت على مدى التزام البلدين الشقيقين بتطوير العلاقات الثنائية، وتعزيز التقارب والتنسيق في مختلف المجالات، ومن ضمنها تشكيل اللجنة العليا المشتركة بين الإمارات والكويت، التي تعمل على تنمية وتطوير العلاقات الثنائية.
وشهدت الدورة الخامسة من اللجنة العليا المشتركة بين دولة الإمارات ودولة الكويت، خلال اجتماعها الأخير في سبتمبر 2024، التوقيع على 8 مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية بين البلدين الشقيقين، أبرزها مذكرة تفاهم في مجال البنية التحتية، وفي مجال أنشطة التقييس، والتعاون في العمل في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، والتعاون التربوي بين حكومة الدولتين، إلى جانب التعاون في مجال الرياضة والثقافة، وفي مجال الأمن السيبراني والدفاع.
المجال البيئي
على المستوى البيئي، يمتلك البلدان رؤية مشتركة تدعم الاستدامة البيئية العالمية، حيث شاركت الكويت بفعالية في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ «COP28» الذي عقد في مدينة إكسبو دبي، من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، وطرحت عدة مبادرات لتطوير مشروعات منخفضة الكربون لدعم الاستدامة البيئية العالمية.
وقدم الصندوق الكويتي للتنمية مشروعات عدة في مجالات الطاقة المتجددة، والمياه، والزراعة المستدامة، ونظم محاضرات حول التغير المناخي.
وأدى التمثيل الكويتي دوراً مهماً في مؤتمر «COP28» ودعم المبادرات البيئية لتحقيق أهداف وتطلعات المؤتمر، كما انضمت الكويت لتحالف القرم من أجل المناخ الذي أطلقته دولة الإمارات.
تعاون ثقافي
لا تقتصر أواصر التعاون القوية بين البلدين على الجانبين السياسي والاقتصادي، بل تشهد زخماً مماثلاً في التعاون على المستوى الثقافي، والذي يعود لخمسينيات القرن الماضي.
وأبرمت الإمارات والكويت العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال الثقافة والتربية والتعليم، بغرض تبادل الخبرات وتطوير التعاون المشترك، بما يصب في مصلحة البلدين.
وبلغ عدد الطلبة الكويتيين الذين يدرسون في الجامعات الإماراتية 1.240 طالباً، وقد أصدرت الكويت مؤخراً قرارات شجعت الطلبة أكثر على الدراسة في الإمارات، ما يسهم في تعزيز التعاون في مجال التعليم.
كما أن التعاون الثقافي بين البلدين في مجال الثقافة والفنون والمكتبات يتسم بالتنوع والاستمرارية، بما في ذلك الحضور الثقافي المتبادل في فعاليات ثقافية مشتركة.
وتعد شراكات التعاون الثقافي بين البلدين جزءاً من منظومة التعاون الشاملة في مجالات عديدة، وفي معرضي الكتاب الدوليين في كل من أبوظبي والشارقة يبرز سنوياً حضور الكتاب الكويتيين ودور النشر الكويتية، كما تشارك جمعية الناشرين الإماراتيين بشكل منتظم بمعرض الكويت الدولي للكتاب.
التعاون العسكري والأمني
تعد العلاقات العسكرية والأمنية بين الإمارات والكويت عميقة الجذور ومتينة الأسس، وتمتد لتشمل المجالات العسكرية والأمنية، ويتجسد هذا التعاون في مختلف المبادرات والاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ومكافحة التهديدات الأمنية المشتركة، وتحقيق التعاون الاستراتيجي في مجالات متعددة، وأحد أهم مظاهر التعاون العسكري بين الدولتين، هو تبادل الزيارات والخبرات في المجال العسكري والتدريبات المشتركة بين الجيشين الإماراتي والكويتي. ففي نوفمبر الماضي، استقبل ميناء الشويخ الفرقاطة «بينونة» فخر الصناعة الإماراتية.
تبادل
تشهد القوات العسكرية في الإمارات والكويت تبادلاً مستمراً للخبرات في مجال التدريب والتكتيكات والاستراتيجيات العسكرية، بما يساهم في تعزيز قدرات القوات المسلحة في البلدين، وتعزيز التعاون العسكري الثنائي. إلى جانب التعاون في مجالات الدفاع المدني والحماية المدنية، فالبلدان يتبادلان الخبرات والتقنيات في مجال الدفاع المدني، ويعملان معاً على تعزيز القدرات الاستجابية لمختلف الكوارث والطوارئ.